"التفوق اليهودي" هو جديد مؤلفات دافيد ديوك، العضو السابق في مجلس الشيوخ عن ولاية لويزيانا، هذا المؤلف الذي أثار زوبعة من النقاش الحاد في الولاياتالمتحدة المريكية وخارجها، اعتبره اليهود الأخطر من نوعه بعد كتاب بروتوكولات حكماء صهيون الذي ظهر في القرن الماضي، ولذلك حاولوا منعه على اعتبار أنه سيترك أثرا كبيرا في عالم القرن 21. وفي روسيا حاول الزعماء اليهود دفع مجلس «الدوما» لاستصدار قرار المنع ضد هذا الكتاب، كما طالبوا وزارة العدل الروسية بإخراج حكم يقضي بإدانة المؤلف بمعاداة السامية واعتباره كتابا غير قانوني. وقال أفراييم ليفي أحد الناشطين اليهود الروس في اجتماع لمجس «الدوما»: "إن كتاب التفوق اليهودي أكثر خطورة من بروتوكولات حكماء صهيون، لأنه صيغ بطريقة متقنة جدا ويعتمد ما يفوق 700 مصدر... مؤلف دافيد ديوك هو بلا شك من أخطر الأعمال الأشد «عداء للسامية»... وإذا رخص له فسوف يصب الزيت على نارالعداء المتصاعد ضد (الكيان الصهيوني) في روسيا وخارجها، بما في ذلك العالم العربي، حيث سيكون سلاحا في أيدي الفلسطينيين، ولتكن روسيا أول من يقول لا لهذا الكتاب". وبعد دراسة للمؤلف دامت 6 أشهر أقر المكتب الحكومي الروسي أن هذا العمل لا يعادي السامية ولا يخرج عن القانون الروسي. عناصر قوة الكتاب قوة الكتاب تأتي من أن جل المصادر التي اعتمدها هي مصادر يهودية تكشف حقيقة «التفوق اليهودي»، وأقر مؤلف الكتاب في مقدمته بأن جهات معينة ستصدر حكمها عليه بأنه يعادي السامية، وهو حكم جاهز ضد كل من يحتج ضد خروقات الصهاينة اتجاه الفلسطينيين كمايقول صاحب المؤلف. ويؤكد بموازاة ذلك أن عمله هذا ليس بالضرورة ضد كل اليهود، لأنهم هم أنفسهم أول من عانى ويعاني على امتداد التاريخ القديم والمعاصر من آثار هذا الفكر الاستعلائي. وأحال الكاتب الذين لا يزالون يظنون أن مسألة "التفوق اليهودي" هي ظاهرة ترتبط بالعهود التوراتية القديمة، أحال هؤلاء على صحف وكتابات تنم عن مواقف تلمودية معادية للجوييم(غير اليهود) ومن بين تلك الصحف ذكر الصحيفة اليهودية المشهورة في أمريكا «ذي دجورنل برس»(The journal Press).ويكتب على أحدأعمدتها»رابي كوهن» تحت عنوان "هيلاكيك كواستشن" (Halakic question) إلى قرائه أن التلمود يعتبر «الجوييم مجرد حيوانات». ومن بينهاتلك التي اشتهربهاالدكتور»ستيفي ستلينلايت»، وهو أحد الزعماء اليهود، ومدير عام الشؤون الوطنية في أقوى المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية(الإيباك).ستيفن هذايعترف بأنه مثل أي يهودي من جيله تعلم كيف يؤمن ب"التفوق اليهودي" على الجوييم ذكاء وخلقا. وهنا يتوقف الكاتب لإبداءالسؤال أن لو قال بهذا أحد من الأغيار لنعته الإعلام الدولي بمعاداة السامية. ويؤكد أن إيديولوجيا التفوق العرقي لليهود تجد لها تمظهرا واضحا في سياسات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. وينتقل الكاتب بعد ذلك في مقدمته،إلى تعريف مصطلح «التفوق اليهودي»، فيعرفه ب»الاعتقاد بأن الشعب اليهودي أرقى من الشعوب الأخرى، وله الحق في التحكم في كل العلاقات»، وهو اعتقاد راسخ عند اليهود المتنفدين،وفي كتابات زعمائهم. فدافيد بن غوريون، جورج واشنطن "إسرائيل" وأول رئيس وزرائها قال بالتفوق الأخلاقي لليهود وأهليتهم لحكم العام، ورغم ذلك فإن تصريحاته لم تثر سخط الصحافة ووسائل الإعلام، ولو صرح أي زعيم أمريكي أو أوروبي بتفوق الجنس الأبيض لكان الأمر على خلاف ذلك كما يقول دافيد ديوك. ويمضي مسترسلا حول هذه النقطة،فيشير إلى المفارقة العجيبة حينما منح الإرهابي مناحيم بيغن جائزة نوبل للسلام، وهو اليهودي الذي ظل يفخر في كتابه «الثورة» بتقتيل مئات النساء والأطفال في دير ياسين. وللاستدلال على محاولة اليهود السيطرة على كل العلاقات الدولية يقول دافيد ديوك في هذه المقدمةإن