أرجع المؤرخ والكاتب والناشر الكاتالاني ايلوي مارتان كوراليس تدهور الأزمة المغربية الإسبانية إلى أسباب تاريخية وعاطفية عملت منذ نهاية القرن ال 15 على تشكيل صور للمغربي في الوعي الجمعي الإسباني تقوم على أفكار مسبقة مسيئة وعنصرية وغير أخلاقية . جاء ذلك في مؤلف لكوراليس صدر مؤخرا بعنوان " صورة المغربي في إسبانيا" والذي يعد خلاصة دراسة وقراءات وتحليلات للوقائع التاريخية وللمواقف والآراء التي عبر عنها المثقفون والصحافيون والعسكريون والسياسيون الإسبان والذين كانوا وما يزالون يبذلون قصارى جهودهم لكي يبرزوا المغرب في صورة العدو الأبدي وذلك منذ سنة 1492 .وأشار الكاتب إلى أن مسلسل الإساءة هذا بدأ مع إقامة محاكم التفتيش والتي شجعت على تشويه صورة الإسلام وإلصاق عدد من الأوصاف والأفكار المسبقة بالمسلمين. وأضاف الكاتب أنه على الرغم من كون هذه الامثولات حول المغاربة تغيرت مع نهاية القرن ال 18 بإبرام اتفاق بين إسبانيا والمغرب فإن ظهور حركة الاستشراق والدراسات الإفريقية، وبداية التوسع الامبريالي خلقا توجها فكريا وسياسيا جديدا "مناوئ للمغاربة" مشيرا إلى أن حرب تطوان-1860- لم تحل أيا من النزاعات العالقة بين البلدين .واستطرد الكاتب الكتلاني المزداد في تطوان قائلا إن هزيمة الإسبان في حرب أنوال كانت السبب في إعادة حفر الذاكرة الجمعية الإسبانية للتنقيب عن تلك الأفكار المسيئة للمغرب ملاحظا أنه بعد تلك المرحلة ساهمت الحرب الأهلية الإسبانية في بلورة صورة متناقضة وجدانيا حول المغاربة . وأوضح في هذا الإطار أن كلا من الجمهوريين والاشتراكيين والشيوعيين والفوضويين والإقليميين كانوا يصورون الجنود المغاربة الذين كانوا يحاربون تحت قيادة الجنرال فرانكو كخونة وعتاة وجبناء وسكارى ومرتزقة في مقابل ذلك كان القوميون ولاحقا الفرانكويون يعاملون الجنود المغاربة بطريقة أكثر احتراما ويعتبرونهم حلفاء أساسيين. وأضاف كوراليس أن هزيمة أنوال والتي ما تزال انكساراتها حية في الذاكرة الجمعية الإسبانية، وكذلك مشاركة الجنود المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية حدثان ساهما في التعامل بسلبية تامة مع المغاربة من قبل المنتصرين في هذه الحرب مبرزا أن كل الرسوم المتحركة التي نشرت في تلك الفترة كانت مضامينها تشيع الحقد والكراهية تجاه المغاربة. وبالموازاة مع ذلك فإن العسكريين والذين كانوا القادة الحقيقيين في المستعمرات الإفريقية كانوا يبذلون قصارى الجهود من أجل خلق وترسيخ صورة سلبية للمغربي "المورو السيء" مشيرا إلى أنه بعد عودة الصحراء إلى الوطن الأم وجلاء آخر جندي إسباني عنها فإنه لم يكن من المستغرب خصوصا بعد هذا العمل الطويل في تحضير الرأي العام الإسباني على كراهية المغرب والمغاربة معاينة الغالبية الكبرى من المجتمع الإسباني تعبر عن.تعاطفها مع مرتزقة البوليساريو . أما الملفات الأخرى من قبيل الصيد البحري والمطالب المغربية في السيادة على سبتة ومليلية وانتفاضة المغاربة في المدينتين المحتلتين ضد قانون الأجانب لسنة 1986 فقد وظفت كحجج من أجل الزيادة في الإساءة لصورة المغربي . ففي أواسط عقد الثمانينات شهدت إسبانيا التي قبلت حديثا كعضو في الاتحاد الأوروبي مع استلام الاشتراكيين السلطة بروز قيم تسامح وتضامن ساعدت نوعا ما على اختفاء بعض التعاليق العدائية في حق الأجانب داخل المنتديات العمومية والبرلمان الوطني أو البرلمانات الإقليمية والجامعات. وأضاف الكاتب أنه بعد استلام الحزب الشعبي -1996- مقاليد الحكم بدأت الدبلوماسية الإسبانية تتبنى حججا انتقائية في مجال الهجرة ارتكازا على أفكار عنصرية واضحة في العلاقات مع المغرب .وفي هذا الإطار يقول الكاتب الإسباني أنه لا يجب أن نفاجأ بالتردي الذي شهدته العلاقات المغربية الإسبانية ويعد مؤلف ايلوي كوراليس الصادر عن دار النشر -بالاتيرا- في 250 صفحة دراسة تحليلية هامة حيث إنه الأول في إسبانيا الذي تمكن من دراسة وتحليل آلاف الصور والرسوم الساخرة حول المغاربة بالإضافة إلى المقالات الصحفية والصفحات الأولى للجرائد التي خصصت للمغرب، وصور حرب الريف محاولا دراسة الطريقة التي اعتمدت خلال القرون الخمسة الأخيرة لترسيخ أفكار عدائية ومسيئة للمغرب والمغاربة في الذاكرة الجمعية للإسبان. وكالة المغرب العربي للأنباء