قال التهامي الخياري، الكاتب الوطني لحزب جبهة القوى الديمقراطية، إن "أي حزب سياسي في المغرب لايستطيع، اليوم، أن يعرف عدد الأعضاء المشكلين لفريقه البرلماني، قبل حلول أكتوبر المقبل". وأضاف الخياري، في "منتدى 90 دقيقة للإقناع"، الذي تنظمه مجموعة ماروك سوار، أن "المغرب يعيش أزمة سياسية حقيقية"، متسائلا "كيف يعقل أن يغير 90 برلمانيا أحزابهم السياسية دفعة واحدة؟"، مطالبا بتطبيق قانون الأحزاب للحد من هذه الظاهرة، التي "تؤثر سلبا على المشهد السياسي". وأبدى تخوفه من أن يقاطع المغاربة صناديق الاقتراع، وأن يتكرر ما جرى في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، معتبرا ما حدث صدمة، مؤكدا أن "عددا من الجماعات والمقاطعات محسومة سلفا والجميع يعرف من سيرأسها". وسجل الخياري أن "الأوضاع لم تشهد أي تحسن، سواء على المستوى الاجتماعي، إذ تشير الإحصائيات إلى استمرار تدهور مستوى معيشة المغاربة، أو على المستوى السياسي، إذ الحكومة غائبة، ولم تبذل مجهودا يذكر، بل اكتفت بإدخال الدولة في معركة كبرى مع المواطنين"، في إشارة منه إلى مدونة السير.وعن الجهاز التشريعي، قال الخياري إن "البرلمان الحالي هو أضعف برلمان حصل عليه المغرب منذ الاستقلال"، في حين، دافع عن تجربة حكومة التناوب، التي شارك فيها، وكان يرأسها الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي، معتبرا إياها "من أنجع الحكومات، التي مرت في تاريخ المغرب، رغم أنها لم تعمر طويلا، لتتمكن من محاصرة مشاكل مخلفات الماضي".واعتبر الكاتب الوطني أن المغرب يحتاج، في أكتوبر المقبل، إلى "حكومة جديدة، ليس مهما من سيشارك فيها، الهمة أو غيره، إذا استطاع نيل ثقة المغاربة". وحول رأيه في مذكرة الإصلاحات الدستورية، التي أعدها الاتحاد الاشتراكي، قال الخياري إن حزبه "كان سباقا لهذه المبادرة، قبل الاتحاد الاشتراكي، وتحديدا في مؤتمر مراكش سنة 2005، حين طالب بدستور جديد، ينسجم مع العهد الجديد، الذي دخله المغرب، وليس، فقط، ببعض الإصلاحات الجزئية". وبخصوص التحالفات، قال الخياري إن "التحالفات بدأت من الآن، ونحن اخترنا تحالفات محلية، قادرة على التسيير المحلي والجماعي، ولحد الآن لم يقدم أي حزب فكرته أو تصوره عن التحالفات المقبلة، رغم أن المواطن المغربي يحتاج أن تتوضح رؤيته بهذا الشأن"، معبرا عن أمل حزبه في التحالف مع قوى تقدمية، وأبرز أن التحالف مع التقدم والاشتراكية جاء في سياق تكوين فريق برلماني مشترك من أجل التنسيق وتوحيد الرؤى في مجموعة من القضايا.وهاجم الخياري البرلمانيين المغادرين لحزبه، خصوصا الخمسة الملتحقين بالتجمع الوطني للأحرار، وبينهم 3 أعضاء في مجلس المستشارين، قائلا "هؤلاء الثلاثة لم يأخذوا الكلمة يوما داخل مجلس المستشارين، واتصلوا بي قبل أن يلتحقوا قائلين: نريد أن نغير الحزب، لأننا نبحث عن حزب يحمينا". واعتبر الخياري "حرمان حزبه من الحضور الإعلامي، الذي يقوي علاقته بالرأي العام، ضربة قاضية للعمل السياسي"، وقال إن "جهات في السلطة"، رافضا تسميتها، "تقف وراء ذلك".وأضاف "تقدمنا بقضية متابعة البرلمانيين، وهي سابقة في تاريخ المغرب، لكن لم تواكبها أي تغطية إعلامية، رغم أننا أثرنا مشكلا يهدد المشهد السياسي بالمغرب"، متسائلا "لماذا يركز الإعلام على متابعة أخبار حزب العدالة والتنمية، من دون غيره من الأحزاب، رغم أن الحزب لايفعل أي شيء في الساحة السياسية".