نشب خلاف شديد في أوساط زعماء اليهود الأمريكيين بسبب أعمال بناء جدار الفصل الإسرائيلي الذي يحيط بالأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بارتفاع 25 قدما، ونشب الخلاف الذي طال زعماء سياسيين في أمريكا وإسرائيل بسبب رسالة وجهها إدغار برونغمان الملياردير اليهودي الأمريكي سليل أسرة تمتلك ثروة شركة مشروبات سيغرام، ويشغل كذلك منصب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي إلى الرئيس بوش حول الجدار الإسرائيلي، ووقع عليها كذلك لورانس إيغلبيرغر، وهو وزير خارجية سابق في عهد جورج بوش الأب وصديق مقرب من برونغمان، انتقد فيها إسرائيل لبنائها السياج الأمني، ووصفاه بجدار الفصل وليس سياجا أمنيا، وطالبا الرئيس بوش بممارسة ضغط متواصل على رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون في هذا السياق، وهو ما فعله مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس. وأكدا أن الاستمرار في بناء هذا الجدار سيشكل مشكلة معقدة مستقبلية، وقد حصل أحد الزعماء اليمينيين اليهود على نسخة من الرسالة وسربها إلى ازي ليبر، أحد المتشددين من زعماء الجالية اليهودية، الذي يشغل منصب نائب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، وهاجم ليبر رئيس المؤتمر اليهودي في رسالة بعث بها إلى صحيفة جيروزاليم بوست، واتهمه بالخيانة وطالبه بالاستقالة، ما لم يتراجع عما ورد على لسانه، وكتب يقول: «إنه لمن العار وتحت أي ظرف وزمان، أن يبادر رئيس المؤتمر اليهودي العالمي لحث الرئيس الأمريكي على صد سياسات تنتهجها وتتبناها حكومة إسرائيل. ولكن تدخلك في موضوع أمني مثل السياج الذي يؤثر على الحياة الإسرائيلية. سواء لجأت إلى استخدام منصبك الرسمي أم لا، فإن ذلك يشكل خيانة يجب ألا تمر مر الكرام». وظهر الخلاف في الوقت الذي يتنازع فيه زعماء الجالية اليهودية الأمريكية أمرهم حول خريطة الطريق وبناء إسرائيل لجدار الفصل، ففي الوقت الذي ألقى معسكر السلام اليهودي الأمريكي بثقله وراء خريطة الطريق، أعلن العديد من الزعماء اليهود جهارا معارضتهم لها، واصفين دعمها بأنه خيانة لإسرائيل. وقد مارس الجناح اليميني من الزعماء اليهود الأمريكيين ضغوطا على واشنطن لتتراجع عن الالتزامات الإسرائيلية، التي تطالبها بها خريطة الطريق، والمتمثلة بوقف الاستيطان بمجرد تراجع أعمال العنف الفلسطيني، كما يطالب اللوبي الصهيوني المعروف باسم إيباك ومؤيدوه من أعضاء الكونغرس بأن يركز الرئيس بوش على عمل الفلسطينيين الحقيقي، حيث تطالب خريطة الطريق، التي تحظى بدعم دولي، بقيام دولة فلسطينية سنة ,2005 ووقف النشاطات الاستيطانية اليهودية، ونشر قوة مراقبين دوليين لتنفيذ بنودها. وقال كولن باول وزير الخارجية الأمريكي أخيرا أن أمريكا تنظر في خفض قيمة ضمانات القروض لإسرائيل البالغة 9 مليارات دولار، إذا مضت قدما في بناء جدار الفصل، وقال باول إن الجدار تغلغل عميقا داخل أراضي الضفة الغربية، مضيفا أن الجدار يمتد بطريقة يصعب معها الوصول إلى المرحلة الثانية من خطة خريطة الطريق. واعترف مسؤول إسرائيلي بأنه يمكن إجراء تعديل على السياج، بحيث لا يشمل المستوطنات الإسرائيلية الرئيسية مثل أرييل وعمانوئيل، وهي الخطة التي تهدف إلى مد الجدار بعمق 19 ميلا في قلب الضفة الغربية. ومع تصاعد الخلاف، هب كل من يوسي لييد، وزير العدل الإسرائيلي وشمعون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لنصرة برونغمان والدفاع عنه. فقال بيريز في رسالة تأييد إلى برونغمان: «من الواضح أن المواضيع مثار الجدل والنقاش داخل إسرائيل يجب أن تكون مفتوحة للنقاش في أوساط يهود العالم». وأدى الخلاف إلى حدوث توترات في أوساط زعامة الجالية اليهودية الأمريكية، وسلط الأضواء على المدى الذي يمكن للعديد من اليهود أن يمضوا إليه من الاعتراض على السياسات الإسرائيلية. ويعرف برونغمان بأنه من أشد منتقدي الإيباك، وهو أقوى قوة ضغط ونفوذ في واشنطن. وكذلك لمؤتمر رؤساء الجاليات اليهودية، الذي يعتقد بأنه رهينة بأيدي المتطرفين. ويقول مؤيدوه إن استطلاعات الرأي بين اليهود الأمريكيين تظهر أن 80% منهم يؤيدون عملية سلام خريطة الطريق.