بالصور.. مؤسسة جورج أكاديمي بسيدي بوزيد تنظم سباقا على الطريق بمشاركة التلاميذ والآباء والأمهات والأساتذة..    أمن طنجة يوقف شخصًا اعتدى على متشرد.. والمواطنون يطالبون بعدم الإفراج عنه رغم شهادة اضطراب عقلي    الكعبي وأوناحي يتألقان في اليونان    طنجة.. الأمن يوقف لصين ظهرا في فيديو يوثق محاولة سرقة وسط المدينة    "أسود القاعة" يتوجون بلقب الدوري الدولي بعد فوز مثير على البرتغال    حملات شرسة بطنجة .. الجريمة تحت الحصار    "الأشبال" يستعدون للقاء كوت ديفوار    طنجة تستعد ل"كان 2025″.. انطلاق أشغال توسعة الطرق المؤدية إلى الملعب الكبير    المنتخب الوطني المغربي في المجموعة الثانية برسم منافسات كأس الإمم الإفريقية لأقل من 20 سنة لكرة القدم    الجيش ينفرد بوصافة البطولة المغربية    مقاييس التساقطات المطرية خلال ال24 الساعة الماضية.. وهذه توقعات الإثنين    مهرجان فاس في قلب برشلونة    تأنيث ضمير اللغة    اختراق رقمي يهز المواقع الرسمية .. والمغرب 24 في قلب العاصفة السيبرانية    القفز على الحواجز.. الغالي بوقاع يفوز بجائزة ولي العهد الأمير مولاي الحسن    رغم الأمطار.. آلاف المغاربة في مسيرة من أجل فلسطين والتأكيد على وحدة التراب الوطني    الجزائر تدافع عن مشتبه به في جريمة محاولة اغتيال... وتتهم الآخرين بالتآمر    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي    تحقيق دولي لواشنطن بوست يكشف: إيران جنّدت مقاتلي البوليساريو في سوريا لتهديد أمن المغرب    اسبانيا .. تفكيك شبكة تهرب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا عبر رومانيا    مندوبية السجون تنفي صحة مزاعم وردت على لسان السجين السابق (ع. ر)    الاعتداء الخطير على بعثة "المينورسو" في تيفاريتي يدفع للتعجيل بتصنيف بوليساريو على قائمة الارهاب الدولي    إحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة ابتداء من الموسم الجامعي المقبل    إدريس لشكر بدون لغة خشب : «وطنيتنا هي التي تملي علينا مواقفنا»    اللجنة المشتركة المغربية العمانية: شراكة متجددة تعكس عمق العلاقات الثنائية    تافراوت : مجهودات جبارة لرجال الوقاية المدنية ساهمت في إنجاح النسخة ال 12 لمهرجان اللوز    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    مؤشر الحرية الاقتصادية 2025.. غياب النزاهة الحكومية وتصلب سوق الشغل يُفرملان نمو الاقتصاد المغربي    المغرب يطلق مبادرة إنسانية جديدة لدعم الأطفال الفلسطينيين في غزة والقدس    وفاة أستاذة أرفود متأثرة بإصابتها بعد الاعتداء الشنيع من طرف أحد طلابها    قطاع مكافحة سوء التغذية يحذر من «كارثة»    في ورقة لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي .. مرسوم دعم المقاولات الصغيرة خطوة تعيقها معضلات التوزيع والبيروقراطية وهذه توصياته    في قبضة القصيدة الأولى: ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    بينبين مستاء من تغييب وزارة الثقافة له خلال معرض الكتاب بباريس    الصين تدعو الولايات المتحدة الى "إلغاء كامل" للرسوم الجمركية المتبادلة    عبد الوهاب الدكالى يعود بجمهور الرباط إلى الزمن الجميل    مكتب الصرف يحقق في تهريب العملة من طرف منعشين عقاريين    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    درهم واحد قد يغير السوق : المغرب يشدد القيود على واردات الألواح الخشبية    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    'واشنطن بوست': إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم    المغرب وسلطنة عمان يؤكدان عزمهما على تطوير تعاونهما في شتى المجالات    الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية تُتوّج بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات متعددة    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى        المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي    مسرحية ديموغرافية بإخراج جزائري: البوليساريو يخدع الأمم المتحدة    مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحق العربي، مستشار رئيس الحكومة: مسؤولون كبار يتسترون على "موظفين أشباح"
نشر في التجديد يوم 10 - 02 - 2016

قال عبد الحق العربي، مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاجتماعية، إن المغرب في حاجة إلى خوض ثلاث معارك كبرى لمواجهة الفساد، الأولى ثقافية، والثانية زرع الثقة في النفس وفي الأجهزة الرسمية، والثالثة رفع الوعي وتوعية المواطنين بمسؤوليتهم الجسيمة في محاربة الفساد، مشددا على ضرورة العمل على أن يصل الإنسان المغربي إلى إدراك مدى قدرته على محاربة الفساد.