وبخصوص حظوظ حزبه في انتخابات 12 يونيو الجاري، توقع الخياري أن تعيد هذه الانتخابات الاعتبار لحزبه. وحول أسباب مقاطعة نسبة كبيرة من الشعب المغربي للانتخابات التشريعية الأخيرة، قال إن "الأمر يتعلق بفقدان الثقة، وهذه قضية تعود جذورها إلى عقود مضت، تعود فيها الجميع على عدم المصداقية، ولا بد من انتظار بعض الوقت، كي تبنى الثقة بين المواطن والسياسة".كيف تنظرون إلى المشهد السياسي الحالي؟لنا رؤية متشائمة حول المشهد السياسي الحالي، خصوصا أن المغرب عاش صدمة خلال شتنبر2007، إذ لا أحد كان ينتظر نسبة المشاركة الضعيفة التي جرى تسجيلها، وكنا من بين القوى السياسية، التي شخصت الوضع وحللت ماحدث بطريقة جادة، البعض قلل من أهمية ماحدث، والبعض الآخر أبدى قلقه وتخوفه، انتظرنا بفارغ الصبر ماستقوم به الدولة بكل مكوناتها والأحزاب السياسية بدورها لأخذ العبرة مما حدث، للأسف منذ شتنبر إلى اليوم لم يتغير شيء، الوضع الاجتماعي مازال كما كان عليه بل ازداد تدهورا، والإحصائيات المقدمة في هذا الإطار غير مضبوطة، كما أن هناك جهلا تاما بمعيشة السكان، والناس يلاحظون تدهور أوضاعهم، والحالة الاجتماعية مؤشر كبير على هذا التدهور، أما على المستوى السياسي فالحكومة غائبة، والرأي العام أقر بغيابها، بل ساهمت في خلق عدد من المشاكل ك (الاقتطاع من أجور المضربين ومعاقبتهم)، وهي المعالجة التي لم تكن منتظرة من رجال الدولة والحكومة، وبعض أشهر قليلة أدخلت الحكومة البلد في مطب "مدونة السير" الذي كشف عن أن هذه الأخيرة استخفت بردود أفعال المواطنين، متجاهلة أن أغلبية المغاربة يعيشون من قطاع النقل، لتتراجع الحكومة في الأخير تحت ضغط الشارع، وعلى المستوى الاقتصادي هناك سوء تقدير للحالة والوضعية الاقتصادية، كما أن هناك ضبابية في المشهد السياسي، لذلك قمنا بجهود لتوحيد صفوف الأسرة اليسارية، لعلكم لاحظتموها، في لحظة أحسسنا أن الأشياء تقدمت، لكن سرعان ما توقف كل شيء لسوء الحظ.نحن نقدر الإكراهات، ونحاول اليوم توحيد القوى اليسارية وإعادة الثقة، رغم عمق أزمة الأحزاب السياسية، إذ لأول مرة في تاريخ المغرب، أسس حزب على يدي وزير منتدب في الداخلية غادر منصبه، وهي سابقة في تاريخ المغرب، منذ حصوله على الاستقلال. أظن أنه كانت هناك حالة مشابهة، عندما أسس اكديرة " الفديك" (جبهة الدفاع عن المؤسسة الدستورية)، لكنها كانت حالة عابرة. البلد لم يسبق له أن شهد هذا الكم من الرحل، فأكثر من 90 برلمانيا غيروا أحزابهم السياسية، في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة لم يقدم أي جديد في برامجه، ولا لقيادة الأغلبية الحكومية، هذا الحزب هو خليط بين الوسط واليمين واليسار، أنا لا أحاول هنا تيئيس الناس وتنفيرهم من العمل السياسي، ولكن سنبقى ضد التيار رغم كل ما يقع، ونحاول تحفيز الناس على المشاركة في الاستحقاقات لتفادي كل ما حدث خلال شتنبر 2007، وسنحاول العمل في هذا الإطار، ونحن طموحون لأن شعبنا، على طول تاريخه، أبرز أنه قادر على رفع التحدي، وإنقاذ الديمقراطية، لأننا نعتقد أن الديمقراطية في خطر وأن المكتسبات الديمقراطية في خطر، رغم أن للمغرب تجربة سياسية مهمة في العالم العربي، ما يجعلنا نتفاءل بالمستقبل، وإلا سنضطر إلى إغلاق "دكاكيننا".من المسؤول، برأيكم، عن هذه الوضعية التي تتحدثون عنها؟