حمل مسؤول من داخل الشركة رفض الكشف عن اسمه مسؤولية الحريق الذي عرفه معمل المحمدية لتكرير النفط إلى المدير العام لشركة لاسامير السيد عبد الرحمن السعيدي الذي اتخذ قرارا انفراديا بإتمام العمل بوحدات الإنتاج في وقت توصلت الشركة يوم الخميس الماضي بتحذير يؤكد على ضرورة إيقاف الأشغال تجنبا لوقوع أي كارثة اجتماعية. وقال المصدر المطلع "وكانت وحدات الإنتاج تحتاج إلى 48 ساعة من التوقف على الأقل لاسترجاع الحرارة العادية بدل الحرارة المفرطة التي تكون عليها هذه الوحدات أثناء الإنتاج"، وأضاف "وعبد الرحمن السعيدي وزير الخوصصة السابق يشهد له بالكفاءة في مجال المحاسبة لكنه بعيد كل البعد عن ميدان الإنتاج وليست له دراية بهذا المجال". وأكد المصدر المطلع أن المعمل لم يتوقف عن العمل حتى الساعة الخامسة من يوم الإثنين الماضي (يوم الحريق)، في وقت كان الماء قد غمر المعمل عن آخره، مما جعل كرات الهيدروجين وهي مواد قابلة للاشتعال تطفو على السطح وتمتص الحرارة العالية التي عليها وحدات الإنتاج في مكان هذا الحريق المهول. وأرجع المصدر نفسه حقيقة اندلاع الحريق إلى غياب الصيانة المطلقة لوحدات الإنتاج، التي تشهد في الكثير من الحالات تسرب الأطنان من المواد الخام إلى الخارج، وهي مسألة تهدد باشتعال النار في أي لحظة. وقال >وهذا المشهد يتكرر ويشكل قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة وفي أي دقيقة<. وأشار إلى أن هناك خصاصا كبيرا في فئة التقنيين المتخصصين في ميدان الصيانة، وكذا قطاع الغيار التي تحمي تسرب المواد الخام من وحدات الإنتاج. وعن حالة المعمل الحالية قال المصدر ذاته >إن المعمل لا يمكن له أن يشتغل إلا بعد 3 أشهر على الأقل مشروطة بعملية إصلاح دائمة ومتصلة ليل نهار<. وأضاف إن الإنتاج متوقف وسيلجأ المغرب إلى الاستيراد ربما لسد الخصاص الحاصل في هذا الميدان. هذا ونشير إلى أن معمل المحمدية لتكرير النفط التابع لشركة سامير يعد المحطة الوحيدة المكلفة بتزويد المغرب من المواد النفطية ومشتقاتها. وأكد المصدر المطلع أن الحريق تسبب في تفحم جثتين، وخسائر مادية ضخمة، واصفا إياها بالخسارة المهولة والكارثة الوطنية. وقال المصدر نفسه "إن الحريق المهول الذي وقع في المعمل هو ثمن خوصصة الشركة" وأضاف >نحمل كامل المسؤولية للدولة التي أقدمت على الخوصصة، وبالتالي إهدار الثروة الوطنية التي هي ملك الشعب المغربي"، وأوضح ذات المصدر أن كارثة أخرى وقعت يوم 16 نونبر 2002 تمثلت في ضياع قرابة 58 ألف طن من المواد الخام بسبب انفجار حوض جراء غياب الصيانة، وقال "والمتفقد لحالة المكان يلحظ أن المواد البترولية تغمر المعمل عن آخره، بل أكثر من ذلك فقد وصلت إلى المركب المجاور للمعمل". وقد استمرت أعمدة الدخان متصاعدة في سماء المحمدية إلى حدود زوال أول أمس الثلاثاء، وذلك بفعل النار التي بقيت مشتعلة في الوحدة رقم 21 الخاصة بالزيوت، وأكد لنا أحد العاملين بلاسامير أن النار استمرت في الاشتعال لأنها في هذه الوحدة لا تطفأ بالماء، وتحتاج لمادة خاصة (La mousse) كي تنطفئ. وعزا نفس المصدر خلو الشركة من تلك المادة الحيوية إلى أن الأسبوع الماضي قد عرف مشكلا مشابها وربما استنفذت المادة المتبقية مما اضطر المسؤولين في الشركة إلى جلبها من خارج المدينة وفعلا شوهدت شاحنتان محملتان بتلك المادة تدخلان المصفاة صباح أول أمس