تعرف الساحة الإعلامية حملة شرسة اتجاه الخطباء والفقهاء، حملة تحملت كبرها صحف لا حظ لها من المسجد وأهله وتسعى حاهدة للحصول على كوطة في توزيع المساجد والخطباء، تهم شتى تحاول جهات معينة ترويجها لإحداث تشويش على علاقة الفقيه أو الخطيب بالمجتمع وأفراده من مثيل: استغلال المنبر لأغراض سياسية، المساجد أصبحت مقرات حزبية، تصفية حسابات مع السلطة، استغفال السامعين، المواطنون لا يخفون استياءهم من هؤلاء الخطباء، تهم تضرب هنا وهناك لعلها تصيب مقتلا;لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره. الاستطلاع التالي يحاول الإحاطة بالموضوع قدر المستطاع، ليس فقط لإبراز تفاهة الحملة الشرسة الذي يعض أصحابها أناملهم من الغيظ لرؤية أو سماع أن خطيبا يود الترشيح لمقعد جماعي أو نيابي، ولكن الهدف هو تأكيد مكانة الخطيب وحقه الدستوري والاجتماعي في تقلد مسؤولية إدارة الشأن العام، وما الفصل بين المسجد وقبة البرلمان إلا تركة من تركات النهج العلماني الذي ورثناه عن الاستعمار الغاشم. مكانة الخطيب في المجتمع الإسلامي على مر العصور، ظل المنبر الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تميز المجتمع الإسلامي عن باقي المجتمعات، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما استجد أمر صعد المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، وأشرك المجتمع في النظر في تلك المستجدات، ومعالجة الأمراض في مهدها، سواء تعلقت بالحرب أو إدارة الأموال أو الجبايات، أو مست القضايا الاجتماعية، واستمر الخلفاء ومن تبعهم على هذا النهج، وهذا المأمون يسأل عن سبب إسراع الشيب إلى رأ[1]سه فيقول: شيبتني خشبتان: النعش والمنبر، والمجتمع المغربي بصفته الإسلامية يكن احتراما وتقديرا للخطيب والفقيه، إليه يلوذ في السؤال عن أمر دينه ودنياه، إلا أن هذه المكانة عرفت تشويشا مع اقتحام الخطيب ميادين الإصلاح بأنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يعد قابعا في فتاوى الحيض والنفاس، فأصبح صوته عاليا في الحديث عن البيئة والمحافظة عليها، والمناسبات الوطنية كعيد الاستقلال وغيره، والتعليم والصحة والمرأة، إلا أن هذا أغاظ "بعض المتنفذين"، يقول الأستاذ عمر بن ح خطيب بالمحمدية: "إن منع الخطباء من التطرق إلى هذه المواضيع سواء كانت سياسية أو وطنية أو اجتماعية لا مبرر له، فهو يتأسس على سوء نية، إذ كيف نمنع الخطباء من الحديث عن هذا، ونترك الحرية لجهات أخرى كالفنانين والصحافيين والأساتذة، فهؤلاء أيضا لهم جمهور عريض يوطرونه، فلماذا استثناء الخطباء؟ إذا منعنا الخطباء، استجابة لضغوط علمانية من الحديث في هذا الموضوع وذاك، فسيأتي يوم لا يمكنهم الحديث عن أي شيء إطلاقا. إن هذه الحملة حول الخطباء وربطها بالدعاية الانتخابية يدل على ثقلهم داخل المجتمع، وتوقيفهم بدون إشعار مسبق، وعدم الاعتراف بفضلهم، وأجرتهم الهزيلة، كلها أمور تدل على مستوى الاهتمام بهم. فلا بد من وقفة للعناية بهم وإعادة الاعتبار لدورهم في المجتمع". حدود الخطيب في مواضيع خطبه: الخطيب عمو بن ح من المحمدية يفرق بين الخطباء والسياسة والخطباء والانتخابات، فلا بد من وضع حدود دقيقة، فلماذا يطلب من الخطيب الحديث في موضوع معين ويضيق عليه الخناق في موضوع آخر، فالخطيب واحد من الأطراف التي