ترجمة: العربي العرباوي قبل أسبوعين، وبينما كنت أقرأ الأخبار وأتصفح الجرائد والمواقع الاجتماعية، قادني فضولي لتحليل ردود فعل المغاربة بخصوص القرار الذي اتخذه المغرب بسحب الثقة من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس. فقد تفاجأ الكثير من إعلان وزارة الخارجية المغربية عن قرارها الرسمي، في حين أن البعض أثنى على شجاعة السلطات المغربية للإعراب عن قلقها بشأن الطريقة التي يتم التعامل بها مع المفاوضات حول قضية الصحراء من طرف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، عبر آخرون عن قلقهم من أن هذا القرار قد يكون خطوة غير محسوبة من قبل الدبلوماسية المغربية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل كان المغرب محقا في اتخاذ مثل هذا القرار؟ ما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على عملية التفاوض؟ وما هي الرسالة التي تحاول الدبلوماسية المغربية إيصالها إلى الأممالمتحدة؟ هل يمكن اعتبار هذا الانتقاد بمثابة شهادة فشل للأمم المتحدة في دورها المتمثل في تحقيق حل سياسي لهذا النزاع؟ فشل خطة الاستفتاء بعد عام على وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو في سنة 1991، وفي 29 أبريل من نفس السنة، قام مجلس الأمن الدولي، بموجب قراره 691، بإيفاد بعثة الأممالمتحدة إلى الأقاليم الصحراوية، المعروفة بالمينورصو. وقد كان لبعثة الأممالمتحدة منذ تأسيسها مهمة فنية تقنية بحتة. فقد كانت مسؤولة عن مساعدة المبعوث الشخصي للأمين العام للمنطقة في اتخاذ الترتيبات اللازمة للتحضير لاستفتاء من شأنه أن يسمح لسكان الصحراء بالاختيار بين خيار الحكم الذاتي أو الاندماج في المغرب. وحتى الآن، وبعد محاولات لعدة سنوات من أجل تنظيم هذا الاستفتاء، أثبت هذه المقاربة فشلها بعد أن تعذر التوصل الى اتفاق بين المغرب وجبهة البوليساريو بخصوص الناخبين المؤهلين للتصويت، مما أدى ببعض المبعوثين الشخصيين للأمين العام إلى فقدان الثقة في إمكانية أن يساعد النهج الحالي الذي اعتمدته الاممالمتحدة على تحقيق نتيجة ملموسة. وبعد قرابة ثماني سنوات في قيادة عملية التفاوض بين الطرفين، قدم مبعوث الأممالمتحدة السابق جيمس بيكر استقالته الى الامين العام للامم المتحدة في عام 2005. ولم يكن مصير من خلفه لهذه المهمة بأفضل حال. فبعد ثلاث سنوات من الجهود المضنية للتوصل إلى تسوية على أساس استفتاء، توصل المبعوث السابق للأمم المتحدة، بيتر فان والسوم، إلى استنتاج مفاده أن الاستفتاء لم يكن ممكنا في ظل الظروف الحالية. بل إن الدبلوماسي الهولندي ذهب بعيدا الى حد القول، في مقابلة مع صحيفة أيل باييس الإسبانية في أغسطس 2008، إن إقامة الدولة الصحراوية ليست "هدفا يمكن تحقيقه". هذا التصريح الذي أدلى الدبلوماسي الهولندي للصحيفة الاسبانية جعله هدفا لانتقادات لاذعة من طرف جبهة البوليساريو، مما أدى إلى استبداله لاحقا بالسفير الأميركي السابق في الجزائر، كريستوفر روس في يناير 2009. وقبل عقد من الزمن تقريباً، ووعيا منه بصعوبة جلب الطرفين إلى أرضية مشتركة فيما يتعلق بأهلية الناخبين، وفي تقريره المقدم إلى مجلس الأمن في سبتمبر 2000، صرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، أنه من الضروري أن تكون الأطراف "مستعدة للنظر في سبل أخرى لتحقيق حل عاجل ودائم ومتفق عليه بشأن نزاعهما حول الصحراء". وصول المفاوضات إلى الطريق المسدود وفي محاولة