أدانت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء السعوديين الثلاثة هلال الثبيتي وجابر عوض العسيري والمسفر الغامدي بعشر سنوات سجنا نافذا بتهمة تكوين عصابة إجرامية، فيما برأتهم من جناية محاولة القتل ومحاولة التخريب العمد للأسطول الأمريكي بعرض البحر الأبيض المتوسط ومنشآت بمدينة مراكش. وأدانت المحكمة المغربي محمد ناديري بالمشاركة في تكوين العصابة، وحكمت عليه بسنة واحدة، فيما برأت أخاه الهاشم من التهم المنسوبة إليه. أما بالنسبة للمغربيات الثلاث، بهيجة وحورية هيدور ونعيمة هارون، فقد أدن بستة أشهر حبسا نافذا بتهمة استعمال وثيقة مزورة في ما يخص نعيمة هارون، وعدم التبليغ عن جريمة لبهيجة هيدور، وإتلاف معالم الجريمة بالنسبة لأختها حورية، وقضت المحكمة ببراءتهن من تهمة الفساد. كما حكمت المحكمة على محمد مفمان بعشرة أشهر بتهمة مشاركته السعوديين في تكوين العصابة، وأربعة أشهر لموظف مطار محمد الخامس، عبدالله عابد بتهمة الارتشاء. وينتظر أن يتقدم دفاع المتهمين بالطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى في غضون هذا الأسبوع. وقد جاء الحكم مخالفا لتوقعات الكثير من المتتبعين لمحاكمة "الخلية النائمة" للقاعدة بالمغرب، فاعتبرته مخففا بالمقارنة مع حجم التهم الموجهة للمتهمين، هؤلاء الذين ظهر عليهم ارتياح واضح بعد النطق بالحكم، حيث سجد أحد السعوديين سجدة شكر، فيما تعانقت المغربات فرحا بالإفراج عنهن بعض قضاء عقوبتهن بالسجن. وقد أكد مصطفى الرميد، محامي محمد مفمان، أن الحكم كان ملطفا ومقبولا، رغم أنه اعتبر أن التهم المنسوبة إلى المتهمين غير ثابتة. أما الأستاذ توفيق مساعف فصرح ل"التجديد" أنه باستحضار التدخلات الأجنبية في هذا الملف، وكذا الظروف الدولية والمحلية والخروقات التي شابت القضية في جميع أطوارها، وتغيير هيئة الحكم أكثر من مرة، فإن الحكم يمكن اعتباره مخففا، أما من الناحية القانونية، فاعتبر الحكم جائرا سواء بالنسبة للمتهمين أو المتهمات. وأشار مساعف إلى أن الحكم جاء تنفيذا لقرار صادر من جهة عليا في المغرب قضى بضرورة إدانة هؤلاء من أجل تكوين منظمة إرهابية، وأضاف أن الملف تم التعامل معه بشكل سياسي وغاب عنه الحقوقي، وتم تقديمه عربونا ولاء لجهة أجنبية ضاغطة تتحكم في دواليب وزارة الداخلية ووزارة العدل. وأكد المحامي خليل الإدريسي أن الحديث عن وجود عصابة إجرامية لا أساس له في هذا الملف، فإذا كان المتهمون لم تكن لهم نية القيام بأعمال تخريبية بالمغرب كما حكمت بذلك المحكمة، فكيف نقبل أنهم كانت لهم عصابة إجرامية. وأضاف الإدريسي أن الحكم اعترته بعض التناقضات، كتبرئة المتهمات من تهمة الفساد وإدانتهن من أجل عدم التبليغ عن جناية، ومؤاخذة بعضهن بتهمة إتلاف معالم الجريمة، في حين برئ المتهمون الرئيسيون من تهمة محاولة التخريب. واعتبر المحامي أن المحكمة تأثرت بالظروف الدولية والمحلية في إصدار حكمها. وذهب الأستاذ عبدالله لعماري بدوره إلى أن الحكم كان قاسيا ومجانبا للصواب بالنسبة للمتهمين، حيث لم تثبت في حقهم أي تهمة، باستثناء ما تم الاعتراف به. وصرح عبد المجيد الكارح، الشاهد في القضية وصهر السعودي الثبيتي، أنه لم يكن يتوقع هذه النهاية، رغم أنها فرحة لم تكتمل، وأضاف قائلا:" لقد أثرت علينا بعض وسائل الإعلام التي كتبت في عناونيها أن النيابة العامة تطالب بالإعدام"، واعتبر تبرئة المتهمين من محاولة التفجير والمس بالأمن الداخلي بمثابة وسام يعلق على القضاء المغربي". وقال محمد طارق، مراقب للمحاكمة من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن الحكم لما رفض الدفوعات الشكلية، لم يبت في كثير من الخروقات التي شابت الملف، وأشار أن قواعد المحاكمة العادلة لم تحترم فيه. وللتذكير فإن قضية الخلية النائمة بدأت أحداثها منذ أن أصدرت وزارة الداخلية بلاغا بتفكيك "خلية نائمة" كانت تنوي القيام بأعمال إرهابية بالمغرب، وتم على إثر ذلك اعتقال ثلاثة سعوديين وسبعة مغاربة آخرين، وأكد ذلك البيان الصحفي للوكيل العام للملك في 18 يونيو 2002. واستمر التحقيق في القضية إلى العاشر من شهر أكتوبر من السنة نفسها لتتم إحالتها على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، وموزاة مع ذلك خاض بعض أهالي المتابعين اعتصاما أمام سجن عكاشة بالدارالبيضاء احتجاجا على الظروف غير اللائقة بالمعتقل. وانطلقت سلسلة من الجلسات الماراطونية من 18 أكتوبر إلى غاية الجمعة الماضي. وقد تم تغيير هيئة الحكم ثلاث مرات، وعرفت أطوار المحاكمة تشنجات بين هيئة الدفاع والقاضي "لحسن طلفي" رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم، استدعت في بعض الأحيان تدخل نقابة المحامين لتهدئة الأجواء. كما أسالت القضية مدادا كثيرا على جميع المستويات، وكانت محل نقاش من طرف الحقوقيين ورجال القانون والسياسة، خاصة وأنها ارتبطت ببعض التطورات على المستوى السياسي والحقوقي بالمغرب. عمر العمري