أعزائي القراء الأفاضل تكلمنا في العدد الماضي باختصار شديد عن نماذج مشرقة من الحياة الاقتصادية عند الدولة المرابطية التي رسخت قدم الحضارة المغربية بمنطقة الغرب الإسلامي، وسنواصل الحديث في هذا العدد عن العملة المرابطية الفتية التي كان لها صدى في أوروبا والشرق، كما سنعرج على بعض الجوانب الاقتصادية عند الدولة الموحدية العظيمة التي واصلت المشوار بعد أفول نجم المرابطين، فكما سبقت الإشارة، فإن اقتصاد الدولة المرابطية كان في نمو وازدهار وعملتها المرابطية أو قراريطها اليوسفية (نسبة إلى يوسف بن تاشفين) كانت أكثر فضة من الدنانير التي كانت سائدة آنذاك عند فتح الأندلس، ومعلوم أن معدن الفضة لم يكن غزيرا في المغرب في عهد المرابطين وأن نسبة كبيرة كانت تستورد من الأندلس، لكن دقة الصناعة النقدية المرابطية وحرصهم على موافقة نقودهم للمقاييس الشرعية حال دون ضعفها، بالإضافة إلى كون قوة الذهب قد قللت من أهمية العملة الفضية، فالدينار المرابطي كما تذكر المصادر كان أعلى قيمة من الدينار العبادي (نسبة إلى دولة المعتمد بن عباد) في العيار وفي الوزن، كما كان هذا الأخير أفضل من الدينار الشرقي الذي كان مختلطا بالنحاس [1] #_edn1 ؛ ومن تم ورث الدينار المرابطي بفضل ازدهار التجارة الداخلية والخارجية قوة الدينار الفاطمي في حوض البحر الأبيض المتوسط، وأصبح وحدة معيارية في أوروبا المسيحية حيث عمل ألفونسو الثامن ملك «قشتالة وليون» على تقليد الدينار المرابطي بعد سقوط الدولة المرابطية بمدة، فضرب ديناره على غراره سنة 596ه/1173م، عرف باسم "Marabeti Alfonso"، كما بقيت كلمة Maravedi"" تطلق على العملة الفضية في قشتالة إلى أواخر القرن 13م [2] #_edn2 . أما عن تقنيات سك النقود في الدولة المرابطية فيمكن الوقوف عليها بالتفصيل في كتاب "فتاوى ابن رشد الجد"؛ إذ كان يستفتى فيها، وفي أهميتها أمام النقود المتداولة الأخرى آنذاك، وفي النصاب الذي تجب فيه الزكاة في "النقود الأندلسية المختلفة" فكان يجيب بأنه: "لا تجب الزكاة من الذهب إلا في عشرين مثقالا من الذهب الخالصة المرابطية وشبهها" [3] #_edn3 ، فهذه الفتوى تثبت تفوق الدينار المرابطي على الدنانير الأندلسية من ناحية الوزن ومن ناحية الجودة التي كان يمتاز بها، وهذا الشرط كان أساسا عند الفقهاء في تحديد النصاب؛ وللتوضيح فإن موقف ابن رشد من نقود المرابطين لم يكن ينطلق فقط من الترجيحات الفقهية النظرية، بل كان يعتمد على إلمامه بطبيعة وصناعة النقود المتداولة في عصره بحيث يذكر في كتابه أن وزن الدينار المرابطي كان 72 حبة، وأن هناك من الفقهاء من يرى بأن وزن الدينار الشرعي هو 76 حبة، ومن تم فإن الدينار المرابطي هو مثقال غير ثمن[4] #_edn4 . وفي ذات السياق نشير أنه نظرا للوضع الاقتصادي المزدهر الذي عايشته الدولة المرابطية فقد تعددت دور السكة في الأندلس في عهدها سواء تلك التي اختصت في ضرب الدينار أم في ضرب الدرهم، وكانت موجودة في أغلب المدن الأندلسية كاشبيلية، وبلنسية، والجزيرة الخضراء، ودانية وشاطبة، وغرناطة وقرطبة ومرسية، ومالقة