انعقد بالمؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة (إسبانيا) لقاء دولي حول موضوع "الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة : نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية"؛ حيث دارت أشغال هذا اللقاء يومي 23 و 24 يونيو 2009.وقد جاء هذا اللقاء في سياق الندوة الدولية التي انتظمت بتطوان أيام 26، 27، 28 فبراير و 1 مارس 2009 من أجل معالجة موضوع "أسئلة الذاكرة المشتركة بين المعالجة القانونية القضائية والمعالجة السياسية الحقوقية : نموذج مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية"؛ والتي عرفت ردود أفعال كان من الضروري العمل على وضع أشغال الندوة الدولية المذكورة في سياقها الصحيح ومناقشة تقريرها التركيبي لبناء جسور التواصل والنقاش العلمي الرصين والجاد وتقويتها بما يخدم أهداف المركز والذين يراهنون على بناء ذاكرة مشتركة مغربية إسبانية سواء الأفراد منهم أو المؤسسات خدمة للمجتمعين وللأجيال المقبلة من البلدين بالحق في تسلم إرث لا يرهن المستقبل بتراكمات صراعات الأسلاف وتوترات الماضي. ولهذا ارتأى المركز أنه من المفيد أن يرتكز موضوع هذا اللقاء حول دور الإعلام والفاعلين في حقله سواء المختصين أو المهنيين ومن يدور في فلكهم في سبل استعادة الذاكرة وبنائها على أسس ديموقراطية متينة تحتكم إلى مبادئ حقوق الإنسان وتؤسس لقيم الاحترام والتسامح والإنصاف. وشهد اللقاء الدولي المنعقد بالمؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة مشاركة عدد من الإعلاميين والأكاديمين من مسؤولين وباحثين وكتاب ... سواء من إسبانيا أو المغرب أو بعض الدول الأوروبية. وقد تميزت المداخلات بتعدد مشاربها المعرفية والفكرية (نظريات الإعلام، نظريات الاتصال، نظرية التلقي، الاتصال/الإعلام الجماهيري ...) وباختلاف مقاربتها وتيماتها (تحليل الخطاب، الثقافة البينية ...) إلى جانب تنوع المحتديات والحقول العلمية التي اشتغلت ضمنها (أنتروبولوجيا، سوسيولوجيا، تاريخ، علوم سياسية ...). كما أن قاعة المحاضرة شهدت حضور نوعيا للجمهور الذي تابع فعاليات اللقاء والذي أبان بمستوى مساهمته على أن هذا اللقاء حقق أهدافه المنشودة وأنه نقطة انطلاق نحو آفاق رحبة وواعدة لإنجاز ورش الذاكرة المشتركة المغربية-الإسبانية. وقد دارت فعاليات هذا اللقاء في ست جلسات. وحتى يمكن أن نعكس نوعيتها، فإننا نقترح تلخيص أشغالها على الشكل التالي : 1. الجلسة الافتتاحية : ترأسها الأستاذ عبد السلام بوطيب (رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والذي افتتح أشغال هذا اللقاء بكلمة ترحيبية ذكّر فيها بظروف نشأة المركز ونوعية مؤسسيه وما أنجزه من أعمال وأنشطة؛ حيث وقف بالخصوص عند ندوة تطوان الدولية المذكورة أعلاه محللا خلاصاتها دون إغفال الإشارة إلى آخر لقاء عقده مع الأحزاب المغربية بالرباط حول حضور الملف المغربي الإسباني في الأجندة السياسية لهذه الأحزاب وما تمخض عن ذلك من توصيات. ثم تناولت الكلمة الأستاذة صاندرا روخو فلوريس (جامعة غرناطة) لقراءة العرض الافتتاحي الأستاذ العربي المساري (كاتب وصحفي/ وزير الإعلام سابقا) الذي تعذر عليه الحضور لطارئ صحي. وقد تناول هذا العرض بالتحليل وسائل الإعلام والذاكرة المشتركة مشيرا إلى أن الصحافة سجل للقضايا المطروحة ولهذا فإن عليها التبليغ بشكل صحيح حتى إذا ما اعتمدناها ساعدتنا على فهم الماضي الذي لا مناص من العودة إليه ... كما أوضح أن الذكريات تتراوح بين السيء والجيد حيث الأحداث تترك وشمها فيها. ولهذا فإنها تشتغل بحسب الإضافات التي تصبغها على الاختلافات الثقافية ... على أنه مطلوب من الصحفي في هذا المجال أن يتوخى الدقة والتحري احتراما للأخلاقيات المهنية دون خلط بين التأمل السياسي والرغبة في تعديل الذاكرة وبين الصراع حول السوق ... وخلص على أن الصحفيين والإعلاميين عموما يواجهون تحديات كبرى على عدد من المستويات ... مقترحا عقد لقاءات دورية بين الإعلاميين لمناقشة الصور المبتذلة والنمطية كما هو عليه الأمر في لقاءات الإعلاميين الأوروبيين النقابة الوطنية للصحافة المغربية. 2. الجلسة الأولى : أدارها الأستاذ مصطفى أقلعي (جامعة غرناطة) والتي كان محورها "الذاكرة المشتركة وسؤال تعدد الثقافات" والذي تم تناوله من خلال عرض ومناقشة الفيلم الوثائقي "أسطورة غرناطة" ا لحسين المجدوبي (صحفي) الذي سلط الضوء على الحضارات التي توافدت على غرناطة وكيف جرى طرد الموريسكيين منها في الماضي، والذين ظلوا ماثلين في مخيلة الإسبان منذ ذلك التاريخ حتى عودتهم مع ظاهرة الهجرة منذ الثمانينيات. عودة المسلمين هذه وخاصة المغاربة، كما يبرز ذلك هذا الفيلم الوثائقي، جعل بعض المسيحيين يؤمنون بأسطورة استعادة العرب للمدينة والأندلس. لكن هذه العودة تؤكد أن غرناطة تستعيد جزءا فقدته في الماضي بسبب محاكم التفتيش وتتحول إلى محتضنة لمختلف الثقافات والديانات حيث تسمو روح التسامح على أي تطرف مهما كان نوعه. وقد أشار رئيس الجلسة إلى أنه حصل على عدة جوائز بعدد من دول أمريكا اللاتينية معتبرا أنه يشكل أرضية للحوار في فهم معوقات بناء الذاكرة المشتركة. كما تقدم بقراءة لهذا الفيلم كل من السادة الأساتذة محمد السعدى (جامعة الحسن الأول بوجدة) وعبد اللطيف شهبون (جامعة عبد المالك السعدي بتطوان) وإدريس الجبروني (مؤرخ)؛ حيث بينوا أن هذا الفيلم ليس أسطورة ولكنه استعرض محطات تاريخية حول من خلال القبض على المشترك الحضاري الذي ارتكزت عليه غرناطة في صناعة مجدها ونحت شخصيتها. إذ وقفوا عند التعددية الثقافية التي كانت روح غرناطة والأندلس والذي يجب أن يتحول إلى حوار بين مكونات هذه التعددية وعلى رأسها المغرب وإسبانيا لأنه قدرهما التاريخي ماضيا وحاضرا ومستقبلا من خلال بناء قواعد جديدة تقطع مع منطق الأسلاف ونزعة الانتصار مقابل الاحتكام إلى قيم الاحترام المتبادل والنهوض بثقافة المغفرة والعفو والتسامح. فالفيلم مرافعة فكرية في قالب فني حول جهلنا المشترك؛ إذ يقطع ما تحاول عدد من وسائل الإعلام التي تركز على ما هو سيء ومسيئ للآخر من خلال نظرية المؤامرة التي تصور غالبا الإسلام والمغاربة من خلاله إلى تهديد مع ما يثير ذلك من تأجيج للأحقاد والتوترات بين الدولتين والمجتمعين المغربي والإسباني. وهو ما يتطلب مكافحة هذه الأساطير من لدن الطرفين. 