راجت في الأسبوع الماضي أخبار تتحدث عن تحرير قطاع السكر، أي أن الحكومة عيات ما تخلص على المواطنين قسطا من مصاريف هذه المادة الحيوية، وقررت أن تتركهم يعومون بحرهم مع سكرهم وبراريدهم وأباريق قهوتهم، والتحرير هنا يحمل شيئا من معنى الحريرة، لأنه قد تصبح حريرتنا حريرة، إذ إن رفع الحكومة يدها عن دعم السكر، معناه انتظار ارتفاع أثمانه، وهكذا سنزيد حاو على نطح بعدما ارتفعت في السنوات الماضية أثمان مواد أخرى أساسية كالزيت والحليب والبوطاكاز والخبز واللحوم... وإذا ازداد ثمن مولاي السكر، وهذا احتمال كبير جدا رغم بعض التطمينات من هنا وهناك، فستكون ضربة جديدة لجيوب الكحيانين ولقسط كبير من الذين يعيشون على الخبز وأتاي، وخصوصا في البوادي. ومما يمكن أن ينتج أيضا عن هذه الزيادة المحتملة تغير العادات والتقاليد المغربية الأصيلة، إذ ستتراجع نسبة الكرم ونسبة دعوة المغاربة ضيوفهم إلى شي كاس ديال أتاي، وسينعكس ذلك على العلاقات الاجتماعية، خصوصا وأن السكر في مجتمعنا هو مسؤول العلاقات الاجتماعية والعامة، فمن تزوج نهدي إليه الخناشي ديال السكر ومن ازداد له مولود نبارك له بالسكر ومن مات نعزي أهله بالسكر ومن مرض نعوده بالسكر، ومن نجح في الامتحان نهنئه بالسكر، وفي الإصلاح بين المتخاصمين والمتدابرين وقاطعي صلة الرحم أو الجوار لا نجد خيرا من السكر بلونه الأبيض الناصع الصافي، ولولا هذا المخلوق الأبيض الله يعمر ليه الدار لامتلأت الكوميساريات والمحاكم والسجون أكثر مما هي عليه الآن. وعلى كل حال فرب زيادة في الأثمان تحمل في طياتها فوائد، فزيادة ثمن السكر ستقلل من نسبة استهلاكه، وربما تتراجع معها نسبة أمراض الفم والأسنان وأمراض القلب والسكري، فقل أن تجد فم مغربي لا تسكنه أفواج من السوسة تعيش على ما ترسب بين أسنانه من سكريات، وربما كانت السوسة المغربية من أكثر السوسات في العالم تمتعا ورفاهية لأن إمداداتها بالسكر لا تنقطع، فنحن نشرب الشاي في السابعة صباحا وفي العاشرة صباحا ومباشرة بعد وجبة الغذاء وبعد العصر ونجعله مسك الختام قبل أن ننام، ونستهلك أزيد من مليون طن من السكر كل سنة، أي ما يعادل نص خنشة ديال السكر لكل مغربي، وربما لهذا يصيب مرض السكري 6,6 في المائة من المغاربة الذين يفوق سنهم 20 سنة، وترتفع هذه النسبة إلى 10 في المائة عند الذين يفوق سنهم 50 سنة، ويصل عدد المصابين في بلدنا إجمالا إلى مليون ونصف، من بينهم 120 ألف يعالجون بالأنسولين، وتقدر نسبة انتشار السكري ب9,9 في المائة في الوسط الحضري مقارنة مع 4,4 في المائة في الوسط القروي. وفي الحقيقة علينا أن نحمد الله لأننا لسنا مثل الصين التي يبلغ عدد المصابين بمرض السكري فيها 30 مليونا (شعب وسط شعب)، مما يجعلها تحتل المرتبة الثانية عالميا في عدد المصابين بمرض السكري بعد الهند، حيث يقدر عدد المصابين فيها ب35٫5 مليون مصاب. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المصابين بمرض السكري في الصين سيرتفع خلال العقدين القادمين إلى 46 مليون مريض. وفي الختام نقترح على النواب البرلمانيين، بصفتهم ممثلين للشعب، أن يداخلوا على الحكومة في بداية الدخول السياسي بشي خناشي ديال السكر ويطلبوا منها أن ترفق بحال المزاليط الذين يدوزون الخبز بالشاي في الصباح، ويدوزون الشاي بالخبز في المساء.