تعمل في المجتمع المدني كالجمعيات وغيرها، ومن الواجب عليه أن ينبه إلى البعد عن دعاة الإباحية وأعداء الإسلام ولكني شخصيا ضد الدعاية لشخص بعينه أو هيئة معينة فهذا يحط من قيمة الخطيب والخطبة". أما التلميذ محمد 71 سنة، مستوى الثالثة ثانوي: فيؤكد "لو ترشح عنا خطيب فله الحق، وسيكون لديه إقبال، فالناس يعرفونه جيدا، ويعرفون حقيقته وصلاحه، صديقه أيضا يقترح أن يقوم الخطيب بالتوضيح لأفراد المجتمع: "لم أحضر لأي خطيب يناقش موضوع الانتخابات، وأقترح لو أنه يوضح للناس بأن على المرشح أن يتحلى بالصدق والوفاء بالوعود، فهذه أمور أراها حسنة، فهناك في المجتمع أميون يحتاجون إلى هذا التوضيح" إذاً فهذه الشهادات تؤكد طبيعة مشاركة الخطيب في التنبيه لما يعتري الانتخابات من سلوكات سيئة، مع وعي أصحاب الشهادات بمختلف اهتماماتهم، بوجوب احترام شروط الحديث في هذا الموضوع الذي يقتصر على التوجيه إلى المبادئ العامة دون الخوض في فوضى الصراع والتنابذ أو الدعاية لهيئة أو شخص بعينه. عبد الله نهاري خطيب بمدينة وجدة ( موظف بوجدة) بغرفة الصناعة التقليدية نحن الخطباء أول من يستنكر أن يتم الحديث عن حزب بذاته وعلينا إبعاد أرباب المنابر عن الصراع الحزبي وإذا قدر أن انزلق خطيب يعرض على مجلس العلماء فلا يمكن أن يكون لقمة سائغة بيد كل الناس. الخطيب يمكنه أن يتناول جميع المواضيع، انطلاقا من شمولية الإسلام ومبادئه، أما الهجوم الذي يتعرض إليه الخطباء في البلاد، هو أمر في الحقيقة يدعو للأسى وللأسف خاصة مع اقتراب مسألة الانتخابات، فالخطيب يعلو منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقال عليه الحق وليس شيئا سواء الحق، فليس للخطيب أن يتلون بأي لون سياسي، ولاينبغي أن يدعو إلى فئة دون أخرى بل أن يدعو للإسلام. والزوبعة التي قام بتأجيجها كثير من الأقلام المسمومة العلمانية لا تريد أن تضرب الفقيه كشخص، ولكن تريد أن تضربه مغلوبا فعندما يمنع الخطيب من الحديث عن إدماج المرأة في التنمية، أو عن استقبال المغاربة في ظل حكومة التناوب لقتلة المسلمين في فلسطين، وهذه الحملة الشرسة في هذا الظرف بالضبط هي محاولة ضرب لمؤسسة المسجد ------------------------------------------------------------------------ ككل وإقصاء دوره من الحياة كلها، وهو أمر يضر بسمعة المغرب باعتباره دولة إسلامية، ينص دستورها على إسلامية الدين من جهة. ومن جهة أخرى، كون المسجد قام عبر التاريخ بتبصير المسلمين بدينهم وحمل على عاتقه مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أيا وجد هذا المنكر ومن أي مصدر صدر. واتهام خطباء بكونهم يدعون إلى حزب العدالة والتنمية هو اتهام رخيص جدا، والدعوى التي نسمعها وهو محاولة تكميم المسجد وأفواه الخطباء هو مسألة في الحقيقة تدعوا إلى الاستغراب، وقد عشنا في الأيام السابقة ما يسمى بالوشاية، فأنت تجد أن هناك أناسا بدل أن يأتوا إلى المسجد لاستماع خطبة الجمعة، تخرجون منه بوشايات مخابراتية خاصة من أحزاب كنا نسميها وطنية، وتدعي الدفاع عن مقدسات البلاد، فتجد عند النظارة أن الفقيه الفلاني تحدث عن كذا وكذا وعندما تسأل عن صاحب الوشاية تجده المسؤول الجهوي عن الحزب الفلاني بالجهة، فهذا عيب أن يتحول هؤلاء ليقوموا بدور "الشيخ" أو المقدم، في وقت ترفع فيه الحكومة الحريات