لم تقتصر نتائج عمليات المقاومة العراقية ضد القوات الأمريكية فقد على إيقاع الخسائر بالغزاة فقط بل دفعت أولئك الجالسين في البيت الأبيض إلى إعادة حسابات، فيما سادت حالة من القلق والترب الأروقة السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي باتت تقرأ في انتصار المقاومة توقف للمشروع التوسعي الصهيو الأمريكي. ولعل ما يكتبه المحللون والخبراء الإسرائيليون خيط من فيض الحسابات والقلق الذي ينتاب الكيان الصهيوني وجيش الاحتلال الإسرائيلي على مستقبلهم بعد ما وصفوه ب "الوحل" ال8العراقي الذي تغوصه الولاياتالمتحدة. وقال الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي "زئيف شيف" في صحيفة هآرتس العبرية إنه "لا يمكن لإسرائيل أن تتعاطى بعدم اكتراث مع ما يجري في العراق هذه الأيام". مضيفا أنه "في أوساط الرجال الأساسيين المنشغلين في مستقبل الشرق الأوسط، وليس فقط في أسرة الاستخبارات الاسرائيلية، يسود اتفاق في الرأي يقول أن نتائج المعركة في العراق ستؤثر أيضا على إسرائيل وعلى مدى الأمن الذي ستشعر به كل الدول في المنطقة في السنوات القريبة القادمة". ورأى شيف أن "عددا من الدول العربية تتمنى هزيمة الولاياتالمتحدة، كذلك أولئك الذين عارضوا في الماضي صدام حسين الذين يرون في الأحداث الأخيرة في العراق انتصارا إسلاميا في وجه قوة عظمى أجنبية، تستغل قوتها العسكرية للإطاحة بزعماء عرب ولإضعاف الشعوب العربية". وأوضح أنه باستثناء محافل في اليسار المتطرف، ينظرون في (إسرائيل) بقلق التدهور العسكري الأمريكي وفقدان السيطرة عما يجري في العراق" مشيرا إلى وجود "اتفاق في الرأي على أن تعميق المعارك من شأنه أن يجر إلى حرب أهلية ومحاولة تدخل إيراني ترمي إلى استبدال الأمريكيين". وقال إن ما وصفه ب"التدهور العسكري في العراق من شأنه أن يضعضع، حسب احد التقديرات، الردع الأمريكي بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص". مشيرا إلى أن "رجال استخبارات في إسرائيل يعتقدون أنه ستكون حاجة لإعادة فحص تقديرات إسرائيل بشأن المتوقع في الشرق الأوسط في السنة القريبة القادمة، إذا ما جرى في العراق تدهور آخر وتعاظمت في واشنطن الأصوات الداعية إلى هجر الدولة والتخلي عن الطموح لإقامة نظام ديمقراطي فيها. مثل هذه الإمكانية تحتمل أيضا إذا ما نجح رئيس جديد في واشنطن، فعرض سياسة جديدة". وخلص الخبير الإسرائيلي إلى أن "في الحالتين فإن الردع الأمريكي من شأنه أن يتصدع ومثل هذا التطور سيشجع عناصر متطرفة في الشرق الأوسط - مثل إيران، سوريا، حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي. ولهذا السبب فان لإسرائيل مصلحة في أن يكون النصر الأمريكي واضحا، وان تصعد في العراق إلى السلطة محافل معتدلة وبرغماتية لا تشكل خطرا على جيرانه وعلى المنطقة وتكون مستعدة للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب الدولي". وأوضح أن الأوساط الإسرائيلية قدرت منذ زمن بأنه كلما اقترب موعد الانتخابات في الولاياتالمتحدة، سيتعاظم جهد المحافل المتطرفة في العراق لضرب القوات الأمريكية، ومحاولة الإكثار من القتلى، وخطر تعميق حرب العصابات والإرهاب. هكذا يكون بوسع هذه المحافل التأثير على الانتخابات والمساهمة في سقوط الرئيس جورج بوش. والى جانب الانتخابات، يقترب أيضا الموعد المخطط له لنقل السلطة الى الحكومة العراقية المؤقتة. ورأى شيف أن "هذان الموعدان يؤثران اغلب الظن على قرارات الثائرين في العراق، سُنّة أم شيعة. ومدى النجاح الأمريكي سيتقرر ليس فقط استنادا إلى الخطط العسكرية، بل أيضا وفقا للسبيل الذي سيحاولون فيه منع انتفاضة مشتركة سُنية – شيعية" حسب تعبيره. وتابع أنه "بقدر ما يزداد عدد المصابين في أوساط مواطني العراق، هكذا سيكون من الصعب على الأمريكيين تحقيق هذا الهدف". فلسطين- عوض الرجوب