ويرى العربي أن تسجيل المغرب لمؤشرات سلبية في مجال محاربة الفساد لا يزيد الحكومة إلا إصرارا على محاربته، موضحا أن الحكومة اشتغلت على مكافحة الفساد عبر خطين متوازيين، الخط الأول إصلاح الوضع القائم، الخط الثاني إيجاد إستراتيجية لمكافحة الفساد، ورأى تبعا لذلك أنه آن الأوان لتنصيب هيئة النزاهة بعد تحقق مرحلة المصادقة على الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد.
وشرّح العربي عملية محاربة ظاهرة (الموظفين الأشباح)، فقال إنها تعرف أخطاء، وتجاوزات، وضغوطات، وتستر، موضحا أن العملية يتم استغلالها من لدن مسؤولين لتصفية حسابات شخصية مع الموظفين، مشيرا إلى أنه إذا ثبت تلاعب مسؤول في قضية إحصاء الموظفين فإن الإدارة تتخذ إجراءاتها اللازمة فيكون المسؤول موضوع استفسار بسبب ظلم الموظف، موضحا أن محاربة "الأشباح" في الجماعات رهين بإرادة رؤسائها.
وبشّر مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاجتماعية، بقرب تجاوز مشكل الدعم المخصص للأرامل، وتجديد بطائق الانخراط في نظام "راميد"، مرجعا سبب المشكل إلى تزامن انتهاء صلاحية بطائق "راميد" مع تنصيب الرؤساء والمجالس الجماعية الجديدة. وفي مجال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، أقر العربي بعدم تمكن الحكومة من الاستجابة لانتظاراتهم وتطلعاتهم بشكل يرضي الحكومة وذوي الإعاقة. نتابع تفاصيل أكثر في نص الحوار.
تشكل ظاهرة "الموظفين الأشباح" نقطة سوداء بالإدارات العمومية والجماعات الترابية، باعتبارها من الفساد الذي قالت الحكومة إنها جاءت لمواجهته، فماذا تحقق في هذا الجانب؟ وما هي الاختلالات والمشاكل التي تعرفها عملية محاربة هذه الظاهرة؟
قامت الحكومة بإصدار منشورات ومذكرات تهدف إلى محاربة ظاهرة التغيب غير المشروع عن العمل، بعد ملاحظتها أن هناك مجموعة من الموظفين المسجلين في لوائح الوظيفة العمومية، يتقاضون أجورهم بشكل منتظمٍ، غير أنهم غيرُ متواجدين في مقرات عملهم، ويتعلق الأمر بأشخاص ماتوا أو سافروا خارج الوطن.. ويبلغ عدد الموظفين الأشباح الذين تحصيهم الحكومة سنويا ما بين ألف وألفي موظف قبل التشطيب على من لم يظهر له أثر.
وتضمنت تلك المذكرات إجراءات تبتدئ بإحصاء عدد الموظفين بالوظيفة العمومية بطلب موجه إلى رؤساء ومدراء الأقسام والمصالح، الذين يعملون على إحصاء موظفيهم، ووضع لائحة يتم إرسالها للمصالح المركزية لتحال على وزارة المالية بغرض مقارنتها بلائحة الموظفين على المستوى المركزي.
الذي يحدث أن عددا من أسماء الموظفين لا ترد ضمن اللائحة، فيكونون موضوع شبهة تتعلق بالتغيب بدون عذر، لكن الدولة لا تتسرع في الحكم عليهم، بل تعطيهم فرصة إثبات وقع خطأ أو إشكال ما، لذلك تقوم بإشعارهم بعدم ورود أسمائهم في اللائحة، بعدها توقف راتبهم مؤقتا، وذلك بتحويله من راتب بنكي إلى حوالة تبقى عند الإدارة من أجل تصحيح الوضعية.