العامة، وإطلاقها، في حيث أن الخطيب هو آخر ما يتكلم عنه لأنه يعرف مسؤوليته. ------------------------------------------------------------------------ ثالثا: إذا قيل للخطيب تحدث عن هذا ولا تتحدث عن هذا، وإعطائه دليلا للمواضيع أو "كاطالوغ" وأشياء محرمة على الخطيب. فتوجيه المنابر بهذا الشكل هو ضرب سافر برلمان يدافع عن المغاربة جميعا. ونحن الفقهاء والخطباء نترفع أن نكون بوقا يدافع عن شخص أو هيئة معينة، فالمنبر مسألة مقدسة عند المسلمين، فلا يمكن أن يدخل في النقاشات الحزبية. أما أن يقوم الخطيب بالتوجيه للإصلاح فهذه مسألة شرعية، فأنت لا توجه الكلام لشخص معلوم وإنما تتوجه إلى الأمة بأجمعها انطلاقا من نصوص شرعية. كاختيار القوي الأمين، والاحتياط في الشهادة باعتبارها شهادة أمام الله يقدمها، انطلاقا من هذه الأمور العامة، وتوجيه الأمة نحو الأفضل فلا أظن أن أحدا يعارض هذا. أما أن يتم الحديث عن فلان بذاته وحزب بذاته، فنحن الخطباء أول من يستنكر هذا العمل، فالنظارات ووزارة الأوقاف والوزارة الأولى تتحمل مسؤولية اختيار الفقيه العالم، العارف، يعلم ما له وما عليه وهذه كارثة موجودة في كثير من المساجد، تحدثنا مرار ورفعنا صوتنا أن الخطابة مهمة شرعية يجب اختيار لها الكفء المستطيع للقيام بأعبائها، هذه حقيقة أولى. من جهة ثانية إذا قدر أن انزلق خطيب في موضوع ما، لا يمكن أن يعامل بهذه الطريقة العزل والتوقيف بدون مبرر أو سند قانوني). العالم لا بد أن يعرض أمره عن مجلس العلماء، فلا يمكن أن يكون لقمة سائغة بيد كل الناس، من أراد أن يتكلم فيه أن يتكلم، ومن أراد أن يقدح فيه يقدح، رأينا أن الراقصة لما أرادت أن ترقص لأحد رجال الشرطة بوزان، جيء بها وكل منظمات حقوق الإنسان دافعت عنها لتستعيد كرامتها، فقط الخطباء لا أب لهم، ولا أم لهم ولا من يدافع عنهم، هذا أمر خطير. حينما تعورض الأخ عبد اللهخ الحكة اليوبي للاختطاف، خطيب مسجد بفاس، وفي هذه الظروف الاستثنائية الخطيب أبو حفص. هذه التوقيفات نستغرب لها، لماذا لم يوجه هذا الحزم لمن يخربوم بيوتنا، ومن يعملون على نشر الفضائح وتشويه أمتنا في شرفها وهو كثر، وهم لا يتكلمون في المسجد، في المنبر الذي يسمعه مجموعة من الناس، بل يخاطبون الأمة ككل في الإعلام. وعندما ترشحت للمجالس البلدية، وفي تلك التجربة رأيت أنه من الصعوبة بمكان أن يجمع الإنسان بيم مهمتين: الخطابة والشأن العام، لأن الخطيب في عصرنا، هو وظيفة من وظائف الدعوة إلى الله، دعني أقول لك، بأن الخطيب يجب عليه أن يعيش الأسبوع بأكمله والأحداث في بلده ووطنه وفي العالم ويعرف ما يدور حرله، ليعرف الموضوع الذي يجب عليه أن يطرقه، ليكون العملف ناجحا هذه من ناحية، فهو يحتاج إلى وقت لمتابعة الأحداث، دارسا مطلعا، مستمعا، وقته كله لإنجاز خطبته. أما إذا كان خطيبا وواعظا فهذا يضيف له هما ثانيا، وأما إذا كان الخطيب داعية فالأمر أكبر، فهو يحتاج إليه في كل الأوقات، فهو باب يطرقه كل واحد فيجده مفتوحا، هذه ليست إدارة وليس رجل سلطة أو موظفا يعمل بتوقيت محدود تطرق أبوابه في أوقات معينة. الخطيب إذا كان داعية إلى الله، وأريد له أن تنجح دعوته، فينبغي أن يسخر وقته وبيته وماله كله حتى يلمس الناس فيه صدق توجهه، ويراه الناس إسلاما يمشي على الأرض. فكيف ينبغي لمن يقوم