توقع العديد من الفاعلين الاقتصاديين ارتفاع أسعار المواد خلال فصل الصيف القادم، على اعتبار المتغيرات الوطنية والدولية، فمهنيو قطاع صنع الخبز؛ يلوحون بالرفع من السعر، لأن ثمن البيع أقل بكثير من النفقات التي يتحملونها، بالإضافة إلى الزيادات المحتملة التي ستعرفها المواد المحررة، ويستدل المتتبعون بالظرفية الدولية المتسمة بارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية؛ والتي تنعكس على الاقتصاد الوطني، حيث يرتبط بالسوق العالمية، فحاجيات المغرب من المحروقات تصل إلى سقف 95 في المائة. أمام عدم تفعيل قانون المنافسة، وبقاء قانون حماية المستهلك في دواليب المؤسسة التشريعية؛ فإن أسعار الصيف مرشحة للارتفاع، لاسيما أمام تزايد الطلب على العديد من المواد؛ بسبب عودة المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، وتزايد الحفلات والأعراس، وتعطل آلية المراقبة خلال المراحل الواقعة بين الإنتاج والاستهلاك. ومن المتوقع أن تعرف المحروقات على الصعيد الوطني ارتفاعا بسبب الفاتورة المرتفعة لصندوق المقاصة، الذي سيصل إلى مستوى لن يقدر على تحملها، من ثم؛ فإن الحكومة ستلجأ إلى الرفع من ثمن المحروقات حسب المتتبعين، والذي سينعكس على العديد من المواد الأخرى. يرجح أن يعرف ثمن الخبزة وزن 200 غرام (الأكثر استهلاكا في المغرب) زيادة حتمية خلال الصيف الجاري، وقبل حلول شهر رمضان المبارك في شتنبر المقبل، وذلك بواقع 20 سنتيم، ويقول مهنيو قطاع صنع الخبز إنها زيادة مؤجلة منذ سنة ,2004 عندما تم الاتفاق مع الحكومة على هذه الزيادة، على اعتبار أن سعر تداول الخبز حر التداول؛ وفق قانون المنافسة وحرية الأسعار، وأن ثمن البيع أقل بكثير من النفقات التي يتحملونها. وعلمت التجديد أنه سيكشف خلال الأيام القليلة المقبلة عن السعر المرجعي لإنتاج الخبزة الواحد التي تزن 200 غرام، والتي تسوق حاليا بدرهم و20 سنتيم، وهي التي زيد في ثمنها لمدة قصيرة السنة الماضية؛ ليصل إلى 40,1 درهما قبل أن تضغط الحكومة السابقة على المهنيين، ويتراجعوا عنالزيادة، والتي حرصت على بقاء سعر الخبز على حاله، سيما مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في شتنبر .2007 أما الآن؛ قد انتهت دراسة أشرفت عليها 4 وزارات، هي الداخلية والمالية والشؤون الاقتصادية ووزارة الصناعة، بتعاون مع النقابة الوطنية لأرباب المخابز والحلويات، لمعرفة التكلفة الحقيقية لصنع الخبز في المغرب، وذلك لوضع ثمن مرجعي للبيع، وذكر مصدر مطلع أن الدراسة استغرقت شهرين، وشملت 4 جهات في المملكة هي: وجدة أنجاد، ومكناس تافيلالت، والرباط سلا، والدار البيضاء، ومراكش تانسيفت، وأضاف أن الثمن المطلوب، لكي يسترجع أرباب المخابز نفقاتهم، هو درهم ونصف. الحليب: لا زيادة هذا الصيف يستعبد أن تعرف أثمنة الحليب ارتفاعا خلال فترة الصيف؛ حسب إطار في شركة مركز الحليب، التي تمثل أكبر حصة في السوق المغربي، تليها شركة كوباك، ويرجع ذلك إلى أن جميع المنتجات الحليبية عرفت زيادات متوالية خلال سنتي 2007 و,2008 آخرها في فبراير الماضي، إذ انتقل ثمن نصف لتر من الحليب العادي، الذي يسوقه مركز الحليب، من 3 دراهم إلى 3 دراهم و20 سنتيم، كما زيد في الحليب المبستر سليم نصف درهم كاملة في الشهر ذاته. واضطر منافس مركز الحليب شركة كوباك إلى الزيادة بدوره قبل أيام قليلة في ثمن الحليب المعقم، فئة لتر واحد من 8 دراهم ونصف إلى 9 دراهم. وحسب المصدر نفسه؛ فإنه لا شيء يبرر الزيادة في الصيف، وإن تمت؛ فلا بد أن تتدخل الدولة لضبط السوق. السكر: تحسن في الإنتاج أما السكر فلا يتحدث المنتجون عن أي زيادة، بل يعلنون عن عزمهم الرفع من حصة الإنتاج الوطني؛ للاستجابة للحاجيات الداخلية بما يفوق النصف، وذلك عن طريق تحسين طرق السقي والتقنيات