اليهود يركزون جهودهم على عاملين قويين لتحقيق تلك السيطرة أولهما وسائل الإعلام وثانيهما النفاذ إلى الحكومات. الكيان الصهيوني دولة تفوقية وفي الجزء الأول من مقدمته، الذي عنونها: "إسرائيل" دولة تفوقية، يصف الكيان الصهيوني بأنه دولة قامت على التطهير العرقي وترحيل الشعب الفلسطيني، وهي اليوم تعمل على حفظ كيانها على أساس الفصل العنصري، وهنا يذكر الكاتب كيف لا يستجيب الرأي العام الدولي ضد سياسة الميز العرقي في "إسرائيل" في الوقت الذي ظل الإعلام الأمريكي الذي يهيمن عليه اليهود يدين نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا. ويخلص هنا الكاتب إلى الحديث عن الازدواجية الخلفية التي تطبع علاقات اليهود بالجوييم، فاليهود يمتدحون لأنفسهم الأصالة ووحدة المصير والفخر العرقي، فيما يمتدحون للآخرين التشتت والتنوع العرقي. ويمثل هذه الازدواجية المحرر اليهودي الذي يعمل لصالح «النيويورك تايمز»، وهذا اليهودي العنصري يقول دافيد ديوك، يدعو إلى فتح الحدود والتنوع الثقافي في أمريكا، ويقف ضد ذلك إذا تعلق الأمر ب»إسرائيل». ويتساءل المؤلف بهذه المناسبة عن سر التغاضي الذي يمارسه الإعلام الدولي فيما يخص مسألة التفوق العرقي الذي يدعيه اليهود ولا يمارسه بنفس القدر دعاه التفوق العنصري للبيض، وأعطى مثالا على ذلك حالة العنصري اليهودي الحاخام»مائير كهانا» الذي نعت الفلسطينيين بالكلاب، ودعا إلى طردهم من الأراضي المحتلة، كما ساق مثال غولد شتاين الذي قتل عام 1994 تسعة وعشرين من المصلين الفلسطينيين، فكان أن أقام له اليهود الأمريكيون نصبا تذكاريا احتفالا به، ولم يحرك هذا الصحافة ووسائل الإعلام.واستمر الكاتب يستشهد على هذه الازدواجية المقيتة حينما قال إن "إسرائيل" دولة ترعى الإرهاب وتنصب على رأس حكومتها الإرهابيين من أمثال شارون وباراك وشامير وبيغن، ولا تجد في حكومة بوش من يدينها، وفيما يخص مقتل زائيفي الذي ظل يهاجم الفلسطينيين ويطالب بإبعادهم، يتعجب الكاتب من الموقف الذي اعتبر العملية سلوكا إرهابيا، في الوقت الذي لم يبد أصحاب هذا الموقف أي إدانة لتصريحات زائيفي المعادية للفلسطينين. ثم انتقل دافيد ديوك إلى الحديث عن الأهداف الاستراتيجية العالمية التي يسعى اليهود لتحقيقها، وكان من بين الأمثلة التي أتى بها في هذا المقام الثورة البلشفية في روسيا القيصرية التي اعتبرها اليهود آنذاك معادية للسامية، إذ خطط لها وقادها اليهود الروس. وظهر ذلك جليا في تركيبة أول حكومة شيوعية والتي ضمت 300 يهودي من أصل 384، الشيء الذي وصفه مراسل "اللندن تايمز" وسفير الولاياتالمتحدة آنذاك دافيد فرنسيس ورئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل بالانقلاب اليهودي على روسيا. وذكر المؤلف هنا بدور النفوذ اليهودي في الحكومة ووسائل الإعلام، واعتبر أن هذين العاملين يوظفان بقوة من طرف اليهود متى وجدوا بأعداد مهمة في إضعاف الولاء والوحدة الداخلية للشعوب المضيفة. ومن بين ما استدل به هنا حول قدره اليهود على التنسيق وربط الجهود بتركيز عملهم وقواهم من خلال الهيئات العليا للبلد المضيف لأجل تحقيق أهدافهم الاستراتيجية هو ما ذكره بخصوص الجهود الناجحة في إقامة "اسرائيل" عن طريق استصدار وعد بلفور الذي كان عملا يهوديا سريا إلى حين خروجه إلى حيز الوجود، كما كان قيام "اسرائيل" ودعمها برهانا على قدرة اليهود على تحقيق ما يريدون. فرق تسد وفي جزء آخر من مقدمة الكتاب يناقش المؤلف سياسةالتفريق التي ينتهجها اليهود داخل الدول المضيفة لهم.