بهذه المهام أن يجمع بين مهمته أخرى تحتاج إلى جهد أكثر ووقت أطول كما في الولايات العامة، أنا أنزه الإخوان عن هذا، بالنسبة لمن يعتقدون أن الدعوة عمل استراتيجي تخصص له الطاقات، فلماذا نوجه أرباب المنابر للسياسة، المجال السياسي يستطيع هؤلاء أن يوجهوا الناس لاختيار الأفضل أن يربوا من يختار الأمثل، قالزج بهم ضياع للأمة وللدعوة، أضرب مثالا هنا: الشيخ عبد المجيد الزنداني باليمن عندما كان داعية يعطي دروسا علمية كانت أشرطته تصل أقطار الدنيا، نستفيد منها نحن في الغرب الإسلامي وحتى العجم. ولكن عندما دخل حزب الإصلاح في الانتخابات، أين هو الشيخ الزنداني المربي؟ أقول هذا للناجحين في مجال الخطابة. الخطيب الأمين بوخبزة (خطيب موقوف بتطوان وبرلماني بمجلس النواب المغربي الحملة على الخطباء ابتزاز سياسي وإعلامي ولو خيرت بين المنبر السياسي والدعوى لاخترات الدعوي إن هذا التنافي بين القيام بمهمة الخطابة باعتبارها رسالة تربوية توجيهية دعوية والقيام بالنيابة عن الأمة في قبة البرلمان، هذا التنافي كما قلت بطبيعة الحال افتراضي، ويقوم على خلفية مبيتة للحركة اليسارية، وسعيهم لإعادة أمجادها بالتنسيق مع جهات أجنبية معروفة. هذا التنافي لا يقره دستور وليس هناك قانون يقره، ولا يقره شرع أو عقل، ونحن نؤكد أن أي إمام أو خطيب تسول له نفسه أن يجعل منبر الخطابة وسيلة دعائية لحزب بعينه أو برنامج حزبي بعينه، أو توجه سياسي بعينه، نعم فوقوع نازلة مثل هذه يتحمل الخطيب مسؤوليته، وينظر إلى النازلة بحسب ما تقتضيه مصلحة البلاد والمصلحة العامة لاستقرار البلاد، ولكن أن يصبح حكما مسبقا على جميع الخطباء والأمة فهذا شيء بطبيعة الحال لا يعكس شيمنا. وبالنسبة لي شخصيا وبعض الخطباء نحن ضحية حملة إعلامية مكثفة قامت بها أحزاب اليسار من خلال صحافتهم ضد وزير الأوقاف يتهمون إياه بمجاملتنا باعتبارنا خطباء تابعين لحزب العدالة والتنمية، وللأسف الشديد، كان هناك نوع من الابتزاز السياسي والإعلامي والذي أعطى ثماره المتمثلة في توقيفنا، ولم يتم توقيفنا بقرار مكتوب، لا أنا ولا الأخ عبد الله اشبابو، وإنما تم إشعارنا بأنه "من الأفضل حتى تهدأ الزوبعة الإعلامية ونفوي أصحابها أن نتخلى عن المنبر"، ولكن بعد فترة قال الوزير: لا يمكن الجمع بين منبرين، وقلت له: لو خيرت بين المنبر السياسي والدعوي، لم أتردد لحظة في تفضيل منبر المسجد. لأن رسالته مهمة والأمة أحوج إليها. والحملة مغرضة هدفها التخويف والترهيب في صفوف الأئمة والخطباء حتى لا يكونوا في تعاطف مع أي توجه معين، وهذا يتنافى وحقوق الإنسان، يتنافى والشرعية التي يتغنى بها هؤلاء، فخطيب الجمعة له كامل حقوقه الدستورية، بأن ينتمي لأي حزب أو توجه سياسي وأن يتعاطف مع أية جهة كانت، فهؤلاء يستبقون الأحداث بهذه الحملة، لمعرفتهم أن هناك فئة هامة متعاطفة مع التوجه الإسلامي، فهذا أمر بديهي أن يتعاطف مع البديل الإسلامي والتوجه الإسلامي. وأرى أن الجهة المخول لها الحسم في أمر الخطباء هي المجالس العلمية، فالمجلس العلمي إذا وضعت بين يديه التسجيلات كان فيها كلام واضح لا يحتمل التأويل، أن هذا الخطيب يدفعهم ويحضهم إلى التعامل مع هذا التيار السياسي بالمكشوف أو التلميح الذي يفيد التصريح، نقول هنا: إن هذا الخطيب يتحمل مسؤوليته، فالمنبر لا ينبغي في نهاية