وألميرية، وكان يشرف عليها شخص يسمى "صاحب دار السكة"، وكانت دور السكة تأخذ الذهب أو الفضة من الأشخاص وتضربه لهم بالضرب الرسمي للدولة المرابطية مقابل أجر معين [5] #_edn5 . من خلال ما تقدم ذكره يتبين أن الاقتصاد المغربي الأندلسي كان مزدهرا في عهد الدولة المرابطية، ويحسب له ألف حساب من لدن دول الشرق والغرب المسيحي، وعند الوقوف على المراجع العربية والغربية سواء القديمة منها أو الحديثة تتضح مكانة المغرب والأندلس في الإطار الاقتصادي للعالم المتوسطي، وفي إطار الوحدة الاقتصادية للبلاد الإسلامية في القرنين (5-6ه/11-12م)، كما يتبين ارتفاع تكاليف المعيشة في الأندلس مقارنة بالشرق الإسلامي، ويمكن إرجاع ذلك حسب المصادر المختلفة المعتمدة إلى عدة عوامل أهمها ظروف المواجهة الدائمة بين المسلمين والنصارى، إضافة إلى بعد المسافة بين المشرق والمغرب، مما كان يؤثر على أثمان المواد المستوردة منه؛ كما يحتمل أن يكون للذهب خاصة في العصر المرابطي دور في مسألة الغلاء الذي تتحدث عنه المصادر والمراجع التي أرخت لهذه الحقبة وقدمت صورة دقيقة عن هذا الجانب الاقتصادي من الحياة اليومية داخل المجتمع المغربي والأندلسي والذي هو لعمري جدير بالتتبع والدراسة[6] #_edn6 . أما بالنسبة للدولة الموحدية -أيها القراء الأكارم- التي خلفت الدولة المرابطية وسارت على خطاها في تطوير اقتصادها وفق مستجدات عصرها واتساع رقعتها الجغرافية، فيمكن القول أنه بعد استقرار الحياة واستتباب الأمر شهد الاقتصاد رخاء عظيما خصوصا في عهد الخلفاء الكبار الذين تحملوا مسؤولية البناء والدفاع عن حوزة الوطن بالمغرب والأندلس، فانتعشت بذلك الحياة الاقتصادية وتحسنت أحوال السكان المعيشية تحسنا ملحوظا تشهد به مختلف المصادر والمراجع التي تناولت هذا الموضوع، فالإمبراطورية الموحدية عرفت ازدهارا اقتصاديا واسعا لاسيما في جزئها الغربي، ويمكن الوقوف على هذا الازدهار الاقتصادي بالتفصيل في مؤلفات الجغرافيين الذين عاصروهم حيث يذكرون أن الخليفة الموحدي الأول عبد المؤمن بن علي في بداية عهده لم يتعد منهج المهدي بن تومرت الذي قرره في تحصيل الأموال الضرورية للدولة، بل اكتفى بجمع الزكاة وتحصيل الأعشار وأخماس الغنائم حتى لا يرهق كاهل الشعب مما ساهم في توسيع دائرة الرخاء داخل المجتمع؛ وبفضل هذه السياسة التي اتبعها عبد المؤمن في جمع الأموال استطاع أن ينمي الحياة الاقتصادية ويساهم في ازدهارها ويحفظ الرخاء والتوازن داخل المجتمع. ومن تم يمكن اعتبار عبد المؤمن بن علي الخليفة الأول الذي وضع أسس النظام الاقتصادي الذي سبب الرخاء للدولة للإمبراطورية الموحدية في عهده الزاهر وفي عهد خلفائه، إذ لم تكد تمر مدة على اعتلائه أريكة الحكم حتى كانت منجزاته تبهر وتدل على دربة واسعة ورؤية ثاقبة للمستقبل، وضبط واسع لمختلف شؤون الدولة؛ وبفضل هذه المنجزات بلغ الغرب الإسلامي مبلغا من الازدهار لم يصل إليه من قبل حيث كان للخليفة عبد مؤمن الأيدي البيضاء في وضع اللبنة الأولى لاقتصاد ناجح سيواكب الدولة الموحدية طيلة عهدها الزاهر. الزراعة عند