كانت معركة المشروعية جزءا من الحرب الدائرة في العراق، فقوات الاحتلال الأمريكي تحاول جاهدة إضفاء الشرعية على عملية السطو المسلح التي قامت بها ضد بلد ينتمي إلى الأمة الإسلامية، بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، يعرف العالم كله اليوم زيفها، وإمعانا في فرض الرؤية الأمريكية على العالم يسوق الاحتلال مفهوم الإرهابويلصقه برجال المقاومة الذين رفضوا الدخول إلى بيت الطاعة الأمريكي، وبالتالي نزعت منهم الشرعيةوأصبحوا في نظر أمريكا مخربين وأشرارا ومارقين. وتصاعد المقاومة العراقية هذه الأيام كان مادة هذه التصريحات التي شارك فيها بعض الفاعلين في المجتمع الأهلي الذين أجمعوا على مشروعية المقاومة وعدم شرعية الاحتلال العسكري، الذي يمهد لاحتلال اقتصادي دائم، وتشير التصريحات إلى أن ثقافة المقاومة هي السلاح الوحيد الذي يمكننا كشعوب مقهورة من الاستمرار في الحياة، كما أكدت التصريحات أن شعوبنا لا ينبغي أن تعفى من مسؤولية توفير الدعم والاحتضان للمقاومة العراقية والمشاركة في شرف التصدي للغزاةالأمريكيين بجميع الوسائل. عبد الحميد الأمين (رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان) نحن كجمعية مغربية لحقوق الإنسان سبق لنا أن أدنا احتلال العراق من طرف القوات الأمريكية، واعتبرنا تلك الحرب غير مشروعة، وبالتالي فنحن نعتبر أن مقاومة الشعب العراقي للاحتلال هي مقاومة مشروعة، وهدفها مشروع، وهو تمكين الشعب العراقي من تقرير مصيره، ولهذا فنحن لا يمكننا إلا أن ندعم هذه المقاومة المشروعة، وقد سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان باعتبار التشابه الحالي بين القضية الفلسطينية والقضية العراقية، أن دعت إلى تشكيل شبكة وطنية لدعم العراق وفلسطين باعتبار أن المشكل أصبح مشكلا واحدا، وهو مشكل مناهضة الاستعمار، والموقف المبدئي للجمعية هو موقف مساندة المقاومة ضد الاحتلال. السعيد خالد الحسن (أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط) يجب أن ننظر إلى ما يجري في العراق على أنه قضية احتلال، بمعنى آخر قضية مقاومة الاحتلال قضية شرعية ومشروعة ولا يصح أن تكون موضوع مناقشة، ومشروعية أي أمر واقع في العراق، إنما ينبع من التسليم بمشروعية هذه المقاومة... فالموضوع الآن ليس دكتاتورية صدام وديموقراطيته، بل حتى تقييم صدام حسين هو موقفه من هذه المقاومة، فكونه يمثل عنصر من هذه المقاومة، من هنا تنبع مشروعيته، وكونه لا يمثل عنصرا من المقاومة ينهي مشروعيته، وصدام من الناحية القانونية الدولية هو رئيس العراق ذا المشروعية، بغض النظر عن شرعية هذه المشروعية. ومن ناحية أخرى فما يجري في العراق ليس مجرد احتلال عسكري مؤقت، إنما هو تمهيد لاحتلال اقتصادي دائم، وأدواته بيع العراق تحت شعار الخصخصة، وما يسمى إعادة الإعمارليس في الحقيقة إعادة إعما بل نوع من تنظيم عملية نهب البلد تحت شعار الخصخصة وغزو الشركات الخارجية، بما فيها خصخصة قطاع النفط. واللافت