سأحاول وضع مقاربة عامة، سأتحدث فيها بداية عن الحكومة، وبطبيعة الحال سأتحدث عما وقع خلال شتنبر 2007، وعن البرلمان، الذي تشكل عقب هذا التاريخ، وهو أضعف برلمان حصل عليه المغرب منذ الاستقلال، ففي البرلمان الحالي، سواء أكان للحزب برلمانيون داخله أو لم يكن، فالأمر سيان، نظرا لوجود أناس غير قادرين على تقديم مقترحات قوانين، وغير قادرين على الاقتراح، إذن نتحدث عن الحكومة وعن البرلمان والأحزاب السياسية، التي لم تستوعب درس انتخابات شتنبر 2007 ، والمشهد السياسي الذي تمخض بعد الإعلان عن النتائج جاء لتغطية الفراغ الحاصل لدينا. أين يتموقع حزب جبهة القوى الديمقراطية في الساحة السياسية، بعد أن عرف بريقا لدى مشاركته في حكومة عبد الرحمن اليوسفي، ما لبث أن خفت بعد خروجه منها؟التاريخ وحده سيحكم على تجربة عبد الرحمان اليوسفي، وأنا من الناس الذين يقولون إنها من الحكومات التي كانت أكثر نجاعة. طبعا، الطريقة التي أتت بها حكومة التناوب كانت في إطار توافقي، ولم يكن ممكنا لها نهائيا، باستثناء تقرير البنك العالمي، الذي تحدث عنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، أن تقدم حصيلة ما كان قبل استلامها زمام الأمور، وقررت البداية من الصفر. هذه الحكومة كان الكل ينتظرها، لكن، كان يستحيل عليها، في ظرف خمس سنوات، أن تلبي كل المطالب والانتظارات، بسبب المشاكل التي كانت موجودة داخل البلاد.. فالاحتجاجات كانت في كل مكان، والمظاهرات كذلك، والملفات كانت كثيرة.نحن اشتغلنا في الحكومة بشكل متواضع، وبكل إخلاص ودفاع عنها، بصفة عامة. وحسب المعطيات المتوفرة لدينا، كان هناك تقييم إيجابي للقطاعات التي سيرناها، مثل قطاع الصيد البحري وتجديد الاتفاقية. هذا الملف قرر فيه برزانة، ولم أكن وحدي بطبيعة الحال، في الأول والأخير عملت بتوجيهات من المغفور له الحسن الثاني وتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبصفة عامة إصلاح القطاع كان موجودا وبرنامج إعادة هيكلة القطاع كان جاهزا بما في ذلك عملية التمويل.وهنا أريد أن أنوه، في هذا الإطار، بتفهم المركزيات النقابية، لأننا اشتغلنا جميعا لإخراج المدونة للوجود، وجرت إعادة هيكلة القطاع. اليوم، خرجنا من الحكومة ودخلنا إلى المعارضة، وما زلنا نشتغل بالإحساس نفسه، وإن كنا نشتغل في ظروف صعبة، فنحن ننتقد انتقادا موضوعيا، بصفة عامة، أعتقد أننا حافظنا على تميزنا في المعارضة، وكذلك على علاقاتنا مع إخواننا، إذ نعتبر أن حلفاءنا المستقبليين هم من يسيرون الشأن العام، أو على الأقل جزء منهم، على أساس أن نشتغل جميعا في المستقبل إما في الأغلبية أو المعارضة.تعلمون في السياسة، لا بد من تدبير الوضع السائد، أو ما هو قائم حينها، نحن لم نقرر أن نكون في هذه الحالة، ولم نخترها، نحن نرى بعيدا، ونعتقد أن هذه الحالة غير طبيعية، فالحقل السياسي غير عاد، والمشهد السياسي غير عاد. لذا، نسعى، اليوم، على تجميع القوى الديمقراطية لتوضيح المشهد السياسي لأنه ضبابي نوعا ما.من خلال كلامك في البداية، نشتم نفحة يسارية، رغم أن الرأي العام لم يلمس قيام حزبكم بأي مجهود لخلخلة الواقع الاجتماعي، وأتيحت لكم الفرصة في ملف الصيد البحري لقول حقائق تقومون من خلالها بدور المعارضة ؟