بعدما تحدثنا في الحلقة السابقة عن انحلال ميثاق الزوجية بالفسخ أو الفقد، وآثار ذلك، سنتحدث في الحلقة الحالية عن الطلاق، على أن نخصص حلقات موالية لأنواعه وآثاره. 1 تعريف الطلاق وشروطه: لقد عرفت مدونة الأسرة الطلاق بكونه >حل ميثاق الزوجية، يمارسه الزوج والزوجة، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء، وطبقا لأحكام هذه المدونة<، >مما يكون له معه ممارسة هذا الحق للرجل والمرأة على السواء، وفقا للشروط الواجب توفرها في طالبه، من دون أن نعدم سلطة القضاء التقديرية التي تراقب تحققها بكافة أحكامها الموضوعية والشكلية بما يتطابق وأحكام هذه المدونة. ويشترط لانعقاده وجود أركانه المادية والمعنوية، فأما المادية، فهي توفر ميثاق الزوجية وزوج وزوجة، وأما المعنوية: فهي توفر النية باللفظ الصريح بالرغبة في الطلاق من دون أن يشترط تطابق الإرادتين لوقوعه إلا أن تكون اتفاقا. كما لا يقبل طلب الإذن بطلاق السكران الطافح والمكره وكذا الغضبان إذا كان مطبقا (2) لعدم توفر عنصر الإدراك والتمييز. وفي ما يخص لفظ وقوع الطلاق، يشترط أن يكون معلوما وصريحا بألفاظ تدل عليه في الحال، وعليه فإن هذه المدونة ألفت اعتبار وقوع الطلاق بالحلف باليمين أو الحرام (3) ولفظ وقوع الطلاق لا يحسب إلا واحدا، وبالرغم من اقترانه بعدد لفظا أو إشارة أو كتابة. (4) كما أن الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه لا يقع (5). 2 إجراءات الإذن بالطلاق: (المواد من 79 إلى 88 من المدونة) 1 توجب مدونة الأسرة على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة التي يوجد بها مقر بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج، مع مراعاة الترتيب المذكور، على أن يتم الإشهاد على الإذن من قبل عدلين منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة المصدرة للإذن. 2 تضمين طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق، هوية الزوجين ومهنتهما وعنوانهما، وعدد الأطفال إن وجدوا وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي. 3 يرفق الطلب بمستند الزوجية (عقد الزواج) والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية. 4 تقوم المحكمة باستدعاء الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما. 5 تجري المناقشات، بحضور الطرفين بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه. 6 تقوم المحكمة بكل الإجراءات، بما في ذلك انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وتقوم المحكمة في حالة وجود الأطفال بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما. 7 إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة. 8 في حالة تعذر الإصلاح بين الزوجين، تحدد المحكمة مبلغا يودعه الزوج بصندوق المحكمة داخل أجل أقصاه 30 يوما (6) لأداء مستحقات الزوجة والأطفال الملزم بالإنفاق عليهم وتشمل مستحقات الزوجة: الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة، والمتعة، ويراعى في تقديرها فترة الزواج والمدة التي قضتها الزوجة في عصمة زوجها) والوضعية المادية للزوجة (بأداء كل ما يفيد دخله أو أجرته)، وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه، وتحدد نفقة الأطفال وفقا لأحكام المادتين 168 و190 من هذه المدونة. 9 تسكن الزوجة خلال العدة في بيت الزوجية، أو للضرورة في مسكن ملائم لها للوضعية المادية للزوج، وإذا تعذر ذلك حددت المحكمة تكاليف السكن في مبلغ محدد يودع مع المستحقات في صندوق المحكمة. 10 بمجرد إيداع الزوج المبلغ المطلوب منه، تأذن له المحكمة بتوثيق الطلاق لدى العدلين داخل دائرة نفوذ نفس المحكمة. 11 بعد خطاب قاضي الأسرة على وثيقة الطلاق يوجه نسخة إلى المحكمة التي أصدرت الإذن بالطلاق. 12 تصدر المحكمة التي توصلت بنسخة من إذن الطلاق قرارا معدلا يتضمن: أسماء الزوجين وتاريخ ومكان ولادتهما وزواجهما ومواطنهما أو محل إقامتهما، ملخص ادعاء الطرفين وطلباتهما وما قدماه من حجج ودفوع والإجراءات المنجزة في الملف، ومستنتجات النيابة العامة، ما إذا كانت الزوجة حاملا أم لا، أسماء الأطفال وسنهم ومن أسندت إليه حضانتهم وتنظيم حق الزيارة. تحديد المستحقات المنصوص عليها في المادة 84 و85 السابق الإشارة إليها. خلاصة.. ...ونحن في ختام هذه الحلقة لابد من التأكيد على أمرين هامين قلما يتم الانتباه إليهما، ويتعلق الأمر باستدعاء الزوجة أو الزوج للحضور لمحاولة الإصلاح، وكذلك الطعن في القرار الصادر عن المحكمة الخاص بالطلاق. فالأمر الأول: المتعلق بالاستدعاء للحضور في دعوى الطلاق يتم وفقا لأحكام المادة 81 من المدونة، والتي تطرقت لحالتين: حالة غياب الزوج وعدم حضوره بالرغم من توصله شخصيا بالاستدعاء يعد تراجعا عن طلبه للطلاق. حالة غياب الزوجة وعدم حضورها بالرغم من توصلها شخصيا وعدم تقديمها ملاحظات مكتوبة، يتطلب إخطارها من قبل المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر يتم البت في الملف. وفي هذه الحالة كذلك قد يكون عنوان الزوجة مجهولا وحينها تستعين المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة، وذلك عن طريق الأمن أو الدرك. وإذا ثبت تحايل الزوج بتقديم معلومات كاذبة تطبق عليه مقتضيات الفصل 3611 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة. الأمر الثاني: المقررات الخاصة بالطلاق التي تصدرها المحكمة قابلة للطعن خلال 15 يوما. (1) المادة 87 من المدونة. (2) المادة 90 من المدونة. (3) المادة 19 من المدونة (4) المادة 92 من المدونة (5) المادة 93 من المدونة (6) تنص المادة 86 من المدونة على أن تراجع الزوج عن أداء مستحقات الزوجة خلال 30 يوما يعد تراجعا عن الطلاق ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة