في معطى يُكشف عنه لأول مرة، أفادت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، بأن "الوزارة تشتغل مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (PNUD) على إطلاق مركز دولي ثانٍ للذكاء الاصطناعي في المغرب، والذي سيكون مركزًا للتميّز في القارة الإفريقية والدول العربية". وأكدت السغروشني، خلال لقاء تواصلي نظمته الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، أن "هذا المركز لم يُعلن عنه بعد بشكل رسمي من قبل المنظمة الأممية"، مشيرةً إلى أن المغرب يتوفر بالفعل على مركز دولي للذكاء الاصطناعي تابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). وأوضحت المسؤولة الحكومية أن "العمل جارٍ حاليًا على هذا المشروع"، مؤكدة أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات ضخمة، مستشهدة ب"إعلان ترامب عن حزمة 500 مليار دولار للاستثمار في هذا المجال، وأوروبا 200 مليار دولار، إضافة إلى استثمارات الإمارات التي تتراوح بين 30 و50 مليار دولار". على صعيد متصل، شددت السغروشني على وعيها ب"امتلاك المغرب كفاءات متميزة في هذا الميدان، خاصة في الرياضيات، حيث يُعد المغاربة من بين أفضل الرياضيين في العالم"، مبرزة أن "الذكاء الاصطناعي يعتمد في أساسه على الرياضيات". وفي هذا السياق، أوضحت الوزيرة، التي تمتلك خبرة طويلة في البحث العلمي وتطوير الذكاء الاصطناعي، أن المغرب بحاجة إلى التعاون مع المنظمات الأممية، مثل اليونسكو، والدول الرائدة كالسعودية والإمارات، لتعزيز قدراته في هذا المجال، مشددة على "ضرورة جذب المستثمرين للاستثمار في المغرب، مقابل توفير الكفاءات اللازمة، إذ لا يوجد استثمار مجاني". ونبّهت الخبيرة الدولية في الذكاء الاصطناعي إلى "ضرورة التفريق بين الرقمنة كمجال عام، والذكاء الاصطناعي كسلاح يمكن استخدامه في مجالات متعددة"، موضحة أن تطوراته تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات، بما فيها "إمكانية إجراء مقابلات التوظيف عبر قراءة الأفكار بالذكاء الاصطناعي". أما بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2030، فكشفت السغروشني عن "العمل على إنشاء 12 مركزًا تجمع بين البحث العلمي والابتكار والقطاعين العام والخاص، بهدف تطوير مشاريع كبرى"، لكنها أشارت إلى أن "تمويل البحث العلمي في الرقمنة والذكاء الاصطناعي لا يزال يشكّل عائقًا أمام تطوره في المغرب". وفي هذا الإطار، أكدت الوزيرة أن "تطوير الاقتصاد الرقمي يتطلب التميز وليس مجرد الحلول الترقيعية، مما يستوجب النهوض بكفاءات العاملين في هذا المجال". وخلال اللقاء، الذي تضمن العديد من المعطيات الجديدة حول مشاريع الوزارة في مجال الذكاء الاصطناعي، تفاعلت السغروشني مع تساؤلات المتدخلين بشأن عدم اعتماد برنامج AL MASTER JUNIOR لتكوين الأطفال في المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي بالمدارس المغربية، موضحة أنها "عرضت الموضوع على وزير التربية الوطنية السابق، شكيب بنموسى، لكنه اعتبره برنامجًا مكلفًا يتطلب ميزانية غير متوفرة". وأضافت أنها "ناقشت المشروع لاحقًا مع الوزير الجديد، محمد سعد برادة، الذي أبدى موافقته، مشيرًا إلى أنه سيتم العمل على تنفيذه". وفي سياق آخر، أشارت السغروشني إلى صعوبة تطبيق البرنامج في المناطق القروية نظرًا لغياب المكوّنين، موضحة أنه "تم التوصل إلى شراكة مع مكتب الفوسفاط لتوفير الكفاءات المطلوبة لهذا التكوين". كما شددت المسؤولة الحكومية على أن "المغرب بحاجة إلى بنية تحتية رقمية موثوقة وآمنة من التهديدات، لتحقيق تطلعات 2030′′، مؤكدة أن "الأهم ليس الإنتاج الرقمي في حد ذاته، بل ضمان الأمان والموثوقية". أما فيما يخص التشريعات المرتبطة بالرقمنة، فكشفت أنها "طلبت من الأمانة العامة للحكومة تشكيل لجنة تضم خبراء رقميين إلى جانب مشرعين"، مشيرة إلى أن "الاقتراح لقي الموافقة، إذ لا يكفي أن يكون أحد الطرفين فقط حاضرًا في صياغة التشريعات الرقمية". وفي تفاعلها مع تساؤل حول تزايد الهجمات السيبرانية التي تستهدف بيانات المغاربة وتُباع على الدارك ويب، أوضحت السغروشني أن "الموضوع يدخل ضمن اختصاص المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، التي تعتمد معايير أمنية مشددة في هذا الجانب". أما بخصوص مدارس "يوكود" التي تعتمد على نموذج التعلم الذاتي للبرمجة، فقد كشفت الوزيرة عن "وجود اتفاق مع مكتب الشريف للفوسفاط لتعميم هذه المدارس في المغرب"، مشيرة إلى أن "مدرسة يوكود فاس ستُفتتح في شتنبر 2027".