على إثر الإعلان عن إلقاء القبض على مجموعات وعصابات نسبت إلى ما يسمى "السلفية الجهادية" وتنظيم "التكفير والهجرة"، أدلى الخطيب أبو حفص لجريدة "التجديد" بتصريح نشر في عدد السبت والأحد الماضي. وأردفه ببيان موقع من طرفه، يعلن فيه ألا علاقة له وللمتعاطفين معه بالأحداث الموصوفة. كما اعتبر أن اسم "السلفية الجهادية" الذي تصر عليه عدة منابر إعلامية مجرد "اسم لقيط" وأن منهجه هو منهج أهل السنة والجماعة الداعي إلى المعروف والناهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. واتهم البيان جهات علمانية فرنكفونية بالتواطؤ من أجل تشويه الصورة الحقيقية لعلماء السنة والجماعة، وحفر هوة كبيرة بينهم وبين الناس. وهذا نص البيان كاملا: بيان من الشيخ أبي حفص بخصوص تناول بعض وسائل الإعلام للأحداث الأخيرة تناقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، خبر إلقاء القبض على مجموعات وعصابات قيل إنها قامت بعمليات قتل وسرقة في مختلف المدن، وذكرت أن شخصا يدعى (يوسف فكري) صرح بأن ما سمي إعلاميا بتيار (السلفية الجهادية) يتحمل مسؤولية هذه الأعمال. وقد أظهر تناول كثير من المنابر الإعلامية لهذه الأحداث عدة أمور، منها: أولا: إصرار هذه المنابر على تلقيب أهل السنة، بهذا اللقب اللقيط،رغم براءتهم منه، وإعلانهم ذلك في مختلف الصحف، لكن السلطة بتواطئ مع هذه المنابر تصر عليه، تحريضا على أهل السنة وإغراء بهم. ثانيا: استغلال بعض المنابر الحزبية، وخاصة صحيفة (الاتحاد الاشتراكي) لهذه الأحداث، من أجل تحقيق مصالح انتخابية فهذه الأحزاب لما أحست بخطر المد الإسلامي، ونجاح الدعوة المباركة، خشيت أن يؤثر عليها ذلك في المسار الانتخابي، خاصة بعد إفلاس مشاريعها، وظهور خواء شعاراتها، فاستغلت هذه الأحداث لتؤلب الرأي العام ضد كل ما له علاقة بالإسلام، دون تفريق بين ما تسميه هي ب(الإسلام البرغماتي) و(الإسلام الراديكالي). ثالثا: إصرار هذه المنابر على ربط العلاقة بين دعاة أهل السنة وعلمائهم، وهذه الأحداث، وزعمهم أن هؤلاء الذين قاموا بهذا العمل إن صح ذلك، يدينون بالولاء لشيخ أهل السنة. وهذا الهراء إن انطلى على بعض السذج فلن ينطلي على من يعرف دعاة أهل السنة، ويعلم منهجهم وعقيدتهم، وعلاقتهم بأفراد المجتمع. فلا داعي إذن لهذا التضليل والتزييف المشوه للحقائق. رابعا: إصرار هذه المنابر على جعل أهل السنة، والتكفيريين في سلة واحدة، بل نسبة أهل السنة إلى منهج التكفير كما فعلت جريدة (الاتحاد الاشتراكي)، حيث زعمت أن أهل السنة بهذا البلد يكفرون مرتكب الكبيرة، ويكفرون المجتمعات، ويهجرون المساجد. وهذا باطل يعلمه من له أدنى مسكة من عقل، فعلماء أهل السنة هم أئمة ودعاة وخطباء بمساجد المسلمين، وما دخلت السجن إلا لسبب الخطب التي كنت ألقيها بمساجد المسلمين. خامسا: محاولة هذه المنابر الخلط بين هذه الأعمال، وحملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يقوم بها بعض شباب أهل السنة بالحكمة والموعظة والحسنة، وعن طريق الوداديات السكنية، وقد لاقت هذه الحملات استحسان المواطنين وتشجيعهم لهذا الخلط يراد القضاء على هذه الحملات التي ضيعت مصالح كثير من تجار الخمور وبعض الجهات التي تسترزق من حمايتهم والتستر عليهم. سادسا: الكذب المفضوح والافتراء الواضح الذي تعمد إليه هذه المنابر من أجل تحقيق الإثارة الإعلامية كما فعلت