قال سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق، خلال مقابلة خاصة مع وكالة "الأناضول" في مدينة إسطنبول التركية: إنه "لا عاصم من الانقلابات العسكرية في الدول، إلا بتقوية المؤسسات الديمقراطية والمدنية، والتعاون لإقرار الاستقرار بالمنطقة المحيطة، من خلال حل الأزمات فيها". و أوضح العثماني أن "فشل الانقلاب في تركيا سيكون له أثر في تقوية الثورة السورية، بالإضافة إلى إفشال الانقلاب الذي جرى في اليمن وستكون له تأثيرات نسبية أخرى في عدد من دول المنطقة". وأضاف "هذا يبيّن أن الانقلاب على الشرعية ليس قدرا محتوما، وإذا كان هنالك وعي لدى الشعب والقوى والأحزاب السياسية سواء داخل الحكومة أو المعارضة، فهذا سيؤدي إلى إفشال أي محاولات انقلابية على الشرعية والديمقراطية". و أردف العثماني "تابعنا في المغرب باهتمام كبير الذي حصل في تركيا في الأيام الماضية، وتابعنا الإجراءات التي أعقبت المحاولة الفاشلة، حيث كان المغرب من السباقين في استنكار أي محاولة انقلابية، لأن المغرب يعتبر الشرعية هي الأساس، وأن أي محاولة للانقلاب عليها هي إضرار بالأمن والاستقرار، وضرب للديمقراطية، وهذا الشيء مضر ليس فقط لتركيا بل للمنطقة بأسرها". وتابع أن "الشعب التركي كان له الدور الأكبر في إفشال الإنقلاب، وهذا يبيّن أن للشعوب أدوار إيجابية في الحفاظ على الاستقرار، ومنع الانزلاق نحو الاستبداد والبعد عن الديمقراطية، والحالة التركية لها خصوصيات، لأنها دولة قوية ومستقرة، والديمقراطية التركية متجذّرة وتعود لعقود من الزمان، وهذه العوامل كلها ساعدت في إفشال الانقلاب". وأشار إلى أن "الديمقراطيات هي بناء يبنى تدريجياً على المدى الطويل، وليست وصفة جاهزة تأخذ في لحظة واحدة، ومن ظنّ ذلك ستثبت له الأيام أنه على خطأ، لأن الديمقراطية تبنى بالجهود والنضال على مدى عقود، وبالتالي الدول التي لم تشهد بناءات للديمقراطية بالتدريج والاستمرار سوف تعاني من مشاكل لاحقا حكماً". ورأى العثماني أن "المغاربة تنفسوا الصعداء عندما فشل الانقلاب في تركيا، خصوصاً أن بلادهم عرفت تجربة مماثلة منذ عقود، حيث كان هنالك محاولتان للانقلاب(عامي 1963 و1972) وفشلتا، وأدركوا أن فشل الانقلاب نعمة، لأن الدول التي عرفت أنظمة عسكرية تعاني من التمزق والمشاكل الأمنية الفظيعة". وذكر أن "الحكم يبنى من خلال تراكمات وتجارب الماضي، وهذه التراكمات تمتد لعقود من الزمان، ونتمنى أن يتولّد الاستقرار عن المخاضات التي تعاني منها الشعوب في عدد من الدول العربية حالياً، والبدء في مسلسل ديمقراطي ناجح بإذن الله".