الثلاثاء. وكان سكان دوار عمر لاسامير بالمحمدية مضطرين إلى إضرام النار في بعض إطارات السيارات قرب منازلهم للفت انتباه رجال الإنقاذ! الذين لم يولوهم أي اهتمام حيث انشغل الجميع بحرائق المركب الذي اشتعل مساء يوم الإثنين 25/11/2002 تاركين أكثر من 80 أسرة تضم حوالي 600 نسمة تواجه مصيرها لوحدها أمام المياه المتدفقة بقوة على الدوار المذكور وقد أفادنا السكان في عين المكان بأنهم أنقذوا أنفسهم بأنفسهم، وأنهم لما طالبوا القائد الذي زار الشركة بتزويدهم بقارب مطاطي رفض الاستجابة لهم!! وشرع سكان دوار لاسامير في الاحتجاج صباح أول أمس الثلاثاء عند زيارة أحد كبار رجال الأمن الذي غادر المكان بسرعة مع تصاعد الاحتجاجات، حيث كان المتضررون يشكون من الإهمال التام وعدم القيام بأي زيارة تفقدية كما يفعل المسؤولون كلما حلت كارثة بمنطقة ما. وفي السياق ذاته صرح أحد السكان المتضررين ل"التجديد" بأن هذه أول مرة يقع فيها هذا الحجم من الخسائر، وأضاف آخر أن هذه المرة كان الوحل كثيرا جدا ودخل كل البيوت و"البراريك". والتقت "التجديد" في عين المكان النائب البرلماني نور الدين قربال الذي أوضح لها بأنه اتصل بالوزير الأول وأخذ منه وعدا بأنه سيعلن رسميا اليوم الخميس عن الشروع في بناء سد ثان بالمدينة ليقيها من أضرار غزارة تهاطل الأمطار. إلى ذلك أصدر المكتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بيانا إلى سكان المحمدية أوضح فيه بأنه بناء على الفيضانات المهولة التي عمت مدينة المحمدية اتصل النائب البرلماني ذ. قربال في حينه بالسيد الوزير الأول من أجل التدخل السريع للحيلولة دون استفحال الأزمة، حيث أعطى السيد الوزير الأول أوامره لدعم الوقاية المدنية وذلك بإرسال تعزيزات لإنقاذ المتضررين بعد أن شب الحريق بمصفاة البترول لاسامير ورفض سكان دوار لاسامير اقتراح أحد كبار المسؤولين القاضي بانتقالهم إلى حي النصر السنة الماضية وذلك بحجة أنه حي يضم "المنحرفين"!! وقام كل من والي ولاية الدارالبيضاء الكبرى وعامل صاحب الجلالة على عمالة المحمدية بزيارة تفقدية للمنطقة والوقوف على أشغال انتشال الصهاريج التي جرفتها المياه، وصرح لنا السيد ادريس بن هيمة في عين المكان بأنه قد تم تحديد 140 مترا مكعبا في الثانية كنسبة قابلة للسيطرة عليها، مضيفا أنه من أجل تحقيق هذا الهدف فقد قامت "ليدك" ببعض الأشغال أعطت نتيجتها مقارنة مع السنة الماضية إلا أن الأمطار الغزيرة والمفاجئة التي هطلت في الأيام القليلة الماضية لم يعرفها المغرب منذ أكثر من 51 سنة. وأكد بنهيمة ل"التجديد" بأن شركة "ليدك" التي كانت في عين المكان ملزمة بإنشاء قناة تنتهي الأشغال منها في يونيو المقبل ممتدة من النهر إلى البحر وذلك لتستطيع المدينة استيعاب 041 متر مكعب. وختم بنهيمة تصريحه بأن الأمطار العادية التي تصل 140 متر مكعب ستتم السيطرة عليها واستيعابها أما الأمطار الاستثنائية فستنتظر بناء السد! ومن جهة أخرى أكدت مصادر جد مطلعة بأن السبب في الفيضانات التي أدت إلى كل هذه الخسائر المادية الجسيمة تسبب فيها ردم حفرة كبيرة كانت تستوعب نسبة كبيرة من المياه وتحاصرها ولكن أحد أعيان المدينة المعروفين أراد استغلالها ليقيم عليها بعض المشاريع (...) فكانت النتائج السلبية التي عاشتها المحمدية. وأكدت مصادر مسؤولة من داخل الشركة رفضت الكشف عن اسمها أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو لماذا وصل الماء إلى داخل الشركة؟! وأجاب المصدر ذاته بأن السبب يكمن في السد وفي تلك الحفرة التي تم ردمها طمعا في استغلالها من قبل أغنى رجل بالمحمدية!! وعندما وقفنا قرب المكان الذي أشارت إليه المصادر أكد لنا أحد رجال الشرطة الذي يقطن بالمحمدية نفس المعلومة وقال بأن لا أحد يستطيع أن يقول هذه الحقيقة مضيفا أن هذا الغني الذي له إبن في السجن قد كان أحد الأسباب التي زادت من حجم الخسائر!! وكشف أحد التقنيين من داخل لاسامير ل"التجديد" عن الأسباب الحقيقية للحريق قائلا >كان على المسؤولين إيقاف جميع الوحدات بمجرد وصول خبر إمكانية فتح السد صباح الإثنين، وذلك حتى تبرد قبل وصول المياه وهو الأمر الذي لم يقم به المسؤولون إلا بعد الساعة الرابعة مساء مما أدى إلى حمل المياه للمواد القابلة للاشتعال إلى المحطات المرتفعة الحرارة وهو ما أدى إلى الانفجارات بفعل التماس الكهربائي. وإجابة عن سؤال حول "الخطأ البشري" المتسبب في الحرائق أفادنا المصدر ذاته بأن رجال الإنقاد عندما تم قطع التيار الكهربائي استعملوا مولدا داخليا للإضاءة من أجل مساعدتهم على إطفاء الحرائق ولما سيطروا عليها تركوا المولد مشغلا تحسبا لأي طارئ ولكن المياه الغازية وصلته مما أحدث انفجارات أخرى جديدة في وحدة إنتاج الطاقة الجديدة التي احترقت عن آخرها. وقامت سيارة نقل الموتى بحمل الضحيتين عبد الله حنيني وكداري إلى مراكز الأموات. وحدثنا مصدر من داخل الشركة التي منعت جميع الصحفيين صباح أول أمس بمن فيهم القناتين المغربيتان من الدخول قائلا: إن الضحيتان كانا في غرفة المراقبة الموجودة في الطابق الأول ولما حاولا النزول حاصرتهم النيران المشتعلة فوق الماء مع الظلام الدامس الذي ساد الشركة جراء قطع التيار الكهربائي، وأصبح الضوء هو ألسنة اللهب المشتعلة في بعض المحطات والوحدات، وأضاف المصدر ذاته أن ستة من العاملين كانوا موجودين حينها في ذلك المكان فر منهم إثنان من طريق ونجوا بأنفسهم واختار الأربعة الآخرون طريقا آخر نجا منهم اثنان ولقي الإثنان الآخران مصرعهما. والتقت "التجديد" بإدارة "ليدك" في عين المكان حيث أكدت لنا أن منسوب المياه هذه السنة كان مرتفعا جدا واضطرت السيول إلى التدفق في الطرقات عندما لم تجد المجاري الخاصة بها، واقترحت "ليديك" إنشاء السد وقال مديرها العام (فرنسي الجنسية) الذي حضر إلى عين المكان مع مساعديه إنهم سيساهمون في الحل بإنشاء قناة تساعد الماء على الوصول إلى نقطة الصفر (البحر). ويشار إلى أن أحد البرلمانيين قد زار لاسامير ودوار لاسامير وبعد حوار مع السكان المتضررين طالب المسؤولين بتزويد الدوار بالماء الصالح للشرب ومضخات لصرف مياه الأمطار، كما زار مناطق المرسى والوفاء التي تعيش آثار مزرية بفعل الفيضانات، كما تم لقاء مع والي ولاية الدارالبيضاء الكبرى وعامل عمالة المحمدية ومدير "ليديك" وبعض مسؤولي الوقاية المدنية حيث تمت مناقشة الوضع العام للمدينة بالإضافة إلى زيارة دوار الوردة ودوار الحاج ومطالبة مدير "ليديك" بتزويد بعض الدواوير بالكهرباء. وبشر النائب نور الدين قربال السكان بما وعده به الوزير الأول السيد إدريس جطو حيث سيعلن اليوم الخميس عن بدء أشغال بناء السد حتى لا يبقى الخطر مهددا مدينة الزهور كلما تهاطلت على المنطقة نسبة مهمة من الأمطار. إسماعيل العلوي