يعد اليوم الوطني للإعلام, الذي يصادف15 نونبر من كل سنة, مناسبة للوقوف على حصيلة المنجزات في هذا القطاع, ومحطة للتفكير والتشاور بين المهنيين من أجل ضمان ولوج أمثل إلى المعلومة, والتواصل بشكل يحقق التنمية المرجوة لهذا المجال. وفي قراءة للمشهد الإعلامي الوطني الذي تؤثثه قرابة400 جريدة ومجلة و10 محطات إذاعية وجهوية وعدد من القنوات التلفزية إحداها قناة خاصة, فإن الفضاء الإعلامي في المغرب شهد -دون شك- انتعاشا ملحوظا خلال السنوات الماضية, مسايرا بذلك الحركية التي تطبع المناخ الديموقراطي العام الذي تعشيه المملكة منذ تسعينيات القرن الماضي. وشكل تاريخ ميلاد هذه التظاهرة, التي تمخضت عن المناظرة الوطنية للإعلام والتواصل سنة1993 , تحولا نوعيا انطلاقا من كونها مناسبة تتيح, سنويا, فضاء مميزا لتقييم حصيلة المنجزات, ودراسة مقترحات رجال الإعلام وانتظاراتهم. وقد اعتبر يونس مجاهد, رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن المناظرة الوطنية للإعلام والتواصل كان "حدثا بالغ الأهمية" بالنظر إلى المستوى المتميز لمختلف الفاعلين الذي ساهموا فيه, منهم على الخصوص, الصحفيون والخبراء وممثلو هيئات عمومية وخاصة ومنظمات حقوق الإنسان. وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أن المناظرة شكلت "لحظة سياسية قوية" تزامنت مع فترة عرف فيها المغرب تحولات هامة, في مناخ تعالت فيه "مطالب كبيرة" كانت تدعو إلى هيكلة نوعية للحقل الإعلامي. وأضاف مجاهد أنه تمخض عن المناظرة العديد من التوصيات كان لها الفضل في رسم الخطوط العريضة للإصلاحات في قطاع الإعلام والتواصل بالمغرب, مشيرا إلى أن أهمية تلك اللحظة تجاوزت التوصيات والمنجزات لترسم أفقا مستقبليا تبلورت ملامحه انطلاقا من الحوار بين المهنيين ومختلف الفاعلين في القطاع. وتوقف مجاهد عن أهم المكتسبات التي حققت , حيث تطرق إلى تنظيم مهنة الصحافة عبر إدخال مجموعة من التعديلات على وضعية الصحافي القانونية, خصوصا فيما يتعلق بمنح بطاقة الصحافة, وهو الأمر الذي سمح للمؤسسات الإعلامية بتسوية وضعية الصحافي, ووضع حد ل"اختراقات" بعض المتطفلين على المهنة. وسجل السيد مجاهد أنه عشية الاحتفال باليوم العالمي للإعلام "تغيرت الوقائع بوتيرة يستعصي على المقاربات النظرية تأطيرها, وقطاع الإعلام يعيش تحولا دائما على الصعيد العالمي بالنظر إلى التحولات التكنولوجية في قطاع الإعلام والتواصل وكذا التغيرات في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي". واعتبر السيد مجاهد أن القطاع بحاجة إلى "مناظرة أخرى, تسمح بتقييم المناخ الإعلامي وتدارس تطوره, على ضوء التحولات الاجتماعية والتكنولوجية, وتحديد متطلبات المجتمع المغربي في مجال الإعلام, وإعداد التعديلات المرجوة في قانون الصحافة, وبلورة الآليات الكفيلة بمجابهة التحديات على المستوى الإقليمي والعالمي". وعلى الرغم من حجم الصعاب التي تعيشها الصحافة المكتوبة, إلى أن القطاع تميز بتحقيق العديد من المكاسب, ضمنها التوقيع على اتفاقية مشتركة بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف, إضافة إلى إعداد برنامج بين وزارة الاتصال الفيدرالية المغربية لناشري الصحف, واتفاق شراكة بين الوزارة الوصية والشركاء المهنيين. وعلى مستوى القطاع السمعي-البصري, تجدر الإشارة إلى القفزة النوعية التي تم تحقيقها من خلال رفع احتكار الدولة على هذا القطاع, وظهور قنوات جديدة, ومنح عدد من رخص الاستغلال لمحطات إذاعية وتلفزية جديدة, وعلى الخصوص تأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا). من جهة أخرى, يظل الحق الإعلامي المغربي منفتحا على وسائل الإعلام الأجنبية, بمنحه الاعتماد لأزيد من134 صحفيا ومراسلا ومصورا فوتوغرافيا (سنة2006 ) يمثلون 90 مؤسسة إعلامية, تتوزع بين14 وكالة أنباء و9 وكالات روبورتاجات وصور, و27 قناة تلفزية و9 محطات إذاعية و37 جريدة, حسب إحصائيات رسمية. غير أنه يتوجب بذل المزيد من الجهود فيما يتعلق بتأطير الموارد البشرية في مهنة الصحافة والنشر. وفي هذا الصدد ,شدد السيد مجاهد, على أهمية مواكبة التحولات الراهنة في قطاع الإعلام والتواصل, بالخصوص من خلال "تكوين متناسب" للعاملين بالمؤسسات ذات الجودة المتواجدة بمختلف مناطق البلاد. وفي إطار الاحتفال بهذا اليوم, تنظم وزارة الاتصال كل سنة الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة التي تمنح لأفضل الإنتاجات في أصناف التلفزة والإذاعة والوكالة والصحافة المكتوبة والالكترونية والصورة, بالإضافة إلى الجائزة التكريمية والجائزة التقديرية الخاصة بالصحافة المعتمدة بالمغرب, والتي تساهم جميعا في النهوض بهذه المهنة وتعزيز مبادئها النبيلة.