في بادرة غريبة تهدد سلامة ونزاهة الاستفتاء الذي جرى حول الدستور في العراق، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مساء أول أمس أنها ستؤجل إعلان النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور؛ لحاجتها للتدقيق في نتائج بعض المحافظات. وأشارت المفوضية أنها تحتاج عدة أيام من أجل إتمام تلك العملية الصعبة والمعقدة على حد وصفها، وذلك بعد أن تبين ارتفاع نسبة المشاركة في أغلب المحافظات. وأوضح بيان المفوضية أن ذلك يتطلب إعادة فحص ومقارنة للتأكد من النتائج، حيث تقترب نسبة المشاركة المرتفعة من المعدلات الدولية، وشددت اللجنة أنها لن تعلن نتائج الانتخابات إلا بعد التأكد من إتمام عملية المراجعة والتثبت منها. ويأتي الإعلان عن تأجيل الانتخابات بعد أن أفادت أرقام أولية من المفوضية المستقلة للانتخابات أن 6 محافظات ذات غالبية شيعية في جنوب العراق صوتت بغالبية أكثر من 90% لصالح مسودة الدستور التي طرحت على الاستفتاء السبت .2005/10/15 في حين أظهرت أرقام أولية أخرى أن محافظتين ذات غالبية سنية رفضتا المسودة، وكانت نسب الرفض 80% في محافظة صلاح الدين، ونسبة 54% في محافظة ديالي. وأعرب عبد الحسين الحناوي العضو بالمفوضية العليا للانتخابات عن عدم رضائه عن التقارير الأولية التي أشارت إلى الموافقة على مسودة الدستور، وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية: نحن نحاول أن نكون هادئين، ومصداقيتنا تعتمد على هذا. كما أعرب حناوي عن شعوره بالمفاجأة من إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أن التقارير الأولية تشير لقبول العراقيين لمسودة الدستور، وقال: من الصعب معرفة ذلك الآن ورايس ليست عضوًا في مفوضية الانتخابات. وكانت رايس رجحت في وقت سابق أول أمس أن تخرج نتائج الاستفتاء إيجابية، وعزت ذلك إلى تقديرات أشخاص على الأرض. ومن جانبه نفى عضو المفوضية العليا للانتخابات في العراق الدكتور فريد أيار أن تكون المفوضية قد أصدرت أرقامًا بشأن نتائج الاستفتاء الذي جرى السبت ,2005/10/14 مؤكدًا أن أجهزة المفوضية في المكتب الوطني والمحافظات تعمل ليل نهار في الوقت الحاضر على فرز وعد الأصوات تمهيدًا للإعلان عن بعض النتائج الجزئية اليوم. ووصف أيار في تصريح لوكالة الأنباء الإيطالية آكي ما تنشره بعض وسائل الإعلام من أرقام حول نتائج هذه المحافظة أو تلك بأنه مجرد تكهنات أو اجتهادات مختلفة مبنية على افتراضات أو أرقام جزئية، لا يمكن الركون إليها واعتبارها نتائج نهائية أو تقريرية وأن المفوضية غير مسؤولة عنها. وأشار إلى أن المقر الرسمي الذي تعلن فيه نتائج الاستفتاء هو المركز الوطني للمفوضية في بغداد وليس مراكز المحافظات، معربًا عن أمله في أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية خلال 4 - 5 أيام فيما سيتم التصديق على هذه النتائج بعد الانتهاء من دراسة الطعون والشكاوى التي ترد إلى المفوضية. وتعتبر محافظة نينوى بشمال العراق، وهي إحدى 3 محافظات ذات أغلبية سنية يراهن عليها العرب السنة لحشد الدعم لرفض قوي للدستور، مؤشر ترجيح كفة نعم، أو لا بشأن مسودة الدستور العراقي، حيث لن يكتب لمسودة الدستور العراقي المرور إذا رفضتها أغلبية الثلثين ب3 محافظات من إجمالي 18 محافظة عراقية. وقد دعا زعماء السنة إلى التصويت بلا في الاستفتاء الذي أجري السبت ,2005/10/15 بينما أعلن الحزب الإسلامي العراقي تأييده للدستور، ودعا إلى التصويت عليه بنعم. وجاء موقف الحزب بعد موافقة الحكومة العراقية والجمعية الوطنية على إقرار مبدأ تعديل الدستور بعد أشهر من الاستفتاء، بما يمكن أن يزيل تحفظات السنة على الدستور. ويعترض السنة على مبدأ الفيدرالية في الدستور ويقولون إنه سيؤدي إلى تقسيم العراق، هذا إضافة إلى عدد من التحفظات الأخرى. وفي حال إذا أظهرت نتائج الاستفتاء الموافقة على نص الدستور فستختار انتخابات دجنبر 2005 برلمانًا كامل الصلاحية لمدة 4 سنوات، وربما يؤدي إلى تشكيل حكومة ائتلافية مختلفة عن الحكومة الحالية. أما إذا فشل الدستور فستختار الانتخابات المقررة في دجنبر 2005 برلمانًا مؤقتًا سيتولى مهمة صياغة دستور جديد من البداية.