يصر غالبية الساسة والقادة الغربيون على ما يسمونه بحق إسرائيل في الوجود وبدولة معترف بها ضمن حدود آمنة بعد أن عمل قادة الدول العظمى على إيجاد هذه الدولة العنصرية بقوة السلاح الغربي والتآمر الدولي والنفوذ الإمبريالي الاستعماري الكوني، وزرعوا هذه الدولة الغاصبة في قلب المنطقة العربية عام 1948، تحقيقاً لمصالحهم الاقتصادية وطمعاً بالثروات النفطية والسيطرة على الممرات المائية الحيوية والمواقع الاستراتيجية، ولتمزيق الوحدة الجغرافية والسياسية للعالم العربي، وتماشياً مع الفكر الصهيوني الذي سيطر على سلوكهم ونمط تفكيرهم وثقافتهم ومعتقداتهم. ونتيجة لنضال طويل ومديد أثبت الشعب العربي الفلسطيني وجوده وحقه في وطن أجداده وأرضه مما دفع ببعض الساسة والقادة في الغرب للاعتراف بوجود هذا الشعب المناضل وفي حقه في الحرية على أرض وطنه وتبنى بعضهم وعلى استحياء وتردد مقولة شعبين ودولتين تعيشان جنباً إلى جنب ووفق السياسة والمفهوم الصهيوني والتوراتي ووفق الشروط الإسرائيلية لمقومات الدولة الفلسطينية ولمفهوم السلام الإسرائيلي المحتل، وهذا ما يرفضه الشعب الفلسطيني ويتعارض مع القوانين الدولية والشرائع الإنسانية خاصة شرعية الأممالمتحدة والقرار 194، القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وممتلكاتهم التي هجروا منها عام 1948، وبقوة الإرهاب الصهيوني، والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران والتي كانت قائمة قبل العدوان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة، إقامة السلام العادل في المنطقة، ويعتبر العرب والمسلمون أن أسباب التوتر والعدوان والاحتلال الإسرائيلي، إنما تعود أسبابه ونتائجه المترتبة إلى دعم الغرب المطلق للسياسة الإسرائيلية ومدّها بكل أسباب القوة والبقاء والدعم لها في الهيئة الدولية مما مكنها ويمكنها من استباحة الشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة ومما مكنها أيضاً من احتلال الأراضي العربية واستمرار ممارساتها الوحشية من احتلال وقتل وتدمير للمنازل واقتلاع للمزروعات وسرقة للمياه وبطش بالمدنيين العزل وفرض العقوبات الجماعية وبناء جدار الفصل العنصري وبناء المستوطنات بعد مصادرة الأراضي الفلسطينية وسياسة الإبعاد والمعتقلات الجماعية وسياسة التجويع والإغلاق والحصار وتهويد القدس العربية.هذا الدعم الغربي المطلق للسياسات العدوانية هو الذي يقف وسيقف حائلاً أمام تحقيق التفاهم وتبادل المصالح المشتركة والحوار والتعاون بين العالم العربي والإسلامي من جهة وبين العالم الغربي من جهة أخرى، هذه الفجوة وحالة التوتر والعداء بين الشرق والغرب وعدم الاستقرار هي التي تقف عائقاً أمام تحقيق السلام ووقف حملات العنف والكراهية المتبادلة والتحريض، والذين يطلقون اليوم شعارات وحملات الاتهام ضد العرب والإسلام وتحت مسمى (محاربة الإرهاب) (نشر الديمقراطية) عليهم أن يتدارسوا أولاً الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى ما يسمونه بالإرهاب والتطرف ويستنتجون بأنفسهم نتائج سياساتهم العنصرية الأصولية ولمصلحة من توظف نتائج هذه الممارسات العدوانية وحتى لا يكون الشرق والغرب معاً كالنعامة التي تدس رأسها في الرمال هرباً من الصياد وتأخيراً منها في مواجهة قدرها، لا بد للأطراف أن تعمل معاً وبموضوعية وشفافية للوصول إلى العدل والسلام المنشود والشامل. أسئلة كثيرة تطرح حول مفهوم إسرائيل القديمة التوراتية وإسرائيل الجديدة المفروضة: هل يدعم الغرب ويتبنى قيام دولة إسرائيل الحديثة وفق مبادئ توراتية وعقيدة دينية تستند إلى مقولة شعب الله المختار وأرض الميعاد ؟ وهل هذه المقولات أبدية أم أنها مثلث حقبة محددة من تاريخ المنطقة ما لبثت أن انقضت واستبدلت إلهياً بدعوة السيد المسيح الأممية عليه السلام؟ إن لم يكن الأمر كذلك فهل كان هذا التبني والدعم قائماً على مصالح اقتصادية واستعمارية وسياسية وبالتالي سيكون منطقياً أن نسأل السؤال الأخر: هل حقق الغرب وسياساته هذه المصالح والمنافع وفي ظل عداء عربي إسلامي شبه شامل؟ وهل صحيح أيضاً أن للغرب غايتين تجتمعان معاً العقيدة والفكر التوراتي للمسيحية المتصهينة ومصالح وتحالف شركات النفط والسلاح وتجارة الحروب معاً؟ هذا ما سوف يتناوله الكتاب بالبحث والتدقيق والمقارنة مستنداً إلى الحقائق التاريخية والعلمية والروحية من التوراة والإنجيل والقرآن وعلى ضوء الأبحاث والمكتشفات الأثرية ونتائجها ومن أبحاث موضوعية أخرى مع التعرض لما يواجهه العرب المسلمون اليوم من حملات كراهية وعنصرية تعتبر مقدمة لحروب أخرى تعمل على التخطيط لها الإدارة الأمريكية المتصهينة مع بعض حلفائها الأوروبيين وبتوجيه صهيوني عالمي واضح وملحوظ.