في الوقت الذي يعبر فيه المغاربة بقوة عن كونهم متحمسين للتغيير ومتعطشين لرؤية بلدهم يتحرك باتجاه الديمقراطية والعدالة والكرامة ومحاربة الفساد، والتنزيل الديمقراطي للوثيقة الدستورية التي حملت مجوعة من المكتسبات منها انتقال قطاع وزارة الخارجية والتعاون بملفاته المهمة إلى قذاع سياسيا يسري عليه المنطق الدستوري وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة. وهذا يطرح ضرورة التفكير بجدبة في الحركية والفعالية المطلوب توفرها في أجهزتنا القنصلية وحقيقة التغيير في الأداء والإستراتيجية وأن لا ننتظر الضغوط والصفعات لنتحرك بردود الأفعال وكذا من أجل عدم الاستمرار في علامة الفشل في بعض أجهزتنا الدبلوماسية في مهمة الدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى من خلال استثمار الديبلوماسية غير الحكومية بالبلدان المعتمدة لديها هذه التمثيليات خاصة مع الدينامية الجديدة التي طبعت الدبلوماسية الرسمية خلال الأشهر العشرة الأخيرة مع جميع الشركاء وعلى جيمع المستويات. و مع استمرار التوجيهات الملكية خاصة الخطاب الملكي لغشت 2002 الذي تضمن توجيهات واضحة دعا فيها لأوراش عمل قصد الإنحراط في حراك دبلوماسي متغير بسرعة ومحكوم بالمصالح وكذا لتأهيل الجهاز الدبلوماسي وتحديثه. وهذا يلزم التوقف ومناقشة دورالسفارات والسفراء في دعم القضية الوطنية لما لها من دور مهم خاصة والمغرب يتوفر على قضية عادلة يجب أن نوفر لها محامين بارعين على عدة مستويات: أولا على المستوى المنهجي وبشكل عام وباعتبار المرحلة التأسيسية التي يدشنها المغرب فالحكومة الجديدة وهي تسعى بكل جدية الى تجاوز الضعف في الإستراتيجية فالمفروض مواكبة محاولات التموقع الإستراتيجي الجديد للمغرب الذي يجمع بين الحفاظ على المكتسبات وتراكم الإيجابيات. وهو التوجه الاستراتيجي نحو قوى جديدة تبرز كالصين والهند والبرازيل والمكسيك وتركيا وأندونيسيا وضرورة الانفتاح الاستراتيجي نحوها وفتح علاقات متميزة معها بالإضافة الى تعزيز الشراكة ببعدها الهوياتي مع العالم العربي والخليج كشريك حضاري والتي تؤسس لها بقوة الزيارة الملكية الجارية في هذه الأيام والتي لها رمزية تنموية وتضامنية ستتطور الى سياسة تكامل واندماج في الظرف الدولي الصعب الحالي وستجعل من المغرب مستثمرا لموقعه الإستراتيجي ومتنافس حوله من لدن كل القوى التقليدية والصاعدة. ثانيا: على المستوى التدبيري: فلابد، من جهة أولى، أن يكون لدينا سفراء وسفارات فاعلة وفعالة اعتبارا للدور المحوري والفاعل الذي يجب أن تلعبه في دعم القضية الوطنية خاصة وأننا نتوفر على 89 سفارة مغربية موزعة بالخارج. ومن جهة ثانية هناك ضرورة ماسة تستلزم استيعاب التحولات التي عرفتها الديبلوماسية الغير الحكومية على المستوى الدولي باعتبار بروز شركاء جدد لهم تأثير واضح ومهم في القرار الدولي، فقبل 15 سنة لم تكن هذه الدبلوماسية تلعب دورا كبيرا، لكن مند فترة أصبح لهذه الدبلوماسية والتي تشمل الدبلوماسية الحزبية والنقابية والمجتمع المدني دورا كبيرا في توجيه والتأثير على القرار على المستوى الدولي خصوصا بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها، ومنها