3. الجلسة الثانية : بعد أن قدم الأستاذ عبد السلام بوطيب برنامج اللقاء، أدار هذه الجلسة الأستاذ إدريس الجبروني والتي كان محورها "التاريخ، الذاكرة السياسية والخطاب الإعلامي". وتناول الكلمة الأستاذ الموساوي العجلاوي (معهد الدراسات الإفريقية بالرباط) موضحا الاختلاف بين الذاكرة والتاريخ من جهة وكيف يقوم الخطاب الإعلامي بمناولتهما مشيرا إلى أشكال الحضور الإسباني في تاريخ وذاكرة المغرب وكيفية تعامل إسبانيا مع المغرب خاصة خلال الحقبة الاستعمارية. كما عرج على ندوة تطوان وردود الأفعال التي روجتها الصحافة مؤكدا على أن قضايا الذاكرة ستظل حاضرة في بناء التعدد والحقوق الفردية والجماعية. وقد أوضح أن الصحافة لها أهميتها من حيث رصد قلق وحرارة المجتمع ونبضه ولها دور أساسي بالنسبة للمؤرخ في رصد هذا النبض سواء كقضايا حقيقية أو مصطنعة. بعد ذلك تناول الكلمة السيد فرانسيسكو فيكَراس رولدان (صحفي مراسل بالتلفزة الإسبانية)؛ حيث تطرق من خلال عمله وانخراطه في جمعية استعادة الذاكرة التاريخية بغرناطة إلى أن الذاكرة المغيبة هي ذاكرة المهزومين من موريسكيين وجمهوريين. وأن الصحافيين لهم مسؤولية كبيرة في مسيرة استعادة هذه الذاكرة المقصية والمطالبة بذلك لأنه دون ذلك لن يستكمل الانتقال الديموقراطي. فعلى غرناطة أن تشجع الحوار وتنخرط فيه باعتباره طبيعة لها دون مبالاة بمن ينعتوننا بأننا حمقى نريد إيقاظ الفتنة. وأشار على البيان الصادر في هذا الشأن والذي وفعه فريدريكو مايور (الرئيس التنفيذي السابق لليونيسكو) إذ لا يمكن أن يتمتع اليهود وحدهم بحق الاعتراف دون باقي سكان غرناطة ... وطالب بمد جسور الثقافة من خلال إطلاق مبادرات من قبيل تدريس اللغة والثقافة العربيتين في المدارس الثانوية وما إلى ذلك. أما الأستاذ حسين مجدوبي (صحفي ومراسل) فقد تناول بالتحليل الخطاب الإسباني تجاه المغرب موضحا أن هذا الخطاب شهد تطورا منذ حرب تطوان إلى غاية بداية الانتقال الديموقراطي بإسبانيا غذ أن كل جريدة كان لها خطابها الخاص الذي مافتئ يتحول على خطاب تاريخي ليصبح جزءا من تاريخ البلدين. وتناولت مداخلته حرب تطوان التي كانت مخرجا من الحروب السابقة التي اختتمت بهزيمة كوبا والإعلان عن غزو إفريقيا؛ حيث عمل الإعلام على قناع الشعب بذلك ... بعدها جاءت حرب الريف حيث كانت مرحلة تصادمات قمتها هزيمة أنوال غطاها على الخصوص صحافيون من مراسلي الحرب. ثم مرحلة ما يمكن تسميته بالمغرب والحروب الأهلية الإسبانية حيث تعاطت الصحف مع المغرب وهو ما أثار مشاكل خاصة بعد استجواب عبد الكريم الخطابي سنة 1922. وهذه التطورات ساهمت في تشكل صورة المغرب في مخيال الإسبان حيث يمكن القول بأن المغرب كان يتأرجح بين صورة مشرقة لدى الفرانكويين وقاتمة لدى الجمهوريين. لهذا علينا بالبحث عن الصحافة الإنتاجية للتقليل من تدهور صورة إسبانيا بالمغرب والعكس لأن علاقات البلدين تقوم على تحسين الصورة وللإعلام دور مهم في ذلك. بينما استهلت الأستاذة