الموحدين سبق أن أشرنا في الأعداد السابقة أن الجغرافيين في عهد الدولة الموحدية كانوا يصفون المغرب بكونه "بلاد العمائر والخيرات"؛ إذ كانت الحياة الزراعية مزدهرة في سهول المغرب الساحلية منها والداخلية، وفي التلال القريبة من الجبال، وكانت الزراعة في الجزء الأكبر من البلاد زراعة بعلية لكن الزراعة السقوية كانت منتشرة في المناطق التي يتوفر فيها الماء مثل عند حدود جبال الأطلس كما في مدينة "أغمات"، أو في الواحات الممتدة على طول نهري "زيز ودرعة"، وتذكر المصادر والمراجع التاريخية أن الخليفة عبد المؤمن نظم قانون زراعة الأرض حيث "لم يهمل جزء من الأرض الصالحة للزراعة دون زراعة، فأصبح من المحتم على الزراع أن ينهضوا بزراعاتهم ليفوا بما تتطلبه معايشهم وبما تستحقه الحكومة؛ ومن جهة أخرى فقد راقبت الدولة أحوال الزراعة وكثيرا ما أسندت النصائح العلمية للزراع لتدر الأرض أكبر قدر، وأرض المغرب من أخصب بقاع الأرض" [7] #_edn7 . ولقد كان إنتاج المغرب الفلاحي متنوعا؛ إذ كان ينتج الغلات الغذائية كالحبوب والزيتون وزيت أركان الذي كان يستعمل للتغذية والإنارة والعلاج، كما كان ينتج الصناعية كقصب السكر في ناحيتي مراكش وسوس، والقطن في ناحية سجلماسة والحناء في ناحية درعة، وغيرها من النباتات التي تستخرج منها الأصباغ، وكان اهتمامهم أيضا بالغراسات اهتماما فائقا وتجلى ذلك في عاصمتهم مراكش التي كانت أكثر بلاد المغرب بساتينا، وأكثر شجرها كان الزيتون، ولم تكن مراكش وحدها تتوفر على جنات وبساتين تسر الناظرين، بل غرس الموحدون البساتين في كل مكان منها مدينتي فاس ومكناس التي كانتا تتوفران على غرس وبساتين متنوعة؛ ومن أجل الحفاظ على هذه البساتين أجرى الموحدون الماء إليها بطريقة هندسية رائعة يصفها الجغرافيون والمؤرخون في كتبهم. تفنن المهندسون في عهد الدولة الموحدية في طريقة جلب الماء للبساتين ما شاءت لهم عبقريتهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر الماء الذي كانت تسقى به بعض البساتين في مراكش استخرجه بصفة هندسية المهندس الشهير عبد الله بن يونس الذي قصد إلى أعلى الأرض فاحتفر بئرا مربعة كبيرة التربيع، وشق منها ساقية متصلة بالحفر على وجه وصل الماء إلى البستان والسكب على وجه الأرض، ولقد استفاد الموحدون من عبقرية ومهارة المهندسين الذين عاصروهم في كل شيء في تطوير أساليب الفلاحة والزراعة، وفي جلب المياه وحفر الآبار، وإنشاء السواقي التي تحمل المياه من منطقة إلى منطقة، ومازال التاريخ يشهد على بناء يعقوب المنصور البناء الموحدي ساقية معلقة لحمل الماء من وادي "تيساوت" إلى سهل "البحيرة" بأحواز مراكش، وبقايا هذه الساقية لاتزال موجودة إلى العصر الحاضر تدل على تقدم الموحدين في هذا الميدان. لم يكن ازدهار الفلاحة والزراعة بالمغرب فقط في العهد الموحدي، بل استفادت منه الأندلس ذلك الفردوس المفقود، وسهول الغرب الأوسط وإفريقية، باستثناء ناحية القيروان التي تذكر المصادر أن البدو الرحل خربوها، أما في الأندلس فقد ازدهرت الزراعة فيها بشكل خاص ومميز حيث تقدمت زراعة الفاكهة