صفات المتقين من خلال القرآن الكريم دأبت عدة جهات أن تتجند بدون ايجار للتأليب على الإسلام وأهله وخاصته من العلماء والخطباء ، وللأسف الشديد ،فهذا التجند لا يستند إلى حق، بل هو مجرد افتراء وبهتان مكشوف ،يحاول أصحابه من خلاله الايقاع بأناس بريئين والتأليب عليهم بشتى الطرق والوسائل، وفي هذا الصدد توصلت التجديد ببيان نكذيب من الخطيب: الحبيب أجبلي، خطيب المسجد الأعظم بصفرو،(نشر أمس الأربعاء)، يستنكر فيه تقول جريدة الأحداث المغربية ليوم الأحد21/7/2002 عليه، بكون الحطيب يكفر الجنود المغاربة بجزيرة ليلى وكذا المؤسسة العسكرية، مع احتفاظ صاحب البيان بالحق في المتابعة القانونية. وهذا نص الخطبة المفترى عليها، التي أودع الخطيب نظيرا منها لدى نظارة الأوقاف والسلطات المحلية بالإقليم. أما بعد، أيها الإخوة المسلمون، نستأنف حديثنا عن التقوى، والتقوى أساس كل خير في الدنيا والآخرة. وقد وضح الله سبحانه في كثير من الآيات القرآنية أعمال المتقين وبين صفاتهم لنزن أنفسنا ونعرف منزلتنا من التقوى، وحتى نجتهد للقيام بتلك الأعمال، والتحلي بتلك الخصال، فنحن أيها الإخوة مطالبون جميعا بأن نكون من المتقين. فإن كنت تريد أخي المسلم، أختي المسلمة أن تعرف هل أنت من المتقين أم لا؟ فارجع إلى ما ذكره الله في المتقين، واجتهد في الالتزام بأعمالهم، وعندها تحظى بفضل الله وكرمه، وتصبح من أوليائه،، قال تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون)،وقال: ( إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون). وصفات المتقين عرضها القرآن في الكثير من السور، عرضها في سورة البقرة، وفي سورة آل عمران، والزمر، والذاريات. من ذلك قوله تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين: (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يومنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون" ومن ذلك قوله سبحانه: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين وآت المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآت الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)، ومن ذلك قوله جل جلاله: (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد. الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار)، ومن ذلك قوله عز وجل: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين، والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) صدق الله العظيم. هذه الآيات البينات حددت معالم المتقين، ملامح الفئة المرحومة، الناجية الآمنة المكرمة...، وعدد تلك المعالم يصل إجمالا وبعد دمج بعضها في بعض إلى سبعة: 1 الإيمان بالغيب. 2 الخضوع والطاعة. 3 إقامة الصلاة. 4 الإنفاق في سبيل الله. 5 الخشية والإشفاق. 6 الاستغفار والتوبة. 7 مكارم الأخلاق. أول صفات المتقين؛ "أنهم يومنون بالغيب" أي يصدقون بالغيب، ويعتقدون فيه اعتقادا جازما لا يخالجه شك ولا يخالطه ارتياب. ويدخل في الإيمان بالغيب؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر، والبعث والجنة والنار، والصراط والميزان والحساب،وغير ذلك مما أخبر عنه القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم. والإيمان بالغيب أعظم صفات المتقين لذلك بدأ الله بها، وركز النبي صلى الله عليه وسلم عليها وجعلها الإسلام فيصل التفرقة بين المؤمن والكافر، والصادق والمنافق، والتقي والفاسق، وفيصل التفرقة بين الإنسان والحيوان، الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه، والإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من هذا الحيز المادي. قال تعالى في حق الكافرين: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون). وما