خلف الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثالثة لتربع الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية ردود فعل سلبية إسبانية، فقد انتقدت مدريد بشكل مباشر النظام المغربي لاستمراره في المطالبة بإعادة مدينتي سبتة ومليلية في شمال المغرب اللتين مازالتا محتلتين إلى الآن من طرف إسبانيا. وقال نائب رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راجوي أن مدينتي سبتة ومليلية "ليستا مطروحتين للمناقشة" لعدة أسباب منها أنهما ظلا جزءا من إسبانيا لمئات السنين، وقال راجوي "من غير المعقول أن يتحول استعراض للشجاعة إلى محاولة لتغيير وضع مستمر منذ زمن طويل" على حد وصفه. وأبدى استعداد بلاده موازاة مع ذلك للتفاوض مع المغرب حول كافة الملفات العالقة مع المغرب باستثناء موضوع سبتة ومليلية. وسبق للعاهل المغربي محمد السادس أن قال في خطاب العرش لسنة 2002 يوم الثلاثاء الماضي: "إننا للأسف الشديد لم نجد حتى الآن أذانا صاغية من الطرف الإسباني لتسوية وضع هذه الثغور المغتصبة، التي تحولت إلى مراكز لاستنزاف اقتصادنا الوطني وقواعد للهجرة السرية ولكل الممارسات غير المشروعة" ويأتي رد الفعل الإسباني هذا بمناسبة تجديد الدعوات المغربية المطالبة بتصفية جيوب الاستعمار التي مازالت إسبانيا تحتلها بما في ذلك سبتة ومليلية. فقد أعاد الاحتلال العسكري الإسباني لجزيرة تورة المغربية الشهر الماضي إلى الواجهة ضمن العلاقة المغربية الإسبانية حادث احتلال المدينتين المغربيتين بالإضافة إلى عدد من الجزر المجاورة. وكان أن شهدت مدينة مليلية المغربية مساء الاثنين الماضي مظاهرة معادية لإسبانيا شارك فيها المآت من المغاربة وطالبوا من خلالها بعودة المدينتين والجيوب المجاورة لها إلى حضن المملكة المغربية. وكان المتظاهرون الذين قالت بعض المصادر إنهم من أنصار الحزب الليبرالي المغربي قد رفعوا لافتات مكتوبا عليها بالعربية والإسبانية: حركة تحرير سبتة ومليلية بدأت بإنزال القوات المغربية على جزيرة تورة، وقد تسببت المظاهرة في إغلاق مركز بني انزار بين إسبانيا والمغرب لمدة ساعة وربع ساعة. وكان وزير الخارجية المغربي قد أجرى أول اتصال هاتفي مع رئيسة الدبلوماسية الإسبانية منذ الاتفاق الذي تم بين البلدين عقب الاحتلال العسكري الإسباني لجزيرة تورة المغربية بسبب رسو فرقاطة إسبانية سرعان ما انسحبت من قبالة السواحل المغربية. التصريح الأخير لنائب رئيس الوزراء الإسباني بشأن سبتة ومليلية يكشف حقيقة عن استمرار توتر العلاقة بين الرباطومدريد وترشحها لمزيد من التصعيد خاصة في ظل تداخل عديد من الملفات كملف الصيد البحري والهجرة السرية ومشكلة الصحراء. جدير بالذكر أن إسبانيا ولحد الآن ما فتئت تعاكس المغرب في تحقيق وحدته الترابية داعمة الطرح الجزائري وكأنها بذلك تعاود التاريخ في إعادة تحقيق حلف إسباني جزائري ضد المغرب. إسبانيا من جهتها وفي سياق دعمها ومساندتها لجبهة انفصاليي البوليزاريو تضم بداخلها ما يفوق 054 جمعية مدنية تساند جبهة البوليزاريو وتقيم الندوات والمؤتمرات للتعريف بمعاناة الجبهة الانفصالية وتظهرها وكأنها صاحبة حق مغصوب كما تضم إسبانيا أيضا ما يفوق 052 توأمة مع بعض "المدن" بالبوليزاريو التي لا وجود لها أصلا على أرض الواقع. وترفض إسبانيا وقف هذه الدعوات الإسبانية المؤيدة لجبهة البوليزاريو بدعوى حرية التعبير والرأي، لكن ذلك يطرح عدة تساؤلات على المجتمع المدني المغربي وموقعه من العلاقة المغربية الإسبانية. لكن المؤكد حقيقة هو أن إسبانيا بسلوكاتها العدوانية لا تريد للمغرب أن ينتفض يوما ويخرج من دائرة الجار المهادن المسالم، بل تريده جارا ضعيفا مطيعا وذلك ما لن يرضى به المغرب الحديث في ظل عهد الملك محمد السادس وتنامي المد الديموقراطي عالميا والسير نحو تصفية جيوب الاستعمار. عبد الرحمان الخالدي