ويقع في عملية محاربة ظاهرة التغييب غير المشروع عن العمل أمران: الأمر الأول، ورود أخطاء، على سبيل المثال؛ عدم إدراج اسم موظف في لائحة الموظفين كونه في عطلة وقت الإحصاء، أو في عطلة مرض، أو انتقال من إدارة إلى أخرى، وتبعا لذلك يتم احتسابه في عداد الغائبين، بينما الحقيقة أنه ملحق بإدارة أخرى لكن الإجراءات الإدارية لم تتم بالشكل المطلوب.
الأمر الثاني، وقوع تجاوزات، فعلى سبيل المثال؛ يتم استغلال العملية من لدن مسؤولين لتصفية حسابات شخصية مع موظف معين، فيكون أقل ضرر يلحقونه بالموظف هو التسبب في إيقاف راتبه الشهري، فيضطر إلى الانتقال إلى الإدارة المركزية من أجل الاستفسار وتصحيح وضعيته، وهذا من الناحية الأخلاقية غير مقبول، وإذا ثبت فالإدارة تتخذ إجراءاتها اللازمة فيكون المسؤول موضوع استفسار بسبب ظلم الموظف، لأن هذا المجال ليس مجالا للانتقام.
لكن ماذا عن التستر عن "الموظفين الأشباح"؟
بالفعل؛ هناك جانب آخر للعملية، ويتعلق بالتستر على مجموعة من الموظفين، وأقولها بكل صراحة، إن عملية التستر عن الموظفين المتغيبين عن العمل (الأشباح) تتم بفعل الزبونية أو الصداقة، وفي مرات أخرى تتم تحت ضغوطات يتعرض لها بعض المسؤولين، فتجد على سبيل المثال موظفا من عائلات أحد المسؤولين الكبار يمارس بعض الضغوطات على المسؤول المباشر للحيلولة دون إدراج الموظف في قائمة المتغيبين.
كما أن العملية تعرف عدة تجاوزات أخرى، إلا أن الوظيفة العمومية تعرف تحسنا كبيرا في ما يتعلق بمكافحة ظاهرة التغيب غير المشروع عن العمل، وفي المقابل الجماعات المحلية تحتاج إلى عمل كبير من أجل محاربة الظاهرة.
على ذكر الجماعات الترابية، قام رئيس المجلس الجماعي لمدينة صفرو، بتجميد أجور أربعة موظفين "أشباح" كانوا يتلقون رواتبهم منذ 1988، فيما طالب أعضاء المجلس الإقليمي لزاكورة بتطبيق نفس الخطوة على 41 موظفا شبحا بعمالة زاكورة يتقاضون أجورهم منذ 1988، فهل هناك صلة وصل بين الحكومة والجماعات الترابية لمواجهة هذه الظاهرة؟
مشكلة الجماعات المحلية في هذا الموضوع أن لها استقلالية في التسيير، أي أن رئيس الجماعة هو الذي يسير جماعته، وبالتالي فإن تدخل الحكومة فيها من أجل محاربة التغيب غير المشروع عن العمل ليس بحجم تدخلها في الوظيفة العمومية، فنحن نعلم أن القطاع العام ينقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول الوظيفة العمومية وتدخل الحكومة فيه مباشر، القسم الثاني المؤسسات العمومية ولها مجالس إدارية مسيرة، القسم الثالث الجماعات ويتولى المجلس الجماعي ورئيسها تسيرها.
وبالتالي فإن محاربة التغيب غير المشروع عن العمل في الجماعات رهين بإرادة رؤساء الجماعات أنفسهم، والكل يعلم أنه تمت توظيفات في الجماعات بشكل كبير جدا، إلى حد أن كل رئيس يتولى تلك المسؤولية أو كل مستشار جماعي يصل إلى ذلك المنصب يحاول أن يوظف من عائلته وأصدقائه.
ولقد تم إغراق مجموعة من الجماعات بمختلف الأشخاص إلى درجة تعذر معها سحب وصف "الأشباح" عليهم، وبناء على ذلك فإن أولئك الأشخاص حتى إن واظبوا على الحضور في مقرات الجماعات تجد أن لا مكاتب لهم ولا أماكن لممارسة مهامهم، لأن الأمر يتعلق بمجرد التوظيف من أجل التوظيف، وهذا أمر نتمنى أن تتجاوزه المجالس المنتخبة الجديدة، في اتجاه إيجاد مهمة لكل موظف بالجماعات.
