بعد هذه العمليات، بدأت السلطات الفرنسية حملة بحث وتفتيش واسعتين، إلا أن قائد قبيلة أولاد عليان قدور البزاري رحمه الله أضلهم، بعد أن قال لهم إن نوع القنابل المستعملة في هذه العملية لا تكون إلا في الريف، وأن مدبري هذه العملية لن يكونوا سوى من الريف، وطبعا كان الريف آنذاك يرزح تحت الاستعمار الإسباني، ورغم أن القائد قدور البزاري كان يعلم جيدا أن العملية من تنفيذ أبناء المنطقة، فإنه قام بذلك من أجل حمايتهم وتضليل المستعمر. لكن حدث شيء لم نتوقعه، كان عمي المرحوم السيد المكي قد شربني ورفاقي لبنا دون أن يعلم بمرادنا ، وبعد مرور العملية صرح للعديد من الناس أن ابن أخيه زاره بعض الشبان ليلة العملية، وأنه سقاهم لبنا ، فكانت هذه التصريحات سببا في اعتقاله واعتقال والدي المرحوم الحاج محمد بن العربي العمراني الزريفي، وبعد تعرضنا للاستنطاق أدليت لهم بشهادة طبية أعطاها لي الطبيب الفرنسي الخاص بجامعة القرويين الدكتور «شيرو»، تثبت مرضي بالسل، كانت وراء إنقاذي من السجن. مرت مدة، وخططنا لعملية أخرى بعين مديونة، حيث يجتمع المعمرون وبعض الخونة في حفل، اتفقنا على وضع قنبلة في نافخ «مجمر يستعمل في الطبع أثناء الحفل»، هذا المجمر أدخلناه إلى المطبخ بتعاون مع بعض الطباخات، وكان المرحوم أحمد بن الطاهر الميداوي هو الذي حمل القنبلة إلى المكان رفقة صديقي الحاج علي الميداوي أطال الله في عمره، رجل من المنطقة يسمى «خرقوق». ورغم أن انفجار القنبلة لم يخلف ضحايا، إلا أن ذلك أحدث رعبا كبيرا في صفوف سلطات الاحتلال، فقد كان أثرها بليغا، إذ تم الربط بينها وبين العملية السابقة وتأكدوا أن ما يقع من تنفيذ أبناء المنطقة، فقرروا البحث عن الفاعل، وبدؤا يرسلون أحد الخونة إلى سوق رأس الواد وسوق أربعاء تيسة لتقصي الأخبار. بقينا مستمرين في أعمال المقاومة، وذات ليلة قدم إلى أخي المرحوم الحاج الشاهد العمراني الزريفي الذي كان عمره لا يتعدى في ذلك الوقت 17 سنة، وطلب مني أن أكلفه بأداء مهمة تساعد المقاومة، وخاطبني قائلا «أنا أيضا وطني وأحب بلدي وديني وملكي وأستطيع أن أموت من أجل هذا»، وبعد إصرار دعوته أن يمهلني يومين كي أدبر له عملا يقوم به. وقبل أن تنقضي المهلة زارني قريب كنت أشركه في عمليات مقاومة كثيرة، وأكلفه أحيانا بتوزيع المناشير وهو المرحوم الطيب بن الجيلالي من دوار الغينيين بقبيلة أولاد عليان، الذي كان ذا إيمان قوي يتوجه أينما وجهته ولا يعرف من الخوف شيئا.. الحلقة القادمة: العملية النوعية التي سيقوم بها أخي وبن الجيلالي