إنماكولدا سمولكا (جامعة غرناطة) في مداخلتها القول بأن وسائل الإعلام لا تركز فقط على تقديم المعلومات ولكنها تقوم أيضا بتحليلها وتصنيفها وفقا لخطها التحريري. وقد سجلت في هذا الإطار دور الصحافة المغربية في عملية التغيير السياسي وخاصة الصحافة المستقلة التي أدخلت تغييرا كبيرا في المشهد الإعلامي لا من حيث الموضوعات ولكن كذلك من حيث المعالجة وتناول القضايا المرتبطة بالتحول الديموقراطي وحرية التعبير. 4. الجلسة الثالثة : وقد أدراها الأستاذ عبد الفتاح الزين (منسق اللجنة العلمية لمركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والتي كان محورها الصحافة والتصورات الاجتماعية : كيف يمكن للخطاب الصحفي أن يساهم في تقديم الآخر (الإسبان في المغرب والمغاربة في إسبانيا) تصورات متقاطعة". تحدث في البداية الأستاذ دومينغو ديل بينو (صحفي) عن التحولات المهنية التي عرفتها الصحافة وما فرضته الأزمة الحالية على الصحفيين. كما وضح دور الخطاب الإعلامي في الذاكرة التاريخية والتحديات التي تواجهها الصحافة أمام هذه التحولات التي انطلقت على الخصوص منذ سقوط جدار برلين. إذ بدا المسرح العام للصحافة يعرف تقلصا في حريته وكذا على مستوى ملكية وسائل الإعلام والدور المتعاظم للإعلام السمعي البصري والشبكة العنكبوتية ... وأشار على أنه يعمل على إصدار كتاب تحت عنوان "السلطة الرابعة للسلطة الثانية" يوضح فيه تبعية الإعلام للسياسيين وتراجع حرية الرأي والتعبير حتى في الجريدة الرسمية للدولة. وأكد أن حرب كوبا كانت منعرج التفكير والتصور الإسباني حيث ارتبط الفكر العسكري بالفكر الكنسي ...وهو ما أنتج الوضع الذي عاشه كل من المجتمع الإسباني والمغربي. لهذا نصح باشتغال الإعلام خارج أية وصاية. كما أن على المجتمع المدني أن يكون حرا. فدورهما في العلاقة مع الآخر مهم في تجسير العلاقات. أما الأستاذ علي الهاشمي (صحفي وكاتب)، فقد تطرق من خلال بحثه حول الهجرة الذي استجوب فيه نساء من أمريكا اللاتينية إلى كيفية اعتماد الصور النمطية حول الآخر : فالمغربي عندهم تركي. كما أنهن تحدثن عن تحذيرهم من المغاربة ... وتناول دور المثقفين المغاربة في تقريب الهوة بين المجتمعين وتفكيك هذه الصور النمطية. كما أشار إلى كيفية تطبيق القانون المتعلق بالهجرة الذي بدا يشهد تمييزا بين المغاربة والمهاجرين من أوروبا. وبيّن أن الدور الأكبر في التقارب يقع على الصحافية المحلية لأنها الأقرب إلى الجمهور. بينما تناول أيمن الزبير (مراسل قناة الجزيرة) بالتحليل العمل الصحفي في إسبانيا والمغرب من خلال التصورات والنظرات المتقاطعة. وبين أن هناك انحراف في الرؤيا في علاقات الإسبانية مع المغرب وإلا سيتردى الوضع أكثر لأن ما أصبح هاجسا في المقام الأول هو بيع الأخبار. وهكذا تمت مناولة أحداث مدريد الإرهابية للتضييق على المغاربة المهاجرين. وأوضح أنه من الضروري تملك الإعلام للغة المجتمع الذي يشتغل حوله حتى لا تقع أخطاء.. وأشار إلى تراجع أعداد المراسلين الإسبان بالمغرب وما بدأ ينتج بما سماه "رَبْطَطَة" المعلومات من خلال الاكتفاء بالرباط كمصدر وما يدور فيها. واختتم بالحديث عن أهمية التكوين والتكوين المستمر والموضوعية في العمل والانفتاح على مختلف مصادر الخبر بمهنية واحترام لأخلاقيات الإعلام ... 