للنظر في هذا الموضوع التحذيرات التي تصدر من الجانب التركي بالرغم من علاقاته الرسمية الخاصة جدا مع الكيان الصهيوني في فلسطين، تحذر من التغلغل المتنامي لأطراف إسرائيلية في شمال العراق، وهذا الاحتلال العسكري المؤقت سينتهي بإيجاد قواعد عسكرية تكون دائمة، لكنه يمهد أيضا لتبعية ثقافية وفكرية بالنسبة للعراق تحت الشعار الزائف للديموقراطية التي يتشدق بها الأمريكيون وأتباعهم. وعندما يتحدث بريمر عن ضرورة إفساح المجال للمنافسة الشريفة بين الأطراف الإقليمية فإنه يعني إسرائيل. وفي مواجهة كل هذا نلحظ (ولله الحمد)أن المقاومة العراقية تتصاعد، وما يلفت النظر هو حجم وعمق تصاعدها، فعندما يضرب فندق بغداد أو مراكز للقيادات العسكرية الأمريكية من بطاريات الكاتيوشا وهي في حجم شاحنة متوسطة؛ فأن تدخل مسافة كيلومترات إلى بغداد وإلى قرب مقرات القيادة، وتضرب بالرغم من الوجود الكثيف لقوات الاحتلال والمراقبة الإلكترونية. وهذا يعني أن المقاومة بلغت مدى طويلا، وأن الاحتلال في مأزق لأنه لم يكن يخطط إلى شيء بهذا المستوى، وقد اعترفوا بذلك وفاجأتهم المقاومة بهذا الشكل وبهذا العمق. الخلاصة أنه إذا أراد الاحتلال العسكري المؤقت أن يمهد للاحتلال العسكري الدائم وإنشاء قواعد عسكرية دائمة فإن العراق ليس جثة هامدة بل هو بؤرة مقاومة مشتعلة، ونحن في الرباط نسمع صرخات المقاتلين العراقيين في بيوتنا وحقولنا. فالمقاومة العراقية ومعها الفلسطينية مشتعلة الآن، وهي تشكل الأمل في إنهاء هذا الطغيان الاستعماري المحيط بالمنطقة، والمعركة الدائرة الآن في حقيقة الأمر على أرض العراق و فلسطين، ستكون مصيرية بالنسبة لمصير الطغيان الأحادي القطبية على مستوى المنطقة وعلى المستوى الدولي أيضا. وهنا أؤكد على قضية أساسية وهي أنه لا يمكن النظر إلى الحرية بأبعادها الديموقراطية عندما تكون قضية التحرر قضية على المحك، ولذلك فتحرر العراق الآن وتحرر فلسطين والتحرر السياسي لأمتنا بشكل عام من التبعية السياسية والاقتصادية لها الأولوية الآن على قضية الحرية، أو بمعنى أدق إن شعارات الحرية يجب أن توظف في إطار التحرر والأهداف والمتطلبات التي تتطلبها معركة التحرر من الطغيان والاحتلال والتبعية الأمريكية، فمن وجهة النظر اللبرالية ذاتها لا يمكن للديموقراطية أن تمارس في إطار التبعية والاستعمار إلا عندما تكون ديموقراطية الثورة على التبعية والاستعمار. عبد الإله المنصوري (مبادرة دعم الشعبين العراقي والفلسطيني / الدارالبيضاء) لقد أصبحت عمليات المقاومة العراقية تتحول تدريجيا إلى حرب تحرير شعبية شاملة، مما ينذر قوات الاحتلال الأمريكي بمستنقع دموي يحيي ذكرياتها في فيتنام التي مرغ أبطالها أنوف الأمريكيين في التراب، وبعيدا عما تروجه أبواق الدعاية الأمريكية والصهيونية، من أخبار زائفة، تحاول من خلالها رفع معنويات جنودها التي وصلت للحضيض، مما يؤكد بداية استعادة القوى الحية داخل المجتمع العراقي لزمام المبادرة وسحبها من قوا ت الاحتلال، وهو