عرفت أشغال المؤتمر الثامن للنقابة الوطنية للتعليم العالي تصدعا بين الأساتذة حول طريقة انتخاب المكتب الوطني للنقابة، تم على إثره انسحاب رئيس المؤتمر من قاعة الانتخاب دون أن يعلن عن أسباب انسحابه، كما أشار إلى ذلك العديد من الأساتذة الذين أكدوا لالتجديد أن تغليب البعد السياسي في العمل النقابي كان السبب الرئيسي في ما وصل إليه المؤتمر، وأصبحوا يتحدثون عن فشله، وعن أن السبب الرئيسي في ذلك هو استمرار نزعة الهيمنة الحزبية على النقابة نفسها من طرف بعض الأحزاب السياسية، في إشارة مباشرة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وأفادت تصريحات العديد من الأساتذة، استقتها التجديد من داخل كلية العلوم بالرباط، حيث جرت أطوار المؤتمر، أن انسحاب رئيسه الأستاذ عبد الحق منطرش، لم يكن مقبولا ولا معقولا، خاصة وأن لائحة الترشيحات للمكتب الوطني قد فتحت وتم تسجيل أسماء الراغبين في ذلك. وإلى حدود زوال أمس، حيث كان الأستاذ منطرش راقدا بإحدى المصحات بسبب حالة انهيار أصيب بها، كان من تبقى من الأساتذة يطالبون بعودة رئيس المؤتمر إلى مدرج الانتخاب والإعلان عن فشل المؤتمر أوتأجيله إلى وقت لاحق. ووصف أحد الأساتذة الوضعية التي عرفتها أشغال المؤتمر الوطني الثامن للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالأزمة الناتجة عن سوء تدبير رئاسة المؤتمر، وقال لالتجديد إن لائحة الترشيحات قد فتحت ولم تغلق بعد، غير أن عملية التصويت لم تتم ومازلنا ننتظر عودة رئيس المؤتمر. وطالب المتحدث نفسه بشيء من الديموقراطية داخل النقابة، حفاظا على وحدة الإطار النقابي للأساتذة الجامعيين، بما يعني ذلك إشراك جميع الفعاليات في التدبير والتسيير، بعيدا عن هيمنة حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى درجة أصبحت فيها قرارت النقابة تصاغ في المكتب السياسي للحزب نفسه، علما أن النقابة في قانونها التنظيمي مستقلة وغير تابعة لأي حزب سياسي. واستنكر أساتذة آخرون ما وصفوه باستخفاف قيادة المؤتمر، التي انسحبت من قاعة الانتخاب، ولم تعد إلى حدود منتصف زوال أمس، معربين في الوقت نفسه عن تخوفهم من العودة من جديد إلى التفكير في خلق إطارات نقابية منافسة وبديلة للنقابة الوطنية للتعليم العالي. ولمعرفة أسباب حالة الاحتقان التي خيمت على سير أطوار عملية الانتخاب، أكد لالتجديدّ أحد أعضاء رئاسة المؤتمر أنه منذ إعلان اللجنة الإدارية عن تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن للنقابة أيام 1 و2 و 3 من الشهر الجاري، ساد نوع من الحماس بين صفوف الأساتذة الجامعيين الذين راهنوا على أن يكون هذا المؤتمر محطة نحو بناء نقابة منفتحة على القضايا الحقيقية للجامعة والمجتمع، وأن الأساتذة الإسلاميين وضعوا لتحقيق هذا الهدف شروطا منها أولا القطع النهائي مع الطريقة السابقة في التسيير التي تميزت بهيمنة حزبية مطلقة لحزب سياسي واحد، وثانيا إشراك جميع الفعاليات والمكونات الفاعلة في الحقل الجامعي، وثالثا عدم إقصاء أي طرف جامعي، ثم رابعا عدم التحالف بين أي طرفين على حساب طرف آخر. وأضاف المصدر نفسه أنه بعد المصادقة على التقريرين المالي والأدبي، وعلى الورقات التي عرضت على المؤتمرين، انتقل الأساتذة إلى المرحلة الأخيرة من المؤتمر وهي المتعلقة بانتخاب لجنة إدارية ينبثق عنها مكتب وطني جديد. وفي السياق ذاته أشار المتحدث إلى أنه تم التوصل في وقت سابق إلى تحقيق توافق بين مجموع الهيآت والفعاليات الموجودة بالمؤتمر يقضي بتمثيلية كل هذه الفئات حسب الحجم الممثلة به، غير أنه أثناء عملية الترشيحات، يضيف المتحدث نفسه، تبين أن حزب الاتحاد الاشتراكي تراجع عن الاتفاق، الأمر الذي أدى بباقي الأطراف الأخرى إلى الاحتجاج، وهو ما لم يستسغه رئيس المؤتمر فقرر الانسحاب حوالي الساعة السادسة من صباح أمس وترك المؤتمر معلقا. جدير بالذكر أن المؤتمر دخل أمس الثلاثاء يومه الخامس، والأطباء الذين حضروه اضطروا للانسحاب بسبب التزاماتهم الطبية وقرروا إصدار بيان في الموضوع. كما أن الأساتذة، غير الاتحاديين، نظموا مسيرة احتجاجية بأروقة كلية العلوم نددوا خلالها بأسلوب الإقصاء الممارس في حقهم، مرددين شعارات تؤكد استقلالية النقابة عن أي حزب سياسي. عبد الرحمان الخالدي