منه لكسر الجمود، قدم المغرب إلى مجلس الأمن مبادرة خطة الحكم الذاتي في أبريل 2007، التي أشاد بها أعضاء مجلس الأمن وأكدوا بأنها خطة "ذات مصداقية" ونهج "جاد" من المرجح أن يمهد الطريق لتسوية النزاع. ومنذ ذلك الحين، اخذت جميع قرارات مجلس الأمن علماً بالمقترح المغربي ورحبت بالجهود المغربية للمضي قدما بالعملية التفاوضية نحو تحقيق تسوية ترضي كلا الطرفين. وهنا بالضبط يتضح فشل الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل للصراع. ففي الوقت الذي تدرك استحالة تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وذلك للأسباب المذكورة أعلاه، تستمر في دعوة المغرب وجبهة البوليساريو إلى التوصل إلى حل تفاوضي مقبول لكلا الطرفين، وفي الوقت نفسه، تصر على أن يكفل أي حل تقرير المصير لما يسمى شعب الصحراء، على أساس أن حق تقرير المصير يجب أن يشمل الاستقلال كخيار. وبالتالي يتجاهل الموقف الأخير خيار الارتباط الحر والاستقلال، على النحو المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 الصادر عام 1960. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف يمكننا التوصل إلى حل مقبول للطرفين، ونحن نعلم أن هناك إشارة دائمة إلى مبدأ تقرير المصير مع خيار الاستقلال، وهو مبدأ يعارضه المغرب؟ فعبارة "مقبول من كلا الطرفين تعني مبدئيا أن أي حل لن يكون مقبولا إذا ما تم رفضه من احد الطرفين، كما هو الحال مع مبدأ تقرير المصير، الذي يعني الانفصال. فتقرير المصير لا يعني بالضرورة ذلك الخيار الوحيد الذي يتمثل في الاستقلال بالفهم التقليدي لهذا المفهوم، بل يمكن أيضا أن يتحقق في أشكال أخرى. وعلى ضوء ما تقدم، يجب على الأممالمتحدة أن تكون واضحة في معالجة مسألة تقرير المصير. هل حق تقرير المصير على النحو المشار إليه في قرار الأممالمتحدة لديه بالضرورة تفس التفسير المقدس كما كان الحال في ستينيات القرن الماضي؟ وهل يمكننا أن نقبل تطبيق نفس مفهوم فترة ما بعد الاستعمار دون الأخذ بعين الاعتبار الحقائق الجغرافية والسياسية للعقد الثاني من الألفية الثالثة؟ او يمكن لهذا المفهوم أن يخضع لتفسيرات أخرى، بما في ذلك في بعض الحالات، أن أفضل وسيلة لتقرير مصير أقلية من جماعة انفصالية هو تمكينها من التمتع بحكم ذاتي موسع، على النحو المنصوص عليه في مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب منذ خمس سنوات. ويكمن السبب الثاني الذي يفسر فشل الأممالمتحدة في تحول عملية المفاوضات غير الرسمية إلى غاية في حد ذاتها، بدلا من استخدامها كوسيلة من وسائل التوصل الى تسوية للنزاع حول الصحراء. لقد كانت عملية المفاوضات الرسمية حول الوضع النهائي للأقاليم في حالة جمود منذ مارس 2008. ومنذ تعيين كريستوفر روس، أجريت تسع جولات من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو. وبدلا من البناء على العمل الذي قام به سلفه، بيتر فان والسوم، واستنتاجاته، ومحاولة وضع اقتراح ملموس على الطاولة على أمل سد الفجوة بين الطرفين، اختار السيد روس بدء العمل من نقطة الصفر متجاهلا التطورات التي تحققت قبل تعيينه. وعلاوة على ذلك، قبل وبعد كل اجتماع غير رسمي، ظل الرأي العام الدولي يقرأ نفس البيان الصحفي: "أن الطرفين استمرا في تعميق النقاش حول مقترحات كل منهما" و أن " كل طرف استمر في رفض اقتراح الطرف الآخر كأساس وحيد للمفاوضات المقبلة، في حين يؤكد كل طرف استعداده للعمل معا للتوصل