وقد ظل علال الفاسي من صباه إلى وفاته شعلة من العمل والجهاد على جبهات عديدة، نذكر من معالمها ما يلي: نشاطه الطلابي من التحاقه بجامع القرويين. والإسهام في حركة تأسيس المدارس الحرة وتطوع بالتعليم في المدرسة الناصرية. فقد منعت السلطة الفرنسية المحتلة دروسه، وحاولت اعتقاله فسافر إلى شمال المغرب الواقع حينئذ تحت الاحتلال الإسباني. وهناك أيضا تعرض لمضايقة سلطات الاحتلال الإسباني، فانتقل إلى إسبانيا نفسها. ثم عاد إلى الوطن واستقر بمدينة طنجة التي كانت آنذاك تحت نظام احتلال دولي. فلما علم بصدور أمر باعتقاله سافر إلى باريس. وفي فرنسا اتصل بالأوساط الفرنسية والمغربية، وشارك في تنسيق الحركات الوطنية المغربية، وسافر إلى جنيف فربط مع الأمير شكيب أرسلان صلات وثيقة كان لها كبير الأثر في تعاون الرجلين في الميدانين السياسي والعلمي. في سنة سنة 1930، قام بدور فعال في تحريك المظاهرات والاحتجاجات ضد ما عرف بالظهير البربري، الذي كانت فرنسا ترمي من ورائه إلى تقسيم المغرب، بعزل البربر عن العرب، مع العمل على تنفيذ سياسة تبشيرية تنصيرية في المناطق البربرية. وبسبب ذلك اعتقل لأول مرة في حياته صيف سنة 1930، ثم أفرج عنه بعد نحو شهر من السجن، ثم اعتقل مرة أخرى ونُفي إلى قرية بجبال الأطلس المتوسط وسط المغرب. أسس أول نقابة للعمال بفاس سنة 1935، وقد مُنِعَت ثم عاد لإحيائها. انتخب رئيسًا لكتلة العمل الوطني بعد تنظيمها سنة 1936. أسهم في وضع دفتر الإصلاحات المغربية، والمطالب المستعجلة والدعوة لها. فكان أحد القادة الثلاث الذين تم اعتقالهم في الدارالبيضاء سنة 1936 على إثر الدعوة لهذه المطالب. وقد أعقبت اعتقالهم مظاهرات دامية اضطرت سلطات الاحتلال معها لإطلاق سراحهم. على إثر منع كتلة العمل الوطني دعا إلى عقد مؤتمر وطني في الرباط تقرر فيه إعلان اسم جديد للحركة هو (الحزب الوطني لتحقيق المطالب) وانتخب رئيسًا له. وفي أكتوبر 1937 اعتُقِل من جديد، ونُفي إلى الغابون، ومنها إلى الكونغو، وظل منفيا ومحرومًا من الكتب والصحف، إلى أن أعيد إلى المغرب في يونيو سنة 1946. في شهر مايو من سنة 1947، وعلى إثر تعيين الجنرال جوان رئيس أركان الدفاع الفرنسي مقيما عاما بالمغرب، هاجر علال الفاسي إلى القاهرة، حيث أسهم بنشاط فعال في «مكتب المغرب العربي»، الذي كان يعمل لأجل استقلال دول شمال أفريقيا وتوحيدها. وفي دجنبر من سنة 1947 شكلت الأحزاب والحركات التحريرية لشمال إفريقيا بالقاهرة وضمنها حزب الاستقلال يمثله علال الفاسي شكلت هيئة مشتركة للتنسيق والعمل من أجل استقلال الأقطار الثلاثة (المغرب والجزائر وتونس)، سميت «لجنة تحرير المغرب العربي». وقد أسندت رئاسة هذه الهيئة إلى المجاهد عبد الكريم الخطابي، وأسندت أمانتها العامة في البداية إلى الحبيب بورقيبة، ثم إلى علال الفاسي (سنة 1955). وأما أهداف اللجنة ومبادؤها الأساسية، فتتلخص في توجه ذي ثلاث شعب: الرابطة الإسلامية، الوحدة العربية، الاستقلال التام لدول المغرب العربي. وقد أعلنها مفصلة رئيسُ اللجنة عبد الكريم الخطابي، في تصريح له أمام الصحافة بالقاهرة، يوم 5يناير1948، وهي: 1. المغرب العربي أنشأه الإسلام وعاش بالإسلام، وبمبادئه يستهدي في مساره استقبالا. 2. المغرب جزء لا يتجزأ من العالم العربي، وتعاونه في إطار جامعة الدول العربية، مع سائر أعضائها، أمر ضروري وطبيعي. 3. يجب أن يكون استقلال المغرب العربي تاما في الأقطار الثلاثة (تونس والجزائر والمغرب). 4. ليس هناك من غاية يُقصد إليها قبل الاستقلال. 5. تمنع مفاوضة الاستعمار في مسائل جزئية، في إطار النظام الحالي. 6. تمنع المفاوضة قبل إعلان الاستقلال. 7. يجوز للأحزاب المنضوية في لجنة تحرير المغرب العربي أن تربط الصلات مع الحكومتين الفرنسية والإسبانية، بشرط الإشعار بتطور المباحثات. لا يُسقط حصولُ إحدى البلاد الثلاثة على استقلالها وجوبَ استمرار اللجنة في الكفاح لأجل تحرير البلدين الباقيين. • في سنة 1949 عاد علال من المشرق إلى المغرب، لكنه مُنع من الدخول إلى المنطقة الخاضعة للحماية الفرنسية، فأقام بطنجة حيث واصل من هناك نشاطه الوطني. • في سنة 1950 نظم في طنجة أول مظاهرة إفريقية آسيوية لمقاومة الاستعمار. • قام رفقة كاتبه الخاص عبد الرحمن انجاي، بجولة في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية والشمالية لمناصرة قضية استقلال المغرب. • شارك في تنظيم مكتب حزب الاستقلال بنيويورك وساهم في أعماله أثناء دورة هيأة الأممالمتحدة سنة 1952، التي عرضت عليها القضية المغربية. ثم عاد إلى القاهرة حيث واصل الدعوة لمطلب استقلال المغرب، بالرغم من اعتقال زعماء الحزب بالمغرب. • عند نفي الملك محمد الخامس يوم 20 غشت 1953 وجه «نداء القاهرة» من إذاعة صوت العرب المصرية، دعا فيه إلى المقاومة ضد الإدارة الفرنسية بالمغرب. (يتبع)