إن نظرة متأملة في واقع المشهد السمعي البصري ببلادنا تكشف بجلاء عن عمق الهوة الفاصلة بينه وبين هموم الأمة، فلا أحد يشك أن قناتينا التلفزيتين تغردان خارج السرب، وتتجاهلان واقع الشعب المغربي بكل أبعاده ومجالاته فكلتاهما تمارس سياسة اللامبالاة وتكرس منطق ما أريكم، إلا ما أرى، وما أهديكم، إلا سبيل الرشاد. وفي هذا الصدد سنطرح مجموعة من الأسئلة/الافتراضات علما أننا لا ننتظر الجواب وسنحصر القول في إعطاء مثل من الحركات الاحتجاجية التي تعم عاصمة البلاد في هذه الأيام والتي لم تحظ بأية تغطية إعلامية من القناتين بالرغم من امتدادها في الزمان والمكان وكثافة عدد المحتجين (المعلمون العرضيون، ضحايا شركة النجاة، مجموعة الدكاترة المعطلون...) فماذا لو أن كاميرة القناة الأولى أطلت من شرفة البرلمان يوم تقديم التصريح الحكومي فغطت هذه الحركات الاحتجاجية المتأججة أمام البرلمان؟ ماذا لو أجرت استجوابا مع هؤلاء الشباب واستمعت لهمومهم ومشاكلهم ولو من باب امتصاص الغضب؟ أليس من حق الشعب التعبير عن همومه وانشغالاته عبر قناته؟ أم أن الأمر لا يستدعي تغطية مثل هذه الأحداث حتى لا تشنف قناتنا آذان القوم وتعمي أبصار هم بما لا يرضون من القول والصورة؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك إذ لابد من أخذ تصريح واستئذان قبل اتخاذ مثل هذه الخطوات خاصة وقد تبين أن قناتنا لا تملك من أمرها شيئا. وإلا فلما يا قناة بلامراد تمنعين عنا "فارس بلا جواد؟". أما قناة "للا فاطمة" فيا غرابة ما وقع ويقع فيها من استهتار بمشاعر المشاهدين في هذا الشهر المبارك. كان من المفروض أن تتنافس قناتنا الثانية التائهة، في نقل الأخبار وتغطية الأحداث لتنوير الرأي العام خاصة أن تلك الاحتجاجات في عقر دارها ولن تحتاج إلى إنفاق الملايين للوصول إليها. كما أنها لن تجشمها أعباء السفر لتقصيها كما تجشمته في تصوير أتفه مسلسل وأغباه إنتاجا بأغلى تكلفة. أليس من حق أبناء الشعب المظلومين الذين يطالبون بحقوقهم في إطار حضاري الالتفاف إليهم ومساندتهم؟ أليس من الظلم تغطية أخبار تافهة من هنا وهناك، بينما يغض الطرف وتمارس تغطية معتمة على قضايا مصيرية للشباب؟ هل ما قامت به القناة الثانية من تغطية "لأغطية" العرضيين في مقر اعتصامهم دون القيام بتغطية وقفاتهم أمام مقر الوزارة الوصية، له ما يبرره؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تصويرا لإحدى المشاهد التقديمية لمسابقتها التافهة "إلا قَلّعْتي أشْنُو". محمد بويهرين