يقوم الملك محمد السادس ابتداءا من يوم الثلاثاء 18 فبراير 2014 بزيارتين رسميتتين لكل من جمهورية مالي وجمهورية غينيا كوناكري، وبزيارتي عمل وصداقة لكل من جمهورية الكوت ديفوار والجمهورية الغابونية، حسب بلاغ لوزارة القصور و التشريفات والأوسمة أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء. وعن أهمية الزيارة وأهدافها يقول محمد عمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية، إنها مرتبطة بخيار استراتيجي اعتمده المغرب منذ اعتلاء الملك للعرش، يهم التوسع على مستوى إفريقيا والبحث عن موقع في سوق واعدة تشكل مجالا للتنافس. موضحا أن المغرب استفاد كثيرا من هذ الاختيار إذ أصبحت هذه الدول هي من تتولى التعبيرعن مواقف معينة عن المغرب وتدافع عن مصالحه. ويشير بوخبزة في تصريح ل"التجديد" إلى أن المغرب حقق حضورا مهما لا يمكن أن ينكره أي أحد من خلال الحضور الشخصي للملك ومن خلال وتيرة هاته الزيارات، وكذا استثمارات المغرب المتعددة والمتنوعة بإفريقيا، معتبرا أن هذا التوجه هو نوع من الاختيار في تنويع بدائل يمكن أن تشكل ملاذا بعيدا عن الأشكال التقليدية التي كانت معروفة لحد الآن. وأوضح العمراني بوخبزة، أن العلاقات التي يسعى المغرب إلى نسجها مع دول محددة ومختارة في إفريقيا تتجاوز ما تتيحه العلاقات التي تطبع الإطارات الإقليمية الكلاسيكية والتي تبقى في مستويات محدودة، (في إشارة إلى انسحاب المغرب من الاتحاد الافريقي) مبرزا أن المغرب ينسج علاقات تتجاوز ماهو سياسي إلى الاقتصادي والديني والروحي والعسكري والتنموي والتضامني والإنساني، مضيفا أن الظرف الوجيزالذي تكررت فيه الزيارات يدعم كونها اختيارا استراتيجيا غير مرتبط بأي رد فعل تتم من خلاله متابعة ما تم الإتفاق عليه قبلا، والوقوف على تنزيل الاتفاقيات والخيارات المشتركة على أرض الواقع. وأكد المتحدث أنه لا يمكن اعتبار هذا الاختيار بأي شكل مراجعة للاختيارات السابقة، إذ يحافظ المغرب على علاقاته المتميزة مع الشمال في إطار الوضع المتقدم مع الاتحاد الاوروبي، ويحافظ على وضعه الخاص مع دول الخليج العربي، وكذا العمل من خلال آلية اتحاد المغرب العربي، في انتظار تجاوز مشاكله. مضيفا أن المغرب يعمل جاهدا على أن يكون قوة إقليمية حقيقية، معتبرا أن هذه القوة لم تعد تقاس فقط بالوجود العسكري والقوة العسكرية، بل أصبح لها علاقة وطيدة بالحضور الاقتصادي والتنموي والاجتماعي. وجدد بوخبزة تأكيده على أن المغرب يفكر بشكل مستقل ويبحث عن موقع متميز في القارة الإفريقية التي تشكل سوقا واعدة وتحتل مكانة خاصة في الأجندة الدبلوماسية للمملكة. وكان الملك محمد السادس قد قام قبل أشهر بزيارة إلى كل من السنغال والكوت ديفوار والغابون، وتميزت الزيارات السابقة بمبادرات إنسانية واجتماعية دالة تمثلت بالخصوص في تقديم مساعدات ملموسة للساكنة المحلية في ميادين الصحة والتنمية البشرية وكذا في مجال مكافحة الجراد وغيرها، وعكست الجولات التي قام بها الملك بمجموعة من الدول الإفريقية -حسب وكالة المغرب العربي للأنباء - التزام المغرب وانخراطه في دعم التنمية في هذه القارة، والتزامه بجعل التعاون مع إفريقيا خيارا استراتيجيا وبتقوية وتعزيز شراكة حقيقية ترتكز على معادلة ( رابح رابح ) التي تدعم التعاون جنوب جنوب وتفتح آفاقا واسعة للتنمية المستدامة وللتضامن.