انتقادات كثيرة وجهها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، للبرامج المرتبطة بالجريمة، التي تعرضها قنوات مغربية، على مدار مدة توليه المسؤولية في الوزارة، حيث دق ناقوس الخطر من إمكانية نشوء ما أسماه "حالة التطبيع مع الجريمة"، خلال رده على سؤال شفوي بمجلس النواب، بداية شهر يونيو من سنة 2012، ودعا في هذا الصدد إلى مراجعة الإطار المنظم لعرض البرامج المرتبطة بالجريمة. وقال الخلفي في معرض رده بمجلس النواب إن الإعلام العمومي "لا يجب أن يتورط في مثل هذه البرامج التي تقدم المجرمين كأبطال، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى تنمية ثقافة الجريمة والتطبيع معها"، رغم إقراره بأن عددا من القنوات العمومية بذلت جهدا لتطوير هذه البرامج لتلعب دورا تربويا من أجل التحذير من الجريمة والتنبيه من مخاطرها، وإبراز الجهود التي تبذلها قوات الأمن في هذا الصدد. ولم يكن طرح هذا الموضوع حينها إلا مقدمة لنقاش عمومي حول الأخلاقيات التي تؤطر هذا النوع من البرامج "لأن مصلحة المجتمع فوق كل اعتبار"، على حد تعبير الوزير، وأضاف أن "برامج الجريمة عليها طلب"، غير أنه "لا يجب أن تكون مؤطرة بأهداف تجارية وأن لا تعمم تقنيات الجريمة وتُقدِّم المجرمين كأبطال"، متابعا أن هذا يثير نوعا من الإثارة ولكن لا يجب أن يكون على حساب أمن المجتمع والحقوق وحرمات الناس. الخلفي عاد بعد سنة من ذلك، وفي مطلع شهر يونيو من سنة 2013، وخلال جلسة للأسئلة الشفوية بالبرلمان أيضا، إلى برامج العنف التي تبث في القنوات العمومية، وقال الخلفي في جواب عن سؤال لأحد النواب على أن هذا الموضوع يعد إشكالية كبيرة في التلفزيون الوطني، محملا هذه المرة جزءا من المسؤولية لمسؤولي القطب العمومي، الذين قال أنهم يتقاسمون معه هذا المشكل، حيث يجري "ضخ مواد كثيرة تحض على العنف وتمثل تحريضا عليه". وقال الخلفي إن هذا الأمر من الناحية القانونية مرفوض، كما هو منصوص عليه في قانون الاتصال السمعي البصري، وفي دفاتر التحملات، وفي دليل حماية الجمهور الناشئ، وكلها تنص على ضرورة منع هذا الأمر، مبرزا أن هناك إجراء لتفعيل دليل حماية الجمهور الناشئ الصادر عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وأكد وزير الاتصال على ضرورة "التعاون بين مختلف المؤسسات حتى يتم الارتقاء بما يقدمه إعلامنا"، معتبرا أن مشكلة العنف الموجهة للقاصرين، والتي يقول عنها الخلفي، إن الإعلام يتحمل مسؤوليتها في نهاية المطاف، تقتضي تعبئة من قبل الجميع. وأمام استمرار الوضع على ما هو عليه، وعدم أخذ قنوات القطب العمومي بالتوصيات والملاحظات التي توجه إليها في هذا الصدد، أعلن الخلفي، خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، الأسبوع الماضي، أن رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، سيوجه رسالة إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) من أجل مراقبة هذه البرامج وافتحاصها، حتى تتمكن الهيئة من إعطاء رأيها حول الموضوع. وتسعى الحكومة إلى تقليص حجم البرامج ذات الحمولة العنيفة داخل القنوات العمومية، وتجنب تحويل هذه الأخيرة إلى فضاء لتشجيع قيم الجريمة وتمجيد أبطالها وإبراز عجز القوات الأمنية في مواجهتها، حيث أكد الخلفي أن "المغاربة منفتحون، ولكن هذا الانفتاح لا يعني التطبيع مع الجريمة، التي تتعارض مع قيم المجتمع المغربي". وكانت الهيئة العليا للسمعي البصري قد أعدت في وقت سابق وثيقة عبارة عن دليل لحماية الناشئة، تتضمن عددا من المعطيات، من بينها حماية القاصرين من الجريمة والعنف وما يرتبط بهما.