جريدة (الأحداث المغربية) حين ذكرت أنه ألقي القبض على شخص من المقربين إلي يدعى (أبو سالم 32 سنة)، وأنا لا أعلم أحدا بهذا الإسم، بل مدينة فاس كلها باستثناء هذا الصحفي لم تسمع بهذا الخبر. وكما فعلت هذه الجريدة لما نقلت وقائع جلسة أخينا أبي أيمن فك الله أسره، فكتبت وافترأت واختلقت، كما شهد بذلك المحامون الذين شهدوا الجلسة. ولا أدل على هذا الكذب المفضوح من كون هذه الجرائد زعمت أن المدعو (يوسف فكري) يدين بالولاء لنا ويرجع إلينا في فتاوينا ودروسنا وعلى إثر ذلك قام بما نسب إليه من أعمال، وقد ذكرت هذه الجرائد أن هذا المذكور قد مارس عمليات القتل منذ عام 1998م، بينما كثير منا لم يكن معروفا في الساحة قبل هذه السنة، فكيف كان يدين لنا بالولاء ونحن لم نعرف بعد؟ فأمام هذا التخليط المقصود، والبهتان الواضح نعلن ما يلي: أولا إن هذا الاستغلال الرخيص لهذه الأحداث من أجل تشويه أهل السنة، ما هو إلا حلقة في هذه الحرب التي أعلنها العلمانيون على الدعاة المصلحين، فتارة يزجون بهم في غياهب السجون، وتارة يمنعونهم من إلقاء الخطب والدروس، وتارة ينبزونهم بالتكفير، وأخيرا يحاولون الربط بينهم وبين أحداث لا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد. ثانيا إن دعوتنا ولله الحمد، هي دعوة الأنبياء والمرسلين، ودعوة الصحابة والتابعين، ودعوة الأئمة والعلماء الربانيين، وهي دعوة أهل السنة والجماعة، وبها يدين إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وغيرهم من علماء أهل السنة ونعتبر أنفسنا امتدادا للحركة العلمية التي عرفها هذا البلد منذ دخول الإسلام إليه. فمنهجنا هو منهج هؤلاء سواء فيما يتعلق بمصادر التلقي أو طرق الاستدلال أو مباحث الكفر والإيمان أو أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا حاجة إلى هذا التخليط المفضوح. ثالثا إننا قد علم من منهجنا ولله الحمد، أنا دعوتنا دعوة أهل السنة وسط بين أهل الإرجاء، وأهل الغلو في التفكير، فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، ونصلى في مساجد المسلمين، وبها نمارس دعوتنا وأنشطتنا ونأكل ذبائح المسلمين، ونصلي عليهم ونستغفر لهم وننصح لهم. وهذا كله معلوم عنا، ولله الحمد، وما اضطررنا إلى بيان ذلك إلا خوفا من أن ينطلي هذا الكذب على بعض العقول الساذجة. رابعا نعلن أنه لا علاقة إطلاقا بين هذه الأحداث، إن صحت، وبين تعاطفنا الشرعي والواجب عن المجاهدين في سبيل الله في أفغانستان وغيرها، ومع الشيخ أسامة بن لادن، حفظه الله تعالى، لأن جهاد هؤلاء ضد أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين جهاد شرعي سني، يمثل حلقة من حلقات الصراع بين الإسلام والكفر، من بداية الدعوة إلى يومنا هذا، فلا حاجة إلى تشويه جهاده المبارك بربطه بهذه الأحداث إن صحت. خامسا إن هذه الحملة الإعلامية تتم بتواطئ مجموعة من الجهات من أجل تشويه علماء أهل السنة حتى لا يحارب المد الفرنكفوني الذي استعصى عليه التأثير في عموم الناس، لأنه يصطدم بفطرهم السليمة التي تستجيب تلقائيا لنداء الإسلام، فعمدت هذه الجهات إلى تأليب الرأي العام نحو ولاء هؤلاء المصلحين، لمحاولة الربط بينهم وبين هذه الأحداث. لكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). كتبه أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي 29 جمادى الأولى 1423ه/8 غشت 2002