نجتزئ هنا بعد الحديث عن بعض أخلاق رسول الله (صلعم) وشمائلِه بإيجاز عن الآداب المحمدية التي كان يحرص رسول الله على الالتزام بها واتباعها، ونذكر منها: أولا: غض الطرف فلا يُتْبِعُ نظره الأشياء، وكان جلُّ نظره الملاحظة فلا يُحمْلِقُ إذا نظر ونظرُه إلى الأرض أطولُ من نظره إلى السماء. ثانيا: إذا مشى مع أصحابه يسوقهم أمامه فلا يتقدمهم، ويبدأ من لقيه بالسلام. ثالثا: إذا تكلم يتكلم بجوامع الكلم، كلاَمُه فصْلٌ، ولافضول ولاتقصير أي على قدر الحاجة، فلا زيادةَ عليها ولا نقصانَ عنها وهذا من الحكمة وكان يقول: «من حسن إسلام المرءِ تَرْكُهُ ما لا يَعنيه» ويقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيراً أو ليصمت» [ويبدأ كلامه، ويختِمُه بأشْداقه من أجل أن يسمَعَ محدِّثُه ويفهمَه، لايتكلم في غير حاجة، طويل السكوت]. رابعا: كان متواصلَ الأحزان، دائمَ الفِكر، ليست له راحَة، دَمثَ الخلق، ليس بالجافي ولا المَهين، يُعظِّمُ النعمة وإن دَقَّتْ، لايذُمُّ منها شيئا ولا يمْدَحُه. خامسا: لاتُغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تُعرِّضَ للحقِّ لم يعْرفْه أحد، ولم يَقُمْ لغضبه شيء حتى ينتصر له،ولايغْضبُ لنفسه ولا ينتصرُ لها. سادسا: إذا غضبَ أعْرض وأشاحَ، وإذا فرحَ غضّ طرْفه، جلُّ ضَحكِه التّبسُّم، ويفْتَرُّ عن مثل حبِّ الغَمام. سابعا: إذا تكلم تكَلّمَ ثلاثا، وإذا سلّمَ سلم ثلاثا، وإذا استأذن استأذن ثلاثا، وذلك ليُعْقلَ عنه ويُفهَمَ مرادُه من كلامه نظراً إلى ما وجب عليه من البلاغ. ثامنا: كان يشارك أصحابَه في مباح أحاديثهم، إذا ذكروا الدنيا ذَكَرَها معهم، وإذا ذكروا الآخرة ذكَرَها معهم، وإذا ذكرُوا طعاما أو شرابا ذكَرَهُ معهم. تاسعا: كان إذا جلس نَصَب ركبتيه واحْتَبى بيديه، وإذا جلس للأكل نصَبَ رجْلَه اليُمنى وجلس علَى اليُسْرى. عاشرا: كان لايَعيب طعاما يُقدَّم إليه أبدا، وإنما إذا أعجبه أكلَ منه، وإن لم يعجبه ترَكَه. فمهما ذكرنا من صفات رسولنا الكريم، وما خصه الله من المزايا والخصائص، إلا ونكون مقصرين مهما بلغ اجتهادُنا فإننا نعترف بعجزنا عن بلوغ ما تستحقه (صلعم) كريمُ ذاتِه، وعظيمُ صفَاته، وقد قيل: أرى كلَّ مدح في النبي مُقَصِّراً وإن بالَغَ المُثْني عليه وأكثَرَا إذا اللهُ أثْنَى بالذي هو أهْلُه عليه فما مقدارُ ما تَمدَحُ الورَى ولله در لسان الدين بن الخطيب في قوله: فما ذا عسى يُثني عليك مقصر ولم يأل منك الذكرُ مدحاً ولا حمداً أيروم مخلوقٌ ثناءَك بعدما أثنى على أخلاَقِكَ الخلاَّقُ إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي ونحن هنا أن نورد حديثا كريما ودعاء نبويا رائعا يمثل نفسية رسول الله العالية، واعتماده على ربه، ويقينه في نصره، عندما اكترى.. زعماءُ ثقيفٍ سفهاءَهم عليه، فصاحوا به وشتموه ورَمَوْه بالحجارة، فلجأ إلى حائط بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة وقدماه تنزفان دماء فجلس إلى تحت ظل كرمة ودعا ربه بهذا الدعاء الخالد المؤثر: «اللهم إليك أشكو ضُعفَ قوتي، وقلةَ حيلتي، وهواني على الناس - ياأرحم الراحمين، أنت ربُّ المُسْتضْعفين وأنت ربي إلى من تَكلُني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتَك هي أوسعُ لي، أعوذُ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمرُ الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحُلَّ عليَّ سخَطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك». الاسلام رسالة خالدة صالحة لكل زمان ومكان لقد أشرقَ وجهُ النبوة على الأرض يحمل في تقاسيمه معالمَ تاريخ جديد، ويجمعُ في ميلاده ميلادَ أمةٍ بأسرها. نبعَتْ من قَلْبه، ودرَجَتْ بيْن يديه، فنشأَتْ قويةً كاملةً، قوامُها جلال الروح، وبأسُ العقيدة، وروعةُ المَثَل الأعلى، أمَّةٌ بدأَتْ بسيدنا رسول الله وحدَه في فيا في الجزيرة، يُسفِّه آلهتها، ويُندد بخرافاتها، ويدعوها إلى الوحدة عقيدة وهدفا وسلوكا. وهاهي الأمة بين يدي ذكراه المجيدة مآت من الملايين تملأ شرق الدنيا وغربها، تهتف باسمه مع إسم الله، وتنشد في رسالته نورا يبدد حلكة هذا الزمان وماهي عليه من فرقة وتباعد وانقسام مصداقا للهدي القرآني: «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور...» إن المتدبر المتأمل في الصورة النبوية الكريمة عن طريق السيرة الصحيحة، والأحاديث النبوية، يفهم عن الرسول كل يوم جديدا، وهذا الفهم إنما هو تفسير وإيضاح لجوانب من القرآن الكريم. لقد امتزج الرسول (صلعم) بالقرآن عقيدة وتشريعا وأخلاقا، وكان (صلعم) حريصا كل الحرص على أن يكون خلق الأمة وقوامها القرآن الكريم، وعمل لذلك طيلة بعثته، وهكذا كان حرصه على هداية أمته قائما مستمرا كما قال: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقطن فيها وهو يذبُّهن عنها، وأنا آخذ بكجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي». ويمكننا أن نتساءل عن مزايا هذا الدين الكريم الذي كان دائم الهداية إليه. يجيب الشيخ جمال الدين الأفغاني عن هذا السؤال بصراحة ووضوح قائلا: إن الاسلام في مقدمة الأديان من حيث حاجة البشر إليه، لأن له مزايا ليست متوافرة في دين آخر: أولا: لأنه صقل العقول بصقال التوحيد، وطهرها من الشرك والأوهام، وذلك يحول دون اعتقاد أن كائنا من الكائنات له تأثير نفع أوضر، أو أي معتقد من المعتقدات الفاسدة التي جاءت بها ديانات برهما في الهند، وبوذا في الصين، وزرادشت في بقايا الفارسيين. ثانيا: محق امتياز الأجناس وتفاضل الأصناف، وقرر المزايا البشرية على قاعدة الكمال العقلي والنفسي لاغير، فالناس إنما يتفاضلون بالعقل والفضيلة أي بالتقوى ثالثا: جعل العقيدة قائمة على الاقتناع لاعلى التقليد، واتباع ما كان عليه الآباء، والدين الاسلامي إنما يخاطب العقل، ولذلك يؤاخذ المعتقدين بدون دليل، ويوبخ المتبعين للظنون «إن الظن لايغني من الحق شيئا». رابعا: نصب المعلم ليؤدب ويرشد ، دعى الى التعليم، وأقام المؤدب الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر «ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر». «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون». وهكذا نجد القرآن جمع في ثلاث آيات المعنى الحقيقي للدين الاسلامي الذي يجمع بين العقيدة في الاله، وأخلاق الفردية، والتعامل بين الناس، أي أنه جمع فيها أساس الحياة الكاملة المستقيمة، يقول الله تعالى في سورة الأنعام: «قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ان لاتشركوا به شيئا «وبالوالدين