يأس الإنسان حين لا يؤمن بالغيب، وما أتعسه حين يبقى في عالم البهيمة، وما أسفهه حين يطمس تلك النافذة التي وهبها الله إياه ليطل منها على عالم آخر غير هذا المشهود، وما أجهله وما أكفره حين يسعى لصد الناس عن سبيل الله، وحين يعيب على المومنين الذين يضعون أرجلهم على عتبة تقوى الله عز وجل، وينعتهم بشتى نعوت الانتقاص والازدراء. أيها الإخوة؛ إن الإيمان بالغيب له ثلاثة مقامات، لا يعتبر إلا بتوفرها: - الإدراك الذهني، ويتم ذلك عن طريق التأمل في آيات الأنفس والآفاق، كما نبه الله إلى ذلك في غير ما آية من كتابه مثل قوله تعالى:(أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى) ومثل قوله سبحانه: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) ويتدعم هذا الإدراك عن طريق الوحي. الاعتقاد الجازم: واليقين الثابت كما قال تعالى: (إنما المومنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) الإذعان القلبي والانقياد الإرادي :المتمثل في الخضوع والطاعة لحكم الله ورسوله دون اعتراض كما قال تعالى: (إنما كان قول المومنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه أولئك هم الفائزون)، وهذا المقام الثالث (أي الانقياد والطاعة) هو عنوان صدق الإيمان، ولذلك كان وصفا مستقلا من أوصاف المتقين حيث قال تعالى: (....والقانتين..) فالقنوات هو لزوم الطاعة. إخوة الإيمان، إن من الأمور العجيبة الغريبة في تديننا أننا ندخل الدين من غير بابه، ونفرط في أول واجباته فبابه وأول واجباته الإيمان بالغيب، فهو أصل الأصول وعمدة الصلاح والقبول، هو حبل الهدى والعروة الوثقى، والمنهاج الذي ينبغي أن نتمسك به، ونؤسس عليه حياتنا، ونربي عليه أبناءنا، ونسلح به قواتنا، ونخوف به أعداءنا، بغيره نكون ضعفاء، حيارى تائهين، نخبط خبط عشواء، بغيره تكون محاولات نهوضنا عبثا، كمن يبني على الماء أو يكتب على الهواء. نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ويردنا إليه ردا جميلا، ويهدينا إليه صراطا مستقيما، آمين واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. أما بعد أيها الإخوة المومنون؛ لا شك أنكم على علم بما جرى يوم الأربعاء 71.7.20، حيث احتلت إسبانيا جزيرة "ليلى" (تورة)وهو تصرف لا يتفق ومبادئ حسن الجوار والأعراف الدولية، وينم عن العقلية الاستعمارية التي لا تزال تتحكم في سياسة إسبانيا، كما ينم عن كراهية دفينة، وحسد أن يصيب المغرب شيء من الخير، وأن تراه مغربا مزدهرا باسطا سيادته على جميع أرضه، كما قال عز وجل: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) وقال: (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تمسسكم سيئة يفرحوا بها)، فصدور أهل الكتاب من اليهود والنصارى كالمشركين تكن لنا الشر والضغينة والحسد والحقد، وهذه حقيقة يكشفها لنا الله تبارك وتعالى، وتتأكد لنا واقعا، كالذي رأيناه في انحياز الاتحاد الأوروبي المطلق لإسبانيا ودعمه لأطماعها، مما يبين بجلاء أن ملة الكفر واحدة، ويحتم علينا إعادة النظر في سياستنا الخارجية، والتسلح بالإيمان والتقوى، فإنها الدرع الواقي، والعروة الوثقى، كما سبق الذكر، و"إذا غابت التقوى فالغلبة للأقوى"، كما قيل. وعلينا أيها الإخوة، أن نوظف سلاح المقاطعة، فإنه من أمضى الأسلحة، فلا نشتري البضائع الإسبانية، فإن كل سلعة نشتريها من سلعهم، دعم لاقتادهم، وتوهين لاقتصادنا. إن مقاطعة بضائع الأعداء من اليهود والنصارى فريضة دينية وواجب وطني، وهو باب من أبواب الجهد الميسر لكل واحد، فلا أقل أخي المسلم أختي المسلمة، من أن تجاهد من هذا الباب. نسأل الله تعالى أن يكتبنا في المجاهدين... الخطيب: الحبيب أجبلي، خطيب المسجد الأعظم بصفرو