حرص رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، على لقاء وفد صحفي مغربي بمقر البرلمان التركي بأنقرة زوال يوم الثلاثاء، لم يدم طويلا لأسباب صحية، واختصر كلامه قائلا "مرحباً بكم و بلغوا سلامي للمغرب''. من جهته، قال أمر الله اشلار، نائب رئيس الوزراء التركي، إن الملك محمد السادس تعامل بذكاء مع الربيع العربي، وأشار في لقاء بالوفد الذي ضم صحفيين من سبعة منابر إعلامية إلى أن تجربة حزب العدالة والتنمية المغربي إيجابية، ووزراءه معتدلون ويريدون خدمة بلدهم في إطار ديموقراطي. وأشار "بلاند أرندج"، نائب أردوغان والناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال عشاء مناقشة مساء اليوم ذاته إلى أن أردوغان عاد من زيارته للمغرب في يونيو 2013 فرحاً وحدثنا عنها كثيراً، وأكد النائب أن العلاقة بين البلدين ستتحسن كثيرا. وجاءت زيارة الصحفيين المغاربة بتنظيم من وكالة الأناضول للأنباء بتنسيق مع رئاسة الحكومة التركية ما بين الأحد والأربعاء 23-26 فبراير، التقوا خلالها بمسؤولين أتراك غلب على نقاشاتها الوضع الداخلي لتركيا والصراع الذي اندلع بين حكومة العدالة والتنمية وجماعة كولن التي كانت إلى عهد قريبة حليفة للحزب الحاكم. وأكد جمال الدين الهاشم، مستشار رئيس الوزراء ومدير مكتب الدبلوماسية الشعبية، صباح الاثنين الماضي بمقر رئاسة الحكومة، إن تركيا ترى التحولات السياسية التي شهدها المغرب نموذجية ومهمة ومعجبون بها خلافا لما يحدث بدول أخرى في العالم العربي، وشدد على أهمية قنوات الحوار المفتوحة بين البلدين. وأشار الهاشم إلى أن الانفتاح على العالم العربي خلال العشر سنوات الأخيرة هو عودة إلى الهوية والتاريخ بعد أن كانت بلاده تدير ظهرها لهذا الجزء المهم من العالم، معتبرا أن تجاهل الشرق الأوسط هو تجاهل للهوية. من جهة أخرى، أكد المسؤول أن الانفتاح على العالم العربي لا يعني إغلاق باب الاتحاد الأوروبي، منوها إلى إن تركيا انتظرت حوالي 60 سنة على أبواب الاتحاد الأوربي لكنها اليوم تساوم معه وتنتظر أن يحسم الاتحاد رؤيته وتوجهاته وحينها تتضح العلاقة، وأشار الهاشم إلى أن الاتحاد لديه تخوفا من هوية تركيا التي تضم حوالي 70 مليون مسلم. وشهدت المبادلات التجارية بين المغرب وتركيا منذ توقيع البلدين على اتفاقية التجارة الحرة سنة 2006، ارتفاعا بنسبة 100 في المائة، خلال خمس سنوات، لكن تركيا هي الرابح الأكبر، ففي الثلاثة أشهر الأولى من 2013، بلغت الواردات المغربية من تركيا 2 مليار و660 مليون درهم بينما بلغت صادرات المغرب 768 مليون درهم فقط، وفق معطيات رسمية. ويبقى الاستثمار التركي في المغرب محتشما للغاية ولا يتعدى 250 مليون دولار. وكانت زيارة أردوغان للمغرب في يونيو 2013 مناسبة لمدارسة سبل تعزيز العلاقات بين المغرب وتركيا التزم خلال مؤتمر صحافي رفقة نظيره المغربي عبد الاله بن كيران بالعمل على معالجة اختلال الميزان التجاري ووعد بتحفيز الاستثمارات المباشرة في المغرب. وفي لقاء برئيس لجنة الصداقة المغربية التركية بمكتبه بالبرلمان، أشاد هذا الأخير بالانتخابات التي عرفها المغرب سنة 2011، وقال إنها كانت إيجابية وأن العلاقة البرلمانية المغربية التركية في تطور بعد تأسيس لجنة للصداقة بالمغرب أخيراً، وأكد المسؤول أن الزيارة التي قام بها أردوغان للمغرب كانت جيدة وتم خلالها توقيع توأمة بين مدينتي القنيطرة المغربية وقنية التركية، وتم الاتفاق على تنظيم زواج جماعي لحوالي 100زيجة بالقنيطرة وينتظرون فقط أسماء الذين سيستفيدون من المشروع. تركيا على صفيح ساخن بلادنا تمر بمرحلة صعبة، ما جري