استمعت غرفة الجنايات بالدارالبيضاء برئاسة القاضي لحسن طلفي، أول أمس، لأول مرة لتصريحات كل من السعوديين الثلاثة هلال الثبيتي وجابر العسيري والغامدي، ولكل من المغاربة محمد والهاشم ناديري ومحمد مفمان. وقد نفى السعوديون الثلاثة انتماءهم لتنظيم القاعدة، وأكدوا أنه بعد عودتهم من أفغانستان التحقوا بالمغرب من أجل الزواج والاستقرار به، ولم يكن هدفهم التخطيط للقيام بأعمال إرهابية للتخريب سواء لمصالح أجنبية أو مغربية. واستمعت المحكمة في بداية الجلسة للمتهم السعودي زهير الثبيتي الذي قال إنه تلقى تدريبات عسكرية بالمملكة العربية السعودية، في مكان تابع للقوات المسلحة، ولم يكن محتاجا لتدريبات عسكرية بأفغانستان، ونفى أن يكون تلقى هذه التدريبات بمعسكر اسمه "الفاروق"، وهو نفس الأمر الذي نفاه أيضا صديقه هلال العسيري، بينما أكد المتهم السعودي الغامدي بأنه تلقى تدريبات عسكرية بمعسكر الفاروق بقندهار. ونفى المتهمون الثلاثة انتماءهم لتنظيم القاعدة، وأنهم لم يقدموا البيعة لأسامة بن لادن، وإنما كان تواجدهم بأفغانستان من أجل الجهاد في سبيل الله. وقال الثبيتي أمام المحكمة إنه التحق بهذه الدولة كمحطة للعبور إلى الشيشان لمساعدة إخوانه المجاهدين هناك، إلا أنه تعذر عليه ذلك، فمكث بأفغانستان لمدة 10 شهور بمعسكر تابع للملا عمر. وبعد القصف الأمريكي لأفغانستان قتلت زوجته المغربية "بنموجان"، فجاء إلى المغرب لتقديم العزاء لأهلها، وتزوج مرة أخرى بمغربية اسمها بهيجة هيدور، فكانت نيته الاستقرار بالمغرب. والتصريحات ذاتها أكد عليها باقي المتهمين، حيث عبروا للمحكمة عن نيتهم في المجيء إلى المغرب من أجل الزواج والاستقرار، وليس لهدف آخر. وقد واجههم القاضي بعدة أسئلة حول تحركاتهم بالمغرب وزياراتهم لبعض الأماكن، كمدينة مراكش وأكادير والدارالبيضاء وبعض المناطق الشمالية. وقال السعودي الثبيتي إنه بالفعل زار بعض هذه المدن بغرض السياحة، واشترى بعض الحاجيات، منها ميزان صغير لأخيه، تاجر بالسعودية، من أجل استعماله في تجارة العود (العطر). وذكر القاضي بما جاء في محاضر الشرطة بأن ذلك الميزان اشتراه لاستعماله في وزن مقادير المواد التي كان ينوي المتهمون صنع قنبلة بواسطتها. وقد نفى المتهم أن يكون قد اشترى الحبة السوداء والبوتاسيوم والأسيد وبطارية صغيرة، وهي المواد التي تقول الشرطة إنها كافية لصنع قنبلة من وزن 5 كيلوغرام. ووجه إليه القاضي تهمة الإعداد لتخريب منشآت بمدينة مراكش، فأجاب الثبيتي بأن الاستشهاد لا يكون في بلاد إسلامية وإنما بفلسطين، وسأله القاضي عن الحقيبتين، فأجاب الثبيتي بأنه بالفعل اشتراهما لجمع بعض أمتعته الخاصة، وأودعهما عند صديقه العسيري، هذا الأخير اعترف بأن الحقيبتين كانتا عنده، ولكن لم يكن يعلم بمحتوياتهما. ومن جهة أخرى استفاض رئيس الجلسة في التأكد من الحسابات البنكية التي