أريد أولا أن أقول، أنا رجل دولة، ولم ولن أستعمل المعلومات، التي كانت عندي من هذا المنطلق، لأنني أتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام، أما بالنسبة للنضال الاجتماعي فتقوم به النقابات أساسا وهذا دورها، وعندنا مناضلون يشتغلون في النقابات، طبعا عندنا نشاط في قضايا مختلفة اجتماعيا، أكيد أنكم لا تقرأون جريدة "المنعطف" للوقوف على ما قام به الحزب في هذا الباب، قدمنا خدمات مختلفة في عدد من المناطق، ونحن يوميا موجودون لخدمة المواطنين وقضاياهم، وأكيد أنه ليست لدينا الإمكانيات المادية للقيام بما تقوم به الجمعيات، لكن نستقبل يوميا مشاكل المواطنات والمواطنين، جماعات أو أفراد. في المدة الأخيرة مثلا، وقفنا إلى جانب المواطنين في منطقة جماعة "القراقرة"، حيث استولت إحدى الشركات على مجموعة من أراضي الجموع عليها، وأيضا، قمنا بحل مشكل عدد من الفلاحين، ونخوض نضالا مع النساء حول حقوقهم في إطار ما يعرف بالجماعات "السلالية" ودخلنا في عدد من القضايا.الآن، هناك مشكل آخر هو دور الإعلام، وما يبحث عنه، ولنتكلم بصراحة، أنا رجل إعلام، ودرست عددا من الأطر في مدرسة تكوين الصحافيين، والإشكال اليوم، هو أن الصحافة تبحث عن الإثارة. سأضرب مثالا، نحن تقدمنا بقضية تخص متابعة البرلمانيين، الذين انتخبوا باسمنا، وانسحبوا أخيرا. هذا حدث تاريخي بالنسبة إلى المغرب، ولم تكن هناك أدنى إشارة للخبر في بعض الجرائد، ولا أتكلم هنا عن وسائل الإعلام السمعية البصرية، حقيقة جريدة "المغربية" مثلا تكلمت عن الموضوع، لكن يوم قررنا المتابعة، كان يجب آنذاك أن تستضيفنا القنوات التلفزيونية، لأننا تابعنا برلمانيين، على كل حال، آثرنا مشكلا له تأثير كبير، ولا أتصور أن يمر موضوع كهذا دون مواكبة إعلامية.عندنا نقص إعلامي ربما المشكل يكمن فينا لأننا لا نعرف الاشتغال في هذا المجال، أو لا نوليه أهمية. إن الصحافة المكتوبة تغطي، فقط، أخبار حزب العدالة والتنمية، فما الذي يقوم به في الساحة، أو على مستوى العمل الاجتماعي. لا أعتقد يقوم بأي شيء، فهل يقوم بتأطير النضالات مثلا... ومع ذلك نجده حاضرا يوميا في الإعلام، وأكبر من يقوم بالدعاية للعدالة والتنمية هو الصحافة. في قضية البرلمانيين الرحل كنا وحدنا من آثار الموضوع، وتلتنا الحركة الشعبية في المدة الأخيرة، من خلال تصريح لمحند العنصر الذي قال فيه "الناس عندهم الحق في التنقل من فريق إلى فريق، لكن ليس عندهم الحق في التنقل من حزب إلى حزب، وكأن التنقل من فريق إلى فريق ليس تنقلا من حزب إلى حزب"، نحن راسلنا الأحزاب التقدمية كلها، في ما يخص الدعوة المقامة ضد البرلمانيين الرحل، وطالبنا مساندتنا في هذه القضية، لكن لم يستجب أي حزب.طالبتم بحل البرلمان على اعتبار أن الخارطة السياسية تغيرت. هل ما زلتم متشبتين بهذا المطلب؟نحن نقول الوضع الموجود الآن في البلاد وضع غير منطقي. وفي أكتوبر المقبل، إذا بقي الوضع على ماهو عليه، يلزمنا برلمان جديد. الآن، الخارطة الموجودة تحمل علامة استفهام، فالحزب الأول، الذي يسير الحكومة وبحوزته الوزارة الأولى، لم يحصل سوى على 3 في المائة من أصوات الهيئة الناخبة، يجب تطبيق قانون الأحزاب السياسية بخصوص هذه الانتخابات. فهناك مشكل كبير، لأن المواطنين لم يصوتوا في هذا الإطار، ويلزم أن نرجع لشعبنا، لا مشكل إذا منح الشعب الثقة لهذا الحزب أو ذاك.عدة برلمانيين رحلوا عن حزبكم. ماهو حجم الضرر الذي سببه رحيلهم؟أولئك البرلمانيون ولجوا البرلمان عن طريق الخطأ. بالنسبة إلى المنسحبين، تابعناهم قضائيا، والحكم سيصدر قريبا، بالإضافة إلى 3 أعضاء في مجلس المستشارين، لم يأخذوا الكلمة يوما في مجلس المستشارين، واثنان منهم أعضاء في المكتب التنفيذي للحزب. لما سألتهم، لماذا تريدون تغيير الحزب، قالوا "نريد البحث عن حزب يحمينا". بل هناك من يغير حزبه دون أن يكلف نفسه عناء إخبار حزبه، عندما تحضر إلى البرلمان تسمع أن فلانا انتقل من هذا الفريق إلى فريق آخر، دون تعليل ودون أن يرسل حتى الاستقالة للحزب.