الزراعية، وآليات معالجة المادة السكرية الخامة، بهدف التقليص من واردات المغرب من السكر، والتي تكون من بين أبرز عوامل الزيادة في سعره لدى المستهلك النهائي، ويستورد المغرب ما بين 650 إلى 700 ألف طن من السكر، أي 55 % من الطلب الداخلي. ولدى شركة كوزيمار، وهي أكبر شركة لإنتاج السكر بالمغرب، برنامج لتحسين الإنتاج، ليصل إلى 700 ألف طن؛ عوض 450 ألف طن الحالية، لتصل نسبة تغطية الحاجيات إلى ما بين 55 إلى 60 % في أسوأ الحالات، ويتوقع أن يرتفع الإنتاج برسم السنة الجارية ب12 % مقارنة بالسنة الماضية، وقد تمت زراعة 57 ألف و678 هكتار من النباتات السكرية. الزيت: تبعية قاتلة وبخصوص الزيت التي عرف زيادات متوالية خلال السنة الماضية وبداية السنة الجارية بفعل ارتفاع المواد الخامة المنتجة له كالصوجا، وهو ما جعل أسعاره غير مستقرة عالمياً، ومرتبطة بإنتاج دول أمريكا اللاتينية لمادة الصوجا، والتي تتحكم في شق كبير من الاستهلاك العالمي، وتوجه انتقادات للسلطات الوصية على القطاع الفلاحي بأن فرطت في قطاع أساسي هو إنتاج النباتات الزيتية وتراجعت عن دعم منتجيه، بل وتعمل حاليا على تصفية الشركة العمومية الوحيدة العاملة في هذا المجال كومابرا، مما سيزداد من ارتهان المغرب للواردات من الزيوت. وتظل مادة الزيت مفتوحة على جميع الاحتمالات، وضغوطات السوق العالمية متزايدة على المنتجين المغاربة، سيما وأن الاستهلاك العالمي للزيت ارتفع بفعل توجيه جزء منه لإنتاج الوقود الحيوي كبديل للمحروقات. شريط الغلاء وخلال عز أزمة ارتفاع الأسعار في أكتوبر 2007 اضطرت السلطات العمومية إلى تعميم أسعار الخضر في 12 سوقا للجملة عبر قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء درءا لأي تلاعب في الأثمنة، غير أن لم تداوم على ذلك، وهو ما تدل في جزء منه أن شفافية أثمنة أسعار الخضر في أسواق الجملة ما تزال مطلبا بعيد المنال، وهي التي تتحكم في جزء مهم من أثمنة الخضر المعروضة في الأسواق الشعبية. ويبدو أن سلوك الحكومة هذا كان محكوما برد الفعل، ومحاولة التخفيف من شدة الاحتجاجات، التي شهدت الكثير من مدن المغرب، وأشرفت عليها تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار، والتي تشكل عمودها الفقري من نشطاء حقوقية وجمعيات حقوقية، وتم خلالها التنديد بموجة غلاء المعيشة، وما توجهه من ضربة القدرة الشرائية للمواطنين، سيما الفئات المحرومة والمعوزة والعاطلة. وهي الفئات التي تقول الحكومة إنها تريد إصلاح صندوق المقاصة لكي يصل دعمه بشكل مباشر لهم، فقد أعلن وزير الاقتصاد والمالية قبل شهور أن الحكومة ستعلن عن إصلاحها لصندوق المقاصة في أجل أقصاه شهر يوليوز المقبل، سيما وأن دعمها للمحروقات (15 مليار درهم) في إطار الصندوق سينفذ في ذلك الشهر. وبغض النظر عن التفاصيل الممكنة للإصلاح الجديد للدعم، والتي استقر الاختيار على تحويله إلى مساعدات مباشرة للأسر الفقيرة، فإن الاقتصاديين يلحون على أن الحل إزاء موجة الغلاء عالميا هو الزيادة في الإنتاج الوطني من المواد الغذائية الرئيسة كالحبوب والسكر والحليب والزيت لتصل نسبة من الاكتفاء الذاتي تناهز 70 % على الأقل. وقد أدى ارتفاع المواد الغذائية عالميا إلى الزيادة فاتورة واردات المغرب منها ب32 % في الشهرين الأولين من ,2008 وهو ما دفع بعض التحليلات تميل إلى توقع الزيادة في نسبة تضخم الأسعار من 2 % سنة 2007 إلى 8,3 % في سنتي 2008 و.2009 وبلغة الأرقام فقد عرفت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية ارتفاعا كبيرة في آخر السنة الماضية وبداية السنة الجارية، وسجل خلال فترة أكتوبر 2007 ومارس 2008 زيادة في الزيت ب70 % والفطائر ب40 % والسميدة ب20 % والحليب ب14 %، والدقيق ب12 %، وبلغت نسبة التبعية الطاقية للخارج 96 %.