التي كانت تزرع في «بلينسية» و«إشبيلية»، كما كانت هناك أيضا مساحات كبيرة مخصصة لزراعة قصب السكر[8] #_edn8 ، إلى غيره من المزروعات المتنوعة التي زخرت بها بلاد الأندلس الرطيب في ذلك العصر والتي تشهد المصادر بخصوبة أرضها. التجارة عند الموحدين سارت الدولة الموحدية على منوال الدولة المرابطية وخطت نفس الخطوات في سبيل تأمين الأمن والاستقرار داخل المجتمع مما ساهم في ازدهار التجارة الداخلية وانتعاشها، حيث عملت على حماية الطرق التجارية من جميع المخاطر التي يمكن أن تهددها وتأرق التجار، فسهلت سبل التجارة وأقامت الآبار والاستراحات في طرق القوافل التجارية، وأنشأت المنارات في الثغور، واهتمت ببناء الأسطول البحري من أجل تشجيع التبادل التجاري بين مختلف الجهات، وكان اهتمام الخليفة عبد المؤمن بالتجارة الداخلية والخارجية هدفه إحداث الرواج داخل البلاد ولكي يكثر المبيعات الداخلية ويسهل التعامل بين شعبه ضرب الدرهم ونصفه وربعه وثمنه، وحرص أن لا يضع للتجارة الداخلية ضرائبا تعيق مسيرتها ورواجها، ولكنه راقبها برجال الحسبة لضبط الموازين وعرض عدم الصالح من المبيعات؛ كما حرص على تأمين الطرق التجارية بكل الوسائل المتاحة، وكانت أهمها في عهد الموحدين الطرق التي تنطلق من فاس نحو سبتة أو تلمسان أو سجلماسة أو نحو مراكش عن طريق سلا أو عبر الأطلس وتادلا، ومن مدينة مراكش تستمر الطريق إلى تارودانت فالصحراء، كما تنطلق الطريق التجارية أيضا نحو الصحراء من مدينة سجلماسة. إن المتأمل في الطريق التي كانت التجارة الموحدية تسلكها يلاحظ أهمية هذه الشبكة التي تتجلى فيها أهم المراكز التجارية الداخلية في العهد الموحدي، ففي الجنوب الشرقي توجد مدينة «سجلماسة» وهي البوابة التي يدخل منها ذهب السودان إلى المغرب، والمسافة ما بينها وبين تلمسانوفاسومراكش على حد سواء، فمن حيث قصدت إليها من أحد هذه البلاد يكون ذلك مسيرة عشرة أيام في ذلك الزمان حسب تعبير عبد الواحد المراكشي (توفي625ه/1228م) صاحب كتاب «المعجب في تلخيص أخبار المغرب»، أما مدينة مراكش التي تنتصب عند منتهى الأطلس الكبير فكان يدخلها التجار من أبواب معينة لتسهل مراقبة بضائعهم، وكانت لهم فنادق خاصة يجتمعون فيها، وفي الشمال كانت مدينة فاس التي تقع عند ملتقى الطرق التي تربط بين الشمال والجنوب والغرب والشرق، وكانت تضيف إلى نشاطها الصناعي نشاطا تجاريا واسعا ومتميزا. لم يقتصر النشاط التجاري في عهد الموحدين على مدينة سجلماسة وفاسومراكش فقط، بل تعداه إلى مدينة سبتة السليبة ورباط الفتح وطنجة؛ إذ كانوا يشكلون أهم الموانئ الساحلية التي تصدر منها المنتوجات المغربية "فكانت طنجة تصدر الصوف والجلود والفواكه المجففة والشمع والعسل.. بالإضافة إلى أنها كانت ميناء حربيا تنتقل منه السفن إلى تونس والأندلس، وكانت الأندلس تصدر إلى المغرب الأخشاب والمزروعات ومنتجات الشرق، كما كان التبادل قائما بين المغرب وتونس وبجاية وقسنطينة" [9] #_edn9 . وبقدر ما كان الاهتمام بالتجارة الداخلية وتطويرها عند الموحدين كان الاهتمام بالتجارة الخارجية التي