استعملها السعوديون في تلقيهم لأموال من الخارج. وصرح العسيري أنه تلقى أموالا من الخارج كسلف، وسيعيدها لأصحابها لأنه ميسور الحال، ولم يكن في حاجة إلى مساعدة، وقال مواطنه الغامدي إنه كان يتلقى أموالا من الخارج كمساعدات مالية من أهله بالسعودية، وذلك عبر حسابات بنكية باسم مغاربة منهم محمد والهاشم ناديري وكريم بلاط والمغربية أم كلثوم، وسأله الوكيل العام للملك عن السبب الحقيقي وراء تنويع هذه الحسابات، فأجاب الغامدي بأن أبناك المغرب لم ترد فتح حساب شخصي له، لأنه لم يكن يتوفرعلى الوثائق المطلوبة لذلك. وقد اعترف محمد ناديري بأنه فتح للغامدي حسابا بنكيا باسمه، وآخر لأخيه سلمه للسعودي دون علمه بالأمر، وأضاف بأن فتح هذه الحسابات كان لمشاركة السعودي في إحداث مشاريع اقتصادية في كل من الدارالبيضاء ومدينة بوزنيقة. وبدا على المتهم الهاشم ناديري ارتباك واضح أمام المحكمة، لأنه لا يعلم لحد الساعة سبب اعتقاله وأن أخاه محمد هو الذي أقحمه في هذه القضية. وبالنسبة للمتهم محمد مفمان، تاجر الثوب، قال إنه تعرف على السعودي الثبيتي بواسطة صديق آخر له، وأنه سلم للسعودي مبلغ 4000 درهم كصدقة من أجل مساعدته في السفر، ومبلغ 2000 درهم لمساعدته على الزواج، وقال محمد مفمان إنه معروف بمساعداته المالية للغير. وحول مسألة اختطاف السعوديين من قبل أجهزة الاستخبارات المغربية، صرح الثبيتي بأنه هتك عرضه أثناء تواجده بمخفر سري، وأن المحققين كانوا يجردونه من ملابسه ويعرضونه للتعذيب، خاصة التعذيب الجنسي، أما السعودي العسيري فقال بدوره إن تلك المصالح السرية كانت تضع ألواحا خشبية بمؤخرته، بينما السعودي الغامدي أطلع القاضي على آثار التعذيب التي مازالت بادية على ساعده الأيمن. ونفى السعوديون الثلاثة ما جاء في محاضر الشرطة، وقالوا إنهم يجهلون ما فيها من تصريحات، ووقعوا عليها تحت الإكراه. وعلى صعيد التحقيق الإعدادي، صرحوا للمحكمة أن الشرطة عندما عرضتهم على قاضي التحقيق قالت لهم إنهم أمام رئيس المخابرات المغربية. وقد أكد السعوديون أن المخابرات الأمريكية قامت بالتحقيق معهم أثناء مكوثهم بالمعتقل السري بالمغرب. وللإشارة فإن المحكمة وافقت خلال هذه الجلسة على إتمام مراسيم زواج كل من السعوديين الثبيتي والعسيري بالمغربيتين بهيجة هيدور ونعيمة هيدور، ومن المنتظر أن ينتقل عدلان إلى سجن عكاشة للإشهاد على هذا الزواج، وفي حالة المصادقة عليه من قبل السلطات المغربية فإنه ستنفي تهمة الفساد وعدم التبليغ عن محاولة ارتكاب الجريمة، وهي التهم الموجهة إلى المغربيتين. وستواصل المحكمة الاستماع إلى باقي المتهمين، منهم المتهمات المغربيات وشرطي موظف بمطار محمد الخامس، لتستمع بعد ذلك إلى الشهود في هذه القضية. وللعلم فإن التهمة الرئيسية في هذا الملف هي الإعداد لارتكاب أعمال تخريبية ضد مصالح أجنبية ومنشآت محلية. عمر العمري