5. الجلسة الرابعة : وأدارها الأستاذ عبد السلام الصديقي (جامعة المولي إسماعيل مكناس ). وقد كان محورها "الصورة والكلمة : أهمية ودور الصحفي في تيسير التواصل بين مختلف الثقافات ودوره في إشاعة قيم حقوق الإنسان". وتميزت مداخلة الأستاذ فيران ساليس (جامعة برشلونة) بكيفية اشتغال الصحفي المحترف في معالجة القضايا الشائكة وتحاشي الرقابة من خلال معالجة القضايا من خلال أحداث مشابهة. وأشار في هذا الصدد إلى معالجة أحداث محاكمة الفاشيين بإيطاليا وكذا محاكمة أهالي سطيف بالجزائر بعد انتفاضتهم ضد الاستعمار. ومن خلال ذلك كان يشير الصحفي إلى ما يقع للجمهوريين في الأحداث الرهيبة التي واكبت الحدثين المذكورين. وأوضح أن الصحافة الإسبانية عندما تناول المغرب والبوليزاريو والصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإنها تعالج من خلالها الأحداث الداخلية لإسبانيا. فكطالونيا في كل هذا تشكل قاعدة تنطلق منها السياسة الخارجية الإسبانية خاصة مع المغرب. وهو ما فهمته الحكومة المغربية مؤخرا. فهناك في كطالونيا جسور تبنى نحو المغرب. وتناولت مداخلة يولاندا أونكينا (مركز الأبحاث حول العلاقات الدولية ببرشلونة) بالتحليل إدارة الاتصالات بين الثقافات ودور ذلك في النهوض بذاكرة مشتركة. فكل مجتمع يحتاج للآخر الذي ليس بالضرورة عدوا. وأمام تطور أشكال التبادل واللقاء الثقافي، وحيث تشترط المشاكل حلولا لا بد من معرفة ما المراد؟ وكيف يكن العبور نحوه؟ ولهذا ركزت على الاقتراب من التفاعل. بينما تناول الأستاذ رشيد الراحا (رئيس الكونغريس الأمازيغي العالمي) القضايا الأمازيغية في الصحافة المغربية موضحا من خلال استعراض عدد من النماذج الصمت والتحريف الذي يطال الأمازيغ وقضاياهم. وهو ما فسره بالتلاعب بأوضاع المغرب. 6. الجلسة الخامسة : وأدارت الجلسة الخاصة بمعالجة ردود الفعل المتعلقة بندوة تطوان من خلال سؤال "ما هي حدود الموضوعية في العمل الصحافي؟" الأستاذة سعيدة بوداغلية (صحفية براديو فاييكاس بمدريد). واستهلت الجلسة بقراءة التقرير التركيبي لندوة تطوان من طرف الأستاذ عبد الفتاح الزين. وكان أول المعلقين على التقرير الأستاذ بوغالب العطار (صحفي باحث) متمنيا العمل على تقريب وجهة النظر بين المغاربة والإسبان؛ إذ هناك إكراهات الثقافة الشخصية والتكوين في العمل الصحفي كمعطيات قبلية غير أن الصحفي المهني والمحترم لمهنته لا يتنازل عن المصداقية والالتزام مع الحقيقة دون تلاعب بالخبر. وبعد أن عرّج على المعطيات التاريخية في العلاقات المغربية الإسبانية وترسبات هذه المعطيات والأحداث، تناول بالتحليل آخر استطلاعات معهد كَالوب التي بينت النظرة التي للإسبان عن المغرب والإسلام بالرغم من عدم معرفة ما يروج بالمغرب على الأخص منذ العهد الجديد. واسترسل في استعراض الصور النمطية حول المغرب التي تتغذى على الجهل بالمغرب. فالتاريخ لا يمكن تخطيه ولكن ينبغي أن