إلى حل وفقا للقرارات الصادرة عن الأممالمتحدة". وقد قدم روس نفس البيات بعد كل جولة من الجولات التسعة من هذه المحادثات غير المثمرة. فبدلا من السعي لدفع الأطراف نحو محادثات رسمية حول القضية الجوهرية، وهي إيجاد حل نهائي للصراع، حاصر المبعوث الشخصي للأمين العام نفسه في دور روتيني لعقد هذه الاجتماعات كما لو كان إجراؤها هو الهدف الذي من اجله تم تعيينه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، فان ما أثار غضب السلطات المغربية هو أن كريستوفر روس، بعد أكثر من ثلاث سنوات، لم يأخذ بعين الاعتبار جميع التطورات الجديدة على الأراضي الصحراوية وفي مخيمات تندوف. في حين كان له دور فعال في اتهام المغرب بالتجسس على المينورصو في التقرير الأخير الذي قدمه إلى مجلس الأمن، أغفل السياسة القمعية التي اتخذتها قيادة البوليساريو ضد الأصوات المعارضة في مخيمات تندوف، كما هو الحال في قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود. كما تجاهل أيضا إدانة الحكومة المالية لجبهة البوليساريو في شأن استخدام أراضيها للاختطاف والابتزاز وتهريب المخدرات. أضف إلى ذلك عدم الإشارة إلى أن شبكات التهريب الصحراوية استخدمت نفوذها في شمال موريتانيا لتوسيع نطاق الاتجار غير المشروع، وجعلت من المنطقة مركزا رئيسيا للاتجار بالسجائر، والمخدرات والأسلحة، والوقود، والاتجار كذلك بالبشر. كل ذلك بالتواطؤ مع الجيش الجزائري و قيادي جبهة البوليساريو وكبار المسؤولين الموريتانيين. لقد تجاوز مبعوث الاممالمتحدة دوره كوسيط عندما بدأ بالضغط من أجل إنشاء آلية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في الصحراء، وهو الدور الذي لا علاقة له بالبعثة التقنية للمينورسو. وعلاوة على ذلك، فقد تغاضى مبعوث الاممالمتحدة ايضا عن الإشارة إلى اختلاس المساعدات المالية المقدمة لجبهة البوليساريو، والتي تم استنكارها من طرف العديد من الدراسات والمنظمات الغير الحكومية التي تقدم المساعدات المالية والعينية للسكان الذين يعيشون في مخيمات تندوف. وبينما يلمح السيد روس إل "تجاوزات" السلطات المغربية في تعاملها مع بعثة للمينورسو، لم يعكس في تقريره تورط جبهة البوليساريو المؤكد في اختطاف ثلاثة أوروبيين، يعملان في مجال المساعدات الإنسانية، من مخيمات رابونى بالقرب من تندوف في أكتوبر الماضي. فعندما يبدأ الوسيط النظر في قضية من وجهة نظره الخاصة، وبناء على قناعاته الشخصية، فانه يفقد مصداقيته لان الشروط المسبقة الرئيسية لتحقيق النجاح في أي وساطة هي الحياد و حسن النية. كما على كل وسيط يهدف إلى ضمان نجاح مساعيه، أن يفهم أبعاد الصراع وأن يمتنع أيضا عن التعبير عن رأيه في الصراع، وأن يأخذ بعين الاعتبار مصالح وادعاءات جميع أطراف النزاع. وقد افتقر للأسف السيد كريستوفر روس لهذه المزايا، إذ اتضح أنه يميل إلى مطالب جبهة البوليساريو، مما دفع السلطات المغربية إلى فقدان الثقة فيه. ضرورة تبني نهج أكثر واقعية وفي الواقع، من خلال سحب الثقة في روس، فقد المغرب بعث رسالة مشفرة إلى الأممالمتحدة و التي مفادها أنه لم يعد راضيا عن المسار الذي اتخذته عملية المفاوضات، وأن هناك حاجة لنهج جديد من أجل تحريك العملية إلى الأمام والتوصل إلى تسوية نهائية. فمن خلال جهود الوساطات، تقوم الأممالمتحدة بدور الطبيب، وبالتالي فإن إيجاد علاج فعال لمرض ما يعتمد بالاساس على قدرة الطبيب على التشخيص الصحيح للمرض، ومن تم