فاليهود، حسب دافييد ديوك، يخافون ويعارضون كل وحدة عرقية في كل من الدول العربية والغربية معا،ولذلك فهم يشجعون التنوع، العرقي والثقافي والهجرات المختلفة في كل بلد يقيمون به، ما عدا في «اسرائيل». وهذا بطبيعة الحال يجعلهم في وضع يمكنهم من أن يفرقوا ويسودوا بزرع الصدامات والانقسامات التي تخدم أهدافهم كما يصرح بذلك ستيفن ستينلايت. وأول النماذج التي يأتي بها هنا هي أمريكا، حيث يعمل اليهود على إضعاف الوحدة الوطنية بين الأمريكيين الغربيين وبين الأمريكيين الأفارقة الذين ظلت منظماتهم تسعى إلى حفظ الإرث الثقافي والخصوصيات الحضارية الخاصة بهم،وظل اليهود ينعتون هذه المحاولات بأنها تميز عرقي حاقد. وفيما يخص الشرق الأوسط فإن الكاتب يرى أن دولةالكيان الصهيوني انتهجت سياسة التفرقة في فلسطين ولبنان، وذلك بنشر الأحقاد وإشعال نار الحرب الأهلية.واعتبر دافيد ديوك أن سياسة التفرقة العرقية والدينية أمر ظل يستدعيه المشروع الصهيوني الرامي إلى تذويب الهويات، بما فيها الهوية الفلسطينية داخل أراضي الشتات. وفي مقابل هذا الحرص من قبل اليهود على زرع الفرقة والانقسام داخل الشعوب، يذكر الكاتب بقمة النفاق والازدواجية في مواقف اليهود، فهناك منظمات يهودية أمريكية كبيرة تقف ضد الزواج المختلط في صفوف اليهود.وفرضت على جورج بوش وألغور خلال حملتهما الانتخابية أن يعطيا خطاباتهما من داخلها. ويقول الكاتب إن هناك الآلاف من الكتب والأفلام ينتجها حقوقيون يهود ضد حركات التمييز العرقي بين الجوييم، غير أنه قلما تجد كتابا أو فيلما من نفس النوع يندد بدعاة التفوق العرقي بين اليهود. ولا يفوت المؤلف أن يذكر أيضا بالتقدم الذي أحرزه اليهود حينما أسسوا دولتهم العرقية، فقد كسبوا الكثير من مواقع القوة داخل عدد من حكومات العالم خاصة في أمريكا التي أصبحوا يسيطرون فيها على وسائل الإعلام والترفيه، ويكشف الكاتب للقارئ أن الذين يوجدون في مواقع التأثير السياسي في أمريكا وغيرها يعلمون جيدا قوة اللوبيات اليهودية، وأن اللوبي اليهودي في واشنطن هو الوحيد الذي لا يجرؤ أي من الساسة الأمريكيين على معارضته مباشرة، وهنا يوجه المؤلف النداء إلى كل أمريكي وطني غيور أن يهتم ويغتم للأمر ويعلم بالتالي أن أقوى اللوبيات في الكونغرس تعمل لخدمة مصالح دولة أجنبية (وقصد هنا اسرائيل). إسكات صوت المنتقدين في الجزء الأخير من مقدمته يتعرض المؤلف إلى حقيقة مهمة، وهي التي تتمثل في أن قوة اليهود تكمن في جهل وتجهيل الرأي العام. ولهذا فإن اليهود يحرصون على إسكات كل منتقديهم، ويعلم كل من يعي بالواقع أن الخوض والنقاش فيه قد يكلفه سمعته وماله ووظيفته، وقد تتعرض حياته للخطر من قبل جماعات يهودية كتلك التي تدعي جامعة الدفاع اليهودية.وحتى جامعة محاربة التشهيرالتي وجدت لحماية ضحايا التشهير انقلبت للانشغال باتهام كل المنتقدين لضحاياالعنصرية العرقية والدينية واللاتسامح ولقد نجح اليهود في أوروبا كما في الدول العربية في إسكات منتقديهم إما عن طريق التصفيات الجسدية أوالزج بهم في غيابات السجون.ويوجه الكاتب نداءه إلى الفلسطينيين، والعالم العربي لفهم مصدر المأساة الذي تتمثل في أن الأمريكيين عاجزون عن حفظ مصالحهم الوطنية وإرثهم الحضاري تماما كالفلسطينيين، وأن الفلسطينيين لن يتحرروا من العنصرية اليهودية في وطنهم فلسطين ما لم يتحرر الأمريكيون منها في وطنهم أمريكا. وخلص الكاتب في الختام إلى أن عولمة القرن 21 وهي في يد العنصرية اليهودية تمضي إلى سحق الحريات والهويات والتفرد الثقافي،وذلك في أفق إقامة حكومة عالمية بقيادة اليهود، وأشار إلى أن القرن العشرين عرف سيطرة ملحوظة لليهود على مواقع القرار السياسي داخل حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بدء بمادلين أولبرايت على رأس وزارة الخارجية، وجورج تينيت على رأس السي أي إيه، ووليام كوهن على رأس وزارة الدفاع. وفي الأخير شدد على حق جميع الأمم والأجناس في حفظ حرياتهم وخصوصياتهم الثقافية والحضارية، وأشار إلى الخطر الذي يتهدده وهو يناقش موضوع "التفوق اليهودي". كتاب التفوق اليهودي لدافيد ديوك عن المقدمة بتصرف ع. الهرتازي