سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
a href="http://www.jadidpresse.com/%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%86%d9%88%d9%8a%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/" title=""بابا نويل" في إفريقيا""بابا نويل" في إفريقيا
كل عام وأنتم طيبون أيها الأفارقة الأباة، أنتم "الحفاة العراة" المضطهدون بحكامكم، ومع ذلك ترقصون ولا تبالون لتحيا إفريقيا الأمل. فعلا لن تجد هذه التناقضات إلا في هذه القارة، فيها كل شيء وليس فيها أي شيء كيف ذلك؟ نعم فيها أرض خصبة ومياه غزيرة وسواعد قوية ومعادن نفيسة، ومع ذلك تمد اليد للأجنبي مستجدية فتات الطعام الخارج من رحم أرضها المعطاء. فلتصمت الطبول وليتوقف الرقص "الهستيري "على الجراح لنمنح لأنفسنا لحظة تأمل، فلمصلحة من يقتل الأسود أخاه الأسود، ثم تمزق الشعوب وينفصل الشمال عن الجنوب أو العكس؟ قد تجد السلاح في الأسواق ولا تجد البطاطس، من يؤجج الصراع ويحيي النعرات بين الأفارقة من عرب وزنوج و أمازيغ؟ يكمن الجواب في التساؤل عن المستفيد من تخلف القارة السمراء؟ وربما يكون السيد "نويل" الرابح الأول. لقد استفزتني لقطة في نشرة للأخبار بقناة فضائية من جنوب السودان المنفصل حديثا عن شماله، حيث يظهر في الصورة محل تجاري يعرض سلعا خاصة بمناسبة رأس السنة الميلادية، حيث يظهر "بابا نويل" بسحنته البيضاء ذات الملامح الأوروبية وسط الزنوج، وربما كان من الأفضل طلائه بالسواد لينسجم مع المنظر العام، فنحن في النهاية في قلب إفريقيا الاستوائية السوداء التي عانت من اضطهاد "الرجل الأبيض"، ففي القرن الماضي قضى مئات الآلاف من الزنوج المرحلين قصرا إلى مزارع القطن بأمريكا الشمالية، وكذلك بمناجم الفحم الأوروبية في ظروف جد قاسية، وذلك كي يعيش الإنسان "الأبيض" في بحبوحة من العيش الرغيد، فعجبا كيف أصبح "بابا نويل" بسحنته البيضاء مقبولا من طرف الزنوج؟ لقد كانت الهوية الإفريقية للزنوج من بين مبررات انفصال جنوب السودان عن شماله، حيث قالوا: "أنتم عرب بيض ونحن أفارقة سود" إذن فلننفصل هذا دون أن نخوض في مبررات أخرى للانفصال، لكن البعد العرقي لم يكن غائبا عن الصراع كذلك، لقد تم توظيف "الزنوجية" مقابل "العروبية" وتم الإنفصال. نتفهم تقاليد الغربيين في الاحتفال برأس السنة المسيحية، فالجغرافية تؤثر في الناس وثقافتهم، فالثلوج البيضاء تغطي المشهد في أوروبا حيث يتفنن الناس في تزيين شجرة"لكريسماس" ماشي "لكرموس الهندي"، ويأتي "بابا نويل" فوق عربته المشهورة يوزع الهدايا على أطفال "السويد" أو "النرويج" مثلا، وتأملوا معي هل تسقط الثلوج ب"جوبا" عاصمة جنوب السودان أو الخرطوم عاصمة الشمال؟ هناك الحرارة تصل إلى أزيد من 50درجة، فلن يستطيع السيد "نويل" ارتداء معطفه الشتوي الدافئ وقبعته الحمراء في هذا الجو الخانق، وبالتالي فهو مضطر لخلع ملابسه الشتوية، والاستعاضة عنها بلباس الأفارقة الفضفاض. لقد استمعت مرة لإذاعة "صوت أمريكا" وهي الإذاعة الرسمية لحكومة أمريكا، وكان هناك برنامج بمناسبة عيد رأس السنة المسيحية، وقد استضاف معد البرنامج عددا من الأطفال من بلدان مختلفة، وطرح عليهم سؤال واحد "هل تحتفلون برأس السنة الميلادية؟" تعددت الأجوبة لكن الذي استرعى انتباهي هو جواب طفل عربي وآخر يهودي، حيث قال الأول "نعم نحتفل بهذا العيد ونأخذ صور مع بابا نويل"، بينما رد الثاني (الطفل اليهودي) "لا نحتفل معهم هذا عيد المسيحيين وحدهم" دون تعليق. في نظري "بابا نويل" غير مرحب به في إفريقيا، لأسباب تاريخية فكل النزاعات الحدودية وحوادث الانفصال ساهم شخصيا في خلقها و رعاها بهداياه المسمومة"أسلحة فتاكة"، فكان عليه الاعتذار أولا ورد الأموال المنهوبة والكرامة المهدورة وترك الشعوب الإفريقية تختار حكامها دون "فيتو" أمريكي وأوروبي، ثم لا بأس بعد ذلك في حفل عادي فنحن الأفارقة نحب الرقص حتى في أحلك أيامنا.