رفض القاضي "لحسن طلفي"، رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم الجمعة الماضي، الاستماع إلى شاهدين في قضية "الخلية النائمة لتنظيم القاعدة بالمغرب" بسبب عدم توفرهما على البطاقة الوطنية. كما استغنى عن شهادة سفير المملكة العربية السعودية، واكتفى برسالة موقعة منه إلى المحكمة. وقد استمرت جلسة الجمعة الماضية إلى غاية منتصف الليل للاستماع إلى حوالي 23 شاهدا، وليتم تأجيل المحاكمة إلى 18 من الشهر الجاري، لتنطلق مرافعات الدفاع في الموضوع وتعقيب النيابة على ذلك، كآخر شوط من عمر هذه القضية. وقد ركزت المحكمة في استماعها إلى الشهود، على ثلاث نقط تعتبر محورية في ملف "الخلية النائمة"، وهي واقعة اختطاف المتهمين، ومسألة "حقيبة المتفجرات المحروقة"، ثم تسليط الضوء على شخصية المتهمين السعوديين في الملف. ففي ما يخص مسألة اختطاف المتهمين يوم 12 ماي 2002، فقد شهدت على أحداثها عائلة "هيدور" وعائلة "هارون"، فتقدمت كل من "امباركة بريطل" و"فتيحة" و"فاطمة هيدور"، و"عبد الصمد هارون"، و"رحمة الزمراني" و"كلثوم هارون"، و"عبد المجيد الكارح" أمام المحكمة، وحكوا بتفصيل عن اختطاف السعوديين "زهير الثبيتي" و"هلال العسيري" و"الكارح"، من أمام مطار محمد الخامس، وعن حجز رجال، مجهولي الهوية، لوثائقهم وأمتعتهم وأموالهم، وعن الظروف اللاإنسانية لتفتيش منازلهم وانتهاك حرمة بيوتهم. وكان أهم شاهد استمعت إليه المحكمة هو صهر السعودي "الثبيتي"، "عبد المجيد الكارح"، موظف بوزارة العدل، وقد استغرق وقت الاستماع لشهادته حوالي الساعة والنصف، للتأكيد على واقعة اختطافه مع المهتمين السعوديين، إلى مكان مجهول بمدينة الرباط، من قبل رجال اعتقد في بداية الأمر أنهم لصوص. وأمطره كل من رئيس الجلسة والوكيل العام للملك والدفاع بأسئلة مركزة حول زيارته للمناطق الشمالية رفقة السعوديين المتهمين في هذه القضية، فقال "الكارح" إنه بالفعل تمت الزيارة لتلك المناطق باقتراح منه، لكن في إطار جولة سياحية، ولتعريف صهره "الثبيتي" ببعض أصدقائه التجار، لأن صهره كان يرغب في تجارة الثوب. وشملت هذه الجولة كلا من مدينة الناضور وتطوان وطنجة والفنيدق، وهي المناطق التي تقول محاضر الشرطة إن المتهمين قاموا باستطلاعات حولها من أجل القيام بعمليات تخريبية للبوارج البحرية المارة عبر جبل طارق، وتحدث الكارح بتفصيل عن الحقيبة المحروقة، لأنه ساهم يوم 6 ماي 2002 في جمع بقاياها المحروقة، وسألته المحكمة عن هذه البقايا، فأجاب بأن محتوياتها انصهرت بفعل الحريق، اللهم كومة من البلاستيك وبقايا أنبوب وقارورات وصفيحة معدنية، وقال " لا يمكن الجزم بأن بقايا هذا الحريق تحتوي على مواد "كيماوية"، كما نفى أن يكون هناك مسحوق (غبرة) ذو لون معين. وحول هوية السعودي "الثبيتي" قال "الكارح" إنه كان يهتم بتفسير القرآن والحديث، كما كان يحدثه عن كبار الموسيقيين في العالم، وكان يملك جوقا وآلات موسيقية، تخلص منها فيما بعد نظرا لاقتناعه بحرمتها، بالإضافة إلى إجادته للطبخ، ونفى أي حديث معه عن "أمور الجهاد". وعلى عكس من ذلك، فقد أفاد بعض الشهود أن السعودي "الغامدي" كان شخصا منحرفا، يتعاطى الخمر ويرد الحانات والمراقص الليلية، وهو ما أكده المتهم نفسه، كما أن خطيبته "هارون" أم "كلثوم" فسخت خطوبتها منه لتلك الأسباب. وللإشارة فقد استمعت المحكمة، على سبيل الاستئناس إلى كل الشهود الذين لهم علاقة قرابة أو مصاهرة مع المتهمين، بينما أدى باقي الشهود اليمين أمام المحكمة، هذه الأخيرة رفضت الاستماع إلى شاهدين رئيسيين في القضية، هما "خديجة بريطل" وأخوها "نور الدين بريطل"، بسبب عدم توفرهما على البطاقة الوطنية. وقد سبق ل"التجديد" أن نقلت تصريحاتهما، خاصة خديجة بريطل، التي أكدت أنها اطلعت بفضول على محتويات "حقيبة المتفجرات" قبل إحراقها، وكانت تحتوي فقط على جوارب وملابس خاصة وأقراص مضغوطة للمعلوميات (CD)، وقارورات بلاستيكية، وأنها لم تكن تتضمن مواد كيماوية أو متفجرات. ورغم أن المحكمة استمعت يوم الجمعة الماضي إلى أمها "وردية كريم" وأختها "رابحة بريطل"، وأكدتا أن المتهمة "حورية هيدور"، التي أحرقت الحقيبة قد فتحتها أمامهما، وعاينا فقط جوارب وملابس، إلا أن شهادة "خديجة بريطل" كانت ستحكي بتفصيل عن لغز "حقيبة المتفجرات". وما تجدر الإشارة إليه، ويثير الاستغراب في الوقت نفسه، أن عائلة "بريطل" حصلت لها مشاجرة قوية يوم الجمعة الماضي، أثناء المحاكمة، مع شرطي يحرس قاعة الحكم، تقول "خديجة بريطل" إنه اعتدى عليها ودفعها. وقد تجمهر مجموعة من رجال الأمن بزي رسمي ومدني حول هذه العائلة، وسمع المحامي الإدريسي يقول إنه سيرفع شكاية ضد الشرطي المذكور، وقام بتهدئة العائلة، رغم استمرار "وردية كرم" في الدعاء على الشرطي. ومن جهة أخرى قدم المحامي مصطفى الرميد مجموعة من الشهود ، أدوا اليمين أمام المحكمة، للتأكيد على أن موكله "محمد مفمان"، معروف بسيرته الحسنة وإحسانه للناس وكرمه المشهود له وسط حيه، وأن الأموال التي قدمها إلى المتهم السعودي "الثبيتي" هي عبارة عن مساعدة له وإسداء معروف إليه، كما هو الشأن بالنسبة لإحسانه للشهود، وللتذكير فإن محاكمة "الخلية النائمة" اقتربت من نهايتها، وينتظر أن تصدر المحكمة حكمها في القضية يوم18 من الشهر الجاري. عمر العمري