محاولة انقلابية.. اكتشفنا أن عندنا دولة داخل الدولة، إنهم يستهدفون البلاد، يقلبون الحقائق ويفبركون التهم ليشوهوا صورة الحكومة، لن نتهاون في مواجهتهم ومحاسبتهم، عبارات وأخرى من القاموس نفسه ترددت على ألسنة جميع من التقيناهم من الشخصيات الحكومية التركية وقيادات حزب العدالة والتنمية، وذلك خلال زيارة الوفد الصحافي المغربي لأنقرة. وتعيش تركيا فوق صفيح ساخن إلى حد لم تعد معه قدما أردوغان ولا أقدام وزرائه تقف في مدينة واحدة ولا تجمع جماهيري لوقت طويل، يسابقون الزمن لإفشال مساعي الذين يستهدفون البلاد، حسب تعبيرهم، مؤكدين في تصريحات متطابقة حزمهم في العمل على تطهير مؤسسات الأمن والقضاء والجيش من الذين قالوا عنهم إنهم يأخذون أجورهم من الدولة ويتلقون التعليمات والأوامر من جهات في الخارج، في إشارة إلى مجموعة من المنتمين لجماعة كولن التي يقيم زعيمها بالولايات المتحدةالأمريكية. وقال أردوغان في خطابه أمام نواب كتلة حزبه بالبرلمان صباح أول أمس الثلاثاء، أن ما يحدث محاولة انقلابية وأن الأحزاب التي ساندت الانقلابات السابقة تحول اليوم عن ربح في هذه المحاولة، وأكد أردوغان أن من وصفهم ب 'لوبيات الوعاظ' اجتمعوا في 17 دجنبر وتحالفوا في قضية الفساد، وتصنتوا على حوالي سبعة آلاف مسؤول في الدولة، ونشروا أخيراً شريطا ملفقا ومفبركا لا أساس له من الصحة، والشريط بحسب نائب الرئيس، يتضمن تسجيلا يزعم صانعوه أنها مكالمة هاتفية بين أردوغان وابنه يدعوه فيها لنقل أموال من بيته إلى مكان آخر. وأعلن أردوغان أنه لن يتهاون أو يتسامح معهم. وكان ما يعرف بقضية الفساد التي اندلعت في 17 دجنبر 2013 النقطة التي أفاضت الكأس حين قام جهاز الجريمة المالية باعتقال العشرات من رجال الأعمال المحسوبين على حزب العدالة والتنمية، من بينهم ابن وزير الداخلية وأبناء وزيرين آخرين، وكذلك رئيس بلدية مدينة الفاتح، وذلك للتحقيق معهم في تهم فساد مالي وتلقي مبالغ مالية ضخمة في شكل رشاوي. وقال نائب رئيس الوزراء امر الله اشلارإن الكتلة الشعبية للجماعة مخلصة لكن بعض الأشخاص قاموا بالسيطرة على مفاصل في الدولة، كالأمن والقضاء واعتبر ذلك بمثابة دولة موازية أو دولة داخل دولة. من جهته، قال جمال الدين الهاشم، مستشار رئيس الوزراء، إن الحكومة لا تعارض الانتماءات ولا تحاسب أحدا على ذلك ولا مشكلة للدولة مع القاعدة الشعبية للجماعة لكنها لا يمكن أن تسمح لأحد بتلقي أجره من الدولة ويتلقى التعليمات من أشخاص في الخارج. وفي الوقت الذي تعذر معه أخذ رأي الجماعة في ما يجري من تطورات، تشير مصادر إعلامية، إلى أن مؤاخذات الجماعة على حكومة العدالة والتنمية هي إثارة المشاكل مع "إسرائيل" تركيا في غنى عنها، كما تتهم الجماعة الحكومة بالاستبداد والتضييق عليها، من خلال إبعاد المنتمين إليها عن المناصب الهامة، وإغلاق المدارس التي تعد جوهر نشاط الحركة التعليمي والاقتصادي. وبأنها حادت عن المبادئ التي جاءت بها إلى الحكم، وتشتد حدة الصراع بين الحكومة والجماعة ذات النفوذ الاقتصادي والإعلامي على مقربة من تاريخ الانتخابات المحلية التي ستجرى في نهاية مارس المقبل والتي قال عنها نائب رئيس الوزراء إنها ستتأثر بهذه التطورات، مؤكدا أنها ستكون إيجابية بالنسبة لحزبه بحسب استطلاعات الرأي. يذكر أن الوفد الصحفي المغربي زار مقر وكالة المغرب العربي للأنباء ومكتب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق التابعة لرئاسة الوزراء، كما حضر الوفد لقاء لكتلة حزب العدالة والتنمية بالبرلمان ألقى خلاله أردوغان خطابا مطولا كان معظمه حول الأزمة التي تشهدها البلاد.