شهد الحزب، منذ تأسيسه، عددا مهما من الانسحابات ألا تظنون أن مصيره الزوال ؟حزب الجبهة باق ومترعرع، وسيلعب دورا في المستقبل. هناك انسحابات، صحيح، لكن هناك أيضا انخراطات. الغريب في الأمر هو أنه في حالة الانسحاب كل يتحدث عن هذا، أما في حالة الانضمام إلى الحزب، فلا أحد يتحدث عنها. عندما خرجنا من الحكومة كانت هناك انسحابات مهمة، وهذا معروف، لأن إدريس جطو هو من شجعهم على الانسحاب من الحزب. واليوم، ننتظر تحسين وضعنا مقارنة مع ما حصلنا عليه سنة 2003 ، وسنكون من الأحزاب القليلة التي ستحضر في كل مقاطعات البلاد دون استثناء.كم هو العدد الحالي لفريقكم البرلماني؟لا أحد يقدر، اليوم، أن يجيبك عن هذا السؤال، حتى شهر أكتوبر عندما تتكون الفرق، سنرى آنذاك من رحل ومن بقي، وهذا الأمر يسري على الأحزاب كلها. كم هو عدد مرشحيكم للانتخابات المقبلة ؟لا أحد من الأحزاب السياسية يقدر أن يمدك بعدد مرشحيه للانتخابات، اتخذنا في الجبهة قرار التغطية الشاملة، وقررنا ألا ننزل تحت عتبة 50 في المائة، بالنسبة إلى كل عمالة، وإن كنا نعرف أنه قد لا نصل إلى هذا الرقم، الذي حدد من طرف اللجنة الوطنية.ما هي المحاور الكبرى لبرنامجكم الانتخابي ؟بشكل عام، المحاور الكبرى هي الحكامة الجيدة، وتدبير الشؤون المحلية، وإعطاء أولوية للعنصر البشري، وتأهيل العاملين بالجماعات، وتنمية الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية، والتدبير الحيوي للموارد والأملاك الجماعية، وتجديد العلاقات بين الجماعات المحلية والمحيط، والتحكم في التهيئة الحضرية. فلدينا برنامج وطني يروم النهوض بالمقاطعات، وإعطاءها أبعادا أخرى في التسيير والتدبير، من خلال مرشحين أكفاء ونزهاء مستعدين لخدمة وطنهم.الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيمضي إلى تقديم مذكرة الإصلاح الدستوري. ما هو رد فعل حزبكم من هذا المطلب، اليوم مع اقتراب موعد الانتخابات؟أعتبر أننا كنا من الأوائل، وتحديدا، في مؤتمر مراكش سنة 2005، حين دعونا إلى دستور جديد، وليس فقط إلى التعديل. ذلك لأننا في عهد جديد، وهناك الكثير من المستجدات التي طرأت على المستوى الديمقراطي، فمن الضروري أن يصبح هناك دستور جديد، خاصة أن المغرب يعيش مرحلة استثنائية، حيث إنها المرة الأولى التي نجد فيها الملكية والأحزاب السياسية متوافقتين. فكل الدساتير التي أصدرها المغرب، بما فيها الدستور الأخير، عرفت خلافات بشأنها.ولهذا أقول، إنها المرة الأولى، التي يمكن أن يكون لنا فيها دستور مستمر ودائم، ويمكن لنا مناقشة مضمونه، من منطلق التساؤل حول أي دستور يصلح للمغرب، لولوج القرن الحادي والعشرين، وهذا دون خلفيات أو سوء نية.نعم، أصدقاؤنا في الاتحاد الاشتراكي يقدمون اليوم هذا المطلب، ضمن أجندتهم، التي قد تتضمن الكثير من المعطيات التي لا تتشابه مع المعطيات التي نتوفر عليها نحن.ماذا يعني تفكيركم في التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، اليوم، في الوقت الذي سبق أن انسحبتم منه لتأسيس حزب جبهة القوى الديمقراطية. هل تعتبرون أنه حزب أصبح اليوم الأقرب من أفكاركم ومبادئكم؟ أم هناك مستجدات طرأت لتشكيل فريق واحد داخل البرلمان؟لا علاقة لجبهة القوى الديمقراطية بحزب التقدم والاشتراكية. فأنا لما غادرت حزب التقدم والاشتراكية كشخص، تعرضت للعديد من الانتقادات من قبل عدد من الإخوان فيه، ومع ذلك، لم أهتم يوما للأمر، بل طويت الصفحة، ليتأسس حزب تقدمي جديد عصري، وبالرجوع إلى وثائق تأسيسه، نجد أنه تأسس اعتبارا لضرورة وجود حزب من هذا النوع. وخلافا لما قيل، فالحزب ما كانت تريده الدولة. فلما أردنا تأسيسه، جاء الملك الراحل الحسن الثاني إلى البرلمان، وقال كفى من الأحزاب السياسية.وفي المساء، ناداني إدريس البصري ليقول لي أيضا وبالحرف " الحر بالغمزة والعبد بالدبزة"، فكان جوابي، "هذا شأنكم الله يعاونكم". فلم نحصل على إذن التأسيس إلا صباح يوم انعقاد مؤتمرنا التأسيسي. ومنذ ذلك الحين، لم أرغب في الدخول في أي جدال سياسي حول ما كان يتداول بشأن التأسيس.إذن، جاءت الجبهة كحزب تقدمي لتخلق علاقات مع حزب التقدم والاشتراكية، ومع الاتحاد الاشتراكي، وغيرهما من الأحزاب...في ما يخص حزب التقدم والاشتراكية، فلما حلت الانتخابات الأخيرة، كنا دون فريق برلماني وهو كذلك، فكانت المصلحة المشتركة بيننا هو تشكيل فريق، لا غير.قد نختلف معه كحزب في بعض الأفكار، لكنني أعتبر أننا كلنا ننتمي إلى الحركة التقدمية. وتكوين فريق واحد لا يخلق أي مشاكل أو تناقض مع مبادئنا وأفكارنا. فمثلا نجد في فرنسا أن الحزب الشيوعي الذي رغم مشاكله مع حزب الخضر، استطاعا أن يشكلا فريقا واحدا. ونعرف أن الخلافات بين حزب التقدم والاشتراكية والجبهة أقل بكثير مما يعرفه الحزبان الفرنسيان. حقا، كونا فريقا على أساس احترام حرية التصويت داخل الفريق، إذ نصوت على المسائل التي نتفق عليها، في الاتجاه نفسه، فيما نصوت بشكل مختلف في حالة الاختلاف. فمصلحتنا نحن معا هو الاشتغال بفريق موحد، في ظروف أحسن.مع الأسف، لم نستطع أن نذهب إلى أكثر من هذا، إذ حاولنا الاشتغال معا على قضية تجميع القوى التقدمية، لكننا لم نتوفق.إن هدفنا اليوم، هو ضمان مصلحة البلاد، على المدى المتوسط والبعيد، من خلال الوصول إلى حزب يساري كبير، وهذا الأمر يتطلب مراحل، فاليوم ها نحن نتوحد في فريق مع التقدم والاشتراكية، وقد نعمل غدا مع الاتحاد الاشتراكي، أو مع أي حزب تقدمي آخر، حسب السياق والشروط. لكن لحد الآن، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يسفر عنه الأمر مستقبلا..لكن عددا من الأحزاب اليسارية تعتبركم حزبا يمينيا، ما يستبعد فرضية التنسيق معكم مستقبلا؟هذا تقييمها، لا يمكنني أن أجادل في ذلك، نحن دعونا الجميع إلى حضور المناقشات، ومن له تقييم آخر، فهذا شأنه. لقد طويت صفحة الستينيات، بل إنني من القلائل، الذين اجتهدوا كي تطوى هذه الصفحة بداية التسعينيات، وسيذكر التاريخ يوما، دور كل واحد في وصولنا إلى حكومة التناوب آنذاك.الكثير ممن كانوا محسوبين على أطر حزبكم يتهمونكم باللاديمقراطية داخل الحزب، وبانفرادكم بالقرار، ما استدعى عددا منهم بصياغة وثيقة يستنكرون فيها هذه التصرفات، مؤسسين بذلك تيارا للتصحيح. هل حاولتم تجاوز مثل هذه الممارسات لإنجاح مسيرة حزبكم، وتصحيح صورته؟أطلب منك فقط أن تأتيني بأكثر من 10 أسماء ممن صاغوا هذه الوثيقة، وبالأحرى يدعون أنهم 400 شخص، كما يدعون أنهم من اللجنة الوطنية، التي هي أصلا لا تضم 400 عضو. وإذا كان الأمر كذلك، وماداموا من أعضاء اللجنة الوطنية التي انتخبتهم القواعد لحضور مؤتمر الحزب، فلماذا لم يطرحوا هذا المشكل داخله.بالنسبة إلي، ليس هناك حزب مغربي يجتمع مكتبه التنفيذي أسبوعيا، مثل ما تفعل جبهة القوى الديمقراطية. فمساء كل أربعاء، هناك اجتماع. فكيف يعقل اتخاذ قرار منفرد، عندما تجتمع القيادة كل أسبوع، لا يمكن. لكن، يقال إنها اجتماعات تعقد بخمسة أعضاء لا غير؟