إحسانا» «ولاتقلتوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم» «ولاتقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن» «ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون». «ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده» «وأوفوا الكيل والميزان بالقسط، لانكلف نفسا إلا وسعها» «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى» وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون» «وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون». وهكذا جمع كتاب الله ثلاثة أنواع من أسس الجماعة الاسلامية التي تكون دستورها في قيامها وتكوينها وهي: النوع الأول: ما يتعلق بعقيدة الفرد فحرم عليه الشرك بالله في العبادة. والنوع الثاني: مايتصل بسلوك الفرد الأخلاقي. والنوع الثالث: مايتصل بالمعاملات بين الأفراد. والآية إذن فوق أنها تحدد العقيدة والوصايا الخلقية والفردية، تقرر مبدأ التعامل، ومبدأ القضاء، ومبدأ الدولة نفسها، وصلتها بالأفراد، فالدولة في الاسلام عهد بين الأفراد بعضهم مع بعض، ووجوب الوفاء به من بعضهم نحو بعضهم الآخر مرهون بأن يكون في سبيل المصلحة العامة، فهذا هو المعنى السامي لدستور الجماعة الاسلامية في ديننا الحنيف. خصائص الاسلام وخواصه: لذلك كله نجد أن الاسلام خص بخصائص لا تتوفر في دين آخر غيره، وحباه الله بمزايا عديدة جعلته الدين الكامل الخالد الصالح لكل زمان ومكان، نذكر من هذه الخصائص: 1- الاسلام دين الفطرة: ويعنى ذلك أن العقيدة الاسلامية عقيدة بسيطة نابعة من الفطرة السليمة التي تتفق مع العقل الصحيح، والفكر السليم، فلا طقوس ولا تعقيدات «فطرة الله التي فطر الناس عليها» مما يعني أن الاسلام دين فهم ونظر وإدراك وأنه خاطب العقول قبل القلوب، ودعا المسلم الى التفكر والتدبر في نفسه وفيما يحيط به وفيما حوله: «وفي الأرض آيات للمؤمنين وفي أنفسهم أفلا تُبصرون» 2 - أن العقيدة الاسلامية تجمع بين المادة والروح: وهذه خصيصة الخصائص في عقيدتنا لأنها لا تفصل بين المادة والروح، بل تنظر الى الحياة على أنها تشملهما جميعا، ولذلك لم يحل الاسلام بين الانسان وبين مقتضيات الحياة، بل نظمها ورسم المنهج السليم ليحيا الانسان حياة متوازنة، «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة... الآية» 3- أن العقيدة الاسلامية تحترم الكرامة الانسانية: وتعنى احترام الانسان لكونه انسانا، والحفاظ على كرامته من دون تمييز أو تفريق، واعتباره أفضل المخلوقات وأكرمها عند الله «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر... الآية» وذلك ليكون الانسان أهلا لعمارة الدنيا. وحمل أمانة الحياة فيها، ولذلك حرم الاسلام احتقاره، أو إهانته، أو الاعتداء عليه بسبب جنسه، أو لونه، أو فقره، فقد مرت جنازة برسول الله (صلعم) وصحبه فوقف لها، فقيل له: إنها ليهودي فأجاب معلما «أوليست نفسا». 4- دعوة الاسلام انسانية عامة: وهذه الخصيصة مما ميز الاسلام عن غيره من الديانات والرسالات السماوية أنه دين الناس جميعا وللبشرية كافة، «يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا» «وما أرسلناك الا رحمة للعالمين» ولذلك اعتبر الاسلام الانسانية كلها وحدة وكيانا واحدا، واعتبر الناس كلهم سواسية مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم «الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم الى الله أنفعهم لعياله». واعتبر المسلمين جميعا اخوة، ودعاهم أن يحافظوا على أخوتهم بتكافلهم وتراحمهم وتعاطفهم، كما اعتبر الناس أحرارا لأنهم ولدوا أحرارا ليبقوا أحرارا «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» كما قال: عمر، كما دعا الاسلام الى السلم وأحلها محل الحرب، وجعل صلاتنا سلاما وتحيتنا سلاما، وحياتنا كلها سلاما «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة». 