حينما نتحدث عن محاربة (ظاهرة الموظفين الأشباح)، ومحاربة الرشوة، وتكريس النزاهة في الإدارة، ومكافحة الريع، نصل حتما إلى ضرورة وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهي التي تم إخراجها مؤخرا، ألا تعتقد أن الحكومة تأخرت في إخراجها؟ ثم هل المبلغ المرصود لها كفيل بإحداث رجة قوية تزلزل أركان الفساد المستشري بالمغرب؟
من الصعب القول بتأخر الحكومة في إخراج الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، لأنه في السابق كانت هناك هيئة منوط بها القيام بهذه المهمة لكنها كانت محدودة الاختصاصات مع الأسف، والحكومة لما جاءت كان أول مهمة قامت بها محاولة إصلاح الوضع القائم، وذلك بإدخال مجموعة من الإصلاحات في انتظار وضع إستراتيجية شاملة، إذ ليس من العقل أن تجمد الحكومة كل شيء في انتظار وضع إستراتيجية، لأن ذلك سيؤدي إلى استفحال الوضع.
لقد اشتغلت الحكومة على مكافحة الفساد عبر خطين متوازيين، الخط الأول إصلاح الوضع القائم عبر إدخال مجموعة من الخطط والبرامج ولو بشكل جزئي، الخط الثاني إيجاد إستراتيجية حقيقية لمكافحة الفساد. وأعتقد أن الميزانية المرصودة لهذه الإستراتيجية النموذجية (1.8 مليار درهم) مهمة جدا، حتى أن الصلاحيات الممنوحة للجنة واسعة جدا، إذن إذا كان هناك شيء من التأخر فهو مبرر.
رغم الإجراءات الجزئية التي قامت بها الحكومة في مجال محاربة الفساد، ورغم إخراج الإستراتيجية تقهقر المغرب في مؤشر "إدراك الرشوة 2015″، الصادر عن منظمة "الشفافية الدولية "ترانسبرانسي"، إلى المرتبة 88 عالميا من أصل 168 دولة وفقد 8 درجات في الترتيب وثلاث نقط في التنقيط. فأين الخلل؟
لا يمكن أن نزايد في موضوع الفساد وخاصة في ما يتعلق بمنظومة الرشوة، ونقول تبعا لذلك إن المغرب حقق في محاربته شيئا ملموسا، وبالفعل الإشكال عميق، ومع ذلك لا يمكن أن نقول إن الحكومة عجزت ولكن يمكن القول إنها واجهت صعوبات حقيقية في تجاوز هذه الآفة التي استشرت مع كامل الأسف في مجموعة من القطاعات الحكومية وغير الحكومية، حتى أصبحت شيئا عاديا انتقل إلى مستوى أن يصبح ثقافة عند الإنسان المغربي.
لقد صار عقل الإنسان المغربي غير مستوعب أن تُقضى حوائجه وأغراضه في الإدارات دونما إعطاء للرشوة، وقد عايشت حالات لأشخاص قُضيت حاجاتهم، لكنهم بعد برهة من خروجهم من الإدارة رجعوا ليقدموا رشوة للموظف بمبرر إيلافهم واعتيادهم تقديم تلك الهدايا أو غيرها، وبالتالي صار الناس لا يصدقون أن يقوم موظف بمهمته دون استلام للرشوة أو غيرها.
وبناء على ذلك؛ لا يمكن أن نقول إن المغرب تقدم بشكل ملموس في هذا الجانب، لكن في المقابل لا يمكن أن نتغاضى عن معطى جديد وهو أن مسؤولين كبار أصبحوا يحاكمون بسبب فسادهم من قضاة ورجال أمن ومسؤولين في مختلف القطاعات الحكومية، وهذا شيء كبير لا يمكن نفيه.
إن الذي كان متداولا بين المغاربة أن الحكومة حين تشن حملة لمحاربة الرشوة أنها تستهدف الرشوة الصغيرة 10 دراهم أو 20 درهم في المقابل تتغاضى عن المرتشين الكبار، لكن اليوم أصبح المرتشون الكبار يقعون في الفخ ونتيجة لذلك يحاسبون على جريمتهم، وهذا معطى جيد، وإن كان لا يتم بشكل كبير في جميع القطاعات. في المحصلة، لقد انتقل المغرب من مرحلة لا يحاسب فيه المسؤولين على فسادهم إلى مرحلة يحاسبون فيها على جرائمهم.