ما تؤكده المؤشرات التالية: ارتفاع عدد قتلى جنود الاحتلال إلى4000 قتيل منذ اندلاع العدوان في فترة تقل عن 8 أشهر بحسب التصريحات الأمريكية الرسمية. الاحتضان الشعبي الواسع للمقاومة وعملياتها، وهو ما تظهره الصور التي تنقلها الفضائيات عقب كل عملية للمقاومة، حيث يتجمع المواطنون العراقيون ويكملون مهام المقاومين عبر إحراق ما تبقى من آليات بعد هرب جنو د الاحتلال من المعارك، مما يسقط أوهام المحتلين التي كانت تروج لمقولة أن الشعب العراقي سيستقبلهم بالورود والزغاريد. الضربات الموجعة التي توجهها المقاومة يوميا لعملاء الاحتلال في الأجهزة التي شكلها الغزاة. تأثير تصاعد عمليات المقاومة العراقية الواضح، على رفع معنويات الشعب الفلسطيني المظلوم والأمة العربية والشعوب الإسلامية، وتأكيدها على إمكانية التصدي الناجح للغطرسة الأمريكية في ظرف تروج فيه أدوات الدعاية الأمريكية والصهيونية الناطقة بالعربية لمقولات تبث ثقافة الهزيمة والاستسلام، وتبشر بتحول الهيمنة الأمريكية إلى قدر لا يمكن مقاومته وينبغي التعامل معه باعتباره أمرا واقعا لا يمكن التخلص منه. مساهمة عمليات المقاومة العراقية في نقل المعركة إلى قلب المجتمع الأمريكي، فأصبحت الأصوات ترتفع داخله مطالبة قادة مجرمي الحرب داخل البيت الأبيض بإعادة النظر في سياساتهم التي أصبحت تجلب لأمريكا كراهية العالم، خاصة احتلالها للعراق وحمايتها لكيان الإرهاب الصهيوني في فلسطينالمحتلة. وبكلمة، فقد آذنت عمليات المقاومة في العراق الشامخ إذن ببداية فجر جديد للعرب والمسلمين تتخلص فيه الإنسانية من الإرهاب الأمريكي الصهيوني الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ، غير أن هذا لاينبغي أن يعفي شعوبنا من مسؤولية توفير الدعم والاحتضان للمقاومة العراقية والمشاركة في شرف التصدي للغزاة الأمريكيين بجميع الوسائل حتى يضيق الخناق على المحتلين وينسحبوا من أرضنا العربية والإسلامية المغتصبة لنتمكن من ممارسة سيادتنا عليها، ونتحكم في ثرواتنا الطبيعية، ونصوغ مشروعنا النهضوي الذي لن نستطيع بناءه دون التصدي للغزاة الأجانب، أمركيين كانوا أم صهاينة. حياة التيجي (مشاركة في وفد الدروع البشرية) لقد التقطت القوى الحية وعناصر المقاومة، في بغداد الرشيد، أنفاسها لتخرج كطائر الفينيق من تحت الرماد وتكبد أقوى جيش لأقوى دولة في العالم خسائر لم تكن في الحسبان. وفجأة بدأ رامبو يرسل نداءات الاستغاثة هنا وهناك، معللا المأزق الذي أوجد نفسه فيه بضرورة مشاركة الجميع في إعادة إعمار ما دمرته آلته الجهنمية. فمع مرور الوقت يزداد المأزق تعقيدا، كما أن تصاعد المقاومة وتدهور الأمن حول المعركة إلى كمين فعلي لجنود الاحتلال. وعبثا تحاول الإدارة الأمريكية إضفاء الشرعية على احتلالها للعراق مبشرة بإرساء دعائم الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان. لقد خلخلت المقاومة العراقية الاعتقاد الأمريكي بأن الانتصار سيكون ساحقا ونهائيا، ولم تتصور الإدارة