التوصل إلى وصفة طبية ناجع. وإذا كانت الوصفة لا تتطابق مع تشخيص المرض، فقد يؤدي ذلك إلى المزيد من التعقيد ويتحول الطبيب إلى مشكل أكثر مما يقدم حلولا. هذا هو بالضبط ما حدث للأمم المتحدة مع قضية الصحراء. فلو افترضنا أنها قامت بالتشخيص الصحيح للمسألة، فقد أخفقت في التوصل إلى الوصفة الصحيحة للتوصل إلى تسوية النزاع. وعلى الرغم من أن وصفة الأممالمتحدة، ألا وهي تقرير المصير مع خيار الاستقلال، أثبت عدم جديتها، فإن الأممالمتحدة لا تزال مستمرة في تقديمها كدواء، عوض التفكير في مقاربة بديلة للتوصل إلى حل مقبول لطرفي النزاع. وفي هذا الصدد، بدلا من أن تصبح وسيطا يهدف الى تقديم المساعدة لكلا الطرفين من اجل التوصل إلى حل نهائي، أصبحت الأممالمتحدة عبئا على هذا الملف. فكما تعمل الأممالمتحدة على إصلاح مجلس الأمن، وأساليب عمله وعلاقته مع الجمعية العامة، فإنها مطالبة بإعادة التفكير في الطريقة التي تتعامل بها مع النزاعات في أنحاء كثيرة من العال، إذ أصبح لزاما عليها إصلاح منطق اشتغالها وجعل يتأقلم مع حقائق ومتغيرات عالم القرن الحادي والعشرين، بدلا من تحليلها من خلال منظور خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وإذا كانت الاممالمتحدة تحرص حقا على ضمان الاستقرار في المنطقة وعلى إيجاد حل دائم لهذا النزاع، فإنها تحتاج لرسم خطة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الملموس على الأرض. وإذا كانت الأممالمتحدة تهتم برفاهية السكان الصحراويين، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في ظل ظروف قاسية في مخيمات تندوف، فإنها مطالبة أولا وقبل كل شيء بإجراء تعداد للسكان الذين يعيشون في المخيمات من أجل تقييم احتياجاتهم، وتطلعاتهم وميولاتهم السياسية فيما يتعلق بالنزاع الترابي، وكذلك معرفة مصير المساعدات الإنسانية المقدمة إلى جبهة البوليساريو من قبل المنظمات غير الحكومية والحكومات المتعاطفة مع الجبهة. لا يمكن للامم المتحدة ان تستمر في تجاهل النداءات والتقارير التي تشير إلى أنه يتم اختلاس هذه المساعدات لتباع إلى الأسواق السوداء في موريتانيا ومالي. إن الاستمرار في الإصرار على حث الأطراف على عقد اجتماعات غير رسمية مع العلم بأن هذه المحادثات لن تسفر عن أي نتائج، لن يزيد إلا في الإضرار بالسلام والأمن في المغرب العربي ومنطقة الساحل. وفي ظل الوضع الراهن أول المستفيدين من الوضع الراهن هي قيادة البوليساريو، الذي لا تزال تستفيذ من كونها على رأس ما يسمى "حركة تحررية. فبالنسبة لقيادة البوليزاريو الإبقاء على المفاوضات في نقطة الصفر أكثر فائدة ما داموا يستفيدون من الأموال الطائلة التي يحصلون عليها من الجزائر وجنوب إفريقيا والمنظمات غير الحكومية الداعمة للطرح الانفصالي. وكما قال Paul Coller، أستاذ الاقتصاد في جامعة أكسفورد في كتابه Wars, Guns and Votes, Democracy in Dangerous Places ( الحروب والمدافع والديمقراطية في أماكن خطرة)، في حالات الانفصال، في أكثر الأحيان، لا يُسمع صوت الشعب،ما يسمع الناس هو صوت القياديين الذين يجدون التمرد، والالقاء على الوضع الراهن أكثر جاذبية، من التوصل إلى تسوية نهائية. كما أن هناك لوبيات العلاقات العامة التي تشتغل سواء المغرب أو لصالح الجزائر والبوليزاريو، فهذا اللوبيات تعتبر هذا الملف مصدر ربح طويل المدى في الوقت الذي لا تقدم فيه أي خدمة ملموسة من أجل مساعدة هذا الطرف أو داك على