يتوقع أن تتخذ الحكومة المغربية في الشهور القليلة المقبلة قرارات بشأن رفع الدعم عن العديد من المواد الغذائية الأساسية، على غرار ما قامت به قبل سنوات عندما حررت سوق إنتاج وبيع الزيوت. ونقلت إحدى الأسبوعيات الناطقة بالفرنسية عن وزير المالية والخوصصة قوله إن الحكومة ستستمر في ما كانت بدأته منذ أربع سنوات عندما ألغت دعمها لمادة الزيت، مؤكدا أن الشهور المقبلة ستشهد قرارات مماثلة بالنسبة لللعديد من المنتوجات والمواد. وكان الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة رشيد الطالبي العلمي قد كشف خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته داخل مجلس النواب في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، أن الحكومة أعدت مشروعين لإصلاح نظام دعم مادتي السكر والدقيق. وذكر العلمي أن وزارته ستجري السنة المقبلة مشاورات مع المعنيين بهدف وضع استراتيجية لتحرير أثمان المواد والخدمات مقننة الأسعار والملحقة بمرسوم تطبيق القانون المتعلق بحرية الأسعار. وفي السياق ذاته، تؤكد الحكومة أن النظام الحالي المعتمد لدعم المواد الأساسية (الدقيق والسكر) يشكو من عدة نقائص، وتعتقد أن هذا النظام لايحقق الهدف المتوخى من سياسة الدعم، الرامية إلى تخفيف وطأة أثمان بيع هذه المواد على الطبقات الفقيرة والمعوزة، باعتبار أن الدعم يشمل حاليا كافة المستهلكين. وتشير الحكومة - على لسان وزيرها في المالية والخوصصة - إلى أنها تدرس حاليا إمكانية إصلاح النظام المذكور لمعالجة الاختلالات والشوائب التي لحقته. ويتركز الإصلاح المتعلق بنظام دعم السكر في حذف الدعم وتحرير الأسعار تدريجيا من خلال المحافظة على المستوى الحالي للحماية بالنسبة للإنتاج المحلي، وملاءمة أثمان السكر بنوعيه المقرط والقالب بالأسعار المعمول بها في السوق المحلية، مع المحافظة على مستوى السعر الحالي بالنسبة للسكر المسحوق سنيدة لتمكين الطبقات المعوزة من اقتنائه. يذكر في هذا الصدد أن مصنعي الحلويات رفعوا دعوى قضائية ضد أحمد لحليمي بصفته وزيرا مكلفا بالشؤون العامة للحكومة قبل إعفائه رئيسا للمجلس الإداري لصندوق المقاصة بعدما قرر إلغاء الدعم المقدم لهم. وقد حكمت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أخيرا بخسارتهم للدعوى. إلا أن المشكل لا زال قائما. وبخصوص نظام إصلاح دعم مادة الدقيق، فإن الحكومة تهدف إلى خلق تنافسية بين المطاحن لتوفير دقيق ذي جودة عالية وأثمنة ملائمة عن طريق حذف نظام الحصص بالنسبة للدقيق المدعم، والمحافظة على مستوى الحماية بالنسبة للإنتاج المحلي من القمح الطري، وإحداث دعم جزافي بالنسبة للقمح الطري المسحوق من طرف المطاحن الصناعية، خلال مرحلة انتقالية تمتد على مدى سنتين، مع وضع برنامج خاص بالنسبة للمناطق النائية والفقيرة للتخفيف من وطأة هذه الإصلاحات، والإبقاء على النظام الحالي للدعم بالنسبة للمناطق الصحراوية. وسيمكن هذين الإصلاحين الحكومة من تخفيض تكلفة دعم مادتي السكر والدقيق بما مجموعه 750 مليون درهم، في وقت يصل فيه الدعم السنوي للمادتين المذكورتين 4,1مليار درهم. ومنذ أن حررت الحكومة قطاع إنتاج وتسويق الزيوت بالمغرب والمستهلك المغربي يفاجأ بين الفينة والأخرى بزيادات في أثمان زيوت الطعام لا تراعي قدرته الشرائية المتسمة بالتدهور جراء استقرار الأجور لدى الطبقة الفقيرة والمتوسطة، اللهم تلك الإلتفاتة البسيطة التي خصصتها الحكومة للموظفين البسطاء في إطار نتائج الحوار الاجتماعي مع النقابات، مما يعني أن المستهلك المغربي سيصدم ثانية بارتفاع أثمان السكر والدقيق وباقي المواد الاستهلاكية الأخرى. محمد أفزاز