اتفق باحثون وإعلاميون من المغرب وإسبانيا، في ندوة بمدينة غرناطةجنوبإسبانيا، على تجاوز الصور النمطية المرسومة للمغاربة في الذاكرة الإسبانية وإرساء أسس الحوار على أساس احترام الآخر ودون إقصاء، وتشجيع التنقل بين البلدين لإبراز قيمة التراث المشترك بين المغرب وإسبانيا، مع تطوير العلاقات الثنائية والقيام بتكوين مستمر لمختلف الفاعلين في المجال الإعلامي لما للعمل الإعلامي من دور في ردم الهوة بين الشعوب. ودعا الباحث الإسباني فرانسيسكو فيكَراس رولدان إلى استعادة الذاكرة التاريخية للمسلمين بغرناطة، وقال إن الذاكرة المغيبة «هي ذاكرة المهزومين من موريسكيين وجمهوريين»، وطالب بمد جسور الثقافة من خلال إطلاق مبادرات من قبيل تدريس اللغة والثقافة العربيتين في المدارس الثانوية بإسبانيا. أما عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل الذي نظم الندوة بتعاون مع المؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة، فقد توقف بالخصوص عند ندوة تطوان الدولية المنعقدة في مارس الماضي، محللا خلاصاتها، دون إغفال الإشارة إلى آخر لقاء عقده مع الأحزاب المغربية بالرباط حول حضور الملف المغربي الإسباني في الأجندة السياسية لهذه الأحزاب وما تمخض عن ذلك من توصيات. وتطرق الموساوي العجلاوي، من معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، إلى الاختلاف بين الذاكرة والتاريخ من جهة وكيفية تناول الخطاب الإعلامي لهما من جهة أخرى، مشيرا إلى أشكال الحضور الإسباني في تاريخ وذاكرة المغرب وكيفية تعامل إسبانيا مع المغرب خاصة خلال الحقبة الاستعمارية. بينما أثارت إنماكولدا سمولكا، من جامعة غرناطة، في مداخلتها دور الصحافة المغربية في عملية التغيير السياسي، وخاصة الصحافة المستقلة التي أحدثت تغييرا كبيرا في المشهد الإعلامي لا من حيث الموضوعات ولكن كذلك من حيث المعالجة وتناول القضايا المرتبطة بالتحول الديموقراطي وحرية التعبير. وأبرز أنس بن صالح، الصحافي بقناة الجزيرة القطرية بالرباط، أن الرهان على العنصر الاقتصادي في التقارب بين البلدين يظل مهما وإن كان غير كاف، مذكرا بالأزمات التي نشبت بين البلدين في عهد أزنار والتي قادت العلاقات بينهما إلى التوتر، ودعا إلى جرأة سياسية تعمل على تنشيط العلاقات السياسية بين البلدين. أما رفائيل غيريرو، مدير البرنامج الإذاعي «الذاكرة» في التلفزيون الإسباني، فقد توقف عند تضارب الآراء حول الأحداث وتناقض المعطيات التي تتم معالجتها من طرف المختصين، وانطلق في سرد المعلومات والأحداث حول الحرب الأهلية الإسبانية وما عاشه الجمهوريون من رعب وتنكيل، ودور المغاربة في جبهتي التحرير والاستعمار، وخلص إلى أنه لا يمكن تجاهل الحقائق سواء على مستوى التأريخ أو الممارسات كما هو الأمر في قرار القاضي غَارسون بالثزار، وقال إن الأمر لا يتعلق بالتعايش، بل بمواجهة الإرهاب وكراهية الآخر كيفما كان مصدرهما وطبيعتهما. واستمع الحضور إلى مداخلة محمد العربي المساري، وزير الاتصال الأسبق، الذي وجه إلى المشاركين مداخلة مكتوبة بعدما تعذر عليه الحضور لأسباب صحية. وقبل اختتام اللقاء من طرف رئيس المركز بوطيب، تناول الكلمة لويس غارسيا ديل مورال كَريدو (نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بالعلاقات الجامعية مع المغرب) مثمنا أشغال اللقاء وداعيا إلى استمرار النقاش حول العلاقات المغربية الإسبانية من أجل مد جسور العلاقات الضامنة لحوار رصين بين مختلف الأطراف من جامعيين وإعلاميين وغيرهم. وقال إن على الجامعة أن تلعب الأدوار المنتظرة منها في ذلك.