يعتبر مسجد اين يوسف الموجود في قلب المدينة العتيقة نموذجا للمساجد الكبيرة التي انتشر نور إشعاعها العلمي في العالم الإسلامي ،إذ كان محجا علميا يشد إليه الرحال وتعج رحابه بالعلماء والشيوخ، يتنافسون على الامامة والخطابة والتدريس. وقد بناه أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين سنة 514ه،1120م بقيمة ستين ألف دينار مرابطية (الدينار المرابطي كان العملة السائدة حينها حتى في العالم المسيحي لقوته الاقتصادية). و سمي هذا المسجد ب «جامع ابن يوسف « لكبره ولما يؤديه من وظيفة دينية تعبدية وأخرى تعليمية، وسمي ايضا ب»جامع السقاية» نسبة إلى السقاية التي شيدت بجانبه. وقد «هدمه عبد المومن الموحدي ثم أعاد بناءه الأمير المرتضى وجدد في عهود متتالية إلى أن تم ترميمه مؤخرا بتمويل إماراتي وصل إلى مليون دولار أمريكي، ومازال يحمل اسمه مؤسسه الأول. ويتوفر «المسجد الجامع» على خصائص لا توجد في غيره مثل وجود أقدم مصحف مكتوب بالمغرب، كتبه بيده في عشرة أجواء الأمير المرتضى الموحدي وحبسه على الجامع، كما جمع أربعين فقيها من فقهاء الأندلس من أجل تصويب قبلته من بينهم ابن رشد الكبير ومالك بن وهب وغيرهما. اما صومعته فقد بنيت من الحجر الضخم المجلوب من جبل جيليز، ضلعها 12 مترا، أما المئذنة الحالية فقد بناها المولى سليمان العلوي. ويوجد إلى جانب المسجد عدد من المآثر التي لا يمكنها فصلها عنه مثل القبة المرابطية وهي من أروع الآثار العمرانية، إضافة إلى ساعة في غرفة المؤقت التي اخترعها ابن حبيب المجاني سنة 1308 ه ولم تعد به الآن وربما نقلت مؤخرا إلى متحف قيل إنه سيشيد بمدينة تطوان، دون أن ننسى خزانة الجامع الموضوعة في مقصورته والمتوفرة على عدد من النفائس الدالة على ازدهار الثقافة والعلم على مر العصور. ولا يمكن أن نذكر جامع ابن يوسف دون أن نذكر «المدرسة» الموجودة بجانبه والتي اصبحت الآن مجرد متحف يزروه السياح ، هذه المدرسة التي كانت توفر لكل تلميذ سكنا منفردا يتوفر على كل شروط الراحة. وكان بالمدرسة طريقة فريدة في التدريس عرفت يتحلق التلاميذ حول أستاذهم الذي كان يستقبل القبلة ويختص بعمود معين يجلس اليه طيلة حياته التعليمية، وكانت الدروس عبارة عن معارف تعليمية قابلة للتطبيق في مختلف المواقف، تلقى وتعرض وتناقش وتوضح غوامضها في جو حواري كبير. ومازال المسجد يحتفظ بعادة قديمة وهي بيع الكتب القديمة بجواره وبمكان خاص بعد عصر كل يوم جمعة، كما أنه المسجد الوحيد التي يسمح فيه الآن بالاعتكاف في رمضان بالمدينة القديمة