خلص تقرير لمركز بحثي أمريكي، هو الثاني من نوعه في أقل من عام، إلى أن حزب العدالة والتنمية المغربي سيكتسح الانتخابات البرلمانية المقررة العام المقبل، وهو ما اعتبره قيادي بالحزب تكتيكا يستهدف استعداء القوى السياسية الأخرى على الحزب ذي التوجه الإسلامي ومن ثم إضعافه. وتضمن تقرير المعهد الجمهوري الأمريكي المقرب من إدارة الرئيس جورج بوش استطلاعا للرأي أجري بين مغاربة وسربت نتائجه لمجلة "لوجورنال" المغربية في عددها الأخير. وأفاد الاستطلاع بأن حزب العدالة سيحصل خلال انتخابات 2007 على 45% من أصوات الناخبين.أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فسيحصل على 16.41%، وحزب الاستقلال على 10.76%، بحسب المصدر نفسه. ويشارك الحزبان الأخيران في الائتلاف الحكومي الحالي الذي يضم 7 أحزاب من عدة تيارات سياسية.تشويه صورة العدالةمصطفى الرميد، النائب البرلماني عن العدالة والتنمية وأحد أبرز قياداته السياسية، علق على هذا التقرير بقوله: "قوة الحزب معروفة لدى الجميع، وهي ليست بحاجة إلى استطلاع من بلاد العم سام (أمريكا) لتأكيدها أو نفيها".واعتبر في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" أن هذا "الاستطلاع يستهدف دفع عدد من الأحزاب إلى الهجوم على العدالة والتنمية وتشويه صورته في محاولة لإفقاده بعضا من قوته الجماهيرية".ورأى أن "المكانة التي يتمتع بها العدالة والتنمية داخل المشهد السياسي المغربي ساهم في تكريسها ضعف الأحزاب الأخرى"."التنويم الأمريكي"عبد الصمد بلكبيرعبد الصمد بلكبير، عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رأى بدوره أن "الأمريكيين يستهدفون من خلال الترويج لمثل هذه الاستطلاعات المريبة تحجيم الحركات الإسلامية النشيطة وإضعافها حيث يظنون أنه إذا تم تخويف الطبقات المتوسطة التي أصبحت عازفة عن المشاركة السياسية، من الزحف الإسلامي، فربما يستنفر ذلك هذه الطبقات ويدفعها للمشاركة والتصويت لصالح الحداثيين أو الأحزاب التقليدية المقَرّبة من الغرب أيديولوجيا على الأقل".وحذر بلكبير إسلاميي المغرب من هذا التكتيك الذي أسماه "التنويم الأمريكي"، مشددا في الوقت نفسه على أن الأهم هو العمل على إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، عبر تكريس التعددية وترسيخ أسس التعاون المشترك والمنافسة الشريفة.ويأتي تقرير المعهد الأمريكي في وقت تنشغل فيه الأحزاب بتداعيات نتائج انتخابات تجديد ثلث مقاعد مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) والصراع بين الأحزاب حول رئاسة مكاتب المجلس.ولم يحصل العدالة والتنمية على أي مقعد في هذه الانتخابات، وهو ما اعتبرته بعض الأوساط الإعلامية المغربية هزيمة ساحقة، لكن سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، قال إنها نتيجة طبيعية ومتوقعة.وأضاف العثماني أن هذه الانتخابات ليست مباشرة، موضحا أن تواجد حزبه محدود بين المستشارين البلديين (أعضاء المجالس المحلية التي يحق لها انتخاب مجلس المستشارين) الذين يختارون أعضاء الغرفة الثانية للبرلمان.فللحزب نحو 600 مستشار بلدي من إجمالي 24 ألف مستشار في المغرب، ويرجع هذا العدد الضئيل إلى اكتفاء الحزب بالمنافسة في الانتخابات البلدية عام 2003 على 18% من مجموع مقاعد المجالس المحلية.وتعيش خريطة التحالفات الحزبية حاليا اضطرابا غير مسبوق قبل الانتخابات التشريعية التي يرى سياسيون مغاربة أنها ستكون مختلفة، باعتبار أنها قد تفرز لأول مرة حكومة ينخرط فيها الإسلاميون.البطالة والفقرسعد الدين العثمانيوبجانب حظوظ الأحزاب المغربية في الانتخابات المقبلة، تناول التقرير، الذي لم يصدر بعد، آراء المواطنين المغاربة المستجوبين بخصوص قضايا التشغيل، حيث صرح 43% بأن وزارة العمل هي المسئولة عن توفير مناصب الشغل للعاطلين، مقابل 38% أوضحوا أنها مسئولية الحكومة كلها، بينما رأى 7% أنها مسئولية المجلس التشريعي. وصرح 79% من المستجوبين بأن البحث عن عمل أفضل هو همهم الأساسي، فيما اعتبر 30% أن محاربة الفقر هي رغبة الشباب في الوقت الحاضر، و4% فقط أكدوا أن الأولوية يجب أن تعطى لتحقيق العدالة الاجتماعية.يشار إلى أنه في مارس الماضي أجرى المعهد الأمريكي ذاته استطلاعا مشابها تم تسريبه لصحيفة "لو جورنال إبدومادير" المغربية، وأفاد بأن العدالة والتنمية سيحقق "فوزا كاسحا" بنسبة 47% من الأصوات إذا أجريت الانتخابات غداة الاستطلاع. وجاءت الأحزاب الكبرى الأخرى وراء العدالة والتنمية بفارق 30%.وحصد العدالة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل أربعة أعوام 42 مقعدا ليصبح أكبر حزب معارض، والقوة البرلمانية الثالثة في البلاد، وذلك رغم أنه ترشح في 51% من الدوائر الانتخابية فقط.وتبنى الحزب إستراتيجية عدم الترشح في كل الدوائر حتى لا يحقق نتائج كاسحة بينما لم يتضح بعد مدى تقبل الظروف الداخلية والدولية لحزب ذي مرجعية إسلامية في موقع سياسي متقدم، حيث صرح قياديوه في مناسبات مختلفة بأنهم لا يريدون تكرار تجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية.وكانت جبهة الإنقاذ قد اكتسحت أغلبية المقاعد في انتخابات عام 1991؛ فبادر الجيش إلى إلغاء الانتخابات لتنزلق البلاد في دوامة عنف دامت أكثر من عقد. المصدر: إسلام أون لاين