كثيرة هي الأسئلة الاستنكارية التي يطرحها المتتبع للشأن التعليمي ببلادنا، ذلك أن الوزير المحترم اخشيشن في غير ما مرة، يخرج بخرجات أقل ما يمكن أن نسميها بخرجات قذافية، ففي ليبيا هناك زعيم الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى المعمر القذافي، وفي المغرب الزعيم أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية و التعليم العالي و البحث العلمي وتكوين الأطر ابن قلعة السراغنة، الذي أصبح يحلم حلمة بالليل ويصبح يرددها في الصباح " والله يخرج هاد الحلمة على خير"، فبعد أن دخل هذه السنة في الموسم الدراسي الحالي برزنامة من المذكرات عجز أغلب أطر التعليم عن قراءتها كلها، فاجأهم بمذكرته 122 التي يشيب لها الولدان، وعند الاطلاع عليها يظهر جليا أن صاحبنا اخشيشن يعيش في جزيرة "الوقواق"، بدليل أنه صرح في جريدة وطنية أنه يسعى إلى "هدم أسوار المدارس، لتصبح فضاءات مفتوحة على المجتمع فإذا كان المجتمع المغربي غير قادر على حماية المدارس، فلن نحميها عبر بناء الأسوار " يقول وزير التعليم. قراره هذا" اللهم خرج هاد الحلمة على خير" يبرره اخشيشن بالتطاول على حرمة المدرسة وبسبب ظواهر الانحراف من مخدرات وغيرها، وإلى السلوكات العدوانية على المحيط التربوي، مؤكدا على أن المسؤولية تعود على التلاميذ" القباح" لأنهم يتحرشون بالتلميذات غير المرتديات الوزرة، لأن من تلبس الوزرة عندها الحصانة، ولا تتعرض للتحرش حسب رأي نفس الوزير، وأن المدرسة المكشوفة في نظر"السيد الوزير" بدون أسوار تجعلها بادية للعيان وفضاء مفتوحا، وهنا انتهى الأمر بالنسبة لأخشيشن، ومن خلال قراره هذا ستعيش المدرسة في الرفاه والسعادة والنظام والسلام والحب، ولن تبقى المخدرات والخمور على أبوابها، وسوف يخجل المتحرشون بالتلميذات المرتديات للوزرة، وسوف يتعلم الجميع وينجح الجميع، وتخرج الأمهات ويفتحن أبواب الأقسام لأن المدرسة بدون أبواب أو عساس، و"يسيقنها" بالماء والتيد وجافيل، وسيتناوب أبناء الحي على حماية مدرسة حيهم ودوارهم وحراستها، ويرشون عليها ماء الورد في الصباح ويبخرونها من العين في الليل، فعلا المشكل الحقيقي للمدرسة هي الأسوار إنها نقمة المدارس، " الله يخرج هاد الحلمة على خير".وعلى هذا الأساس فالمشكلة التي تعيشها المملكة من عنف وإجرام واعتداء على الغير وعلى ممتلكاته في واضحة النهار، أسبابها الأبواب لهذا وجب" حسب منطق السيد الوزير" أن تهدم الأبواب والأسوار لكي لا تسرق تلك المنازل، وعلى المرء أن يلبس لباسا شفافا في الشوارع ليبدو للعيان، ويعرف السارق أن في جيبه 4 دراهم أو درهم واحد فقط، ولا يعتدي عليه، وفي جيبه هاتف نقال من النوع الرخيص ولا يبالي به، ويبدو أثاث المنازل متواضعا فلا يستفز اللصوص ونطالب مصنعي السيارات أن يركبوا سيارات من زجاج، شفافة تظهر للعيان " الله يخرج هاد الحلمة على خير"، قد يبدو للبعض أن هذا الإسقاط ليس في محله ولكن هل أسوار المدارس هي فعلا سبب آفاتها؟ سؤال ربما سيفتينا فيه عبد الباري الزمزمي.أما خرجة السيد الوزير، التي جعلت رجال ونساء التعليم يعضون أصابعهم من الغيظ، هو رده على الأستاذات اللواتي لم يلتحقن بأزواجهن والمعتصمات أمام مقر وزارته الموقرة المكيفة، طمعا في حل مشكلهن، بل منهن من ستتعرض للطلاق وستشتت أسرتها، ومنهن من يعانين أمراضا غريبة بسبب أن زوجها في الحسيمة وهي تعمل في ورززات، وأخرى أبناؤها تربيهم الجدة ولا يعرفون لا الأب ولا الأم، لأنهما لا يلتقيان بأبنائهم إلا في العطل التي أصبح يجهز عليها الأستاذ اخشيشن حبة حبة، فكان من حل لوزير القطاع التعليمي سوى أن يشبههن بالباليزا، معتبرا أنه ليس من الضروري أن يصحب الرجل زوجته أينما حل وانتقل، وهذا يفسر بالواضح أن السيد الوزير لا يؤمن بمفهوم الأسرة، والتجمع العائلي، بل ذكرني في سنوات السبعينات حيث بدأت موجة الماركسية والشيوعية تهب على البلاد، فأصبح أغلبهم من فهم هذه المفاهيم بالقلوب، أن لا جدوى من تكوين أسرة بل من الممكن أن يعيش المرء "بوهيميا وهيبيا" وكفى، فيا ترى هل مازالت هذه الأفكار "غاملة" في ذهن الوزير الزعيم العظيم قائد ثورة التعليم والمبشر بالمخطط الاستعجالي؟ سؤال لا أنتظر الجواب عليه بقدر ما أعلم أنه يؤمن ب" تفوت راسي و تجي فين ما بغات" لأنه يعيش هو مع زوجته وأبنائه ويتدبر أمورهم ويتمتع بالدفئ الأسري، أما نكرات التعليم الذين يقبعون في الفيافي والمداشر ويقطعون آلاف الكيلومترات لرؤية زوجاتهم أو أ زواجهم وفلذات الأكباد، فليس في نظر الوزير سوى حيوانات ولودة ليس إلا، قد يخرج الوزير بحلمة أخرى أن لا يعمل في قطاع التعليم سوى العازبين أو المخصيين" الله يخرج الحلمة على خير" وإلى لقاء آخر.