لا أدري من مرر لكم هذه المعلومة، لكنني أؤكد لك أنها خاطئة. إن اجتماع المكتب التنفيذي محدد مرة في الأسبوع، بمن حضر، قد يكونوا 15 أو 20. وعددهم يكون أكثر عندما نريد مناقشة قضايا كبرى. وأؤكد أيضا أنني لم ألب دعوة الحضور إلى هذا المنتدى، إلا بعد أن وضعت الاقتراح داخل المكتب ليوافق عليه الجميع. لنعود إلى موضوع الانتخابات الجماعية. كيف تجري اليوم الأمور بالنسبة إلى منح التزكيات، ووضع الترشيحات، وما هي المعايير التي اعتمدتموها لاختيار مرشحيكم؟ وهل ستقدمون ترشيحكم لهذه الانتخابات؟التزكيات كلها غير متمركزة، وأعتقد أنني تدخلت فقط منذ البداية، للحسم في 2 أو 3 خلافات لا غير.فالتزكيات تمنح من قبل الكاتب الأول للفرع، وفي آخر مرحلة يحيل علينا الإخوة في الفروع، هذه الترشيحات للمصادقة عليها..لكن بما أن لي الحق في تفويض هذا الأمر لكتاب الأقاليم، فهم من سيوقعون على هذه الترشيحات، وهم أيضا لهم صلاحية تقييم المرشح.بالنسبة إلي، فأنا لم أتقدم إلى الانتخابات التشريعية، وبالتالي لن أتقدم للانتخابات الجماعية. فحين أرغب في مسؤولية معينة علي أن أتحملها كاملة، واليوم، أعتبر أنه ليس لدي وقت للتسيير الجماعي.أما المعايير، التي نعتمدها هي التي تقوم على مبادئ الاستقامة والثقة بين المنتخب والناخب.برنامج أي حزب يجب أن يكون مغريا للتصويت عليه. هل برنامج الجبهة مغريا إلى درجة يجتذب فيها عددا من الأصوات؟إن النتائج هي التي ستحكم عليه، وأنتم كذلك في حالة اطلاعكم عليه. فعند صياغته، افترضنا أنه أفضل بكثير من غيره. لكن أعتبر أن الإشكال يبقى في تعامل الإعلام مع هذه البرامج وإبرازها إلى الناس، وحتى مع بعض الأحزاب مثلنا. فمنذ يناير 2007 لم نمر بأي برنامج سياسي يبث في التلفزيون، ولم نتمكن من التعبير عن أي واحدة من وجهات نظرنا. إذن، هناك عقبات وعراقيل على مستوى التلفزيون، ونحن نعرف جيدا ما هي الأسباب، لا داعي لذكرها هنا.أعتبر أنه ليس هناك نقاش سياسي يفترض أن يكون وسيلة لإقناع الناس، فلا أظن أن خمس دقائق تخصص لكل حزب، قادرة على طرح برنامجه وشرحه للمواطنين. في حين نرى أن أي نقاش سياسي لا يتضمن مناقشة القضايا الحقيقية للمجتمع، بل إن ثلاثة أرباع الحصة لا تناقش إلا مشاكل تصفية حسابات بين الأشخاص، عوض مناقشة المقترحات التي يمكنها إخراج البلاد من أزماتها. إنها برامج تلفزيونية تتشابه، تتكرر فيها الاتهامات والخلافات المطروحة بين هذا الحزب وذاك... فكيف يمكن للمواطن أن يركز اختياره على البرامج. هذا مؤسف للغاية.ما أود قوله، هو أن جبهة القوى الديمقراطية تعتمد، اليوم، على سمعتها الجيدة لدى المواطنين، سواء على المستوى الوطني أو المحلي، وهذا عنصر أساسي.تقولون إن عدد منخرطيكم وصل إلى 75 ألفا، في الوقت الذي لا يتعدى عدد منخرطي أحزاب أخرى 12 أو 14 ألفا. ومع ذلك، استطاعت هذه الأخيرة أن تحصل على 40 مقعدا على الأقل، في الغرفة الأولى. ما هو المشكل في نظركم؟هناك مشكل بالطبع، وهو أننا حزب لا يشتري الأصوات، وبالتالي، لم ينزل الناس إلى التصويت علينا، كون أغلب مرشحينا تعوزهم الإمكانيات للقيام بحملة تقول لهؤلاء إنه يمكن التغيير، بفضل تصويتهم. وهذا قد يتكرر في انتخابات 12 يونيو، إذا لم نتمكن من جلب الناس للتصويت على البرامج وليس على الأشخاص.اتهمتم في أحد تصريحاتكم الأخيرة، الملتحقين بحزب الأصالة والمعاصرة بالانتهازيين. ما هو دليلكم على هذه الاتهامات؟