5- الاسلام منهج منه كامل للحياة: لعمومية الاسلام وشموله نظم مجالات الحياة كلها، نظم حياة الفرد وبين حقوقه وواجباته، ونظم حياة الجماعة وراعى مصالحها، ونظم شؤون الأسرة ورعاها، واعتبرها الخلية الأساسية في الأمة، ونظم علاقة الناس بعضهم بعضا ومع خالقهم، وبين حقوق الراعي وحقوق الرعية. شهادة عالم منصف: ولا نجد هنا أروع ولا أصدق من شهادة الفيلسوف الأرلندي برنادشو في حق الاسلام ورسول الاسلام يقول: «إني أكن كل تقدير لدين محمد لحيويته العجيبة، فهو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلة لملاءمة أوجه الحياة المتغيرة، وصالحا لكل العصور، فقد درست حياة هذا الرجل العجيب، وفي رأيي أنه يجب أن يسمى منقذ البشرية دون أن يكون في ذلك عداء للمسيح، وإني أعتقد أنه لو أتيح لرجل مثله أن يتولى منفردا حكم هذا العالم الحديث لحالفه التوفيق في حل جميع مشاكله، وبأسلوب يؤدي الى السلام والسعادة التي يفتقر العالم إليها كثيرا، وإني أستطيع أن أتنبأ بأن العقيدة التي جاء بها محمد ستلقى قبولا حسنا في أوربا غدا، وقد بدأت تجد آذانا صاغية في أروبا اليوم». السيرة النبوية وسيلة الرسول الى القلوب والعقول: لقد كانت وسيلة الرسول (صلعم) الى فتح القلوب والعقول، هي سيرته العطرة التي تمثلث فيها أخلاقه العظيمة، وقدوته الكريمة قبل البعثة وبعدها، والتي قامت على الفضائل والكمالات التي كانت طابعه وميزته، والتي وجه الناس إليها ورغبهم فيها باعتبارها الأساس الصحيح للمجتمع الكريم، مجتمع المحبة والفضل والخير والصلاح، والذين جعلهم أحب الناس إليه وأقربهم منه يوم القيامة يقول عليه السلام: «إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، الموطأون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون». ذلك لأن السيرة النبوية حافلة بأسباب الهداية، مسددة بقوافل من النور، يجتني الناس منها عماد الايمان، ويثبتون قواعد الاسلام، فينعمون بسعادة الدنيا، ويحققون النجاة في الآخرة، ذلك لأن هدى النبوة أعظم مدرسة للتربية الاسلامية. ومواجهة دعاوى التغريب. وهنا يطرح السؤال نفسه في هذا المجال وهو، كيف ينبغي أن نتعامل مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ 1 بضرورة الرجوع الى السيرة النبوية وقراءتها قراءة جديدة وجادة، تمكننا من استخلاص المنهج النبوي الراشد في بناء المنظومة الاجتماعية بناء حضاريا رائدا، يكفل للأمة الاسلامية الانبعاث الصحيح الذي يحافظ على مقاماتها وأصول هويتها. 2 الاهتمام بدراسة السيرة النبوية في جميع مراحل التعليم وتخصصاته، بما يقتضيه ذلك من توفير الحصص الكافية لها. 3 ضرورة وعي الباحثين الجامعيين بما في السيرة النبوية من مادة تشريعية، يعتمدها العلماء والباحثون في العلوم الشرعية، والدراسات الاسلامية. لاستنباط الأحكام الشرعية وتنزيلها على واقعنا المعاصر، وحل مشاكله المستجدة. 