المطاف ألا يثير حساسية، ويخلق حالة من التنافر بين المصلين وأئمة المسجد ونحن نثق في المجالس العلمية لاحتوائها على علماء مثقفون وبكفاءة تؤهلهم لهذه المهمة، وقرارها ملزم ليس بناء على قول "خليفة" أو "مقدم"، بل تؤخذ الخطبة مسجلة وتعرض على اللجنة، ويحكم عليها موجهة تابعة. ولكني أرى أن الخطيب في سعة من أمره، له من المواضيع ما يمكنه من توجيه الناس إلى من ينوب عنهم في الأمور التشريعية، بالحديث عن الأمانة وأمانة الكلمة خاصة، والغش وشهادة الزور بدون الإشارة إلى عمرو أو زيد، ويتكلم بقوة في المواضيع التي يمكنها أن توجه أخلاقيا اختيارات الناس، دون أن يضيق الزاوية على نفسه. ونصيحتي للخطباء من خلال تجربتي المتواضعة أن على الخطيب أن يفوت الفرصة على هؤلاء العلمانيين الفرانكوفونيين ذوي الخلفيات السيئة التي همها محاصرة الصحوة الإسلامية ومحصارة الناس إلى الاحتكام إلى شريعة الله تبارك وتعالى، بأن يكون خطنا كيسا ذكيا، يوظف الخطبة في توجيه الناس وتربيتهم دون أن يدفع لعزله من الخطابة، ونجد في تطوان معظم الخطباء جرى توقيفهم لأن الحملة الشرسة أتت أكلها رغم أن لا أساس لها في الدستور وفي العقل والنقل. عبد الله اشبابو خطيب موقوف برلماني بمجلس النواب: عندما يتكلم الخطيب فجميع ألسنة السوء تنطلق وتسكت عندما تنتهك المحارم عندما كنت أخطب وأتحدث في الموضوع بطريقة بعيدة كل البعد عن الإشارة لأي حزب من الأحزاب أو هيئة من الهيئات، وإنما تكون مرتبة على توضيح واجب المسلمين في اختيار الثقاة ومن يتقي الله عز وجل ويقدر المسؤولية لأن قضايا الأمة أو حمل مسؤولية الجماعة هي أمانة والأمانة تقتضي أن يتحملها من هو أهل لها ممن يتوفر على مجموعة من المعايير والكفاءة وحب الخير للوطن بغض النظر عن انتمائه، لأن الانتماء هنا أن يشار إليه ولم أشر. طول حياتي إلى أي حزب من الأحزاب أو هيئة من الهيئات، ولكن كنت أقول: ما بال أقوام لأن التعيين فيه جروح وفيه مس بالغير وهذا من شيم الإسلام، خصوصا الخطباء باعتبارهم أولى الناس بالالتزام بما يدعون الناس إليه، هذا من جهة، ومن جهة.أخرى عندما تقدمت إلى الانتخابات بمحض إرادتي ابتعدت عن المنبر قبل الحملة الانتخابية وطالبت ناظر الأوقاف بأن يعين خطيبا مكاني يتحمل المسؤولية خلال تلك الفترة، ولا أظن أن أحدا من الخطباء يتناول هذا الموضوع بطريقة مباشرة، وإنما يتناوله بما له علاقة بأخلاقية الإسلام، لأن دين الإسلام دين شامل، ليس فيه تبعيض ولا فيه ما لله لله وما لقيصر لقيصر بل هو دين شامل من الأخلاق إلى السياسة، وإنما التفريق جاء من الغرب وقيمه ومفاهيمه. وتوقيفنا لم يأت بناء على خطإ يمكن اعتباره سببا للتوقيف، وإنما هو قرار اتخذ وليس له مبرر تماما، لأنه نتحدى الجميع إثبات بأي وسيلة من وسائل الإثبات، أنا وبعض الخطباء الذين أعرفهم الذين تم إيقافهم كالأمين بوخبزة ورشيد المدور تناولنا من فوق المنبر بالتحديد أو التصريح ------------------------------------------------------------------------ قضية من القضايا السياسية، بل نتناول الجانب الديني من جميع القضايا. فنحن متفقون إن كان هناك مس بأية هيئة سياسية مباشرة أو بالتلميح أو بغيره من الوسائل، ولكن أن يمنع الخطيب من أن يتناول القضايا الإسلامية لها علاقة بالحكم وما يدير مصالح العباد أو المؤسسات أن يعطي رأي الإسلام المجرد عن كل الآراء بما فيها آراء الحركة الإسلامية. ونأسف لهذا التوجه، والتلويح بالعصا الغليظة لتكميم الأفواه بطريقة أو بأخرى. فماذا عساه يقول الخطيب إذا لم يتحدث عن قضايا الناس المعاصرة، وأعتقد أن المجالس البلدية هي مؤسسات لصيقة بحياة وأحوال الناس، والخطيب إذا لم يوجه هذه المؤسسات والعاملين فيها ويوجه المواطنين، فماذا بقي له؟ أن يعلم الناس سنن الوضوء وكأن الإسلام جاء فقط بصلاة كنسية. وهدف الحملة على الخطباء هو إزاحة الخطاب الإسلامي من الساحة، وتكميم أفواه الخطباء، ليبقى المجال مفتوحا لصحافتهم التي تدعم. وهؤلاء ليس هناك من يقف ضد ما يصرحون به ويقومون به في إفساد المجتمع والهجوم على القيم بهدف إفساد أخلاق الناس بما تروج له بعض الصحف، من استهزاء بالإسلام والخطباء فلهم الحرية الكاملة فليس هناك من يشير إليهم بأية إشارة الاتهام، ولكن عندما يتكلم الخطيب فجميع ألسنة السوء تنطلق من كل جانب ومن كل مكان، وهذا قدرنا. ولكن لا بد أن يعلم الجميع أن الإسلام كان وسيبقى هو الأعلى في هذا البلد مهما كممت أفواه الخطباء ودبرت المؤامرات لإسكات أفواههم، فإن صوت الحق يعلو ولا يعلى عليه. وللحق جولات وللباطل جولات. ولكن لا بد أن تكون الجولة الأخيرة للحق إن شاء الله. ذ. الحبيب أجبلي خطيب المسجد الأعظم بصفرو الخطباء يقومون بواجبهم الشرعي ..وصحف تكره تنامي الشعور الديني عند المواطنين شخصيا أطالب هؤلاء المغرضين إن كانوا صادقين أن يجعلوا للإسلام مكانا في برامجهم السياسية والتربوية إن هذه الحملة التي تقودها بعض الأقلام المسمومة في صحافة اليسار موجهة أساسا ضد تنامي الشعور الديني لدى المواطنين، ومحاصرة الصحوة الإسلامية باعتبار أن الخطباء والوعاظ والعلماء هم رعاتها وموجهوها، فهم بذلك يقومون بواجبهم الشرعي في تأطير الناس وتوعيتهم وربطهم بدينهم، خصوصا وأن خطبة الجمعة عرفت قفزة نوعية في السنين الأخيرة، حيث أصبحت تلامس قضايا الناس وتعالج مشاكلهم اليومية وتعايش هموم الأمة والتحديات التي تواجهها.. كما أن الحملة تستهدف بالأساس دور المسجد التربوي والتأطيري باعتباره مؤسسة متعددة الأبعاد والوظائف كما يشهد بذلك تاريخ الإسلام، وإن هؤلاء الفتانين يودون عزل الخطباء عن اهتمامهم بالحياة العامة وصدهم عن دورهم الرسالي الذي يمليه عليهم دينهم والإيقاع بهم عن طريق الوشاية الكاذبة وتلفيق التهم لهم، وهذا لعمري تناقض صارخ في موقف القوم، حيث كانوا بالأمس القريب ينادون بضرورة تحديث المؤسسات المشرفة على الشأن الديني، ويطالبونها بالاهتمام بشؤون الحياة العامة بدل الخوض فقط في قضايا فقهية لا تتعدى أبواب العبادات وخاصة الطهارة منها! وكم عابوا علي وزارة الأوقاف بأنها تهتم بمراقبة هلال رمضان وشوال! فسبحان مبدل الأحوال!! وهذه الحملة لا تخرج في عمومها عن الحملة التي تقودها زعيمة الاستكبار العالمي أمريكا وأذنابها من القوى العلمانية التي أصبحت متحالفة معها موضوعيا ضد الإسلام وأهله، حيث جعلوها قبلتهم بعد انهيار قبلتهم الأولى، ولا يتحرجون من استعدائها سرا وعلانية على الخطباء وحملة المشروع الإسلامي بدعوى أنهم يمثلون منبع التطرف الديني! وهم بهذا الصنيع يتجاوزون كل الخطوط الحمراء بعدما فشل مشروعهم فأصبحوا يتجرؤون على كل ما هو مقدس، وهذا ليس