أما في ما يتعلق بالمؤشرات الدولية، فإنها مع الأسف تخضع لمنطق غير مفهوم، بحيث تجد أن دولة يعرف الجميع مدى فسادها وطريقة تسييرها، وتدخل جنرالات فيها، واستفحال الفساد بها، تتغاضى عنها المنظمات الدولية، في الوقت الذي تحاسب بلدانا أخرى تقوم بمجهودات كبيرة في محاربة الفساد، كما أن تلك المنظمات لا تعترف بتلك المجهودات، لذلك نطرح أكثر من علامة استفهام في مدى استقلاليتها ونزاهتها. أما في ما يخص تسجيل المغرب لمؤشرات سلبية في مجال محاربة الفساد فإن ذلك لا يزيد الحكومة إلا إصرارا على محاربته.
لاحظت منظمة الشفافية أن عدم إخراج الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والتراجعات المسجلة في قانونها، علاوة على التأخر في إخراج قانون الحق في المعلومة والتراجعات المسجلة في مشروع قانونه، قد يكونا وراء التأثير على صورة المغرب دوليا، هل هذا الربط منطقي؟
لقد قامت الحكومة بمهمتها في إخراج مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات، وهو اليوم مطروح للنقاش في البرلمان، وبالتالي لا يمكن محاسبة الحكومة على أمر قامت به وأحالته على مؤسسة البرلمان، ولا نستنكف أن تنبه تلك الهيئات ممثلي الأمة بالبرلمان بسبب تأخرهم في إخراجه، وتطالب منهم الإسراع في إخراج هذا القانون المهم.
أما في ما يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فقد كانت قبلها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وستتعزز بصلاحيات أكثر، وبالتالي ما كان من الممكن تنصيب الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلا بعد وضع إستراتيجية للاشتغال وصلاحيات واضحة لها. وقد آن الأوان لتنصيب هيئة النزاهة بعد تحقق مرحلة المصادقة على الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد.
يشكل المواطن الركيزة الأساسية لنجاح أية إستراتيجية لمكافحة الفساد، وذلك بمشاركته في توقيع العرائض، والتبليغ عن كل أشكال الفساد، وفضح المفسدين والموظفين المتغيبين عن العمل، فهل تعتقد أن المواطن الذي قلت أن الرشوة أصبحت ضمن ثقافته يمكن أن يساهم في محاربة الفساد؟
لقد تابعنا ما قاله وزير العدل والحريات حين أكد أن الاتصالات كانت كثيفة جدا بالرقم الأخضر للتبليغ عن الرشوة إلى درجة اضطرار وزارة العدل والحريات إلى إضافة موظفين آخرين من أجل الإجابة على كل تلك المكالمات لكن الغريب في الأمر أن قسطا كبيرا من المكالمات كانت بقصد تجريب الرقم، بناء على ذلك يجب على المغرب خوض معركة ثقافية كبيرة في مجال محاربة الفساد، من أجل أن يصل الإنسان المغربي إلى إدراك مدى قدرته على محاربة الفساد.
فلقد تربى المغاربة مع الأسف الشديد على منطق المطالب، مطالبة الحكومة ومطالبة المسؤولين ومطالبة الرؤساء، دون أن يتبعوا ذلك بقيامهم بالدور المنوط بهم، وبالتالي يحس الإنسان المغربي أنه مجرد مستهلك وضحية يحتاج إلى تدخلات الحكومة والأجهزة.
ومن جانب ثان، يجب على المغرب خوض معركة زرع الثقة في نفس المواطن وزرع الثقة في الأجهزة الرسمية، إلى جانب المعركة الثقافية السالفة الذكر، لأن المواطن مازال خائفا من انتقامات المبلغ عنهم في حالات فساد، أو الخوف من فقدان سرية المعطيات الشخصية التي يكشف عنها خلال التبليغ عن الفساد من تسربها إلى جهات معينة.