تكون هناك رؤيا لا تتشتغل على القضايا الساخنة بعشوائية. أما رفائيل غيريرو (مدير البرنامج الإذاعي "الذاكرة")، فبعد أن أشار إلى كونه مجرد إعلامي يقدم برنامجا في موضوع التاريخ، وقف عند تضارب الآراء حول الأحداث وتناقض المعطيات التي تتم معالجتها من طرف المختصين. وهكذا انطلق في سرد المعلومات والأحداث حول الحرب الأهلية الإسبانية وما عاشه الجمهوريون من رعب وتنكيل ودور المغاربة في جبهتي التحرير والاستعمار وخلص إلى أنه لا يمكن تجاهل الحقائق سواء على مستوى التأريخ أو الممارسات كما هو الأمر في قرار القاضي كَارسون بالثزار. فالأمر لايتعلق بالتعايش، ولكن على الخصوص مواجهة افرهاب وكراهية الآخر كيفما كان مصدرهما وطبيعتهما ودرجتهما ... بينما أوضح بيدرو كناليس (صحفي بجريدة إيل إمبارسيال) أن مناقشتنا بتطوان لم تنته ونحن نواصلها هنا. وهو أمر محمود ومحبذ. وصرح بأن على الغائبين أن يأتوا للإدلاء بآرائهم سواء من حيث التنظيم أو المعالجة ... فالمناقشة المباشرة ضرورية وكفيلة بتجاوز سوء الفهم والتفاهم. فما تروجه بعض وسائل الإعلام يحتاج إلى تدقيق وتمحيص سواء حول المغرب أو إسبانيا ... علينا أن نشتغل في دعم الجسور وحسن التقاط الإشارات التي تخدم تقارب البلدين ... وفي نهاية الجلسة تدخل الأستاذ أنس بن صالح (مراسل قناة الجزيرة بالمغرب) موضحا أن الرهان على العنصر الاقتصادي في التقارب وإن كان ضروريا فإنه غير كاف، وقد جرب ذلك أزنار غير أن عددا من التواترات طفا إلى السطح. فلابد من جرأة سياسية تعمل على تنشيط العلاقات السياسية بين البلدين. وقبل اختتام اللقاء من طرف رئيس المركز، تناول الكلمة السيد لويس ف. كَارسيا ديل مورال كَريدو (نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بالعلاقات الجامعية مع المغرب) مثمنا أشغال اللقاء وداعيا إلى استمرار النقاش حول العلاقات المغربية الإسبانية من أجل مد جسور العلاقات الضامنة لحوار رصين بين مختلف الأطراف من جامعيين وإعلاميين وغيرهم. وصرح بأن على الجامعة أن تلعب الأدوار المنتظرة منها في ذلك. وبعد ذلك ألقى الأستاذ عبد السلام بوطيب كلمة ختامية شكر فيها المشاركين والحاضرين والمؤسسة الأوروبية-العربية للدراسات العليا على استضافتها للقاء. وقد واكب - كما سبقت الإشارة – جمهور ساهم في المناقشة التي أغنت فعاليات هذا اللقاء الدولي. ويمكن إيجاز الأفكار الواردة في المناقشات في صيغة توصيات على الشكل التالي : • فهم أسباب معوقات بناء ذاكرة مشتركة العمل على مراجعة التاريخ المشترك في محاولة لاستعادة الذاكرة والاجتهاد في تجاوز الصور النمطية. • إرساء أسس للحوار على أسس احترام الآخر ودون إقصاء وفق حرية الرأي والتعبير. • تشجيع التنقل بين البلدين لإبراز قيمة التراث المشترك بين البلدين مع تطوير العلاقات الاقتصادية باعتبارها لبنة ضرورية لكنها غير كافية. • القيام بتكوين مستمر لمختلف الفاعلين في المجال الإعلامي لما للعمل الإعلامي من دور في تجسير الهوة بين الشعوب. • المرور إلى أنشطة وبرامج نوعية تعمل على خلق أوراش تساعد على تجسير الهوة بين البلدين ...