رفضت منظمات حقوقية ودول، بشكل واسع وغير مسبوق، أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة مصرية في حق المئات من رافضي الانقلاب العسكري ومؤيدي الرئيس المصري الشرعي والمختطف محمد مرسي، معربة عن تنديدها واستنكارها الشديدين لأحكام تمثل "انتهاكا جسيما للقانون الدولي". وقضت محكمة مصرية، أول أمس الإثنين، بإحالة أوراق 683 من معارضي الانقلاب وأنصار مرسي، بينهم المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، إلى المفتي، لاستطلاع رأيه في إعدامهم، فيما قضت بالإعدام ل37 والسجن المؤبد ل49 آخرين في جزء ثان من القضية، لاتهامهم بأعمال عنف واقتحام مراكز شرطية في المنيا وسط مصر، بحسب مصادر قضائية. والإحالة إلى المفتي في القانون المصري تعني الحكم بالإعدام، وقرار المفتي يكون استشاريًا وغير ملزم للقاضي، فله أن يقضي بالإعدام بحق المتهمين حتى لو رفض المفتي. وعقب صدور الحكم وجهت منظمات حقوقية دولية ومصرية انتقادات لاذعة له وصفه بعضها ب"المسيس". - "هيومان رايتس ووتش": طالب مديرها التنفيذي، "كينيث روث"، ب"إبطال أحكام الإعدام الجماعي" في مصر. وفي أول تعليق له على هذا القرار، كتب "روث" في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أحكام الإعدام الجماعي في مصر استثنائية من حيث العدد، وطبيعية في ظل غياب محاكمات عادلة للمتهمين من الإخوان المسلمين". ومضى روث، قائلا: "ينبغي على محاكم الاستئناف في مصر التسريع في إبطال حكم (قاضي الإعدام) الصادر بإعدام 1211 (الذي) بالكاد نظر الأدلة"، على حد تعبيره وبحسب مصادر قضائية، فإن الحكم في قضيتي، أول أمس، أولي قابل للطعن ويحال عقب صدوره إلى محكمة النقض (الدرجة القضائية الأعلى) لإعادة النظر فيه. - "العفو الدولية": طالبت بالتراجع عن أحكام الإعدام والسجن المؤبد، التي أصدرتها محكمة "المنيا" المصرية. وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها، أول أمس، عبر موقعها على موقع الانترنت: "يجب ضمان إعادة محاكمة ال37 المحكوم عليهم بالإعدام وال491 بالسجن المؤبد محاكمة عادلة على الفور". وحذرت المنظمة مما وصفته ب"العيوب الخطيرة في نظام العدالة الجنائية بمصر". وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، وفق البيان نفسه: "قرارات اليوم (أول أمس) تفضح مرة أخرى كيف أصبح نظام العدالة الجنائية في مصر تعسفيا وانتقائيا .. المحكمة أثبتت ازدراءها الكامل لأهم المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، ودمرت تماما مصداقيتها". وأضافت: "حان الوقت للسلطات المصرية أن تكون واضحة وتعترف بأن النظام الحالي ليس عادلا ولا مستقلا أو محايدا". وحذرت من خطورة أن يصبح القضاء المصري "مجرد جزء آخر من الآلات القمعية للسلطات، تستخدمها لإصدار أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة على نطاق واسع". وأشارت المنظمة إلى أن الأحكام جاءت بعد محاكمة "جائرة بشكل صارخ" حيث لم يستعرض القاضي خلالها الأدلة أو السماح للدفاع باستجواب الشهود، ومنع محامو الدفاع والمتهمين على حد سواء من حضور الجلسة السابقة. ووصفت الأحكام بأنه "غير عادلة بالمرة"، كما أفاد مندوب منظمة العفو الدولية الذي حضر المحاكمة. "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق": وصف وفده الذي حضر جلسة المحاكمة أحكام الإعدام ب"الغريبة والصادمة". وقال أندريه سيبريكس، وهو محامي هولندي ضمن وفد "الائتلاف" (حقوقي دولي غير حكومي)، في تصريح ل"وكالة الأناضول للأنباء": "هذه الأحكام المغلظة والغريبة أصابتنا بصدمة شديدة.. هذه أحكام صادمة". ومضى سيبريكس قائلا إن "الطريقة التي أدارت بها المحكمة الجلسة هزلية وليست بها أي جدية ولا حيادية، وأحكام اليوم تمثل حكم إعدام على نظام العدالة في مصر". هو الآخر، قال "ماكسم دافينسيف"، وهو محامي روسي ضمن الوفد، إن "الحكم قاس وقوي وتم اتخاذه بسرعة شديدة، وعلى المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي أن يهتم بهذه القضية، ويعلن إدانته لها". بدوره، رأى "جيمس فنرتي"، محامي أمريكي ضمن الوفد الدولي، أن "الأحكام تمثل إجهاضا كاملا للعدالة في مصر، لأن القاضي لم يستمع للدفاع عن المتهمين، وخالف كل الإجراءات العادلة". فيما قالت "ماجي مراد"، منسقة الوفد ومترجمته: "السلطات المصرية منعتنا من دخول الجلسة كباقي المحامين، ورأينا أهالي المحكوم عليهم وهم في صراخ وعويل". ومضت قائلة إن "الوفد شعر أن هذه الأحكام الصادرة ظالمة، بعدما رأوا نحيب الأمهات على أولادهن". "المنظمة العربية لحقوق الإنسان": وصفت أحكام الإعدام بأنها "تشكل انتهاكا جسيما للقوانين المحلية والدولية، لما تتضمنه من إهدارا للحق في الحياة واستخفاف غير مسبوق بحقوق الإنسان وخاصة الحق في المحاكمة العادلة حيث صدر الحكم على كل هذا العدد دون تمكين الدفاع من إبداء دفوعه وفي غياب المتهمين على الرغم من وجود العديد منهم في المعتقلات". ودعت المنظمة، التي يوجد مقرها في بريطانيا، في بيان لها نشرته على موقعها الالكتروني، المؤسسات الدولية والاتحاد الإفريقي إلى "التدخل السريع ووضع حد للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات القضائية ضد المعارضين السياسيين، حيث إن هناك خشية من أن تنزلق الأحداث باتجاه قد يعمق العنف مما يهدد السلم والأمن في المنطقه". حقوقيون كويتيون: وصفوا أحكام الإعدام الجماعية بأنها "مسيسة" وتمثل "وصمة عار". وأشاروا، في تصريحات متفرقة ل"الأناضول" إلى "غياب كامل لحقوق التقاضي"، وأنها أحكام "انتقامية وغير شرعية".