وصلت أسعار مواد البناء إلى مستويات قياسية، من ثم يرى العديد من المهنيين أن ثمة خروقات في القطاع، على اعتبار عدم التحكم فيه. وفي ظل هذه الوضعية تبقى هذه المواد مرشحة للارتفاع، مما يهدد قطاع الأشغال العمومية والبناء برمته. ضبط ألقى ارتفاع أسعار مواد البناء في السوق الوطنية، الضوء على طبيعة عمل الشركات العاملة بالقطاع، وكيفية توزيع هذه المواد، ومدى مساهمتها في هذا الارتفاع. وارتفع ثمن الاسمنت ب5,3 في المائة سنة 2008 وحدها ليصل إلى 45 درهم للطن. ويشير بعض مهنيي قطاع البناء إلى وجود ممارسات غير قانونية في تحديد سعر مادة الإسمنت، حيث تحتكر بعض الشركات منطقة جغرافية معينة، وتتحكم في الأسعار كيفما تريد دون ضابط. من ثم أطقلت وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة لدراسة حول المنافسة داخل قطاع الإسمنت، للتدقيق في مدى وجود ممارسات غير مشروعة بخصوص الأسعار، ولضبط أسعار السوق ومعرفة المتدخلين. ويبقى القطاع غير متحكم فيه على اعتبار صعوبة تحديد المتدخلين من جهة، ولغياب آليات لضبط القطاع من جهة أخرى. ارتفاع عرفت مواد البناء الجاهزة ارتفاعا ب20 في المائة بين 2005 و,2008 حيث زادت مادة الآجر والقرميد والوردي ب20 في المائة بين 2005 و,2007 وثمن الرمل والحصى بين 9 و18 في المائة بين 2005 و,2008 والزليج ب5 في المائة سنة ,2007 فيما شهدت بعض المواد استقرارا كالسراميك ومواد المرافق الصحية والجبص. وتساهم بعض الأسباب الدولية في هذا الارتفاع، تتمثل في زيادة الطلب العالمي، وتوقف الصين عن تصدير منتوجاتها من الصلب، وارتفاع ثمن المواد الأساسية المستعملة، وارتفاع تكاليف الطاقة. وقد انتقل ثمن طن من الصلب دوليا بين 2004 و2008 من 3300 درهم إلى 6600 درهم، أي بالضعف. وساهمت هذه الزيادات في المستويات القياسية لأثمان الشقق، على اعتبار أن ارتفاع تكلفة البناء والتجهيز تنعكس على أسعار السكن، ويضطر المنعشون العقاريون إلى الرفع من سعر الشقق، ليتحمل المواطن في آخر المطاف عبء هذه الزيادات. غموض يكتنف الصلب والاسمنت على الرغم من أن مهنيي قطاع الإسمنت يؤكدون أن ارتفاع المواد الأولية التي تستعمل في صناعة الإسمنت هي السبب الرئيسي وراء هذه الزيادة إلا أن الارتفاع الذي وصل إلى سقف 40 في المائة يدحض هذه المعطيات، ليبقى المغرب أمام تحد الحفاظ على مستويات معينة، وتوفير حاجياته من هذه المادة التي عرفت ارتفاعا كبيرا في الاستهلاك. كما أن ارتفاع سعر مادة الصلب، المادة الرئيسية في قطاع البناء، جعل الكثير من المهنيين يبدون تخوفهم، حيث يستفيد منتجوا الحديد بالمغرب من الحماية الجمركية (حوالي 16 من الرسوم الجمركية)، وإذا تم حذف هذه الرسوم فإنه من المحتمل أن ينخفض ثمن الطن بمبلغ 1500 درهم، وهو ما يشكل خطرا على الصناعة الوطنية، وهو ما يعني أن استمرار الأسعار ما زال قائما.