صدق حدس المهتمين والرأي العام حول آفاق التطبيع في مبادرة ليبيا بالتخلي عن مواصلة الجهود لتطوير برنامج نووي. فقد نقلت صحيفة السياسة الكويتية عن مصادر دبلوماسية أوروبية فى فيينا أن مسؤولين ليبيين وصهاينة التقوا فى فيينا الجمعة الماضي بحضور دبلوماسي أميركي كبير فى السفارة الأمريكية واتفقوا على قيام وفد صهيوني مشترك من وزارتي الخارجية والدفاع ومن الاستخبارات الخارجية الموساد بزيارة لطرابلس فى النصف الثاني من هذا الشهر من أجل بحث إنهاء العداء بين النظام الليبي والحكومة الصهيونية وإقامة علاقات طبيعية بينهما. ونسبت المصادر إلى دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين فى فيينا قولهم إن انهاء العداء بين ليبيا والكيان الصهيوني كان من بين البنود الكثيرة التى جرى التفاوض حولها طوال الأشهر التسعة الماضية بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وليبيا التى انتهت فى أواخر العام الماضي بإعلان القذافي المثير للجدل التخلي عن اسلحة ليبيا للدمار الشامل وأن الليبيين لم يترددوا أبدا بالنسبة لتحسين العلاقات مع الصهاينة حين طرح عليهم هذا الاقتراح . وكشف هؤلاء الدبلوماسيون الأمريكيون والبريطانيون النقاب عن أن دولة قطر ساهمت مساهمة فعالة فى منتصف العام الماضي وفى غمرة هذا التفاوض الغربي مع ليبيا فى وضع بند المصالحة الليبية الصهيونية بين البنود المتقدمة وأن وزير الخارجية القطري وسفيره فى طرابلس لعبا دورين نشطين جدا فى تهيئة النفسية الليبية الرسمية لتقبل الاقتراح الأميركي البريطاني حول إنهاء العداء . وقالت المصادر الديبلوماسية الأوروبية أن نجل القذافي سيف الإسلام ومدير الاستخبارات الليبية موسى كوسا التقيا مسؤولين صهاينة سياسيين وأمنيين أكثر من مرة فى لندن وجنيف خلال شهري غشت ونونبر الماضيين بمساعدة قطرية ما يمكن أن يكون مهد للقاء فيينا الحاسم الأسبوع الماضي والاتفاق على زيارة الوفد الصهيوني إلى طرابلس . ونفى مسؤول بريطاني في حكومة توني بلير أمس علم حكومته بقيام مدير الاستخبارات الصهيونية الخارجية الموساد بزيارة سرية إلى ليبيا فى دجنبر الماضي كانت بعض التقارير الاستخبارية الألمانية أكدتها قبل أسبوعين إلا أن المسؤول هذا رفض التعليق على موضوع لقاء فيينا بين الصهاينة والليبيين بحضور أمريكي مكتفي بالقول أن بلاده تأمل فى تحسن العلاقات بين طرابلس وتل أبيب فى أقرب وقت . ونقلت صحيفة السياسية عن مصادرها في فيينا أن مصر استشيرت منذ البداية من واشنطنولندنوطرابلس بما ينوي الرئيس القذافي الإقدام عليه وباركت هذه الخطوات الليبية وشجعت طرابلس على المضي بها حتى النهاية كما شجعتها على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني مستغلة بذلك الإشارات الإيجابية الكثيرة التي أطلقها القذافي حيال تل أبيب واليهود خلال العامين الماضيين . وقالت أن مصر قامت بمحاولات جادة لإقناع نجل القذافي سيف الإسلام ذي التأثير الكبير على والده بتوقيع معاهدة تسوية مع الكيان الصهيوني . ونقلت المصادر الأوروبية عن الدبلوماسيين الأميركيين فى فيينا تأكيدهم أن موضوع تطبيع العلاقات الليبية الصهيونية كان من أهم بنود الصفقة التي عقدت مع القذافي بعد بندي نزع أسلحة الدمار الشامل وفتح الأراضي الليبية أمام وجود عسكري واقتصادي شركات نفط اميركية وبريطانية في الأراضي الليبية . من جانب آخر، جدد الرئيس الأميركي جورج بوش قرار العقوبات المفروضة على ليبيا منذ عام .1986 وقال في بيان صادر عن البيت الأبيض إن الأزمة بين الولاياتالمتحدة وليبيا لم تحل نهائيا رغم وجود بعض التطورات الإيجابية. وأوضح أن واشنطن تأمل في تحسين العلاقات مع طرابلس إذا التزمت بتعهداتها إزاء نزع أسلحة الدمار الشامل، وباتخادها خطوات ملموسة لعلاج أسباب القلق الأميركي . وكان بوش أشاد بالإعلان الليبي المفاجئ يوم 19دجنبر المنصرم تخلي طرابلس عن برامج تسلحها وفتحها لمنشآتها أمام المفتشين الدوليين. وأعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، من جانبه، أن مسؤولية بريطانيا في الوقت الحالي هو مساعدة ليبيا على الانضمام بشكل كامل إلى المجتمع الدولي، ويأتي هذا الإعلان بمنسبة الدعوة الموجهة من وزير الخارجية البريطاني إلى نظيره الليبي عبد الرحمن شلقم لزيارة لندن لاجراء مباحثات حول ملف اسلحة الدمار الشامل. وفي موضوع متصل، أفاد تقرير لإسلام أون لاين أن يهود ليبيا يعتزمون رفع دعوى قضائية على الزعيم الليبي معمر القذافي يطالبون فيها باسترداد ما زعموا أنه ممتلكات تركوها عقب هجرتهم من ليبيا، فيما يبدو أنه استغلال للأجواء التي أعقبت إعلان طرابلس استعدادها للتخلي عن أسلحة الدمار الشامل، وقبولها دفع تعويضات لضحايا الطائرة البريطانية التي سقطت فوق لوكيربي. وقالت صحيفة معاريف الصهيونية الناطقة بالعبرية الإثنين 512004: إن منظمة أليجي اليهودية بالولاياتالمتحدة بدأت في جمع طلبات الدعوات القضائية التي ينوون تقديمها ضد الحكومة الليبية أمام المحاكم الأمريكية. وأضافت أنه بعد أسبوعين من إعلان الرئيس الليبي تخليه عن أسلحة الدمار الشامل، ظهرت في الأفق دعوة جديدة من قبل يهود ليبيا للضغط على ليبيا للحصول على أموالهم، ولم تشر الصحيفة إلى عدد هؤلاء اليهود. وأوضحت معاريف أن منظمة أليجي المعنية باليهود المهاجرين من ليبيا سوف تتزعم رفع العديد من الدعاوى القضائية الضخمة للمطالبة بتعويضات عن أموال وممتلكات يهود ليبيا المهاجرين من ليبيا إلى الولاياتالمتحدة وإسرائيل قبل سنوات. وزعمت الصحيفة نقلا عن مصدر في المنظمة اليهودية أن القيمة المبدئية لهذه التعويضات تتجاوز عشرات الملايين من الدولارات، وأنها موجودة الآن بحوزة الحاكم الليبي. وقالت معاريف: إن هذه المنظمة ستحتفل هذه الأيام بمناسبة إنشاء 100 عام على بدء النشاطات الصهيونية ليهود ليبيا، كما ستحتفل بمرور 50 عاما على ذكرى أول هجرة ليهود ليبيا إلى إسرائيل. عبد الرحمان الهرتازي