لقد تم إفشال المؤتمر الثامن للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عن سبق إصرار وتعمد، من لدن جماعة الاتحاد الاشتراكي والأقليات الدائرة في فلكه لتحقيق هدفين أساسين: 1 تشتيت وحدة الأساتذة وتعميق أزمة النقابة وغربتها عن الأساتذة والمجتمع، وفرض هيمنة عمودية مركزية للتحالف الحكومي على توجهات وقرارات النقابة الوطنية للتعليم العالي. 2 جعل النقابة أداة طيّعة في يد التحالف الحكومي وتحويلها من وسيلة نضالية إلى أداة لا نضالية تخدم كذلك الطموحات الشخصية والفئوية للبعض. وفي ما يخص تجليات فشل المؤتمر الثامن أذكر على سبيل المثال لا الحصر: لم يشهد هذا المؤتمر انتخابات حقيقية، وإنما شهد تنصيبا للجنة هجينة على شاكلة مجلس حكم لاحتلال النقابة. وشارك في هذه المهزلة من أصل 376 باحث مؤتمر قرابة 120 أستاذ من اللفيف الاتحادي والأقليات المتحالفة معه (التقدم والاشتراكية، الاشتراكي الديموقراطي...) لم يفرز المؤتمر أي موقف ولا أي قرار ولا أي مقرر في مستوى انتظارات الأساتذة، بل كان بوقا للتحالف الحكومي. تَم تمديد المؤتمر وتمطيطه بشكل غير قانوني، مع العلم أنه لم يتخذ قرارا في هذا الشأن، باعتبار أنه سيد نفسه. والنتيجة أننا الآن إزاء أجهزة (لجنة إدارية، ومكتب وطني متفرع عنها) مفبركة وغير شرعية مستعدة لتخدم مشروع التحالف الحكومي ولا شيء سواه: تمرير إصلاح مشوه، فصل نضالات الجامعة عن المجتمع، وخاصة في قضايا الحريات العامة وقضايا الأمة. نحن إزاء أجهزة تضحي بوحدة الأساتذة وبوحدة النقابة وبنضاليتها وتضع نفسها رهن إشارة التحالف سالف الذكر من أجل تكريس سياساته واختياراته والحصول على مقاعد وكراسي وامتيازات في دواوين وفي مؤسسات... وللتاريخ أذكر أننا وجدنا أنفسنا في المؤتمر في تناقض حاد مع هؤلاء، فنحن جئنا لتوطيد وحدة النقابة، وتجذير نضالاتها، وهم كانوا يسعون لعكس هذا تماما. وللتاريخ أذكر أيضا، أننا حضرنا المؤتمر الثامن ونحن نعلم علم اليقين النزوع الهيمني والإقصائي لهذا التحالف (المؤتمر السابع نموذجا)، ومع ذلك قلنا نعطي فرصة أخرى لهؤلاء (من أجل الجامعة ومن أجل وحدة الأساتذة)، تحدونا أماني إرساء تقاليد وقواعد التشارك والتعاون الجماعي في تقرير مصير النقابة، بعيدا عن إقصاء أو تهميش أي فعالية أو حساسية كائنة من كانت، لأننا نعتبر النقابة وسيلة نضالية وليست غنيمة ولا ريعا. ولكننا وجدنا المسلكيات الإقصائية نفسها والعقليات الهيمنية ذاتها، بحيث أنهم رغم المجهود البيداغوجي المضني المبذول مع هذا التحالف داخل المؤتمر لنقنعه بالقطع مع ماضيه الهيمني، إلا أننا لم نصل مع هؤلاء في النهاية إلى شيء يذكر، وفعاليات المؤتمر شاهدة على ما نقول. وعاد الاتحاد الاشتراكي ومن يدور في فلكه إلى عاداتهم القديمة المتجسدة في الإقصاء المذيل بترديد مغالطات عديدة من قبيل: 1 مغالطة تتعلق بحضور كل طرف في المؤتمر، 2 مغالطة تتعلق بصيغة مقترحة للتفاهم تجنبا لإقصاء أي طرف أو حساسية. 1 ففيما يتعلق بالمغالطة الأولى، يحلو للأستاذ عبد الحق منطرش أن يردد الأسطوانة نفسها التي تتضمن الكثير من التناقض، ولم يجرؤ في أي وقت من الأوقات على أن يعطي رقم أساتذة الاتحاد الاشتراكي ولا رقم حلفائه، بل يكرر بدون خجل بأن عددنا لا يتجاوز ,56 بناء على عملية التصويت على التقرير الأدبي، علما بأننا صرحنا بالتصويت بالامتناع كأقصى تعبير، ويعني ذاك أن بعضنا سيصوت بنعم. ولو كان لدينا أدنى إشكال في العدد لحولنا التصويت إلى نعم، ولاختلطت نعمنا بنعمهم ولاستحال عليه آنذاك أن يميز بين هذا وذاك. ولكننا كما أكدت لهم في أكثر من مرة لسنا مع حسابات الخشيبات