نشطت نشاطا ملفتا للنظر في عهدهم حيث اجتهدوا ووضعوا لها أنظمة تضبطها، وعقدوا من أجلها المعاهدات مع "البندقية" و"جنوة" و"مرسيليا" و"كطلونيا" و"بيزة" وأغلب المدن الأوروبية الساحلية، التي كانت مدينة سبتة السليبة وطنجة تتبادل معهم المنتوجات المختلفة حسب ما نذكر المصادر المعتمدة، والملفت للنظر أن التجارة الخارجية في عهدهم كانت نشيطة وفعالة مع أوروبا وإفريقية على السواء حيث تبادلوا المنتوجات التجارية مع تونس وبجاية وقسنطينة.. كما تبادلوا مع إفريقية التي كانت قد تكونت على شكل مماليك كبيرة انتشر فيها الإسلام بفضل هذه الرحلات التجارية، ويمكن التعرف على البضائع التي كان التجار المغاربة يحملونها إلى السودان وطريقة التبادل بينهم، والطرق التي كانوا يسلكونها من خلال ما أورده ياقوت الحموي (توفي626ه/1229م) في معجمه الجغرافي الذائع الصيت "معجم البلدان" حيث يذكر بالتفصيل عملية التبادل التجاري بين التجار المغاربة وسكان هذه المماليك الإفريقية منذ انطلاقتهم الأولى من "سجلماسة" إلى مدينة في حدود السودان يقال لها "غانة" حسب قوله في الكتاب المذكور، كما يصف نوع البضائع التي كان يحملها هؤلاء التجار معهم مثل الملح، عقد خشب الصنوبر، خرز الزجاج الأزرق، إسورة نحاس أحمر، خواتم نحاس.. إلى غيره من البضائع التي كان يتم تبادلها مع سكان المماليك الإفريقية بطريقة فريدة من نوعها يذكرها صاحب الكتاب المذكور بالتفصيل. أما المبادلات التجارية مع أوروبا فأهميتها تتجلى في كثرة المعاهدات التي أبرمتها الدولة الموحدية مع المدن الأوروبية خلال القرن السادس الهجري وما بعده، حيث عرفت أوروبا انتعاشا اقتصاديا وتجاريا ملحوظا عن طريق التجارة مع المغرب، وأخص بالذكر تجار "جنوة" و"بيزة" و"البندقية" و"كطلونيا" الذين كانوا يشترون من المغرب المعادن كالنحاس والصوف، والزيت والدبغ، والفواكه الجافة، وتوجد وثائق رسمية عديدة عند الدول الأوروبية منها دولة إيطاليا تثبت ذلك تذكرها المراجع الأجنبية التي درست هذا الجانب [10] #_edn10 ، ومن الموانئ المغربية الرئيسية التي لعبت دورا هاما في ازدهار التجارة عند الموحدين وكان يتم فيها المبادلات التجارية المتنوعة "ميناء مدينة سبتة السليبة" التي يصفها المؤرخون والجغرافيون آنذاك بكونها مدينة بين بحرين، وهي ركاب البرين، شبه الإسكندرية في الحط والإقلاع، وكان بها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهند وغيرها في صفقة واحدة، ولا يحوجون صاحبها إلى تقاض [11] #_edn11 ؛ مما يؤكد مدى الرخاء التجاري الذي كان يعيشه الغرب الإسلامي في ظل الدولة الموحدية حيث لعب المغرب دورا رئيسيا في المبادلات بين السودان وأوروبا بفضل تحكم الموحدين في طرق القوافل التجارية العابرة للصحراء، وفي موانئ الغرب الإسلامي المختلفة؛ ومن ثم استطاعت الدولة الموحدية من ثغورها المغربية حماية طرق التجارة البحرية في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي من خطر القرصنة والسطو على السفن الذي كان منتشرا في ذلك العهد. أعزائي القراء الأكارم هذه بعض القطوف المشرقة