دورها مثلا في إخراج المحكمة الجنائية الدولية للوجود. وهذا يتطلب أولا بلورة رؤية وإستراتيجية وطنية شاملة بمقاربة لا تعتمد على المقاربة الأمنية فقط الى مقاربة شمولية تنفتح على الديبلوماسية الغير الحكومية مما يتطلب: - ضرورة تعزيز التواصل والتعاون للسفارات مع شركاء الدبلوماسية العامة من أحزاب وفرق برلمانية ونقابات وهيئات مدنية لدى الدول المعتمدة بالتنسيق المنظم وفق أهداف مقصودة مع شركائها بالمغرب. و الوقت ما زال سانحا لكي تستيقظ بعض الأحزاب من سباتها العميق من أجل بلورة سياسة شاملة واستراتيجية لجعل الدبلوماسية الحزبية فاعلة وفعّالة تخرجها من الأداء التقليدي، من خلال المساهمة في إنشاء هيئات تنسيقية على الصعيد الوطني في إطار استراتيجية ورؤية وطنية، وألا تكون بعيدة عن الأداء الدبلوماسي الرسمي بل مكملة ومتناغمة معه، على اعتبار أن الدبلوماسيات الموازية في الدول المتقدمة تكون انعكاسا و مكملا للدبلوماسية الرسمية. ثم أننا نعيش اليوم مرحلة جديدة وعولمة متوحشة مما يفرض على الأحزاب السياسية إنشاء تنسيقيات فيما بينها ويكون الهدف منها هو إعداد إطارات محلية وجهوية ووطنية من أجل صياغة رؤية شاملة ومن أجل التعامل مع الملف بشكل استباقي كون العمل المناسباتي يسيء للقضية الوطنية. ثم أننا بحكم توفرنا على شراكات متميزة مع أقطاب مهمة تتيح لأحزابنا إمكانية الحصول على ما يسمى الوضع الاستشاري (le statut consultatif ) مع نظيراتها على الصعيد الخارجي، الأوروبي والإفريقي ، وهذا سيساعدها على الحصول على مصداقية لدى المنتظم الدولي حتى يكون لها دور فاعل في الدبلوماسية الموازية. وهنا للسفارات دور رئيس في التواصل والتنسيق في كل هذا. - إلزامية التوفر على خلايا متابعة وتحيين معلومات لملف القضية الوطنية بكل الأجهزة الديبلوماسية لموافاة شركائنا بالمعطيات الصحيحة لمواجهة الخصم الذي يقوم باختلالات مستمرة تفرض تزويد الشركاء السياسيين والنقابيين والمدنيين بها لدى الدول المعتمدة. - تجاوز الضعف على مستوى التأهيل السياسي والمواكبة لتطورات ملف القضية الوطنية للممثلين الدبلوماسيين بالخارج وهذا يقودنا الى التفكير في إحداث مؤسسات التأهيل السياسي للسلك الدبلوماسي بالإضافة الى الأكاديمية الديبلوماسية. - ضرورة انفتاح الدبلوماسية الرسمية على الكفاءات الوطنية، خصوصا أبناء الأقاليم الجنوبية الذين يعيشون ملف الصحراء بشكل يومي والكفاءات المغربية بالخارج خاصة من الأجيال الصاعدة. - استهداف فضاءات جديدة والانفتاح على دول لم تكن لها علاقة وليست لها معطيات حول الملف سابقا. - الاستثمار الأمثل والمؤسساتي للشراكة المغربية الأوروبية المتجلية في الوضع المتقدم والشريك من أجل الديمقراطية بالجمعية البرلمانية لمجلس أووربا وشراكات أخرى من أجل التعريف، وتعزيز اللوبي المساند لمقترح الحكم الذاتي الذي يمثل جوابا شافيا للنزاعات وفق المنظور الدولي لمعالجة النزاعات والحركات الإنفصالية. * تعزيز التواصل لسفاراتنا وسفرائنا مع مراكز البحث بغية إشراكها في التعريف والتسويق الأكاديمي لمشروع الحكم الذاتي كوثيقة تفاوضية مهمة بإشادة من المنتظم الدولي.