إن ما تعيشه الجامعة اليوم هو صورة مصغرة لما هو عليه الحال في المجتمع المغربي: استياء عام وقلق متزايد واحتجاجات للطلاب والأساتذة والموظفين من جهة، وارتباك وغموض الرؤية وضيق الحسابات وطغيان الهاجس الأمني وتمركز القرارات في يد فئة قليلة. وليست الوضعية، التي جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين وقوانينه المؤطرة ليكرسها وليدة اللحظة أو مقطوعة عن محيطها العام بل هي حصيلة حقيقية للسياسات الفاشلة المتعاقبة والتي أوصلتنا إلى الباب المسدود. نحن نحصد الأشواك التي زرعها ويزرعها أصحاب القرارات الذين كلفوا أنفسهم بصياغة السياسات دون إشراك المعنيين فيها. فالسؤال هو غياب الإجابات الكبرى والاختيارات الأساسية في إطار مشروع مجتمعي واضح المعالم والصور، وغياب إرادة حقيقية للتغيير والتطور نحو الأفضل. ولهذا نجد المسؤولين يقررون ما شاءوا ويلغوا ما شاءوا ويصرحوا بما شاءوا وقت ما شاءوا من دون التفكير في التبعات حتى وإن كانت قراراتهم أو تصريحاتهم مناقضة لمعطيات الواقع أو إرادة العموم كما فعل مؤخرا المنصب وزيرا للتعليم العالي الذي اعتلى جبل حقيقته المطلقة وقال بأن الإصلاح يجري في ظروف عادية في الوقت الذي تعرف كل ربوع الجامعات، الموجودة مباشرة في سفح جبله، الاحتجاجات الواسعة ومقاطعة الامتحانات والتي أعقبتها أحداث واعتقالات في مراكش والجديدة وفاس ومكناس وأكادير ووجدة والبيضاء. وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية للإصلاح الجامعي الجديد فأعتقد أنه لن يكون مصيره أحسن من سابقيه، وأرجو أن لا أكون متشائما، فهو لن يزيد إلا في تكريس الأزمة وإعادة إنتاج شروطها، فالمؤشرات والإحصاءات تدق ناقوس الخطر منذرة بكارثة قادمة، في ظل إصلاح أساسه تملص الدولة من نفقات التعليم وحرمان الطالب من حقوقه المشروعة في المنحة والسكن والتغطية الاجتماعية، وتكريس التسيير الفرداني لدواليب الإدارة واعتماد نظام بيداغوجي لا يناسب إمكانيات جامعتنا ولا مستوى عيش شعبنا. لذا على الفصائل الطلابية وباقي أطراف العملية التعليمية والهيئات السياسية والحقوقية والجمعوية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه ما يطبق في الجامعة، وأن تنهض لإنقاذ الجامعة والتعليم العالي. ونرى لذلك مدخلين أساسيين: مدخل تنظيمي بتقوية منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتمتين هياكلها وتجسير العلاقة بين الفصائل العاملة في ساحة الجامعة. ثم مدخل مجتمعي من خلال تفعيل النداءات المتكررة بتشكيل جبهة مجتمعية لإنقاذ الجامعة.