لى زمن قريب، كانت السمنة والوزن الزائد دليلا على الصحة وسعة الرزق والجمال، لكن يبدو أن هذه المفاهيم أصبحت تتلاشى خاصة بالنسبة للجيل الجديد من الشابات والشبان الذين انصب اهتمامهم على العناية بصحتهم والحصول على وزن مثالي باعتباره مقياسا الجمال، فيما أصبحت تشكل عبئا على أصحابها، خاصة وأنها أصبحت سببا رئيسيا في حدوث عدد كثير من الأمراض مثل أمراض القلب وضغط الدم المرتفع والجلطة الدموية وأمراض الكبد والروماتيزم وارتفاع السكر وآلام الظهر والأقدام . وإذا كان المغرب خارج قائمة العشر دول في العالم التي تعاني من السمنة، إلا أنه يصنف إفريقيا في الرتبة الثالثة وهذا ما يطرح تحديا حقيقيا بالنسبة للمغرب وأمنه الصحي على المستوى القريب والمتوسط والبعيد، خاصة وأن الأمراض الناجمة عن السمنة تكلف الدولة ميزانية كبرى في الوقت الذي يدعو الخبراء الصحيون إلى انتهاج سبل الوقاية حتى لا يسير المغرب على خطى دول تكافح اليوم من أجل معالجة المصابين بأمراض السمنة وتصرف ميزانيات ضخمة على برامج لتشجيع المواطنين على خفض وزانهم. صحة المغاربة مهددة بالسمنة 3 ملايين و 600 ألف مغربي يعانون من سمنة مفرطة ومرضية 26.8 %منهم نساء و يتمركز 31.3 بالمائة في المناطق الحضرية، هذه الإحصائيات هي آخر المعطيات المتعلقة بالسمنة التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط الأسبوع الماضي، وأفادت دراسة حديثة للمندوبية أن 10,3 مليون مغربي بالغ يعانون من السمنة أو تظهر عليهم مؤشرات السمنة، ومن بينهم 63,1 بالمائة من النساء وإذا كان المغرب قد حقق تقدما على مستوى مكافحة نقص التغذية، إلا أن صحة المغاربة مهددة أكثر فأكثر بالسمنة، فعلى مدى عشر سنوات ارتفعت نسبة البالغين 20 سنة وأكثر المصابين بالسمنة الخطيرة والمرضية من 10.7 بالمائة سنة 2001 الى 17.9 بالمائة سنة 2011، فيما ارتفعت نسبة زيادة الوزن لدى نفس الفئة من 27 في المائة سنة 2001 الى 32.9 بالمائة سنة 2011 بالمقابل انخفض بشكل طفيف معدل النحافة لدى البالغين 20 سنة وأكثر من 3.9 سنة بالمائة سنة 2001 إلى 3.3 بالمائة سنة 2011 وتعتبرالمندوبية أن المغاربة لا يعانون من النحافة إلا بشكل هامشي. وحسب نفس المصدر تهم السمنة على الخصوص الأشخاص غير النشيطين بنسبة 29.3 بالمائة وتنخفض لدى نفس الفئة في الوسط القروي إلى 17.4 بالمائة لكن النسبة تتراجع لدى الأشخاص النشيطين لتصل إلى 12.8 بالمائة في الوسط الحضري و 9 بالمائة لدى الوسط القروي. هذا ويزداد انتشارها مع التقدم في السن لدى الكبار الذكور ولدى النساء بشكل عام وربات البيوت منهن بشكل خاص إذ ترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 35 سنة، وتصل نسبة السمنة الخطيرة لدى النساء الذين تتجاوز أعمارهم 45 سنة إلى 38.7 بالمائة، ويلاحظ أن هذه النسبة ترتفع أكثر لدى ربات البيوت إذ ان 42.8 بالمائة من النساء ربات البيوت الذين تتجاوز اعمارهم 45 سنة يعانين من السمنة الخطيرة أما الرجال في نفس السن فإن هذه النسبة تبلغ لديهم 11.9 بالمائة. وحسب الدراسة فإن مستوى انتشار السمنة الخطيرة والمرضية يتغير حسب المستوى الجهوي للاستهلاك الفردي وترتفع بشكل ملحوظ في جهات الجنوب و الدارالبيضاء الكبرى. هكذا تحارب بعض الدول السمنة تقول منظمة الصحة العالمية، إن هناك نحو 1.6 مليار من البالغين (15 عاماً فما فوق) يعانون من فرط الوزن، وما لا يقلّ عن 400 مليون من البالغين الذين يعانون من السمنة. وباتت هذه الأخيرة، وراء وفاة ما لا يقلّ عن 2.6 مليون نسمة كل عام. تتربع الولاياتالمتحدةالأمريكية على عرش دول العالم الأكثر سمنة، بحسب دراسة نشرتها صحيفة «نيويورك دايلي نيوز»، والتي شملت 195 دولة من دول العالم، ويعاني أكثر من ثلث البالغين في الولاياتالمتحدة السمنة المفرطة فيما يشكو واحد من بين خمسة أطفال من السمنة. وأصبحت مكافحة السمنة في الولاياتالمتحدةالامريكية قضية وطنية، وجزءا من البرامج الانتخابية للمنتخبين المحليين وحتى في الانتخابات الرئاسية خاصة وأن إجمالي الإنفاق السنوي للولايات المتحدة المباشر وغير المباشر على معالجة السمنة يصل إلى 147 مليار دولار. وبعد الولاياتالمتحدةالامريكية تأتي دولة عربية هي الكويت في المركز لثاني عالميا والأول عربياً بمعدلات البدانة، حيث بلغ من يعانون منها أكثر من 100 ألف شخص. واتخذت الكويت عددا من الإجراءات لوضع حد لانتشار السمنة بين المواطنين منها إطلاق حملات صحية في الشركات بتوفير الاستشارات الصحية المجانية إلى جانب إطلاق عدد من المشاريع في المدارس والجامعات لمكافحة السمنة والتحسيس بخطورتها على الصحة. في اليابان ورغم تأكيد تقارير لمنظمة الصحة العالمية على أن اليابانيين من أكثر الشعوب رشاقة في العالم، إلا انه تم إصدار قانون في هذا البلد يجرم السمنة ويحدد الوزن المقبول لكل من الرجال والنساء على حد سواء. ويعد هذا القانون الأول من نوعه في جميع دول العالم. ويمكن للحكومة اليابانية بموجبه متابعة كل من يزيد وزنه عن الحد المنصوص عليه في القانون وتوجيه تحذير لمن لا يلتزم به. ويرمي القانون إلى خفض الإنفاق على الرعاية الصحية من خلال الحد من انتشار مرض السكر وأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.