لقد بدأ التبليغ عن الفساد، وتبعا لذلك اشتغل الرقم الأخضر للتبليغ عن الرشوة، لكن لم نصل بعد إلى مستوى كبير من انخراط المواطنين، بسبب وجود إشكال آخر يتعلق بموضوع الانتهازية، ووجود انتهازيين همهم الوحيد قضاء حوائجهم وأغراضهم الشخصية، فإذا ما تمكنوا من قضاء تلك المآرب سواء بالرشوة أو الوساطة أو بشكل من أشكال التدخلات انتهى بالنسبة إليهم الموضوع.
وأعتقد أن موضوع القضاء على الانتهازية يتطلب معركة أخرى لرفع الوعي لدى المواطن المغربي، وبالتالي المغرب في حاجة إلى خوض ثلاث معارك كبرى الأولى ثقافية، والثانية زرع الثقة في النفس وفي الأجهزة والدولة، والثالثة رفع الوعي وتوعية المواطنين بمسؤوليتهم الجسيمة في محاربة الفساد، لأن المواطن الآن يحس أنه غير مسؤول عن كل ما يدور حوله من نقاش حول محاربة الفساد، ويعتبر أن ذلك يقع على كاهل الحكومة.
توقف الدعم المخصص للأرامل، وتجديد بطائق الانخراط في نظام "راميد". ما هي إجراءات الحكومة لحل هذا المشكل؟
لقد توصلنا بشكايات كثيرة في هذا الموضوع، وهو مشكل حقيقي يحتاج إلى عمل كبير على المستوى الوطني، فالمنخرطين لما تنقضي مدة صلاحية بطاقتهم للاستفادة من نظام "راميد" يقع على عاتقهم تجديدها، وقد يتزامن ذلك مع مواعيد طبية سابقة، وهو ما يعرقل استفادتهم من تلك المواعيد المحددة سلفا.
هناك تأخر كبير من لدن الإدارة في تجديد تلك البطائق. وأعتقد أن عامل تزامن انتهاء صلاحية هذه البطائق مع تنصيب رؤساء والمجالس الجماعية الجديدة ساهم في المشكل، وبالتالي وقع خلل سيتم تجاوزه قريبا، ورئيس الحكومة حساس في ما يتعلق بهذه النقطة.
الأشخاص في وضعية إعاقة من الفئات المحرومة الحقوق، فماذا أنتم فاعلون حيال مطالبهم؟
الحكومة تفكر بجدية في موضوع ذوي الإعاقة، لكنها وبكل صراحة لم تستطع أن تستجيب لانتظاراتهم وتطلعاتهم بشكل يرضي الحكومة ولا ذوي الإعاقة وهذا الأمر أكد عليه رئيس الحكومة خلال انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وذلك بتعبيره عن عدم رضاه بالعمل الحكومي في هذا الجانب، رغم أن الحكومة قامت بمجهود على المستوى التشريعي بوضع قانون إطار معروض أمام البرلمان
وقد قامت الحكومة بإعادة النظر في القرار الوزاري الذي يحدد حصيص 7 بالمائة من التوظيف وكيفية الاستفادة منها من لدن الأشخاص في وضعية إعاقة، وذلك بالعمل على رفع القرار إلى مستوى مرسوم حكومي مع تحسين تطبيقه، علاوة على الاستجابة لمطلبهم المتعلق بحصر مباراة التوظيف بينهم، وبالتالي فكل المراسيم التي سيصادق عليها مجلس الحكومة قريبا ستجعل للأشخاص في وضعية إعاقة إمكانية لتنظيم مباراة خاصة حتى يتباروا فيما بينهم على مناصبهم، وكل هذه الإجراءات لفئة وحيدة وهم الأشخاص الذين لهم مستويات دراسية تؤهلهم إلى الدخول للوظيفة العمومية.
لكن هناك فئتين أخريين، الأولى من يسمون ب"أصحاب الإعاقة العميقة"، وهذه الفئة صرح رئيس الحكومة أنه سيخصص لهم دعم مالي قريبا، لأن هذه الفئة يصعب توظيفهم، الثانية فئة ليس لها مؤهلات كبيرة جدا، وهذه الأخيرة لها مؤسسات في الدولة تهتم بهم وعلى رأسها التعاون الوطني، وقد بدل مجهودا كبيرا وهناك تنسيق بينه وبين الحكومة للمساعدة بغية مساعدة هذه الفئة على التكوين والتأهيل لينخرطوا في الأنشطة المدرة للدخل، وتسويق منتجاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.