الدفع بموقفه إلى الأمام. فلو افترضنا أننا قج نتوصل إلى حل نهائي لهذا الملف في السنوات القليلة القادمة، فهذه اللوبيات سوف تكون من أكبر الخاسرين. ولذا فلكلما لاح إلى الأفق أي أمل في التوصل إلى حل نهائي، تقوم بتحريك شبكتها من أجل إبقاء الحال على ما عليه. وهذا بالضبط ما جرى حينما قام المبعوث السابق للأمين العان إلى الصجراء بيتر فات والسوم بالإدلاء برأيه حول النزاع قائلاً بأنه ليس واقعياً إقامة دولة مستقلة في الأقاليم الصحرواية، فقد تحركت اللوبيات التابعة للجزائر من أجل العمل على الضغط على الأمين العام من أجل الإيحاء إلى والسوم بضرورة تقديم استقالته، وتعيين مبعوث أممي آخر. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن قضية الصحراء أصبحت جد معقدة، إذ تتعارض فيها الكثير من المصالح وتتجادب فيها الكثير من القوى التي ليست لها مصلحة في التوصل إلى حل دائم لهذا الملف. وبالإضافة إلى قيادة البوليساريو، موظفو الأممالمتحدة العاملة العاملين في المينورصو يعتبرون كذلك من أكبر المستفيذين، حيث أنهم يعتبرون العمل في بعثة المينورصو كما لو أنهم في .Club Med فخلال سنوات عملي في مجتمع الأممالمتحدة، تحدثت إلى العديد من الأشخاص الذين سبق لهم واشتغلوا في البعثة، حيث أبلغوني حرفيا أنه بالنسبة لأغلب موظفي الأممالمتحدة الذين يرغبون في العمل في بعثات الأممالمتحدة، فالمكان المفضل بالنسبة لهم هو بعثة المينورصة التي يعتبرونها وجهة من فئة خمس نجوم. وعلى العكس، فإن أولى ضحايا هذا الوضع الراهن هم سكان الأقاليم الصحرواية وفي مخيمات تندوف. في حين أن سكان المخيمات يعيشون في ظروف قاسية ويحرمون من الحق في العمل وتصاريح التنقل بحرية داخل الأراضي الجزائرية، في انتهاك للقانون الدولي، يعاني سكان الأقاليم الصحرواية من التضخم الناجم عن الرواتب المرتفعة التي يتمتع بها موظفو الأممالمتحدة، إذ تتسبب هذه الرواتب في ارتفاع أسعار السكن والسلع الأساسية. والضحية الثالثة هي عامة الشعب المغربي، إذ أن استمرار هذا التزاع يعرض استقرار البلد للخطر، ويشكل استنزافا لموارده المالية ويضعف تواجده الدبلوماسي على واجهات أخرى. إذا كانت للأمم المتحدة نية في الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة، فينبغي أن تراعي التطورات الأخيرة في المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل. كما يجب عليها أن تاخد العبرة من الانقلاب العسكري الذي جرى في مالي مؤخراً وإعلان الاستقلال من جانب المتمردين الطوارق والجماعات المتحالفة معها من الإسلاميين. ووعيا بمدى الخطر الذي يخيم على منطقة الصحراء والساحل، قدم مركز ابحاث بريطانيي: وحدة الاستخبارات الاقتصادية في تقريرها لشهر أبريل الماضي تحذيرا للمجتمع الدولي ضد اقامة دول غير قابلة للاستمرار في المنطقة، مع التأكيد على أهمية خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب ل لتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع. يجب على الأممالمتحدة أن تخلص نفسها من التعامل السياسوي مع القضية ومواجهة الواقع على الأرض إذا أرادت أن تضع حدا لهذا النزاع والحفاظ على مصداقيتها لدى الرأي العام المغربي، الرأي العام العربي بشكل عام. *مستشار في الأممالمتحدة مختص في قضية الصحراء والعلاقات المغربية الإسبانية، ومؤلف كتاب: Les relations politiques, economiques et culturels entre le Maroc et l'Espagne (1956-2005).