ولسنا بقالة، حتى نتعاطى مع النضالات بهذه الخلفية الضحلة، لأننا جئنا للمؤتمر لإنقاذ النقابة التي تحتضر بفعل هيمنة التحالف الحكومي، ولم نحضر لنحصل على مقاعد، لأننا لسنا طلاب كراسي، وإنما نحن مناضلون أيا كانت مواقعنا. وأؤكد أن عدد الذين صوتوا بالامتناع هو 56 تقريبا، وأن مناضلينا في صفوف أساتذة الطب والأساتذة حاملي الدكتوراه الفرنسية قد صوتوا بنعم في إطار اتفاق في ما بينهم كخصوصيتين مطلبيتين. وأؤكد أننا طلبنا من مناضلينا في صفوف هاتين الفئتين بأن يلتزموا بما اتفقوا عليه، وقد اتفقوا على التصويت بنعم، وأضيف بكل تواضع بأننا كنا سباقين إلى اقتراح توطيد التنسيق بين حاملي الدكتوراه الفرنسية وكذلك بين أساتذة الطب، وأصواتنا داخل هاتين الفئتين لا تقل عن 15 صوتا، ولنا أصوات بلا في الصندوق المخصص للتصويت السري (لا تقل عن 5) وإذا قمنا بعملية حساب بالخشيبات كما يحلو لعبد الحق منطرش فإن أصواتنا تقارب 80 صوتا، من أصل 320 صوتا، أي بنسبة 25 بالمائة ولم يصوت 50 أستاذا موزعين على الحساسيات كلها، ولذلك أقول للأستاذ عبد الحق منطرش: لو اعتمدت على أي شكل من أشكال الحسابات الخشيباتية، فإن نسبتنا لن تقل عن 25 بالمائة، وأتحداه أن يعطي أرقامه وأرقام حلفائه، ومع ذلك التزمنا بأن نترشح في حدود 20 بالمائة فقط، لنترك المجال لباقي الفعاليات النقابية المتفرعة عن الحساسيات السياسية وعن المستقلين وعن الخصوصيات المطلبية. 2 المغالطة التي تقول إننا كنا مع إغلاق اللوائح، وهذا غير صحيح البتة، ولا نملكه، ولا يمكن أن نمنع الناس من الترشيح، وإغلاق اللوائح هو من الثقافة الشيوعية والاشتراكية، أي الإقصائية، وهو مرتبط عندهم بلجان الترشيح، ولم يتخلص الاتحاد الاشتراكي ظاهريا من هذه الآفة إلا أخيرا، ولكنه يعمل بها واقعيا، ويعمل بها داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، إذ يوهم الأساتذة بأن الانتخابات مفتوحة ولكنه يغلقها وراء ظهورهم في الكواليس، بحيث يلجأون إلى جنبات المؤتمر ويعبئون أوراق التصويت بشكل جماعي، يعبئون أوراقا مغلقة فيها العدد المطلوب بالضبط، ويلزمون شيعتهم بالتوجه إلى الاقتراع مثنى مثنى لضمان انضباطهم، وحجتي في هذا كذلك هي لائحة مرشحيهم التي روجت في المؤتمر بشكل سري، ونتيجة التصويت التي تثبت تحويل التصويت من اقتراع فردي سري إلى اقتراع جماعي علني، فيه تواطؤ مكشوف لإقصاء الآخرين، ونتائج الفرز شاهدة على ما أقول، وأتحداهم أن يفتحوا أرشيف النقابة للصحافة، وأتحداهم أن يفتحوا أرشيف المؤتمر الثامن والسابع والسادس كنماذج ليجدوا هذه الحقائق ساطعة كاشفة فاضحة للتوجه الهيمني الإقصائي. وهل يعقل أن ينصب أستاذ باحث في المكتب الوطني الجديد دون أن يساهم ولو بالحضور في اجتماع اللجنة الإدارية يوم الأحد 11 أبريل الجاري. أما مقاربتنا نحن فتقضي بأن تترشح الفعاليات النقابية المتفرعة عن الحساسيات السياسية وعن المستقلين وعن الخصوصيات المطلبية في حدود حجمها داخل الجامعة المغربية وداخل المؤتمر، ولذلك رشحنا في المؤتمر 7 للجنة الإدارية في حدود 25 بالمائة رغم أن أصواتنا كانت 40 بالمائة، وكنا سنرشح في هذا المؤتمر الثامن في حدود 20 بالمائة فقط، وضمن لائحتنا كنا سندرج الفعاليات المستقلة التي لا يشك أحد في استقلاليتها، وممثلين عن أساتذة الطب والدكتوراه الفرنسية، ومؤسسات تكوين الأطر إلى جانب كتاب جهويين ونشطاء في المكاتب المحلية وفي الأجهزة التمثيلية، وكنا سنترك الباب مشرعا للآخرين، مفتوحا على مصراعيه لضمان مشاركة الجميع دون إقصاء. ولكن لا حياة لمن تنادي. وعادت ريمة (الاتحاد ومن معه) إلى عادتها القديمة