من الحياة الاقتصادية للدولتين العظيمتين المرابطية والموحدية اقتطفتها في عجالة لكي نقف عندها ونتأمل فيها ونعتبر بها، سنكمل بعضا منها في العدد القادم بحول الله وقوته، والله من وراء القصد.. --------- 1. #__edn1 انظر: ابن عبدون، ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب، تحقيق ليفي بروفنسال، القاهرة، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، 1955م، ص:58. و1952.1/96- Hazard.The Numismatic History of Late Medieval North Africa.New york -134. 2. #__edn2 للمزيد انظر:Vicens Vives.Spain In The 15th Century.Bristol.Loger High Field.1972.p:45 Vicens Vives.An Economic History of Spain.Princeton. Princeton University Press.1969.p150.Mendez Pidal.La Espana del Cid.Madrid.1969.p.788. 3. #__edn3 ابن رشد، الفتاوى، تحقيق المختار التليلي، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1987م.2/908. وللمزيد انظر: Khalid Ben Romdhane.le métier de Monétaire d'après les sources arabes.Tunis. Université de Manouba.1993.p:25-43. 4. #__edn4 ابن رشد، المصدر السابق، 2/916-1112-1113، ابن يوسف الحكيم، الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة، تحقيق حسين مؤنس، القاهرة، دار الشروق، ط:2 ، 1986م، ص:97-107. 5. #__edn5 للمزيد انظر: صالح بنقربة، المسكوكات المغربية من الفتح الأندلسي إلى سقوط دولة بني حماد، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1986، ص:580، ابن يوسف الحكيم، الدوحة المشتبكة، مصدر سابق، ص:78. Felip Mateu y Llopis.Glossario Hispanico de Numismatica. Barcelona.1946. 6. #__edn6 للمزيد انظر:ابن رشد، الفتاوى،2/926، 2/1112-1113، 1203، 3/1369. أمين توفيق الطيبي، جوانب من الحياة الاقتصادية في المغرب في القرن 6ه/12م، من خلال رسائل «جنيزة القاهرة»، الجزائر، ديوان المطبوعات الجزائرية،1987م،1/51-83. Ashtor. Prix et Salaires dans L'Espagne Musulmane aux Dixième et onzième siècles. Les Annales.ESC. juillet-aout.1965.p:664-679. 7. #__edn7 عبد الله علام.الدولة الموحدية في المغرب في عهد عبد المؤمن بن علي.مصر.دار المعارف.1971م.ط:1.ص:254. وانظر:عبد الله عنان.دولة الإسلام في الأندلس -عصر المرابطين والموحدين في المغرب والأندلس- القاهرة مكتبة الخانجي.1990م.ط:2. 8. #__edn8 انظر:يوسف أشباخ.تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين.ترجمة محمد عبد الله عنان.القاهرة.مطبعة لجنة التأليف.1958م.ط:2.ص: 494. 9. #__edn9 ابراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، البيضاء دار الرشاد الحديثة، 1984م.ط:1، 1/339. 10. #__edn10 على سبيل المثال لا الحصر يمكن الرجوع إلى: كتاب"جنوة وبلاد المغرب في العصر الوسيط":Gorge Jehel.Génés et le Maghreb au moyen – Age.Napoli.1990.vol:22.p59-86. 11. #__edn11 للتعمق ينظر:ابن سعيد الأندلسي، المغرب في حلى المغرب، تحقيق شوقي ضيف، مصر، دار المعارف،1953م.