الأمريكية أن فيلم الرعب الذي بدأته تحت عنوان الصدمة والذهول ستصبح بنفسها موضوعا له وستنتهي حلقاته إلى مستنقع تغرق فيه يوما بعد يوم. وهكذا بدأ الحديث عن فيتنام ثانية لم ينفع في التخفيف منها ذلك المجلس المعين من طرفها والمعدوم السيادة لدرجة إدانته للمقاومة الباسلة، وهي الإدانة التي رددتها العمائم السوداء والبيضاء على حد سواء واصمة إياها بالارهاب!! وحدها المقاومة تدمر الاحتلال وتفرض شروط التحرر والاستقلال، ووحدها المقاومة تجعل الإنسان يشعر بإنسانيته، أما غير ذلك فلا يمكن أن يكون إلا خنوعا ومذلة وهوان. وعندما تجرد الشعوب المستضعفة من كل حقوقها ويمارس عليها إرهاب الدولة، يبقى السلاح الوحيد لديها هو المقاومة. لكن هذا الحق الذي تضمنه كافة الشرائع يراد مصادرته من الشعوب المستضعفة من خلال تلبيسه بالإرهاب، وبقدرة قادر أصبحت المقاومة في فلسطين إرهابا والمقاومة في العراق تخريبا، لكن هذين النموذجين من المقاومة يرجع لهما الفضل في هز أركان القوى الكبرى في العالم وكشف المستور من زيف الشعارات والمبادئ وألقي التي تدعي قوى الاستكبار تبنيها من قبيل حقوق الإنسان وحقوق الشعوب. عندما دقت طبول الحرب المدمرة في العراق بزعامة أمريكا كنا كوفد للدروع البشرية قد دخلنا بغداد متهبين لأجواء الحرب، وكم كانت دهشتنا كبيرة لتلك الروح المعنوية العالية لدى المواطن العراقي الذي كان يصرح لنا بكل تلقائية بأنه مستعد لمقاومة الأمريكان إلى آخر رمق. وعندما عدنا إلى المغرب وكانت الأمور قد انتهت إلى ماانتهت إليه ودخل الجيش الأمريكي إلى بغداد بادر الكثيرون ممن أعرفهم إلى القول :أهؤلاء هم العراقيون الذين حدثتنا عنهم كيف استسلموا بهذه السهولة؟ .كانت هذه الأسطوانة رائجة لدى الكثيرين غير أنني وانطلاقا من معاينتي من تعرفي الشخصي على عدد من المواطنات والمواطنين العراقيين... كنت استمع إلى صوت آخر وإلى أسطوانة أخرى وأقول: لا تصدقوا تلك الصور التي أمطرتنا بها الفضائيات، فالحقيقة غير ذلك وستفاجئكم. ولم يمض على دخول الدبابات الأمريكية إلى بغداد أكثر من شهر حتى كانت الشرارة الأولى للمقاومة. وها هي اليوم تكبد العدو المحتل أفدح الخسائر. لقد علمتنا المقاومة في جنوب لبنان وفي فلسطين واليوم في العراق بأن ثقافة المقاومة هي السلاح الوحيد الذي يمكننا كشعوب مقهورة من الإستمرار في الحياة إلى أن يحين وقت الفعل في حركة التاريخ حيث تكتمل الشروط لقول الكلمة الفصل لذلك لابد أن يولى لثقافة المقاومة عناية خاصة تبتدئ من المراحل الأولى للتربية حتى نتمرس على الالتزام بها ورفض الاستسلام للنوازع والمغريات والضغوطات والإكراهات يجعله في مأمن من كافة الاختراقات وعلى رأسها ثقافة الانهزام والإستسلام التي سقط في شراكها بعض مثقفينا وسياسيينا حتى أصبح الواحد منهم ينطق بلسان حال الإدارة الأمريكية والمتصهينين منها ناعتين المقاومة المسلحة بالعنفوالعمل الإرهابي فمتى كانت مقاومة الاحتلال إرهابا وفي أي شرع هي كذلك؟! إ.العلوي