غريبا عليهم. وأنا شخصيا من خلال هذا المنبر أطالبهم إن كانوا صادقين في غيرتهم على الدين أن يوجدوا للإسلام مكانا في برامجهم السياسية والإعلامية والثقافية والتربوية. حملة الانتقاص الشامل حدد الدستور شروط الأهلية للترشيح للمجالس الجماعية والنيابية وحجب أهلية الترشيح عن القضاة والقواد والعمال والعسكريين وجعل باقي المواطنين مؤهلين للتمتع بحقوقهم الدستورية ومنها حقا الترشيح والاقتراع والخطباء جزء من المواطنين، والاحتجاج بأن لهم جمهور عريض يصوت عليهم، احتجاج ليس له مبرر، لأن رئيس المجلس البلدي مثلا له ارتباط يومي بالسكان، ويقضي مصالحهم، وكذلك رؤساء الإدارات والمؤسسات والفنانين والأساتذة والصحافيين. يقول الدكتور عبد السلام بلاجي خطيب مسجد بالرباط: "الحملة التي تشن على الخطباء والفقهاء فيها انتقاص دستوري وسياسي واجتماعي، فسياسيا تتحكم فيها سوء نية لحرمان فئة من الناس نزهاء وشفافيين وتكرس تصورا علمانيا رغم أننا في دولة إسلامية والدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة، ودستوريا لا تحجب عليهم أهلية الترشح والاقتراع كالقضاة والعسكريين، فكما نجد في مجلس المستشارين نقابات وغرف مهنية تعطي خبرة في مجالها فلماذا لا تكون هناك تمثيلية للعلماء تعطي خبرة في مجال انشغالها، خاصة ونحن في دولة إسلامية، وحتى في الدول العلمانية فهي تتيح لرجال الدين الفرصة بالمشاركة في إدارة الشأن السياسي، شخصيا أتلقى من الناس طلبا بالترشح عنهم وهم يقولون لي بالواضح: نرشحك لأنك خطيب جمعة ونثق فيك، ولا نريد أن يأتينا ملحد أو علماني، وهذا الطلب من ساكنة الحي الذي أخطب فيه بمختلف انتماءاتهم الحزبية... بالنسبة للدكتور عبد العالي حامي الدين (دكتور في القانون الدستوري)، فيؤكد أهلية الخطيب للانتخاب والترشح من الناحية الدستورية وإن كان يرى أن ينأى الخطباء عن التخندق في تيار معين أو الدعاية لشخص بعينه. "من الناحية المعيارية الدستورية، فالخطباء مواطنون والدستور المغربي في بند من بنوده يعتبر المواطنين سواء أ[1]مام القانون في الحقوق المدنية والدستورية، ولم يستثن الدستور إلا رجال السلطة والقضاة وأصحاب السوابق الجنائية من أهلية الترشح. أما من الناحية الواقعية، فلا بد من استقلالية الخطباء لتبقى للمساجد استقلاليتها وحرمتها، وهذا لا يعني أنهم بمنأى عن تزكية الفضلاء والنزهاء، ولكن استحضارا لرمزيتهم داخل المجتمع واعتبارا لكونهم يعبرون عن القيم المشتركة بين الناس، فالأفضل أن لا يتخنذقوا في اتجاه معين". خلاصة تأسيسا على ما سبق فشرائح من المجتمع تؤكد أحقية الخطيب في الترشيح والحديث عن الشأن الانتخابي، ليس من باب الدعاية لهيئة أو شخص بعينه، بل بإرشاده إلى المبادئ العامة التي أقرها الإسلام من أمانة، وصدق ووفاء بالعهود، وقياما بالمسؤولية وذلك بهدف ضمان شفافية وأخلاقية عالية لهذا النمط من أساليب تدبير الشأن العام، كما أن الدستور لا يحجب عن هذه الشريحة أهلية الترشح والاقتراع، مما نستنتج معه أن الحملة على خطباء المساجد ومحاولة التنفير منهم، ليست الغاية منها أشخاصا بعينهم بل هي محارلة مدروسة الأهداف لتحييد منبر الجمعة عن مقعد البرلمان، وبالتالي تحييد الإسلام عن شؤون الدولة تكريسا لمنهج علماني لا يدع وسيلة إلا اعتمدها في إطار معركته المستمرة ضد الإسلام.