في البداية، توسم الكثيرون خيرا في حزب الأصالة والمعاصرة، لكن شيئا فشيئا نكتشف أن ليس من يلتحق به من خيرة الناس، الكل يعرف أن الملتحقين يبحثون عن مصالح ذاتية. نحن لسنا ضد تأسيس حزب جديد، ولا أعتقد أن هناك من وراء هذا، فالتجربة أبانت أن الأحزاب التي ظهرت في عهد ما، كانت بأناس محايدين وجدد في العمل السياسي، مثل التجمع الوطني للأحرار حين خلقته الإدارة، لكن بوجوه محايدة، الشيء نفسه بالنسبة إلى الاتحاد الدستوري إبان تأسيسه، وحتى حزب عرشان... لكن هنا، لا نجد أي جديد أو حياد. لهذا أقول إن الملتحقين بحزب الأصالة والمعاصرة أشخاص يغيرون مبادئهم وثوبهم بسرعة.رهان العمل السياسي اليوم على المرأة والشباب. ما موقع هذين العنصرين في ترشيحات حزبكم للانتخابات الجماعية؟يظهر بالفعل أن الجديد في هذه الانتخابات هو المرأة. ونحن قمنا بمجهود خاص لنقدم عددا مهما من النساء، ليس على مستوى اللوائح، بل أيضا في الدوائر الانتخابية. فلدينا 3 نساء على رأس اللائحة، اثنتان في الدارالبيضاء وواحدة في تازة. ونحن اليوم في نقاش مع الأحزاب ووزارة الداخلية على أن يكون هناك ميثاق شرف. وقلنا إن 12 في المائة من الترشيحات النسائية نسبة مهمة، لكن نحبذ لو كان هناك اتفاق يجعل مثل هذه النسبة تترأس الجماعات.في ما يخص الشباب، لي موقف شخصي جدا، ومن الكوطا التي يمكن أن تمنحها الأحزاب لهم. إنني أريدهم شبابا يناضلون من أجل فرض مكانتهم داخل الأحزاب، لا أن ينتظروا منحهم الفرصة أو كوطا أو ما شابه ذلك. وأقول لهؤلاء، إن وثيقة الاستقلال قدمها شباب وليس كهول، كما أن النضال داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كان على أيدي الشباب. إنني لا أومن بشباب لا يناضل ولا يتعارك من أجل الحصول على مكانته داخل الحزب، دون حاجة إلى كوطا. وهنا أقر بأن هناك طاقات، لكنها لا تريد أن تتحرك. أما بالنسبة للجبهة، فإن عددا كبيرا من الشباب مترشح باسمها في هذه الانتخابات.هل يمكن تصور تفضيلكم لنوع معين من التحالفات، ما بعد انتخابات 12 يونيو؟كنا نأمل أن تذهب القوى الديمقراطية موحدة إلى هذه الانتخابات، لكن لم نتوفق في هذا، لأننا كنا نحتاج إلى برنامج مشترك، ولم لا بعض الترشيحات المشتركة. لكن أؤكد لكم أن التحالفات بدأت تتشكل من الآن...وأن بعض الجماعات معروف من الآن من سيكون رئيسها. من جهتنا نحن، اخترنا تحالفات محلية بأشخاص قادرة على التسيير المحلي وتخدم مصلحة الجماعة.ولحد الآن، لم يقدم أي حزب فكرته أو تصوره عن التحالفات المقبلة، في حين أن المواطن في حاجة إلى رؤية واضحة للأمور. لكن هذا لا يمنعنا، بعد الانتخابات من التفكير في تحالف مع قوى ديمقراطية.كلمة أخيرة؟أولا، أشكركم على الاستقبال، وعلى إتاحة الفرصة لمناقشة وتوضيح الكثير من الأمور. وآمل أن نتمكن من الوعي بأن المخاطر التي تهدد بلدنا كثيرة، وأن الوسيلة الوحيدة لتجنبها هي صيانة الديمقراطية والعمل على تقويتها وتخليق الحياة السياسية. فبلدنا بحاجة إلى الصراحة والثقة، ومواجهة المشاكل بكل جرأة. يؤلمني ألا نجد من يتجرأ ليقول لنا ما نجحنا فيه، وما فشلنا فيه بكل صراحة، فلا أحد اليوم، يتجرأ مثلا على القول إن إصلاح التعليم قد فشل، مع أننا كلنا مسؤولون عن هذا الفشل. فطالما ليس هناك إصلاح يقوم على تأهيل العنصر البشري أولا، فلا حديث عن نجاح أي مشروع تربوي. فرجل التعليم يحتاج إلى تكوين مستمر، فلا يعقل أن يدرس بالمقرر نفسه الذي استعمله منذ التخرج قبل 25 سنة.إذن، نحتاج إلى النظر بواقعية وصراحة إلى مشاكلنا، وأن نكف عن القول إن "العام زين".