4 دعوة الباحثين الى الاستفادة مما في كتب السيرة النبوية من ثروة علمية وأدبية ولغوية وغيرها، وتوظيف ذلك في الحياة العامة. 5 الدعوة الى تشجيع الكتابة في السيرة النبوية على اختلاف مناهجها وطرائقها، مع التصدي لمختلف الطروح المناهضة المغرضة، بالردود العلمية المستندة الى الرواية الصحيحة. البعيدة عن التحامل والتجاهل، والمبنية على التحليل العلمي، والاستنساخ السليم. 6 الدعوة الى دراسة حياة الصحابة وسيرتهم، والاسترشاد بذلك في حياتنا، باعتبارهم الجيل الذي أخذ حظه من التربية المحمدية، وكونهم القدوة التربوية السامية التي يحتذي بها. 7 الدعوة الى إنشاء مركز السيرة النبوية للبحث والدراسة. وتحقيق التراث الاسلامي الخاص بها، والعناية بالمخطوطات المغربية في هذا الشأن، ونشرها، والانتفاع بها، وتيسير الوسائل لإخراج موسوعات للسيرة النبوية لفائدة الدراسين والمختصين، تكون شاملة لكل جوانب القدوة من شخصيته (صلعم) تشريعا، وأخلاقا، وقضاء، واقتصادا، وتعليما... 8 دعوة كافة الأدباء: شعراء وقصاصين وروائيين وفنانين الى أن يستلهموا من الأدب الاسلامي الرفيع الهادف، اقتفاء لأثر السلف الذين كان أدبهم عبر التاريخ الاسلامي الرفيع الهادف خادما للسيرة النبوية، ومواكبا لها، ومسجلا لواقعها، ومقربا لحقائقها. 9 الدعوة الى الاهتمام بالمرأة وإحلالها المكانة الاجتماعية اللائقة، وتوفير حقوقها وفق ما تقتضيه مضامين السيرة النبوية. 10 ضرورة اعتماد السيرة النبوية في البرامج الإذاعية والتلفزية، بتخصيص حصص كافية للتعريف بها، وإبراز وترسيخ فضائلها ومكارمها. ضرورة محبة الرسول ووجوبها: ذلك أن محبة رسول الله (صلعم) فرض على جميع العباد وواجب في حقه، لما له من المنة على الخلق، لأن محبته من أمارات قوة الايمان والوصول الى الرحمن، ومن أوله الفوز والسعادة، وأسباب الوصول الى حسنى وزيادة، وهي من أعظم القرب الى الله تعالى وأرفع الدرجات والرتب عنده كما نص عليه الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية، ولأنه سيد الوجود، والسبب في كل موجود، والذي لولاه لم يكن في الوجود موجود، ومن نوره تكون كل نور موجود كما نص على ذلك إمامنا مالك رضي الله عنه، بل إن محبته لابد أن تكون بعد محبة الله تعالى وقبل الناس جميعا. ولأن محبته من محبة الله تعالى كما جاء بذلك القرآن الكريم والسنة الطاهرة، قال الله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر ذنوبكم». وورد في المسند والصحيحين أن رسول الله (صلعم)، قال: «لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» قال الغوث عبدالسلام الفيتوري ت 981 ه: «ولا تؤثروا على محبة فوق محبة الله عز وجل، فهو الفاعل بكم جميعا الاحسان، وأما النبي (صلعم) فلا تحبوا أحدا من الخلق مثل محبته، ولا يكمل إيمانكم حتى يكون النبي (صلعم) أحب إليكم من أنفسكم وآبائكم والناس أجمعين مصداقا لقوله تعالى: «قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لايهدي القوم الفاسقين: التوبة: 24 فلا من إيثار محبته (صلعم) عل كل محبوب سوى الله تعالى لأنه هو المنجي لكم من الهلاك، وهو باب الله تعالى فهو الواسطة بين الأنام والداعي الى دار السلام. وقد أكد الرسول المعصوم على ذلك بقوله: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي «فيما أخرجه الحاكم في المستدرك 150/3 والترمذي 343/9 وأبو نعيم في الحلية 211/3.