ما ذا يعني توسيع مهمة المينورصو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، بالنسبة لملف الصحراء وكيف تعتبر هذه المهمة مسا لسيادة الدولة المغربية في الوقت الذي تقوم فيه المينورسو أصلا بمهام أخرى رقابية في المنطقة؟ ●● أولا يجب الإقراروالتنبيه لمسألة جد مهمة وهي أنه لا يمكن لأي جهة أن تفرض أي شيئ على المغرب لأن قضية الصحراء مدرجة ضمن ما سمى بالفقرة السادسة من ميثاق الأممالمتحدة يعني معالجة النزاعات في إطار السيادة الوطنية والوحدة الوطنية وسلامة الأراضي كما هي معبر عليها بالحرف في الفقرة المذكورة ثم أن النزاع مؤطر بالمفاوضات لإيجاد حل سياسي وواقعي ومقبول كما تنص المادة الاساسية في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة ، وأعتقد أن هذه فرصة أتيحت للمغرب ليطالب ويطرح نجاعة بقاء بعثة المينورصو من عدمه بالمنطقة لأن بعثة الأممالمتحدة كانت مهمتها تنحصر في تنظيم الإستفتاء أسس له بقرار أممي لمجلس الأمن للامم المتحدة رقم 690 في أبريل 1991، وحفظ السلام ومراقبة تحركات القوات المتواجدة بالصحراء المغربية لكل من الجيش المغربي والجيش الصحراوي فبعد هذه العقود تبين أن الإستفتاء مشروع فشل بالإجماع الوطني والدولي وهو حل غير واقعي وغير متراضي عنه من طرف الأطراف المعنية بالنزاع كما ينص البند السادس من ميثاق الأممالمتحدة هذا من جهة، من جهة ثانية اليوم الأمن والسلام مهدد بالمنطقة كما تؤكد ذلك التقارير الاخيرة والمتضرر الأول المغرب ومنطقة الساحل عموما من مخاطر أمنية بعد المتغيرات الجيوسياسية وسقوط الأنظمة الديكتاتورية خاصة نظام القدافي وإنتشار الإرهاب والإتجار بالمخدرات والهجرة السرية بالمنطقة والإختطاف الذي يقع بالمخيمات والتي لا نعلم كم يسكن هذه المخيمات ومن يسكنها وبالتالي اليوم المغرب يجب أن يرفع السقف ويتكلم لغة الصراحة وأن ويتفاوض بشكل يحمي مواطنيه ويحمي المنطقة ويرفض مجاراته لإشكال جانبي حقوقي يجب أن يناقش في إطار داخلي. كيف تفسرين هذا التطور، خاصة في الموقف الأمريكي، وإلى أي حد يمكنه تسجيل اختراق في الدبلوماسية الدولية الخاصة بملف الصحراء؟ ●● هذا هروب الى الأمام ومناورات للتحجج بملف حقوق الإنسان ووزير الخارجية الحالي معروف بعلاقته الوثيقة بمؤسسة كيندي المنحازة والتي لها مآرب أخرى بالمخيمات ثم أن التركيز على ملف حقوق الإنسان يؤكد أن الأطراف الأخرى توجد في مأزق وأن أطروحتها وصلت الى الباب المسدود بعد أن طرح المغرب مقترحا مقبولا وواقعيا للأسف الدولة لم تقم بالتسويق له بالقدر المطلوب. ثم كيف تطالب أمريكا توسيع مهمة المنيرسو ليشمل حقوق الإنسان وتنسى أن العالم يعلم أن مخيمات تندوف هي مكان مغلق ومنطقة عسكرية تمارس فيها جميع أنواع القمع والإرهاب في معتقلات الرابوي السيئة الذكر وغيرها ثم إشكالية الاستعباد التي كشفها مؤخرا الصحفيان الأستراليان والنفي والإعتقال لكل من خالف الإستبداد العسكري كحالة ولد سيدي سلمة المنفي بسبب آرائه لحد الآن، فما هذه الإزدواجية في المقاربة، ومن يمهمه أمر حقوق الإنسان يجب أن يهمه كذلك أمر الكرامة والديمقراطية في البلد المضيف للإنفصاليين الذي الغى انتخابات 92 ولازال الجينرالات يحكموه الى اليوم. كيف تقيمين دور الدبلوماسية المغربية، في ظل هذه التطورات وما تمثله من تحديات؟ ●● قضية الصحراء يصلح فيها المثل المغربي «لا يحك جلدك إلا ظفرك» فلا يجب التعويل كليا على الأطراف الدولية ويجب أن ننهج ديبلوماسية هجومية ومتجاوزة لردود الأفعال و باعتبار المرحلة التأسيسية التي يدشنها المغرب فالحكومة الجديدة وهي تسعى بكل جدية الى تجاوز الضعف على كافة المستويات أعتقد أنه لابد من من تجاوز الضعف وعدم التناغم بين الديبلوماسية الرسمية وشركاء الدبلوماسية العامة من أحزاب وفرق برلمانية ونقابات وهيئات مدنية خاصة لدى الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بالتنسيق المنظم وفق أهداف مقصودة مع شركائها بالمغرب وضرورة تعزيز التواصل والتعاون للسفارات معهم بالخارج. أعتقد أن الوقت ما زال سانحا لكي تستيقظ بعض الأحزاب من سباتها العميق من أجل بلورة سياسة شاملة وإستراتيجية لجعل الدبلوماسية الحزبية فاعلة وفعّالة تخرجها من الأداء التقليدي، من خلال المساهمة في خلق هيئات تنسيقية على الصعيد الوطني في إطار استراتيجية ورؤية وطنية ، وألا تكون بعيدة عن الأداء الدبلوماسي الرسمي بل مكملة ومتناغمة معه، على اعتبار أن الدبلوماسيات الموازية في الدول المتقدمة تكون انعكاسا وشيئا مكملا للدبلوماسية الرسمية. ثم أننا نعيش اليوم مرحلة جديدة ودور قوي ومؤثر للمجتمع المدني وبالتالي أعتقد أن على الأحزاب السياسية والهيئات المدنية أن تخلق تنسيقيات فيما بينها ويكون الهدف منها هو إعداد إطارات محلية وجهوية ووطنية من أجل صياغة رؤية شاملة ومن أجل التعامل مع الملف بشكل استباقي لأن الاكتفاء بالعمل المناسباتي يسيء للقضية الوطنية. ثم أننا بحكم توفرنا على شراكات متميزة مع أقطاب مهمة تتيح لأحزابنا إمكانية الحصول على ما يسمى الوضع الاستشاري (le statut consultatif) مع نظيراتها على الصعيد الخارجي، الأوروبي والغربي والإفريقي ، وهذا سيساعدها أن تحصل على مصداقية لدى المنتظم الدولي حتى يكون التسويق للمبادرة المغربية فاعلا في الدبلوماسية الموازية دفاعا عن القضية الوطنية ، وهنا للسفارات دور رئيس في التواصل والتنسيق في كل هذا، وذلك بالتوفر على خلايا متابعة وتحيين ممعلومات لملف القضية الوطنية بكل الأجهزة الديبلوماسية لموافاة شركائنا بالخارج بالمعطيات الصحيحة لمواجهة الخصم الذي يقوم بالتغليط إنه من الواجب تزويد الشركاء السياسيين والنقابيين والمدنيين بالحقيقة لدى الدول المعتمدة وتجاوز الضعف على مستوى التأهيل السياسي والمواكبة لتطورات ملف القضية الوطنية للممثلين الدبلوماسيين بالخارج وهذا يقودنا الى التفكير في إحداث مؤسسات التأهيل السياسي للسلك الدبلوماسي بالإضافة الى الأكاديمية الديبلوماسية. وتعزيز التواصل لسفاراتنا وسفرائنا مع مراكز البحث بغية إشراكها في التعريف والتسويق الأكاديمي لمشروع الحكم الذاتي كوثيقة تفاوضية مهمة بإشادة من المنتظم الدولي ، ولو اشتغلت عليها سفاراتنا في تواصلها مع المؤسسات الأكاديمية فإن النتائج ستكون إيجابية على قضية وحدتنا الترابية. أعتقد أن مبادرة الحكم الذاتي من هذا النوع ومن هذا الحجم لم تحظ بعد بالتسويق الدولي والخارجي اللازم، على اعتبار أن القرن الواحد و العشرين هو قرن المدن والجهات والهيئات الغير الحكومية ، وحينما يأتي المغرب بهذه المبادرة فإنه لا يختلف مع التطورات والتحولات التي يعرفها العالم، بل على العكس من ذلك، المغرب يقدم اليوم جوابا شافيا للمشكل وفق المنظور الغربي والدولي لمعالجة الاختلالات والحركات الانفصالية في العالم وضرورة انفتاح الدبلوماسية الرسمية على الكفاءات الوطنية، واستهداف فضاءات جديدة والانفتاح على دول لم تكن لها علاقة وليست لها معطيات حول الملف سابقا، وكذا الاستثمار الأمثل والمؤسساتي للشراكة المغربية الأوروبية المتجلية في الوضع المتقدم والشريك من أجل الديمقراطية بالجمعية البرلمانية لمجلس أووربا وشراكات أخرى من أجل التعريف وتعزيز اللوبي المساند لمقترح الحكم الذاتي الذي يمثل جوابا شافيا للنزاعات وفق المنظور الدولي لمعالجة النزاعات والحركات الإنفصالية.