الدين كلمة الله الصادقة الباقية التي أهداها لبني آدم وهداهم بها. نور تحمله الملائكة من ذي العرش العظيم ليعانق نور الفطرة. وحي وفطرة: نور على نور يسطع في الأفئدة ويشع في دروب الحياة الخاصة والعامة ليحيا الناس حياة طيبة سعيدة، ثم يلاقون ربهم يوم الحساب فيكرمهم بسعادة أعلى وحسنى ذات زيادة لا نهاية لها. لكن كلمة الله تعرضت في كل مرة للاقتناص والارتهان من لدن محرفي الكلم وتجار الأساطير والديانات المزيفة الذين بذلوا كل وسعهم ليكون الدين سلاحا فعالا لتحقيق مآربهم واستكبارهم. وقع هذا لكثير من الرسالات السماوية والكتب المنزلة -من دون القرآن والإسلام- إذ تعرضت للتحريف والتزوير والاستغلال البشع. وباسم ديانات مصطنعة أشعلت حروب لا حصر لها وأزهقت ملايين الأرواح وخربت مدن وحواضر وحضارات. باسم ديانات مصطنعة أقيمت إمبراطوريات ومستعمرات رفعت لها الأعلام والعلامات، ثم لحقها الفساد والممات. واليوم ما يزال استغلال الدين جاريا على قدم وساق في حروب الاستعمار والاحتلال الجديد، وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه من أدعياء الحرية والديمقراطية والحقوق والإعلام أن يواجهوا دولة مثل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة اللتين سخرتا المشاعر والإيديولوجيات الدينية لشن الغارات والحروب الفتاكة في عدة جهات من العالم، خاصة في قلب العالم الإسلامي حيث فلسطين والأرض المباركة، سلطت الأضواء على الصحوة الإسلامية واتهمت بتهم باطلة ونعتت بنعوت مفبركة. لماذا لم يواجه رئيس يدعي أنه أوحي إليه وأن المسيح قد التقاه، ولماذا لم ينكر على أحبار يعتقدون بكل يقين أن من حقهم الاستيلاء على الأرض ومحو سكانها من الخريطة، أو على من يقيمون الحفلات والمهرجانات الخطابية ويجيشون الجيوش وينفقون الأموال لقيام حرب شاملة بين قوى الخير والشر -وفق رؤيتهم بطبيعة الحال- وإقامة مملكة الرب السعيدة على جبال من الجماجم والجثث... وغير هذا كثير. مما دفع بالعقلاء الحكماء من اليهود والمسيحيين أنفسهم لاستنكار هذا الاقتناص والاستغلال. في هذا الملحق الجديد نقدم للقراء والمهتمين نموذجا من هؤلاء الحكماء العقلاء من مسيحيي المشرق العربي الذين يناهضون الاستغلال السياسي للمسيحية من قبل الصهيونية واليمين المسيحي الأمريكي المتطرف، ويتعلق الأمر بالدكتور القس رياض جرجور الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط ومحاضرته حول المسيحية الصهيونية والاحتلال الأمريكي للعراق وعلاقة ذلك بالكيان الصهيوني وأساطير أخرى. وإلى جانب هذا نقدم لقرائنا بعض المواد التي كانوا يلتقون بها في الأعداد اليومية. ونعدهم بالمزيد شكلا ومضمونا. حسن صابر