خلد الإعلاميون المغاربة يوم الجمعة الماضي اليوم الوطني للإعلام. وهي مناسبة يقف فيها الإعلاميون عند واقع الإعلام المغربي في زمن أضحى فيه العالم قرية صغيرة بفضل التطور الهائل في الحقل الإعلامي سواء على المستوى التكنولوجي أو المهني. ودون شك فإن الإعلام المغربي المكتوب على الخصوص قد حقق في السنوات الأخيرة تراكمات إيجابية سواء على مستوى الكم أو على مستوى الكيف. كما أنه من الإنصاف القول إن مساحة الجرأة في تناول القضايا وتحليلها قد حققت تراكمات لا بأس بها قد يكون كثير منها إيجابيا وقد يكون منها سلبيا. لكن تلك التراكمات لا تعفينا من أن نسجل أنه من حين لآخر تظهر ممارسات تمس بحرية التعبير، ومن ذلك استمرار منع صدور بعض الجرائد أو تعرض بعضها للحجز والمصادرة وتعرض بعض الصحفيين للتضييق والملاحقة والاستنطاق. والأكثر من ذلك هو أن ما نص عليه قانون الصحافة من حق الصحفيين في الوصول إلى الخبر لا يزال أمرا بعيد المنال فضلا عن الإكراهات المتواصلة التي تضغط بقوة على المؤسسات الإعلامية ومنها الارتفاع المتواصل لكلفة الإنتاج وصعوبات التوزيع وضعف المقروئية بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن وضعف منافسة الإعلام المكتوب للإعلام المرئي تارة وحرمان بعض الصحف من الدعم الحكومي أو من الدعم غير المباشر من خلال الإعلانات الذي يبدو أنه يخضع لاعتبارات سياسية وإيديولوجية. وإذا كان هذا غيض من فيض محنة الصحافة المكتوبة فإن الأمر ليس بأحسن حال بالنسبة للصحافة المرئية، فالقناتان التلفزيتان اللتان تمولان من أموال الشعب يبدو أنهما خارج التاريخ والجغرافيا. فالثانية في حالة شرود متواصل عن ثقافة المغاربة ودينهم وقيمهم بل يبدو أنها قد انتدبت نفسها لمحاربة ما تبقى منها ويكفي الإشارة إلى ما يذاع على المغاربة الصائمين وهم مجتمعون في جو عائلي على مائدة الإفطار. أما الأولى فتخيم عليها الرتابة والكآبة كما تبدو شاردة هي الأخرى خارج التاريخ غير معنية بهموم الناس وقضاياهم وقضايا الأمة. ولذلك فلا غرابة أن تجد أغلب المشاهدين المغاربة قد هاجروا إلى القنوات العربية المتميزة ولم يبق "وفيا" لقناتينا "المحترمتين" إلا من لم يستطع الحصول على جواز المرور أي على الدش بتعبير إخواننا العرب. وكلمة أخيرة في أخلاقيات المهنة بعد حديثنا عن حقوق الإعلاميين والمشاهدين. إذ وجب الإشارة إلى أن حقلنا الإعلامي لا يزال يعاني من بعض المتطفلين ممن يعيشون على النميمة والكذب والقذف والبهتان أو ممن يتعيشون على دغدغة الغرائز الجنسية للمراهقين ولا يرقبون في أخلاق المجتمع وقيمه إلا ولا ذمة، ولا يرون للإعلام رسالة تربوية. كما أنه لا يزال مخترقا من بعض الأقلام المأجورة التي تظهر في بعض المناسبات وتخنس في أخرى، ديدنها التمكين للتطبيع مع الصهاينة ومواجهة الشرفاء وتخويف العلماء، ولذلك نقول إنه لايزال أمام الإعلاميين مسيرة نضالية طويلة من أجل بناء إعلام مغربي يكون في مستوى تحديات القرن الواحد والعشرين.